بعد أن تعرض لانتقادات شديدة، حدد الرئيس اللبناني ميشال عون الاثنين القادم موعدا لإجراء الاستشارات النيابية لاختيار رئيس وزراء جديد. ورغم أنه قوبل برفض المتظاهرين فإن رجل الأعمال سمير الخطيب يبدو الأوفر حظا.
إعلان
يبدأ الرئيس اللبناني ميشال عون الإثنين المقبل الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد أكثر من شهر من استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري تحت ضغط الشارع، حسبما أعلنت الرئاسة اللبنانية الأربعاء (الرابع من كانون الأول/ ديسمبر 2019).
ويُلزم الدستور عون بتسمية المرشح الذي يحظى بالدعم الأكبر من نواب البرلمان البالغ عددهم 128. ويجب أن يكون رئيس الوزراء مسلما سنيا وفقا لنظام المحاصصة اللبناني.
رجل الأعمال سمير الخطيب الأوفر حظا
وتم تداول عدة أسماء لمرشحين للمنصب في الأسابيع الأخيرة، رفضتها جميعها حركة الاحتجاج. وكان آخر هذه الأسماء سمير الخطيب، المدير العام ونائب الرئيس التنفيذي في شركة (خطيب وعلمي)، التي لها مشاريع مقاولات في دول منها السعودية والإمارات وقطر، فضلا عن شمال أفريقيا، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة.
ولا يوجد للخطيب تاريخ في السياسات الطائفية في لبنان لكن من المعروف أن له صلات جيدة بكثير من الأطراف الرئيسية ومنهم سعد الحريري ووالده الراحل رفيق الذي اغتيل عام 2005. كما أن ابنة الخطيب متزوجة من اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام، وهو شيعي. والأمن العام هو أكثر أجهزة الأمن الداخلي نفوذا في البلاد. كما أن له علاقات جيدة في العالم العربي.
ونقلت وكالة رويترز عن "مصدر مطلع" على مواقف تيار المستقبل الذي يقوده الحريري وكذلك مصدر مقرب من جماعتي حزب الله وأمل الشيعيتين أن نوابهما سيرشحون الخطيب للمنصب. وعبر الحريري يوم الثلاثاء عن دعمه للخطيب رئيسا للحكومة المقبلة، لكنه أضاف أن هناك بعض التفاصيل، التي لا يزال يتعين الاتفاق عليها. وقال إنه لن يشارك في الحكومة بوزراء سياسيين بل باختصاصيين.
في المقابل يصر حزب الله وحلفاؤه، كحركة امل والتيار الوطني الحر (تيار عون)، على أن تضم الحكومة الجديدة عددا من السياسيين إلى جانب التكنوقراط. وعبر عون عن انفتاحه على حكومة تضم ممثلين لحركة الاحتجاج وتحدث عن حكومة "تكنو-سياسية" مشددا على ضرورة الحفاظ على تمثيل الأحزاب في الحكومة.
وقال علي حسن خليل، وزير المالية في الحكومة المستقيلة والعضو البارز في حركة أمل للصحفيين إن الحكومة الجديدة ستضم 24 وزيرا على الأرجح وإنه سيكون على كل فريق ترشيح ممثله السياسي في الحكومة أو التنازل عن هذا الحق.
هؤلاء يرفضون للخطيب
وتعرض ترشيح الخطيب لانتكاسة في وقت سابق اليوم الأربعاء إذ انتقد ثلاثة رؤساء وزراء سابقين في لبنان المشاورات حول الخطيب، قائلين إن في ذلك انتهاكا للدستور، في حين أيدوا عودة الحريري.
وقال فادي حمدان (27 عاماً) الذي كان يشارك في تظاهرة ضمت عشرة آخرين يرفعون أعلاماً لبنانية "هذا الشخص بالنسبة إلينا يمثل هذه السلطة الفاسدة ... لا يمكنهم أن يسخروا منا ويعينوا شخصاً ويقولوا إنه مستقل وهو تابع لكل الزعماء".
ويطالب المتظاهرون بحكومة كفاءات ومستقلين لا صلة لها بالطبقة السياسية التقليدية التي تهيمن عليها منذ عقود نفس الأسر والأحزاب المتنفذة. ولدى الإعلان عن الاستشارات النيابية، تجمع مئات في وسط بيروت وقطعوا الطريق وهم يهتفون "ثورة ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
مخاطر الانتحار تتزايد
وقد تم توجيه النداء لتنظيم التظاهرة في وقت سابق بعد انتحار رب عائلة يدعى داني أبي ضاهر بسبب عدم قدرته على تأمين احتياجات عائلته. وهي حالة الانتحار الثانية خلال أربعة أيام بعد انتحار رب أسرة يوم الأحد شنقاً في منطقة عرسال الفقيرة شرق البلاد.
وصرخ متظاهر على جسر الرنغ عبر شاشة تلفزيون محلي "كم شخصاً يجب أن يموتوا حتى يعوا". وقالت ليا زينون مديرة منظمة غير حكومية تدير خطاً هاتفياً للمساعدة على تفادي الانتحار لوكالة فرانس برس إنها تخشى تصاعد هذه الظاهرة "إذا لم يتحسن الوضع". وأضافت "اليوم تلقينا 15 مكالمة في ثلاث ساعات بينما كنا نتلقى 150 اتصالاً في المتوسط شهرياً".
ويمر لبنان بأزمة اقتصادية خطرة وسط ركود اقتصادي وارتفاع نسبة البطالة أضيف اليها مؤخرا تراجع قيمة العملة المحلية في السوق السوداء وقيود فرضتها المصارف على السحب وتحويل الأموال.
ص.ش/أ.ح (أ ف ب، رويترز)
في محطات: لبنان في مواجهة أزمات سياسية وتدهور اقتصادي
يشهد لبنان منذ عقود أزمة سياسية واقتصادية بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في تلبية احتياجات المواطنين الذين يتظاهرون منذ أكثر من شهر للمطالبة بـ "التخلص من نخبة حاكمة فاسدة". ويلعب التشرذم الطائفي دورا كبيرا في الأزمة.
صورة من: Reuters/A. M. Casares
2019: أسوأ اضطرابات منذ انتهاء الحرب الأهلية
أدخلت المظاهرات ضد النخبة الحاكمة في لبنان البلاد في اضطرابات سياسية تزامنا مع أزمة اقتصادية حادة وأثارها الغضب المتصاعد من "ساسة طائفيين" يهيمنون على الحكومة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. والاضطرابات الحالية التي تمثل إحدى أسوأ فترات القلاقل منذ انتهاء الحرب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
2005: مقتل رفيق الحريري ودخول حزب الله الحكومة
قُتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2005 إثر انفجار قنبلة ضخمة لدى مرور موكبه في بيروت، وهو ما أدى لمقتل 21 آخرين. وتلى ذلك سلسلة من المظاهرات الحاشدة وضغوط دولية أجبرت سوريا على سحب قواتها من لبنان. ونظم حلفاء دمشق الشيعة في لبنان سلسلة من التجمعات الحاشدة دعما لسوريا. وحصل حزب الله على تمثيل في الحكومة لأول مرة.
صورة من: picture-alliance/dpa
2006: حزب الله يتسبب في حرب مع إسرائيل
في يوليو/ تموز خطف حزب الله جنديين إسرائيليين وقتل آخرين وهو ما أدى لنشوب حرب استمرت خمسة أسابيع وقُتل فيها ما لا يقل عن 1200 شخص في لبنان و158 إسرائيليا. وتصاعد التوتر إزاء ترسانة حزب الله القوية بعد الحرب. وفي نوفمبر تشرين الثاني، انسحب حزب الله وحلفاؤه من الحكومة المدعومة من الغرب والتي كان يقودها رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة.
صورة من: AP
2007: حكومة السنيورة تحت الضغوط
واصل حزب الله وحلفاؤه اعتصاما ضد حكومة السنيورة استمر لنحو عام كامل. وكانت مطالبهم المعلنة هي الحصول على الحق في نقض قرارات الحكومة. وفي مايو بدأت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومتشددين من السنة ينتمون لجماعة فتح الإسلام داخل مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، مما أرغم آلافا من اللاجئين الفلسطينيين على الفرار منه. وسيطرت قوات لبنانية سيطرة كاملة على المخيم في سبتمبر.
صورة من: AP
2011: سقوط حكومة سعد الحريري
أُطيح بحكومة سعد الحريري الأولى في يناير إثر انسحاب حزب الله وحلفائه منها بسبب خلاف بشأن المحكمة الخاصة بلبنان والتي تدعمها الأمم المتحدة. وجهت المحكمة لاحقا اتهامات إلى أربعة من قياديي حزب الله فيما يتعلق بمقتل رفيق الحريري. ونفى حزب الله أي دور له في اغتيال رفيق الحريري. (الصورة تعود لعام 2009)
صورة من: AP
2012: تدخل حزب الله لدعم بشار الأسد في إخماد الثورة
انتشر مقاتلو حزب الله داخل سوريا سرا في بادئ الأمر لدعم القوات الحكومية السورية في مواجهة انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. ولعب الحزب ولايزال يلعب دورا كبيرا في قمع هذه الانتفاضة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Central Military Media
2015 "طلعت ريحتكم"
اندلعت أزمة بسبب القمامة حينما أغلقت السلطات المكب الرئيسي للنفايات قرب بيروت دون توفير بديل له، مما دفع الناس للخروج في احتجاجات حاشدة بعد تكدس تلال القمامة في الشوارع رافعين شعار "طلعت ريحتكم". وبدت هذه الأزمة إشارة جلية على عجز نظام المحاصصة الطائفي في تلبية احتياجات أساسية مثل الكهرباء والمياه.
صورة من: Alice Kohn
2017: سعد الحريري في قبضة العربية السعودية
في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017 تدهورت بشدة علاقة سعد الحريري مع السعودية التي أغضبها اتساع نفوذ حزب الله في لبنان. وصار معلوما على نطاق واسع أن الرياض أجبرت الحريري حينئذ على الاستقالة واحتجزته داخل المملكة. ونفت السعودية كما نفى الحريري حدوث ذلك، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد احتجاز الحريري في السعودية.
صورة من: Reuters
2019: الاحتجاجات تدفع الحريري إلى الاستقالة
ومع ركود النمو الاقتصادي وتدفقات رؤوس الأموال واجهت الحكومة ضغوطا للحد من العجز الهائل في الميزانية.
وخرج الآلاف في احتجاجات متهمين الزعماء بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد بعد فشلهم في تجاوز الأزمة الاقتصادية.
وفي 18 أكتوبر تراجعت الحكومة عن بعض مقترحاتها لحل الأزمة، لكن الاحتجاجات استمرت. وفي 29 أكتوبر قدم الحريري استقالته رغم معارضة حزب الله.