لبنان: الجنرال عون يكتسح أصوات المسيحيين ويخلط أوراق المنافسين
جاءت نتائج "أم المعارك"، الدورة الثالثة من الانتخابات النيابية اللبنانية وفوز نجمها العماد ميشال عون بأغلبية ساحقة فيها لتسدل الستار عن مفاجئات سياسية وانتخابية سيكون لها آثر كبير على الساحة اللبنانية في الفترة اللاحقة من جهة، وإشارة إلى تكريس النظام الطائفي من جهة أخرى. وفي حين أشارت الدورتان الأولى والثانية إلى تكريس زعامة وليد جنبلاط في المناطق الدرزية وسيطرة تحالف "حزب الله ـ أمل" على الشارع الشيعي وانفراد آل الحريري بالشارع السني، فإن القائد العسكري السابق العماد ميشال عون حقق أمس الأحد فوزا كاسحا في المناطق المسيحية هو الأول من نوعه منذ أفول نجم حزب الكتائب. ووفقا للنتائج الأولية فإن عون، الذي عاد منذ أسابيع فقط من المنفى، حقق فوزا كبيرا في المتن الشمالي وكسروان وجبيل المسيحية، مكبدا بذلك هزيمة للفريق المسيحي "المعتدل" الذي جمع "القوات اللبنانية" وشخصيات "قرنة شهوان" والحركة الإصلاحية الكتائبية وحزب الكتلة الوطنية. أما في دائرتي بعبدا عالية والشوف فقد حصد مرشحو عون 80 بالمائة من أصوات الناخبين المسيحيين، إلا أن عون لم ينجح في اختراق اللوائح التي يدعمها الزعيم الدرزي القوي وليد جنبلاط.
جنبلاط: "عُدنا 28 سنة إلى الوراء"
أحدث فوز التيار العوني في الدورة الثالثة وقبل الأخيرة من الانتخابات النيابية اللبنانية صدمة في الأوساط المنافسة. ففي حين وصف النائب وليد جنبلاط نتائج الدورة الانتخابية بأنها "انتصار للتطرف على خط الاعتدال"، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى "قراءة هادئة" لها. أما حزب الله فقد علق على فوز عون بالقول: "هذا نتيجة اللعبة الديمقراطية". ومن اللافت للنظر كانت تصريحات أدلى بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للمؤسسة اللبنانية للإرسال وشبه فيها تفوق العونيين على اللوائح الأخرى بانتخابات عام 1968 التي تمخضت عن هزيمة الاعتدال المسيحي وكانت بداية للحرب الأهلية اللبنانية. وعن دور دمشق في الانتخابات، قال جنبلاط إن الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني إميل لحود " كانا أذكياء، إذ أنهما جاءا بميشال عون لخلق توتر مسيحي على الساحة اللبنانية في مواجهة حزب الله، ولكي يقولان للأمريكيين نحن فقط من يستطيع ضبط الساحة اللبنانية وسلاح حزب الله والاستقرار في نهاية المطاف.". وعاد جنبلاط بذاكرته الى أحداث عام 1976 بالقول: " عُدنا إلى العام 1976 عندما دخل الجيش السوري لبنان بحجة الدفاع عن المسيحيين، لكن الحجة الأولى والأخيرة هي السيطرة على لبنان. عُدنا 28 سنة إلى الوراء." وفي السياق ذاته قال الصحافي اللبناني محمد إبراهيم في حديث مع موقعنا "دويتشه فيله" إنه من الصعب جدا القول في الوقت الحاضر إن فوز عون في الدورة الانتخابية الثالثة هو إشارة الى انتصار التطرف على الاعتدال. وأضاف إبراهيم أن التصريحات التي أدلى بها القائد العسكري السابق تشير لغاية الآن إلى نيته محاربة الفساد والالتفات إلى هموم اللبنانيين. وعما إذا كان فوزه تكريسا للطائفية في لبنان، رأى الصحافي أن إعطاء النائب الشيعي وممثل حزب الله علي عمار لأصوات لائحته للزعيم الدرزي وليد جنبلاط يثبت العكس تماما، وأنه لا يوجد إشارات إلى وجود أوجه شبه بين الفترة الحالية وما حدث في لبنان في انتخابات عام 1968.
عون: سقط الخطاب السياسي القديم
من جانبه علق العماد ميشال عون على تصريحات جنبلاط بالقول إن الدورة الثالثة هي مثال على نجاح ما وصفه بـ "الاتجاه التغييري والإصلاحي" وسقوط الخطاب السياسي القديم. وقال عون في حديث مع يومية "النهار" اللبنانية الواسعة الانتشار إنه يجب "إعادة النظر في كيفية التعاطي مع مطالب الشعب اللبناني الذي لا يقبل المراوغة ويريد سماع المواضيع التي تهمة وتتعلق بمستقبله." ووصف عون جنبلاط وتصريحاته بالقول: " جنبلاط إنسان خطير ولا يتقبل الهزيمة ويرد بعنف وتهديد"، مضيفا أنه لو كان ديمقراطيا لكان عليه تقبل الهزيمة. وأكد عون على الخيار السلمي قائلا: "نحن لا نقاتل بالسلاح وليس لدينا نية في حرب أهلية ...... نشعر بالمسؤولية ونعمل لصالح جميع المواطنين."
تجدر الإشارة إلى أن مصادر وزارة الداخلية اللبنانية أشارت إلى إقبال كبير للمواطنين اللبنانيين على صناديق الاقتراع في الدورة الثالثة وقبل الأخيرة. وقالت الوزارة إن نسبة المشاركة في هذه الدورة بلغت 54 بالمائة في جبل لبنان و52 بالمائة في البقاع. ووفقا للقوانين الانتخابية اللبنانية فإن الجولة الثالثة مخصصة لاختيار 58 نائبا من أصل عدد النواب الإجمالي البالغ 128 نائبا. أما الجولة الرابعة والأخيرة والتي سيتمخض عنها اختيار 28 نائبا فإنها ستنظم الأحد المقبل.
تقرير: ناصر جبارة