1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لبنان بين مطرقة إسرائيل وسندان حزب الله

طارق أنكاي١٤ يوليو ٢٠٠٦

عملية حزب الله وردة الفعل العنيفة من الدولة العبرية سلطتا الضوء مجددا على قضية سلاح الحزب والدور السوري الإيراني في لبنان. الحكومة اللبنانية عاجزة عن بسط نفوذها في الجنوب، وإسرائيل ترغب في إنهاء دور حزب الله هناك.

الطائرات الاسرائيلية تقصف لبنانصورة من: AP

قصفت طائرات إسرائيلية مناطق في جنوب وشرق وشمال لبنان صباح اليوم السبت، 15 تموز/يوليو 2006، بعد يوم من إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حرباً مفتوحة على الدولة الإسرائيلية في أعقاب قصف معقله في بيروت. وذكرت مصادر أمنية وشهود أن القصف أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 16. واستهدفت إحدى الغارات محطة للغاز في مدينة صيدا اكبر مدن جنوب لبنان. وفي خطاب بثه تلفزيون المنار قال الأمين العام حسن نصر الله: "انتم أردتم حربا مفتوحة فلتكن حربا مفتوحة. حكومتكم أرادت تغيير قواعد اللعبة فلتتغير إذن قواعد اللعبة انتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون." واضاف نصر الله في إشارة إلى هجوم على سفينة حربية إسرائيلية كانت قصفت بيروت في وقت سابق: "المفاجآت التي وعدتكم بها ستبدأ من الآن...البارجة العسكرية التي اعتدت على بنيتنا التحتية .. انظروا إليها تحترق وستغرق ومعها عشرات الجنود..." وأكدت إسرائيل ان أربعه من جنود بحريتها فقدوا بعد الهجوم وهو جزء من أكثر أعمال عنف دموية يشهدها لبنان منذ عشر سنوات والتي تفجرت بعد هجوم نفذه مقاتلو حزب الله وانتهى بأسر جنديين إسرائيليين ومقتل ثمانية آخرين.

هذا وقد استمر يوم أمس الجمعة قصف الطيران الإسرائيلي لمطار بيروت الدولي وخزانات الوقود التابعة للمطار. كما قصفت المقاتلات محطة الكهرباء الجية الواقعة خارج بيروت فيما استهدفت المدفعية والبحرية الإسرائيلية جسورا ومنازل تقع في جنوب لبنان محدثةً أضرارا مادية بليغة. وكان وزير الداخلية الإسرائيلي، رون بار اون، قد هدد في وقت سابق بتصفية الأمين العام لحزب الله، حيث قال في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية إن نصر الله "حدد مصيره بنفسه" وأن إسرائيل ستصفي حساباتها معه في الوقت المناسب. وتزامنت أعمال العنف في لبنان مع هجوم إسرائيلي على قطاع غزة بدأ الشهر الماضي في محاولة لإطلاق سراح جندي آخر مخطوف ووقف الهجمات الصاروخية التي ينفذها نشطاء فلسطينيون. وفي غزة قصفت إسرائيل أمس الجمعة مكاتب مشرعين فلسطينيين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأحد الجسور وأطلقت قذيفة دبابة قتلت فلسطينيا. وفجر نشطون فتحة قطرها ستة أمتار في الجدار الحدودي بين قطاع غزة ومصر، مما سمح لمئات من الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل على الجانب المصري من الحدود بدخول غزة. ومنذ هجومها على غزة الذي بدأته يوم 28حزيران/يونيو قتلت إسرائيل أكثر من 80 فلسطينيا معظمهم من النشطاء. أما على الصعيد اللبناني فقد قدرت مصادر أمنية لبنانية الخسائر في الأرواح جراء الغارات الإسرائيلية بأكثر من 60 قتيلا إضافة إلى عدد كبير من الجرحى.

لبنان ومأزق سلاح حزب الله

إسرائل عازمة على مواصلة قصف البنية التحتية اللبنانيةصورة من: AP

تقف الحكومة اللبنانية أمام مأزق سياسي وأمني صعب. فهي تتحمل عواقب نشاطات حزب الله الذي لا تملك أي سيطرة عليه. هذا ما أشار إليه الخبير الألماني، البروفيسور ماير، مدير مركز الدراسات المتعلقة بالعالم العربي التابع لجامعة ماينز الألمانية. إذ اعتبر أن المنطقة أصبحت تشهد بالفعل بداية حرب جديدة مشيرا إلى أن إسرائيل ستحاول أن تستخدم تفوقها العسكري، مثلما فعلت في الماضي، من أجل الضغط على الحكومة اللبنانية ودفعها إلى نزع سلاح حزب الله. أما حول ما إذا كان بمقدور الحكومة اللبنانية الاستجابة إلى تلك المطالب فقد شكك الخبير في قدرة الجيش اللبناني على بسط نفوذه في جنوب لبنان وقدرته على تجريد المليشيات التابعة لحزب الله من أسلحتها، لاسيما وأن القوات اللبنانية ليس لديها القوة الكافية للقيام بتلك المهام. ومع استمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية لم يستبعد ماير أن تتحول لبنان إلى مسرح لحرب أهلية جديدة تنشب هذه المرة بين القوى المؤيدة للحكومة من جهة وبين حزب الله والمليشيات المؤيدة له من جهة أخرى.

من ناحية أخرى اعتبر الخبير الألماني بيتر فيليب أن دخول حزب الله المعترك السياسي وحصوله على مقاعد في البرلمان والحكومة في بيروت لم يغير من سياسة الحزب وصورته. فحزب الله ما زال يعد حليف الجماعات الإسلامية المتشددة بما فيها الجماعات الفلسطينية على حد تعبيره. فحزب الله يقوم بتدريب مسلحي حركة حماس التي تتقاسم معه نفس الهدف، ألا وهو تحرير القدس أو بمعنى آخر تدمير دولة إسرائيل.

هل تقف سوريا وإيران وراء التصعيد؟

هل تقف سوريا بالفعل وراء التصعيد الذي تعرفه منطقة الشرق الأوسطصورة من: dpa

يسود نوع من الجزم في الأوساط الإسرائيلية وبعض الأوساط الدولية أن سوريا وإيران تقفان بشكل أو بآخر وراء التصعيد الأخير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط. فالمحللون السياسيون لا يستبعدون أن تكون هجمات حزب الله، التي فجرت توترا إقليميا مشوبا بتصعيد عسكري خطير، تدخل ضمن مخطط سوري إيراني يهدف إلى خلق بؤرة توتر في المنطقة. هذا الطرح أكده الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، بيتر فيليب. فهو يعتبر أن كل من إيران وسوريا يقفان وراء التصعيد الحالي ويبذلون كل ما بوسعهم من أجل الحيلولة دون عودة الهدوء إلى المنطقة وقال في هذا الصدد: "كلا البلدين، سوريا وإيران، استعملتا حزب الله كأداة لتوريط إسرائيل، والإسرائيليون سقطوا في الفخ السوري الإيراني دون احتراس".

واعتبر الخبير الألماني حزب الله بمثابة أداة استخدمتها كل من سوريا وإيران كي تقوم بتنفيذ عمليات عسكرية بالوكالة عن تلك الدول. وعلل المحلل ذلك بعدم قدرة القوات السورية على التجرؤ وتنفيذ هجمات على قوات إسرائيلية مباشرة، وصعوبة نشر قوات عسكرية إيرانية في لبنان. فمثل تلك الإجراءات ستعتبرها إسرائيل بمثابة إعلان الحرب عليها من قبل تلك الدول. أما حين يقوم حزب الله بالهجوم على وحدات إسرائيلية فإن تلك الأعمال العسكرية تصنف في إطار المقاومة المشروعة، تقوم بها مليشيات لا تخضع للمراقبة. ويرى بيتر فيليب أن كل من حماس وحزب الله المدعومتان من طهران يُستغلان من قبل سوريا وإيران للتدخل في الخلاف الإسرائيلي الفلسطيني بشكل غير مباشر ودون التعرض لتبعات ذلك.

أما البروفيسور، ماير، عن مركز الأبحاث المتعلقة بالعالم العربي فقد استبعد أن يكون لسوريا أو إيران أي دور في العمليات التي قام بتنفيذها حزب الله. وأشار الخبير إلى أنه لا يمكن اعتبار حزب الله مجرد أداة لخدمة السياسة السورية أو الإيرانية. فمطالب حزب الله ترتبط في مضمونها بجنوب لبنان وتتناول قضية تحرير الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين والعرب المحتجزين داخل السجون الإسرائيلية.

التصعيد يلقي بظلاله على الدول العربية

هل يعني التصعيد العسكري نهاية جهود إعادة الإعمار اللبنانيةصورة من: AP

تطالب الدول العربية بوقف الهجمات الإسرائيلية على المدنيين والتوصل إلى تسوية سلمية تقوم على أساس وساطة بين إسرائيل وكل من حزب الله وحركة حماس لاحتواء الأزمة الحالية ونزع فتيل الحرب. فتلك الدول، على رأسها مصر والأردن، تدرك جيدا أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين اللبنانيين سيؤجج مشاعر الشارع العربي ويزيد من ضغوطات القوى المعارضة للحكومات العربية. الخبير الألماني، البروفيسور ماير، حذر من الانعكاسات السلبية للتصعيد العسكري الإسرائيلي على الاستقرار الإقليمي حيث قال: "الحملة العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ستُوسع الفجوة بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة التي تتعاون مع إسرائيل، مثل مصر والأردن". وأشار الخبير كذلك إلى أن التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة ستنمي من قوة التيارات المتطرفة داخل الدول العربية على حساب القوى المعتدلة فيها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW