بعد "يوم غضب" نفذه مناصرو رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري احتجاجاً على تكليف النائب نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، كثف الجيش اللبناني اليوم الأربعاء (26 يناير/ كانون ثاني) من انتشاره في مناطق عدة من لبنان، وبشكل خاص في العاصمة بيروت ومدينة طرابلس الشمالية. وقال متحدث باسم الجيش لوكالة فرانس برس إن القيادة العسكرية "تقوم حالياً بمعاجلة الوضع".

وفيما سيلتقي ميقاتي اليوم الأربعاء رؤساء الوزراء السابقين وبينهم الحريري قبل أن يبدأ الخميس مشاوراته مع الكتل النيابية ورئيس الجمهورية ميشال سليمان لتشكيل حكومة جديدة، يخطط مناصرو الحريري لإقامة خيمة اعتصام في طرابلس، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

الاتحاد الأوروبي يحث على ضبط النفس

وفي ضوء التطورات التي تشهدها الساحة السياسية اللبنانية، دعت الممثلة الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى الهدوء في لبنان. وأعربت أشتون في بيان عن قلقها بشأن الاحتجاجات العنيفة التي نشبت ودعت كافة الأطراف إلى "إظهار ضبط النفس والتعاون بروح الحوار"، وأكدت مواصلة الاتحاد الأوربي دعمه للبنان "كبلد مستقل، ديمقراطي ومستقر".

ودعت أشتون أمس الثلاثاء رئيس الوزراء اللبناني الجديد نجيب ميقاتي إلى تشكيل الحكومة عبر السعي إلى تحقيق "أكبر قدر ممكن من التوافق" و"بما يتفق تماما مع الدستور". وأضافت "أتوقع أن تُواصل الحكومة احترام التعهدات الدولية للبنان".

وعلى الصعيد الأممي قال متحدث باسم الأمم المتحدة أمس الثلاثاء إن الحكومة اللبنانية المكلفة يجب أن تفي بالتزاماتها تجاه المحكمة الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وقال مارتين نيسركي إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "يتوقع من أي حكومة يتم تشكيلها أن تفي بالتزاماتها الدولية التي تعهد بها لبنان".

كلينتون تحذر من "تأثير" على العلاقات الأمريكية مع لبنان

من ناحيتها أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بعد تكليف نجيب ميقاتي، المرشح المدعوم من حزب الله، لرئاسة الحكومة في لبنان، أن حكومة يسيطر عليها حزب الله في لبنان ستؤثر على العلاقات بين الدولتين. وأضافت كلينتون في هذا السياق: "مواقفنا الأساسية ما زالت كما كانت دائما ... نعتقد بضرورة متابعة سير العدالة وإنهاء الحصانة من العقاب. نؤمن بسيادة لبنان وإنهاء التدخل الخارجي". وقالت كلينتون للصحفيين عقب اجتماع مع وزيرة الخارجية الأسبانية ترينيداد جيمينيز: "نثق بسيادة لبنان ووضع حد للتدخل الخارجي... لذا نحن في انتظار ما ستفعله الحكومة الجديدة، وسنحكم عليها وفقا لذلك".

وتخشى الولايات المتحدة من أن تزايد تأثير حزب الله يمكن أن يقوض تحقيقات المحكمة الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005. ولم يقل مسؤولو الولايات المتحدة ما إذا كانت الترتيبات السياسية سينجم عنها إنهاء لمساعدات مالية أمريكية للحكومة اللبنانية أم لا، لكن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بي جي كراولي قال أول أمس الاثنين إنه سيكون "من الصعب" الاستمرار إذا وصل حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه جماعة إرهابية، للسلطة .

من جانبه دعا النائب الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب هوارد بيرمان في بيان مكتوب الرئيس باراك أوباما إلى أن "يعطل فوراً كل عمليات إرسال أسلحة إلى لبنان وأن يجري مراجعة دقيقة لكل برامج المساعدات الاقتصادية لضمان ألا تؤدي عن غير قصد إلى تقوية حزب الله."

قلق عربي

الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أعرب عن قلقه للتصعيد الذي شهده الشارع اللبناني، مؤكداً ضرورة وضع المصلحة اللبنانية العليا فوق أي اعتبار. ودعا موسى اللبنانيين إلى ضبط النفس وتجنب كل ما من شأنه أن يعرض أمن أو استقرار لبنان للخطر. وأكد موسى أن الحوار في إطار تحقيق الوفاق اللبناني هو "السبيل الوحيد للوصول بلبنان إلى بر الأمان"، مشيراً إلى أهمية الالتزام بمبادئ الديمقراطية والأطر الدستورية اللبنانية لحل أية خلافات بين الفرقاء اللبنانيين.

في غضون ذلك نصحت المملكة العربية السعودية رعاياها بعدم السفر إلى لبنان "حتى يعود الهدوء والاستقرار" وذلك بعد يوم واحد من تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة اللبنانية. وفي سياق متصل نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وسائل إعلام إسرائيلية قلق إسرائيل تجاه التطورات السياسية في كل من لبنان ومصر

(ط.أ/ د ب أ/ أ ف ب/ رويترز)

مراجعة: عماد مبارك غانم