لبنان- مسلح يحتجز موظفي مصرف في بيروت للحصول على أمواله
١١ أغسطس ٢٠٢٢
فرضت قوات الأمن اللبنانية طوقاً مشدداً حول أحد المصارف في بيروت بعد أن اقتحم مسلح البنك واحتجز موظفين وعملاء مطالباً بالحصول على وديعته المجمدة. ورابطة المودعين تحمل السلطات مسؤولية أي عنف ضد المصارف.
إعلان
احتجز مودع مسلح الخميس (11 أغسطس/آب 2022) موظفي أحد المصارف في منطقة الحمرا المكتظة في بيروت، مهدداً إياهم ومطالباً بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها مئتي ألف دولار، وفق ما أفاد مصدران أمنيان لوكالة فرانس برس، في حلقة جديدة من إشكالات تشهدها المؤسسات المالية منذ بدء الانهيار الاقتصادي.
وتفرض قوات الأمن طوقاً مشدداً خارج مصرف فدرال بنك، وتوجهت فرق الدفاع المدني إلى المصرف، كما توجهت عناصر القوى الأمنية إلى محيط المصرف ومنعت المواطنين من الاقتراب من المصرف، وتحاول قوات الأمن التفاوض مع المودع الغاضب لفتح باب المصرف والإفراج عن الموظفين الذين أصيبوا بحالة من الهلع.
وقال مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته، إن "المودع تمكن من دخول المصرف وبحوزته بندقية صيد ومواد ملتهبة، مهدداً الموظفين ما لم يحصل على أمواله".
وبحسب مصدر أمني ميداني، "سكب الرجل وهو في الأربعينات من عمره مادة البنزين في أرجاء المصرف، وأغلق مدخله محتجزاً داخله الموظفين". ويطالب المودع وفق المصدر الحصول على وديعته التي تفوق قيمتها مئتي ألف دولار أمريكي.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، أن المودع "هدّد بإشعال النيران في نفسه وقتل من في الفرع، كما أشهر سلاحه في وجه مدير الفرع".
وفي شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر شخصان وهما يتفاوضان من خلف باب المصرف الحديدي مع المودع الذي تتم مناداته باسم بسام. ويظهر الرجل وهو يتحدّث بعصبية ويحمل سلاحاً بيد وسيجارة بيد أخرى، رافضاً إطلاق سراح أي من الموظفين. ويطلب أحد المفاوضين منه السماح بخروج مودعين اثنين موجودين داخل المصرف.
وحملت رابطة المودعين في لبنان اليوم الخميس السلطات السياسية والمصرفية وبعض الجهات القضائية مسؤولية أي عنف ضد المصارف.
جاء ذلك تعقيبا على قيام مسلح باحتجاز موظفين وعملاء في مصرف بشارع الحمرا بالعاصمة بيروت. وقالت رابطة المودعين، في بيان على موقعها على " فيسبوك"، إنها تصر" دوما على اعتماد المسار القانوني في تحصيل الودائع".
واعتبرت الرابطة أن " تحصيل الحق شأن قانوني يمكن لكل مودع اللجوء إليه في ظل تقاعس بعض أجهزة القضاء"، معلنة "استعدادها الدفاع عن أي مودع يمارس حقه القانوني لتحصيل حقه، دون أن يعرض سلامة الآخرين للخطر".
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية خانقة منذ خريف 2019 صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حوادث مماثلة مع فرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع خصوصاً بالدولار.
وجعل ذلك المودعين عاجزين عن التصرّف بأموالهم خصوصاً بالدولار، بينما فقدت الودائع بالعملة المحلية قيمتها مع تراجع الليرة أكثر من تسعين في المئة أمام الدولار.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف خلال العامين الماضيين إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين بتعليمات إداراتهم.
وفي ظل انقسام سياسي يحول دون اتخاذ خطوات بناءة لوقف الانهيار، الذي لم توفّر تداعياته أي قطاع أو شريحة اجتماعية، يصدر مصرف لبنان بين الحين والآخر تعاميم لامتصاص نقمة المودعين، تسمح لهم بسحب جزء من ودائعهم بالدولار ضمن سقف معين.
ع.ح./ع.ج.م. (أ ف ب ، د ب ا)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام