لجنة ألمانية بولندية للتحقيق في نفوق الأسماك في نهر أودر
١٥ أغسطس ٢٠٢٢
يثير نفوق نحو 100 طن من الأسماك في نهر أودر بين ألمانيا وبولندا مخاوف من كارثة بيئية أكبر. وأعلن البلدان تشكيل فريق عمل مشترك لاكتشاف السبب. ويرجح خبراء أن يكون هناك تصريف غير قانوني للمواد الكيميائية من الجانب البولندي.
إعلان
تعتزم ألمانيا وبولندا تشكيل فريق عمل مشترك لمعالجة مسألة نفوق الأسماك في نهر أودر المار بين البلدين. وأعلنت وزارة البيئة الألمانية عن هذه الخطوة اليوم الإثنين (15 آب/أغسطس 2022) بعد اجتماع في مدينة شتشين بشمال غرب بولندا مساء الأحد حضره وزيرا البيئة من كلا البلدين.
وقالت وزيرة البيئة الألمانية شتيفي ليمكه: "يعمل الخبراء بأقصى سرعة على التحليلات لاكتشاف في أسرع وقت ممكن المواد والأسباب التي أدت إلى نفوق جماعي للأسماك وإلحاق أضرار بنهر أودر"، مضيفة أنه لا توجد حتى الآن استنتاجات حول السبب الدقيق الذي تسبب في نفوق أطنان من الأسماك على ضفاف النهر.
وأثار الحادث شكاوى من برلين من أن وارسو لم تنقل المعلومات حول نفوق الأسماك بالسرعة الكافية. وقال مسؤولون إنه على الرغم من التحذيرات من حدوث أضرار بيئية أخرى في اتجاه مجرى النهر، لم يتم حتى الآن مشاهدة أي نفوق لأسماك في ولاية مكلنبورغ-فوربومرن الألمانية المطلة على ساحل بحر البلطيق.
وقّدر ساشا ماير الخبير في شؤون المياه بالاتحاد الألماني لحماية البيئة والمناخ "بوند" حجم الأسماك التي نفقت في نهر أودر خلال الأيام الماضية بما يصل إلى 100 طن.
وقال ماير في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) الاثنين إن هذا تقدير يستند إلى تقارير عن حملات متفرقة لانتشال الأسماك النافقة من النهر، مشيرًا إلى أن الكارثة البيئية تؤثر على نهر أودر بطول حوالي 500 كيلومتر.
وقال متحدث باسم رئيس قوات الإنقاذ في بولندا اليوم الاثنين إن رجال الإنقاذ انتشلوا حوالي 80 طنًا من الأسماك النافقة من النهر منذ يوم الجمعة الماضي.
وكشف ماير لـ(د.ب.أ) أن أبعاد هذه الكارثة مشابهة لكارثة ساندوز عام 1986. وفي ذلك الوقت اندلع حريق في مستودع سويسري بشركة الكيماويات "ساندوز" (نوفارتيس الآن)، وتسربت كميات كبيرة من مياه الإطفاء الملوثة إلى نهر الراين وتسببت في نفوق عدد كبير من الأسماك.
وذكر ماير أن ذلك الحادث كان السبب في تطوير خطط لإنذار دولي وإبلاغ من قبل الدول التي تمر بها أنهار - وهذا بالضبط ما لم يتم الالتزام به الآن في واقعة نهر أودر.
وأشار ماير إلى أن "بوند" تفترض وجود "تصريف غير قانوني للمواد الكيميائية" في نهر أودر على الجانب البولندي، وقال: "يمكننا أن نفترض أن موجة من الملوثات تدفقت عبر نهر الأودر"، مشيرًا إلى أن هناك، علاوة على ذلك، عوامل مثل انخفاض منسوب المياه أو أعمال التوسيع في النهر، والتي من شأنها أن تضع الأسماك والنظام البيئي تحت الضغط.
وانتقد ماير تأخر رد الفعل البولندي والألماني عند رصد أولى وقائع نفوق الأسماك على النهر، مشيرًا إلى أنه كان ينبغي إشراك المزيد من المختبرات لإجراء تحليلات على الفور.
م.ع.ح/أ.ح (د ب أ)
يقاوم الجفاف وتغير المناخ.. الراين معلم طبيعي وشريان حياة بقلب أوروبا
ليس نهر الراين مجرد نهر غزيز يمرّ عبر ست دول أوروبية، بل هو أيضاَ معلمة تاريخية ورمز حضاري يؤرخ لتاريخ ممتد، وشريان حياة وخط نقل رئيسي في قلب أوروبا، لكنه يواجه أياما صعبة بسبب التغيّر المناخي، إذ تراجع منسوبه بشكل كبير.
صورة من: Peter Schickert/picture alliance
من سويسرا إلى هولندا
ينبع نهر الراين تحديدا من بحيرة توما في كانتون غراوبوندن شرق سويسرا، لكن عمقه لا يزداد إلا بعد تدخل مصادر أخرى للمياه منها بحيرة توماسي. هو أكبر نهر في سويسرا، ويشكل جزءا من حدودها مع النمسا وألمانيا وفرنسا، ومن أجمل معالمه الطبيعية في سويسرا شلالات الراين.
صورة من: imago/Westend61/W. Dieterich
يقطع ست دول بموقع استراتيجي مهم
اسمه يعود إلى اللغة السلتية، رينوس، وتعني "الجاري"، يتدفق النهر على مسافة 1230 كيلومترا. يمر في سويسرا وألمانيا وفرنسا والنمسا وليختنشتاين وهولندا، حيث يصب في بحر الشمال، ورغم أنه لا يوجد في قائمة خمس أكبر أنهار أوروبا، إلّا أن موقعه الاستراتيجي يجعله ضمن أهمها على الإطلاق.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/S. Ziese
شريان نقل وسط القارة الأوروبية
بفضل هذه الأهمية الاستراتيجية، استُخدم الراين وسيلة مثلى للنقل منذ أيام الحكم الروماني، واليوم هو شريان نقل أساسي للبضائع بين الدول التي يمر عليها، فمثلا ينقل الجزء الأكبر من البضائع التي تصل ألمانيا عبر الأنهار والمقدرة بـ195 مليون طن، ويربط مناطق صناعية ضخمة في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا.
صورة من: H. Blossey/blickwinkel/picture alliance
أهمية كبيرة في التاريخ الألماني
رغم أنه يأتي في المرتبة الثانية داخل ألمانيا بعد نهر الدانوب، إلّا أن الراين كان له دور كبير في تشكيل القومية الوطنية الألمانية. يعود ذلك بسبب مروره عبر دول كانت منافسة لألمانيا منها فرنسا، وما نجح عن ذلك من أزمة بينهما عندما طالبت باريس أن يشكل النهر حدودا طبيعية لفرنسا. تقدم الأغنية الشهيرة " Die Wacht am Rhein" الصادرة عام 1871 لمحة عن هذه المشاعر القومية.
صورة من: picture-alliance/Zoonar/N. Okhitin
يضفي على المدن جمالا ساحرا
شكل هذا النهر مصدر إلهام للكثير من الفنانين، منهم رسام المناظر الطبيعية الإنجليزي ويليام ترنر الذي استلهم لوحاته من رومانسية نهر الراين، وكذلك الشاعر لورد بايرون. كما حضر النهر في العديد من الأفلام السينمائية منها Watch on the Rhine. يمر عبر العديد من المدن الجميلة، خصوصا في ألمانيا حيث يقطع 13 مدينة أشهرها كولونيا (الصورة)، وكذلك في روتردام الهولندية.
صورة من: manfredxy/Zoonar/picture alliance
الجفاف يضرب الراين مرة أخرى
تعرّض النهر لموجات جفاف عبر التاريخ استطاع أن يقاوم آخرها عام 2018. هذه الأيام يعاني مجددا من تراجع منسوبه، إذ تراجع مستواه في كوبلنز الألمانية إلى 48 سنتمتر فقط، وهو أقل ثلاث مرات مما تحتاجه السفن للإبحار. صور متعددة التقطت لتراجع المياه وهناك توقعات بأن تنحسر أكثر خلال الأيام القادمة، لكن الخبراء يثقون في صموده مرة أخرى.
صورة من: Ina Fassbender/AFP
تضرر كبير في المجال الاقتصادي
تداعيات الجفاف كبيرة جدا على المستوى الاقتصادي، سيكون لزاما على العديد من شركات النقل تأجيل أو خفض نقل بضائعها، ومن ذلك النفط والفحم الحجري والغاز. يتحدث خبراء عن أن السفن لن تستطيع نقل أكثر من 600 طن حتى وإن كان قدرتها تتجاوز ألفي طن. يحدث هذا في وقت تتخوف فيه ألمانيا وأوروبا من أزمة طاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن تضرر حركة النقل السياحي.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
خطر كبير على البيئة
التداعيات تصل كذلك إلى المجال البيئي. نهر الراين هو موطن الكثير من النباتات والحيوانات والطيور. بسبب انخفاض منسوبه يزداد التلوث وترتفع درجة الحرارة. تعيش في النهر أنواع سمكية متعددة ما يشكل خطرا على التنوع البيئي، كما تتضرر النباتات التي تنبت على ضفاف النهر، ويؤثر الجفاف بشكل كبير على الغطاء الغابوي القريب من النهر.