لجنة: دمشق والأمم المتحدة فشلتا في مساعدة متضرري الزلزال
١٣ مارس ٢٠٢٣
خلصت لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا إلى أن الحكومة السورية والأمم المتحدة فشلتا في مساعدة السوريين بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد مؤخرا، كما اتهمت اللجنة "هيئة تحرير الشام" بـ"رفض المساعدات.. الآتية من دمشق".
إعلان
قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا باولو بينيرو اليوم الإثنين (13 مارس/آذار 2023) إنه "بينما كانت هناك أعمال بطولية كثيرة من جانب السوريين أنفسهم لمساعدة الضحايا (ضحايا الزلزال) شهدنا أيضاً فشلاً ذريعاً للحكومة وللمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، في توجيه المساعدة الحيوية الملحّة لشمال غرب سوريا".
واعتبر رئيس اللجنة في بيان صدر لمناسبة نشر تقرير جديد أن " كل هذه الأطراف تتحمل جزءًا من المسؤولية " مطالبًا بـ"تحقيق مستقلّ". وأضافت اللجنة "لقد فشلوا في التوصل إلى اتفاق على وقف فوري للقتال. فشلوا في تسهيل إيصال المساعدة الحيوية عبر جميع القنوات المتاحة"، مشيرة إلى الشعور بالتخلّي لدى السوريين والحاجة إلى إجراء تحقيق.
وأدّى الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات وتلاه زلزال آخر بقوة 7,6 درجات، إلى مقتل نحو 46 ألف شخص وإصابة 105 آلاف آخرين في تركيا، وفقاً لحصيلة غير نهائية. وأفادت السلطات عن مقتل نحو ستة آلاف شخص في سوريا أيضاً.
كذلك، ضاعف الزلزال التحدّي الذي تواجهه المنظمات الإنسانية في مساعدة السكّان السوريين، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة في إدلب (شمال غرب)، في الوقت الذي تخضع فيه البلاد لعقوبات دولية، بينما تضرّرت الطرق المؤدية إلى المعبر الحدودي الوحيد المتاح قبل الزلزال.
وخفّفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين العقوبات المفروضة على سوريا، بينما وافقت دمشق على السماح للأمم المتحدة بفتح عدد أكبر من المعابر الحدودية للمساعدة في إيصال المزيد من المساعدات.
ولم تتردد اللجنة التي فوّضها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في انتقاد الأخيرة. وأكّد مفوّض اللجنة هاني مجالي أن المنظمات الإنسانية الأممية كان بإمكانها التصرّف بدون انتظار تحديد المعابر الحدودية الجديدة.
ورأى مجالي أن "ليس من الضروري (انتظار) قرار لمجلس الأمن عندما يكون هناك ناس في وضع ميؤوس منه. حصل زلزال (...) ويقول خبراء القانون إن في ظروف استثنائية يمكن التحرك، حتى لو ذلك يعني عبور حدود أو تجاوز سيادة الدولة".
واتّهمت اللجنة الحكومة والجيش السوري بـ"منع المساعدات عبر الحدود للمجتمعات المتضرّرة"، فيما اتّهمت هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) في شمال غرب سوريا بـ"رفض المساعدات عبر الحدود الآتية من دمشق".
وقال بينيرو "نحقّق حالياً في عدّة اتهامات بأنّ أطراف النزاع تعمّدت عرقلة المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضرّرة".
وأفادت اللجنة في تقريرها الأخير الذي نُشر الإثنين والذي أُعدّ قبل الزلزال، عن انتهاكات مستمرّة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في كل أنحاء البلاد خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2022، خصوصاً الوضع المروّع للسوريين على طول خطوط الجبهة في شمال البلاد وشمال غربها.
ولاحظت اللجنة أيضًا تدهور وضع 56 ألف شخص، غالبيّتهم من النساء والأطفال دون 12 عامًا، محتجزين في مخيمَي الهول وروج لعائلات الجهاديين اللذين تديرهما الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا.
وقال المحققون إن "المعاناة التي تعرّض لها هؤلاء الأشخاص قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب وهي المساس بكرامة الفرد".
ع.ج.م/أ.ح (أ ف ب)
تراجع فرص الناجين.. خراب زلزال سوريا وتركيا بعد انقشاع الغبار
يقترب زلزال تركيا وسوريا من إتمام أسبوعه الثاني. أرقام الضحايا مفزعة والخسائر المادية باهظة والمعاناة مضاعفة في شمال سوريا. فكيف يبدو الوضع مع اقتراب عمليات الإنقاذ من نهايتها؟
صورة من: Kyodo/picture alliance
آمال العثور على ناجين باتت نادرة
لا تجد فرق الإنقاذ، على مدار الأيام القليلة الماضية، إلا الكثير من جثت القتلى، وفي حالات قليلة جدا بعض الأحياء. في تركيا طوال يوم كامل، لم يعثر سوى على ناجيتين يوم الخميس (16 فبراير/ شباط)، بينما في الجانب السوري لم يتم العثور على ناجين منذ التاسع من الشهر. حاليا مرت أزيد من 260 ساعة على حدوث الزلزال، وهي مدة تجعل من شبه المستحيل العثور على ناجين جدد.
صورة من: Ugur Yildirim/AP/picture alliance
عدد الضحايا مفزع
تجاوز عدد القتلى في البلدين 43 ألفا. الحصيلة الأكبر كانت في تركيا بأزيد من 38 ألفا. لكن هناك مخاوف كذلك من أن ترتفع الحصيلة أكثر في سوريا التي تعاني تأخرا كبيرا في عمليات الإنقاذ. أرقام الجرحى بعشرات الآلاف، بينما لا يوجد رقم رسمي لعدد المفقودين في البلدين. أجلت السلطات التركية حوالي 150 ألفا من السكان في المنطقة، بينما تحوّلت أماكن عامة إلى مقابر عمومية لجمع الجثامين في انتظار التعرف على أصحابها.
صورة من: BULENT KILIC/AFP
ملايين بدون مأوى
سارعت الكثير من الدول لمد يد العون إلى تركيا وسوريا، لكن حجم الكارثة كان كبيرا إذ تشرد الملايين، وقدرت الأمم المتحدة عدد المتضريين بحوالي 23 مليونا وأن من صاروا بدون مأوى في البلدين يقدر عددهم بـ5,3 مليون. ويعاني البلدان من نقص كبير في الخيام المؤقتة، لكن حجم المأساة مضاعف في الشمال السوري، وفاقمتها الظروف المناخية الباردة، ولم تكف المدارس والمساجد والسيارات والشاحنات لإيواء المتضررين.
صورة من: Burcu Karakas/DW
الانقسام السياسي يزيد المعاناة
عانت عمليات إرسال المساعدات لسوريا، خصوصا مناطق الشمال الغربي من عراقيل ومشاكل كبيرة. دول كثيرة لا تعترف بنظام الأسد، لكن كذلك لا تعترف بسلطة المعارضة المسلحة، ما جعل إرسال المساعدات ممكنا فقط عبر المعابر الحدودية من تركيا، كما لم تصل جل المساعدات التي تسلمها النظام إلى مناطق المعارضة، عرقلت الخلافات بين الأكراد المسلحين والمعارضة المدعومة من تركيا انسياب المساعدات.
صورة من: BAKR ALKASEM/AFP
نظام يستغل الزلزال لصالحه!
تحت تأثير الضغط الدولي، سمح النظام السوري بفتح معبرين إضافيين لدعم الشمال الغربي بعدما كانت جلّ المساعدات تأتي من معبر واحد هو باب الهوى. حكومة الأسد كانت تتمسك في البداية بتوزيع المساعدات تحت إشرافها، خصوصا مع سيطرتها على المطارات وتنسيق عدة دول بشكل مباشر معها، كما لم تقرّر الحكومة إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة إلّا بعد خمسة أيام على وقوع الزلزال.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
هناك من يستغل الزلزال للسرقة!
يجد البعض في الكوارث الطبيعية فرصة للنهب. السلطات التركية أوقفت حوالي 48 شخصا للاشتباه بأعمال نهب في مناطق الزلازل، وأصدرت أكثر من 113 مذكرة اعتقال. كما تحدث مراقبون عن وجود عمليات إطلاق نار واشتباكات بين مجموعات، ما دفع فرق إنقاذ أجنبية إلى تعليق عملياتها لدواعِ أمنية، ومنها بعثة الجيش النمساوي، وذلك الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية.
صورة من: UMIT BEKTAS/REUTERS
الدعم الدولي كبير لكنه غير كافٍ
أرسلت عشرات الدول المساعدات وفرق الإنقاذ للشعبين التركي والسوري، سواء منها الدول العربية والغربية أو المنظمات غير الحكومية، لكن الحاجة كبيرة جدا وسط تباين واضح في الاستفادة منها بين تركيا وسوريا. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أكد أنه يحتاج إلى 702 مليون دولار لإغاثة المنكوبين، بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء جمع حوالي 400 مليون دولار.
صورة من: Ahmed Saad/REUTERS
خسائر مادية باهظة
قدر اتحاد الشركات والأعمال التركي خسائر الزلزال بـ84 مليار دولار، من بينها 70,8 مليار دولار لترميم آلاف المنازل المتضررة، فضلا عن تضرّر الطرقات ونقاط التصنيع والقدرة الإنتاجية، ما سيكون له أثر على النمو الإجمالي. لكن في الجانب الآخر بين الزلزال وجود عيوب كبيرة في تشييد كثير من المباني، ما أدى إلى إيقاف 12 مقاولا في تركيا، وتأكيد وجود خطط لهدم حوالي 50 ألف مبنى.
صورة من: CLODAGH KILCOYNE/REUTERS
ما الحل لمواجهة الزلزال؟
أثار الزلزال أسئلة كثيرة حول قدرة البشر على مواجهة الزلازل، على الأقل التنبؤ بحدوثها بوقت كافٍ. الجدل قديم –جديد خصوصا مع تغريدة لخبير هولندي نبها فيها لوقوع زلزال في المنطقة. لكن العلماء يؤكدون أنه مستحيل حاليا توقع الزلازل بدقة قبل أيام أو أشهر من وقوعها. لكن البناء الآمن في المناطق التي توجد في بؤر الزلازل، وتطوير آليات الإنقاذ يمكن أن يساهما في تقليل أعداد الضحايا مستقبلا.