بوندستاغ يقر الميزانية العامة للعام الجاري في ألمانيا بحجم اقتراض قياسي. وأرقام رسمية تفند رواية المستشار ميرتس "بنهاية دولة الرفاه". فما التفاصيل؟
صورة من: Florian Gaertner/photothek.de/picture alliance
إعلان
أقرت لجنة شؤون الميزانية في البرلمان الاتحادي الألماني، البوندستاغ، اليوم الجمعة (الخامس من سبتمبر/أيلول 2025)على الميزانية العامة للعام الحالي. ووافقت اللجنة مساء أمس الخميس على ميزانية أساسية بنفقات تبلغ حوالي 5,502 مليار يورو وحوالي 82 مليار يورو من الديون الجديدة.
وقد يتجاوز إجمالي الاقتراض الجديد 140 مليار يورو، وذلك بسبب القروض الإضافية لصالح صناديق خاصة للجيش الألماني والبنية التحتية. ومن المتوقع أن يصوت البوندستاغ بكامل هيئته على ميزانية عام 2025 خلال الفترة من 16 حتى 19 سبتمبر/أيلول الجاري.
وبسبب الانتخابات المبكرة في فبراير/شباط الماضي وتشكيل حكومة جديدة، تعمل الوزارات منذ بداية العام بميزانية مؤقتة فقط، ما حدّ بشكل كبير من مرونتها المالية.
قد يتجاوز إجمالي الاقتراض الجديد 140 مليار يورو، وذلك بسبب القروض الإضافية لصالح صناديق خاصة للجيش الألماني والبنية التحتية.صورة من: Malin Wunderlich/dpa/picture alliance
تفاصيل حول الميزانية
واختتمت جلسة لجنة الميزانية، التي بدأت صباح اليوم، محادثات على مدى أسابيع بدمج تعديلات اللحظة الأخيرة وتحديد الخطط النهائية للإنفاق والإيرادات.
إعلان
بينما أظهرت وثيقة اطلعت عليها رويترز أن الميزانية، التي يبلغ إجمالي إنفاقها 502.5 مليار يورو (588.28 مليار دولار)، تشمل استثمارات 62.7 مليار يورو (147.71 مليار دولار)، مع تغييرات طفيفة فقط عن مسودة أقرها مجلس الوزراء قبل العطلة الصيفية.
وبعد انهيار ائتلاف المستشار السابق أولاف شولتس في نوفمبر تشرين الثاني، لم يعد أمام الحكومة السابقة سوى قليل من الوقت لإقرار ميزانية عام 2025. وتعمل ألمانيا بميزانية مؤقتة منذ بداية العام.
رغم ارتفاع الإنفاق الحكومي على الضمان الاجتماعي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، من 13,2 تريليون يورو عام 2000 إلى 33,4 تريليون يورو العام الماضي.صورة من: Jens Krick/Flashpic/picture alliance
النفقات على الشؤون الاجتماعية
وفي خبر ذي صلة، كشفت بيانات رسمية أن إنفاق الحكومة الألمانية على الشؤون الاجتماعية لم يرتفع اليوم عما كان عليه قبل عشر سنوات، قياسا بالقوة الاقتصادية لألمانيا.
وكان النائب البرلماني عن حزب "اليسار"، ديتمار بارتش، قد طالب بهذه الأرقام من مكتب الإحصاء الاتحادي، وذلك على خلفية الجدل داخل الائتلاف الحاكم - الذي يضم التحالف المسيحي المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي - حول قدرة الدولة على تمويل الرفاه الاجتماعي. وينظر بارتش إلى هذا الجدل بانتقاد شديد ويحذر من تقليص ميزانية الضمان الاجتماعي.
وتظهر الإحصاءات الرسمية أنه رغم ارتفاع الإنفاق الحكومي على الضمان الاجتماعي بشكل كبير من حيث القيمة المطلقة، زاد في المقابل أيضا الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والذي ارتفع من 13,2 تريليون يورو عام 2000 إلى 33,4 تريليون يورو العام الماضي.
وكما هو الحال مع الضمان الاجتماعي، قارب الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية مستواه في عام 2000 بالقياس إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ في ذلك الحين نسبة 21,0% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 20,0% في عام 2024. ومع ذلك، انخفضت هذه النسبة في عامي 2010 (19,0%) و2015 (19,0%).
الإنفاق الاجتماعي في ألمانيا لم يرتفع
ووفقا لهذه الإحصاءات، ازدادت حصة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي بصورة متواصلة: من 25,0% عام 2000 إلى 52,0% عام 2024. وانتقد بارتش بشدة المستشار وزعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس الذي قال: "لم يعد من الممكن تمويل دولة الرفاه كما هي عليه اليوم بما نقوم به اقتصاديا حاليا".
وقال بارتش: "هذه في الواقع حملة كاذبة ضد دولة الرفاه. ادعاؤه بأننا لم نعد قادرين على التمويل كذب". وأضاف بارتش أن دولة الرفاه الاجتماعي ليست هي التي تبدد الميزانية، بل سياسة التسلح، وقال: "رسالتنا إلى الحكومة الاتحادية واضحة لا لبس فيها: ارفعوا أيديكم عن دولة الرفاه الاجتماعي".
الجدير بالذكر في هذا الجدل أن مصطلح "دولة الرفاه الاجتماعي" لا يشير فقط إلى الإعانات التي تدفعها الدولة من عائدات الضرائب، مثل ما يعرف بـ"أموال المواطن"، بل يشمل المصطلح عادة أنظمة التأمين الاجتماعي للمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية، والرعاية في الشيخوخة. ورغم حصول هذه الأنظمة على بعض الدعم الحكومي، فإنها تمول بشكل كبير من مساهمات الموظفين وأرباب العمل.
وعند جمع مخصصات الإنفاق الحكومي والإنفاق الطوعي على التأمينات الاجتماعية، فسيصل المجموع إلى ما يقارب 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لحسابات مؤسسة "هانز بوكلر"، المقربة من النقابات العمالية، لعام 2024.
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.