بعد نحو شهر في الفضاء وإتمام رحلتها حول القمر، هبطت كبسولة "أوريون" غير المأهولة قبالة ساحل المكسيك، لتختتم المهمة الأولى لبرنامج أرتميس الاستكشافي بعد 50 عاما من آخر هبوط لمهمة أبولو على سطح القمر.
إعلان
حطت مركبة "أوريون" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الأحد (11 ديسمبر/ كانون الأول 2022) في المحيط الهادئ في ختام مهمة أرتيميس 1 بعد تحليقها لأكثر من 25 يوما في محيط القمر بهدف الإعداد لعودة البشر إلى سطحه في السنوات المقبلة.
"عملية هبوط مثالية"
ويهدف برنامج "أرتيميس" ، الذي سمي على اسم إلهة القمر اليونانية، إلى إنزال رواد فضاء أمريكيين على القمر مرة أخرى، في السنوات المقبلة، بما في ذلك أول مرة امرأة وشخص غير أبيض.
وهبطت المركبة في البحر قبالة جزيرة غودالوبي المكسيكية عند الساعة 17,40 بتوقيت غرينيتش. ودخلت المركبة غير المأهولة في هذه الرحلة التجريبية، الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة تقريبا وتحملت حرارة مرتفعة جدا بلغت 2800 درجة مئوية.
وكان الهدف الرئيسي للمهمة اختبار الدرع الحرارية للمركبة وهي الأكبر التي تصنع حتى الآن (قطرها خمسة أمتار) في ظل هذه الظروف.
ومن ثم أبطأت نزولها الفائق السرعة هذا بفضل مجموعة من 11 مظلة على ما أظهرت مشاهد بثتها وكالة ناسا مباشرة وصولا إلى سرعة 30 كيلومترا في الساعة لدى ملامستها المياه. وقالت ميليسا جونز المكلفة عمليات استعادة المركبات التي تتدرب عليه وكالة ناسا منذ سنوات "لقد كانت عملية الهبوط في المحيط مثالية".
وستنتشل المركبة من مياه المحيط لوضعها على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية قبالة جزيرة غوادالوبي المكسيكية.
"علامة فارقة في السفر للفضاء"
وقال رئيس وكالة الفضاء الأمريكية بيل نلسون "منذ سنوات كرس آلاف الأشخاص وقتهم لهذه المهمة. يشكل هذا اليوم نجاحا كبيرا للناسا والولايات المتحدة وشركائنا الدوليين وللبشرية جمعاء".
وكتب رائد الفضاء الألماني ألكسندر غيرست على تويتر: "لحظة تاريخية وعلامة فارقة في السفر إلى الفضاء". وأضاف "تمتلك البشرية مرة أخرى مركبة فضائية يمكنها حمل البشر إلى ما وراء مدار الأرض، إلى الفضاء لاستكشاف القمر والمريخ." وهنأ الفرق المشاركة على هذا "الأداء الرائع".
وينطوي نجاح هذه المهمة التي استغرقت أكثر بقليل من 25 يوماً، على أهمية كبيرة بالنسبة إلى ناسا التي استثمرت عشرات مليارات الدولارات في برنامج "أرتيميس" الأمريكي للعودة إلى القمر الهادف إلى الاستعداد لرحلة مستقبلية نحو المريخ.
ويُرتقب أن تعلن ناسا قريباً عن أسماء رواد الفضاء المختارين لمهمة "أرتيميس 2" المقررة في عام 2024، حيث ينتظر الدوران حول القمر دون الهبوط عليه. أما مهمة "أرتيميس 3" المقررة رسمياً عام 2025، فستتيح الهبوط على الجانب الجنوبي للقمر حيث يُسجل وجود مياه جليدية.
ص.ش/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ)
القمر - حقائق وأساطير
للقمر دور فاعل في الثقافة والموروث الشعبي العربي والإسلامي واليهودي، وللقمر أيضا أثر فعال في الثقافة الأوروبية، رغم أنّ تقويم أوروبا والعالم المسيحي تقويم شمسي وليس ميلادياً. هذه صور عن بعض المعروف والمُتخيل عن القمر.
صورة من: picture-alliance/dpa
رمزٌ ديني وفلكي
منذ الأزل نسبت إلى القمر تأثيرات على نشاط الإنسان وقدراته. واعتمدت منازل القمر والأبراج كتقويم وكساعة فلكية. القرص السماوي "نيبرا" عثر عليه في ولاية زاكسن إنهالت عام 1999، ويستخدم للتنجيم للروحانيات، ويقدر عمره ما بين 3700 إلى 4100 عام.
صورة من: picture-alliance/dpa
القمر الدامي الساحر
في خسوف كامل، يكتسي القمر بلونٍ دموي لدى وقوعه في ظل الأرض، وهو ما رصده بوضوح الفلكيون في ليلة (السابع والعشرين من تموز/ يوليو 2018). المنظر بعث في النفوس ذكريات "القمر الجبار"- سوبر مون، الظاهر في الصورة من عام 2015. تلك الليلة أقترب القمر من الأرض لدرجة كبيرة، وطالما بنيت عقائد ونظريات حول تبادل الجذب بين القمر والأرض
صورة من: picture-alliance/dpa/K.-J. Hildenbrand
محمّل بالمعاني
في الفن والأدب، لازمت القمر على مدى قرون دلالات كثيرة، فهور رمز البراءة ورمز مريم العذراء، ورمز النشاط الجنسي النسوي. بات القمر رمزاً متكرراً في العصر الرومانتيكي حيث لازم صوراً عدة: فرانكشتاين، قمر العاشقين، عدو البشر الذي ينشط حين يكتمل القمر بدراً. الصورة هنا للفنان كاسبر ديفيد فريدريش "رجلان يتأملان في ضوء القمر" رسمت عام 1820.
صورة من: picture alliance/Heritage Images/Fine Art Images
ملهَم الشعراء
في الأدب، طالما كان القمر ملهَما للشعراء، بل أنّ القصائد الحديثة تستلهم تضاريس القمر من صور الأقمار الصناعية. القمر رمز الحزن الرومانتيكي والشوق إلى الهدوء كما عبّر عنها الشاعر الألماني غوته الظاهر في الصورة في قصيدته الشهيرة "على القمر". وفي الشعر العربي قال أبو نؤاس متغزلاً "يا قَمَـرَ اللّيْـلِ إذا أظلَمَـا... هـل يَـنْـقُصُ التَّـسليـمُ من سلَّمَـا"
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Edelmann/Städel Museum/ARTOTHEK/The British Museum(Ausschnitt)
القمر تعويه الذئاب ويناجيه الفنانون!
يثير القمر الحيوانات، فتعويه الذئاب في نداءاتها الليلة المرعبة، وتهنده البوم رمز الحكمة والسحر، لكنّ المغنين بدورهم غنوا للقمر مراراً، فقد غنى ألفس بريسلي الظاهر في الصورة "القمر الأزرق"، كما غنى الفريق الشهير بنك فلويد "الجانب المعتم من القمر". فيما غنت أم كلثوم " يا قمر ليلي يا ظل نهاري".
صورة من: picture alliance/AP Images
الرعب الملازم للرومانسية!
منذ قرون سحيقة حيكت قصص وأساطير حول أناس يتحولون إلى ذئاب حين يكتمل القمر، وعُرفت الظاهرة بالذئبية. الصورة لقطة من فيلم "الرجل الذئب" المنتج عام 1941. لكنّ القمر ظهر في السينما العربية أيضا، وربما كان فيلم "رحلة إلى القمر" من بطولة اسماعيل يس ورشدي أباظة خمسينيات القرن الماضي رائداً في هذا المجال.
صورة من: picture alliance/United Archives/IFTN
القمر في قلب الحدث !
عام 1969 وضع رجل الفضاء الأمريكي نيل ارمسترونغ قدمه على القمر، لينزع عنه كل هالة السحر والأخيلة الرومانسية. فهذا الجرم السماوي الذي ارتبط بقوة السحر والقوى الخارقة وخيال الفنانين عبر القرون، سار عليه رائد الفضاء بز آلدرن الظاهر في الصورة وجرده من غلالته الفضية، وهكذا انتصر العلم على خيال الإنسان.
صورة من: Getty Images/Nasa
جاذبية متنامية
مسير الإنسان على سطح القمر لم يقتل أسطورته، ففي عام 2013 أطلق الفنان الصيني آي واي واي وزميله الدانماركي اولافور إيلياسون مشروع "القمر" حيث بوسع كل من يزوره أن يترك أثراً عليه "Moon" project من خلال رابط الكتروني، "بهذا يرى الإنسان أنّ القمر ينمو ويتسع بوصول مزيدٍ من الناس له" كما يقول الفنانان صاحبي المشروع.
فيليب يديكه/ ملهم الملائكة