1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"لدى ألمانيا وفرنسا فرصة تاريخية لإقامة شراكة أوروبية عربية"

٣٠ مايو ٢٠١٧

تصريحات غير مسبوقة من كبار المسؤولين الألمان بخصوص العلاقة مع الولايات المتحدة. هل تندرج في إطار الحملة الانتخابية؟ وماذا سيكون تداعيات ذلك على الشرق الأوسط؟ وهل تملك أوروبا أوراقاً في المنطقة في مواجهة أمريكا؟

Berlin Emmanuel Macron Antrittsbesuch Merkel
صورة من: picture-alliance/Sven Simon/A. Hilse

في حوار مع DW عربية يرسم الخبير السياسي والإقتصادي ورئيس تحرير سابق لصحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية(النسخة العربية) الدكتور سمير العيطة، سيناريوهات متعددة لمستقبل العلاقات بين أوروبا وأمريكا وتداعياتها في منطقة الشرق الأوسط، في حال ترجمت ألمانيا تصريحات قادتها الأخيرة إلى توجهات جديدة في سياستها الخارجية.

بعد قمتي الناتو في بروكسيل ومجموعة الدول الصناعية السبع في إيطاليا، والتي شهدتا توتراً بين الرئيس الأمريكي وحلفائه الأوروبيين، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاثنين (29 أيار/مايو 2017) إن على الأوروبيين الأخذ بمصيرهم بأيديهم في إشارة لصعوبة الاعتماد على الحليف الأمريكي. 

وقبل ذلك بيوم، قال مارتن شولتس، منافس ميركل، على منصب المستشارية في انتخابات أيلول/سبتمبر المقبلة، في مقابلة مع القناة الأولى بالتلفزيون الألماني (ايه.آر.دي)، إنه "لا ينبغي علينا أن نخضع لمنطق ترامب الخاص بالتسلح". وطالب شولتس بموقف أوروبي أكثر حسما حيال ترامب، وقال "أعتقد أنه كان يتعين خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) وبكل تأكيد خلال قمة السبع، اتخاذ موقف بالغ الوضوح ضد رئيس للولايات المتحدة يريد إخضاع الآخرين ويظهر بأسلوب حاكم مستبد".

وانضم وزير الخارجية زيغمار غابرييل اليوم لمنتقدي سياسة ترامب وقال في تصريحات لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية "من لا يقف في وجه هذه السياسة الأمريكية سيكون مشاركاً في المسؤولية... من يسرّع وتيرة تحول المناخ عبر تقويض حماية البيئة ويبيع المزيد من الأسلحة في مناطق الأزمات ومن لا يريد حل نزاعات دينية سياسياً فإنه يعرض السلام في أوروبا للخطر". وأضاف غابرييل أن السياسة قصيرة النظرة للإدارة الأمريكية تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي.

وفيما يلي نص الحوار مع الدكتور سمير العيطة:

DW عربية: ما تأثيرات وتداعيات التصريحات الاخيرة للمسؤولين الألمان، ميركل ومنافسها في الانتخابات التشريعية المقبلة وكذلك وزير الخارجية الألماني، على الشرق الأوسط الملتهب؟

الخبير السياسي والإقتصادي الدكتور سمير العيطةصورة من: M.Slimi

سمير العيطة: تكشف هذا التصريحات عن ارتفاع في اللهجة الألمانية. كما تعكس توافق سياسي ألماني بين مختلف الأقطاب السياسية المتصارعة على الانتخابات القادمة على أن ألمانيا وأوروبا في خطر. هذا أمر غير مسبوق وله دلالات تعكس قلق ألمانيا من شخصية ترامب ومعاداته لألمانيا ولسياسات ميركل.

لفت نظري في تصريحات مارتن شولتس كلامه عن "خلخلة التوازن في المنطقة ومنطق ترامب في التسليح". وهذا يأخذنا إلى ما فعلته قطر اليوم بكسر التحالف السعودي-الأميركي-الإسرائيلي. هذا التحالف، والذي يمكن أن يكون له تداعيات كبيرة على صعيد كل المنطقة، ليس العربية فحسب، بل وأفغانستان وباكستان ايضا. المثير للاهتمام توقيع المملكة العربية السعودية على صفقات أسلحة بقيمة أكثر من 400 مليار دولار وهي لا تملك في صندوقها السيادي سوى 600 مليار دولار.

وماذا عن تداعيات التوجهات الأوروبية الجديدة على الملف السوري؟

من الواضح أن ميركل وماكرون يريدان التوصل لتوافق مع روسيا ويغازلان نوعاً ما الصين. بما أن الأمريكيين لا يرغبون بمنح الأوروبيين دوراً في سوريا، سيبحث الأوروبيون عن دور لهم عبر الروس.

وماذا عن التأثيرات المحتملة على الوضع في اليمن، حيث الدور الأوروبي غائباً حتى الآن؟

الدخول إلى الملف اليمني سيخلق مواجهة مباشرة مع المملكة العربية السعودية. لا تملك أوروبا موقفاً موحداً، وخصوصاً بين قطبيها الرئيسيين ألمانيا وفرنسا، بما يسمح لها باتخاذ مثل تلك الخطوة لتهدأ السعودية وتمنعها من تفجير المنطقة.

وهل ترى بأن الاتجاه السياسي الجديد لأوروبا، بقيادة المحور الألماني الفرنسي، سيكون له انعكاسات على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؟

 لا أعتقد بوجود أي تغير بهذا الخصوص. إسرائيل ماضية في سياساتها ولا تسمع للأوروبيين ولا للأمريكيين. الجديد الذي حصل هو أن ترامب فتح المجال لإسرائيل لكسب الوقت وربما نقل السفارة للقدس، مما سيخلق مشكلة فوق المشاكل الموجودة أصلاً.

في حال توسع الهوة بين جانبي الأطلسي، من سيستفيد من ذلك ويتقدم لملء الفراغ في الشرق الأوسط؟

حتماً ستأتي دول إقليمية كتركيا وإيران وقطر ومصر لتستفيد من هذا الوضع. طبعاً في حال كانت هذه الدول تملك حيزاً للحركة. ولكن كل هذه الدول محشورة بين القوة الضاربة للولايات المتحدة وقدرتها على الإخلال بالأنظمة في المنطقة من جهة وبين الدور الضعيف للاتحاد الأوروبي، الذي لا يعرف منذ بداية الربيع العربي أين يذهب.

وهل من ممكن أن تدخل روسيا والصين بقوة أكبر في المنطقة؟

 بالتأكيد، أطلقت الصين مبادرة "الحزام والطريق"، التي تستهدف دول المنطقة وأوروبا. في خضم التنافس مع الصين، وبعيداً عن الولايات المتحدة ستجد أوروبا مكاناً لها لتكون بين الأقطاب الأربعة الكبرى: الصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وسيكون هذا في صالح روسيا والصين على حساب الولايات المتحدة.

هل سيؤدي هذا التنافس وربما التضارب في المصالح بين أوروبا وأمريكا في المنطقة إلى تأجيج الصراعات في المنطقة؟

ما يؤجج الصراعات هي المبادرة الغريبة العجيبة التي تقول بحلف سني-إسرائيلي-أميريكي. مدى صدق هذا الحلف وقلبه للمعادلات التي نعرفها هي المخاطرة الكبرى. الأوروبيون يريدون خلق موقف مختلف عن هذا الحلف.

نلاحظ فيما يتعلق بالملف السوري، أن الروس يحصرون الموقفين التركي والإيراني بحديهما الأدنى. وأمام الأوروبيين أحد خيارين، إما الانخراط  في التحالف السني-الإسرائيلي-الأميريكي أو الانخراط في المشروع الروسي، الذي يقول بتحجيم القوتين الصاعدتين، تركيا وإيران، لكي لا تتفجر المنطقة أكثر من حالها اليوم.

هل التصريحات الألمانية الأخيرة مجرد تصريحات عابرة للاستهلاك الانتخابي (الانتخابات العامة في سبتمبر المقبل) أم أنها تؤشر لسياسة أوروبية جديدة أكثر استقلالاً عن أمريكا؟

دونالد ترامب هو من بدأ بالعداء ضد سياسات ألمانيا. ردة الفعل الألمانية اليوم تتخطى الأحزاب والمنافسة الانتخابية وتقول بصوت واحد: ألمانيا في خطر، أوروبا في خطر.

هل تملك أوروبا بالفعل أوراقاً وإمكانيات تخولها خط اتجاه سياسي خارجي خاص بها والتغريد بعيداً عن الولايات المتحدة؟

تملك أوروبا، والألمان والفرنسيون خاصةً، اقتصادات قوية مصدرة، دون اللجوء للتصنيع الرخيص والبخس. كما يتمتع الأوروبيون بعلاقات مع كل الأقطاب الصاعدة من الهند للصين للبرازيل لأمريكا اللاتينية. إذا تخلصت أوروبا من الفكرة القديمة، والتي تقول أن أوروبا تستطيع التحرك فقط عندما تكون أمريكا بظهرها، عندها ستتمكن من خط سياسة إرادية.

لا ننسى أن ألمانيا تتمتع أيضاً بحضور قوي فاعل بما نطلق عليه بـ"القوة الناعمة" والدبلوماسية الذكية، المضبوطة بشكل أكبر من نظيرتها الأمريكية وخصوصاً اليوم في عهد ترامب. انظر كيف تعامل الألمان مع الملف السوري؛ حافظوا على علاقات مع بعض القريبين من السلطة مثل عبد الله الدردري (نائب رئيس وزراء أسبق للشؤون الاقتصادية)، وفي نفس الوقت دعموا المعارضة وموّلوا اجتماعات جنيف لدفع المعارضة لتأخذ موقفاً موحداً.

وتملك أوروبا نفوذاً كبيراً في مجلس الأمن بصوتي فرنسا وبريطانيا.

اسمح لي بالمقاطعة، ولكن تصريحات ميركل شملت بشكل أو بآخر بريطانيا حيث قالت: "لا يمكن أن يتم كل ذلك (أخذ زمام أمورنا بأيدينا) إلا بروح الصداقة مع أمريكا وبريطانيا. الأمريكان والبريطانيون انغلوساكسون وأكثر قرباً لبعضهما البعض من قربهما لأوروبا؟

تبقى بريطانيا جزيرة، مثلها مثل كورسيكا، ولكنها أكبر حجماً ولها خصوصية. الذكاء يكمن في التعامل معها على أنها جزيرة ذات خصوصية وجلبها للصف الأوروبي. هي تعرف أنها في النهاية لا تستطيع أن تبقى وحدها وأنها في حضن أوروبا أكبر من كونها في حضن الولايات المتحدة. طريقة التعامل الأوروبي مع خروج بريطانيا، والتي يجب أن تكون ذكية، هي التي ستحدد مواقف وسياسات بريطانيا تجاه أوروبا وأمريكا.

تحدث إيمانويل ماكرون عن "خط أحمر" في سوريا. كيف تقرأ ذلك وهل هو مؤشر إضافي على الاستقلالية الأوروبية؟

لا أظن أن فرنسا قادرة وحدها على التدخل العسكري في حال حصلت ضربة كيماوية جديدة. ما لفت انتباهي هو في ما قاله ماكرون بأنه مستعد للتحدث مع جميع الأطراف حتى ممثلين لبشار الأسد وأن إعادة العلاقة مع سوريا ليست أولوية ولكنها ليست مرفوضة. فرنسا تعيد تموضعها في سوريا بخلاف أيام ساركوزي وأولاند. وأرى أن التوجه الفرنسي الأساسي هو السعي لإيجاد صيغة عمل مشتركة مع روسيا. انظر للاستقبال الإمبراطوري الذي أقيم في قصر فيرساي لإمبراطور روسيا (بوتين).

بوجود المشاكل الاقتصادية مع دول جنوب أوروبا والتوتر في العلاقات أحياناً، خصوصاً فيما يتعلق بملف اللاجئين، مع دول شرق أوروبا، هل يمكن أن يشكل المحور الألماني-الفرنسي قاطرة لأوروبا في المجالين السياسي الخارجي والدفاعي؟

في حال تم حل مشكلة الديون اليونانية للبنوك الألمانية والفرنسية والتعامل الذكي مع مخاوف دول شرق أوروبا من روسيا قد يكون ذلك ممكناً.

أنا لست متفائلاً كثيراً، ولكن لدى الألمان والفرنسيون فرصة تاريخية. أبحث دائماً عن الاستفادة من الفرصة كي يكون هناك شريك أوروبي في الشمال يمكن للدول العربية التعامل معه في الأزمة، التي بدأت بالربيع العربي وستستمر على الأقل عشر سنوات.

أجرى الحوار: خالد سلامة 

 

سمير العيطة: خبير سياسي واقتصادي من أصل سوري مقيم في فرنسا. كان يشغل منصب رئيس التحرير السابق للنشرة العربية من صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية (قبل أن تتوقف عن الصدور لأسباب مالية).

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW