للمرة الأولى .. روسيا تعلن شنّ هجوم في منطقة بوسط أوكرانيا
عباس الخشالي د ب أ، أ ف ب
٨ يونيو ٢٠٢٥
شنت روسيا هجوما على منطقة في وسط أوكرانيا. الجيش الروسي تحدث عن تقدم وحدات مدرعة فيما قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين لا يرغب في وقف إطلاق النار، بل يريد "الهزيمة الكاملة" لأوكرانيا.
قوات أوكرانيةصورة من: Stringer/REUTERS
إعلان
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقناة (إيه بي سي) الأمريكية اليوم الأحد، إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين لا يرغب في وقف إطلاق النار، بل يريد "الهزيمة الكاملة"
لأوكرانيا. وأضاف أن الضغط القوي من الولايات المتحدة وأوروبا فقط هو من
يمكن أن يجبر بوتين على التراجع. وقال: "حينها سيتوقفون عن الحرب".
وشدد زيلينسكي خلال المقابلة على أهمية دعم الولايات المتحدة، وحاول بحذر توضيح أن تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقناة (إيه بي سي) بأن بوتين يريد السلام غير دقيق. وقال زيلينسكي: "مع كل الاحترام للرئيس ترامب، أعتقد أنها مجرد وجهة نظر
شخصية لديه". وأضاف: "أنا أشعر بقوة أن بوتين لا يريد إنهاء هذه الحرب. في ذهنه، من المستحيل إنهاء هذه الحرب دون هزيمة كاملة لأوكرانيا". وتابع: "ثق بي، نحن نفهم الروس وعقليتهم بشكل أفضل بكثير من الأمريكيين لهم . نحن جيران منذ زمن طويل".
وكان الجيش الروسي قد أعلن الأحد (الثامن من حزيران/ يونيو 2025) شن هجوم على منطقة دنيبروبتروفسك الواقعة وسط أوكرانيا والمتاخمة لدونيتسك وزابوريجيا اللتين تحتل موسكو أجزاء منهما في شرق أوكرانيا، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وفي وقت تراوح مفاوضات السلام بين الطرفين مكانها.
من الجانب الأوكراني، وحدها قيادة قوات الدفاع عن الجنوب، علقت في الوقت الحاضر فأعلنت أن "العدو لا يتخلى عن نواياه بدخول منطقة دنيبروبتروفسك" بوسط شرق البلاد، مؤكدة أن القوات الأوكرانية "تسيطر على قطاع الجبهة".
لكن لم يصدر أي تصريح بعد عن القيادة العسكرية ولا عن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، حول هذه المعلومات التي ستشكل في حال تأكدت انتكاسة للقوات الأوكرانية التي تواجه وضعا صعبا على الجبهة على صعيد العديد والعتاد.
وحدات من الفرقة 90 المدرعة
وكتب الجيش الروسي على تلغرام أن "وحدات من الفرقة 90 المدرعة (...) بلغت الحدود الغربية لجمهورية دونيتسك الشعبية وتواصل شن هجوم على أراضي منطقة دنيبروبتروفسك"، مستخدما تسمية موسكو لمنطقة دونيتسك بعد إعلان ضمها عقب الغزو الذي بدأ عام 2022.
إعلان
وكانت سلطات المنطقة أفادت في وقت سابق عن سقوط قتيل في قصف روسي لبلدة ميجوفا الواقعة على مسافة 13 كلم من منطقة دونيتسك. وقال اللفتنانت كولونيل أولكسندر لفرانس برس في هذه المدينة حيث يسود الهدوء، إن "معارك جرت هنا وهناك" وإن الروس "قريبون جدا" من حدود المنطقة. وقال العسكري: "إنهم يتقدمون ببطء، ببطء شديد، لكنهم يتقدمون". كذلك، أعلنت موسكو السيطرة على قرية زاريا في منطقة دونيتسك.
وبمعزل عن البعد الرمزي، قد يكون لهذا التقدم الروسي قيمة استراتيجية ميدانية، في وقت تدفع الولايات المتحدة نحو مباحثات دبلوماسية بين موسكو وكييف سعيا إلى وضع حد للنزاع، لم تحرز نتيجة حتى الآن.
وكتب الرئيس الروسي السابق والمسؤول الثاني في مجلس الأمن القومي دميتري مدفيديف على تلغرام "كل من يرفض الاعتراف بحقائق الحرب خلال المفاوضات سيواجه حقائق جديدة على الأرض. قواتنا المسلحة شنت هجوما في منطقة دنيبروبتروفسك".
ويرى بعض المراقبين أن الروس قد يكونون عازمين على مواصلة تقدمهم في المنطقة لتقويض منظومة الدفاع الأوكرانية في حوض دونباس، مع العلم أن احتلال هذه المنطقة بالكامل يشكل أولوية أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقبل الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، كان نحو ثلاثة ملايين شخص يقيمون في منطقة دنيبروبتروفسك، حوالى مليون منهم في العاصمة الاقليمية دنيبرو التي تتعرض على الدوام لضربات روسية بمسيرات وصواريخ.
وكانت روسيا أطلقت لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 صاروخها الاختباري المتوسط المدى "اورشينيك" مستهدفة دنيبرو، وأكدت في ذلك الحين إصابة موقع صناعي عسكري. ولجأ عدد كبير من أوكرانيي دونيتسك ولوغانسك الى دنيبرو في المرحلة الأولى من هجوم القوات الروسية.
تطالب موسكو كييف بانسحاب قواتها من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمها، وتراجع أوكرانيا عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتقليص حجم قواتها المسلحة. ووصف زيلينسكي هذه الشروط بأنها "إنذارات" غير مقبولة. صورة من: Ints Kalnins/REUTERS
مغامرة روسية أخرى؟
وقال المحلل العسكري الأوكراني اوليكسي كوبيتكو إن تقدما روسيا في منطقة دنيبروبتروفسك ينطوي "على أخطار عديدة بالنسبة إلى روسيا تفوق فوائده" بسبب "استحالة تركيز عدد كاف من القوات لتحقيق اختراق".
ويأتي إعلان الهجوم الجديد في وقت تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بعرقلة عملية تبادل للأسرى كانت مقررة نهاية هذا الأسبوع. وكرر الجيش الروسي الأحد "استعداده لتسليم أكثر من ستة آلاف جثة" لجنود أوكرانيين، مؤكدا أنه نقل 1212 رفاتا ويستعد لتسليم قسم آخر عند الحدود الروسية الأوكرانية في منطقة بريانسك.
وأكد رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف الأحد أن العملية ستجري "الأسبوع المقبل"، متهما موسكو بممارسة "لعبة إعلامية غير نزيهة". وعملية التبادل هذه في حال تمت، ستشكل النتيجة الوحيدة الملموسة لمفاوضات مباشرة عقدت بداية الأسبوع في مدينة إسطنبول التركية.
وسلم الوفد الروسي كييف قائمة مطالب في مقدمها انسحاب قواتها من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمها، وتراجع أوكرانيا عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتقليص حجم قواتها المسلحة. ووصف زيلينسكي الأربعاء هذه الشروط بأنها "إنذارات" غير مقبولة.
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.