من جديد... لبنان يفشل في انتخاب رئيس وسط الانهيار المالي
٢٠ أكتوبر ٢٠٢٢
أخفق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد للمرة الثالثة بعد رفض حزب الله وكتل أخرى ترشيح ميشال معوض المقرب من الأمريكيين، ما يهدد بحدوث فراغ في أعلى منصب بالدولة ويزيد من التعقيدات في بلد غارق بأزمة مالية خانقة.
إعلان
فشل البرلمان اللبناني اليوم الخميس (20 تشرين الأول/أكتوبر 2022) مرة أخرى في انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل انقسامات عميقة تثير مخاوف من فراغ في سدة الرئاسة بعد انقضاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية الشهر الحالي.
وحضر 119 برلمانيًا من أصل 128 نائبًا الجلسة العامة لمدة نصف ساعة اليوم الخميس. وتتطلب قواعد الانتخابات نصابًا بثلثي أعضاء البرلمان المنقسم سياسيًا، ما يعني أنه لا يمكن لأي حزب أو تحالف أن يفرض خياره.
واقترع 55 نائباً بورقة بيضاء، بينهم النواب التابعون لكتلة حزب الله. وحظي النائب ميشال معوض، المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بـ42 صوتاً، في حين يحتاج إلى 86 صوتاً للفوز من الجولة الأولى، وحملت الأصوات الباقية شعارات سياسية كان من بينها "دكتاتور عادل". وكان معوض، وهو ابن الرئيس اللبناني السابق رينيه معوض، قد حصل على 36 صوتاً في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس في 13 تشرين الأول/أكتوبر.
ويؤشر فشل البرلمان في التوافق على مرشح حتى الآن، إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتاً طويلاً، ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة مالية خانقة وحيث نادراً ما تُحترم المهل الدستورية المحددة. وقال النائب سامي الجميّل رئيس حزب الكتائب لصحفيين في البرلمان: "لا زلنا نعمل على توحيد صفوف المعارضة حول اسم واحد، لكننا نواجه صعوبات، ونأمل رص الصفوف في الأيام المقبلة مع اقتراب الاستحقاق في الحادي والثلاثين من الشهر".
من جهته قال النائب عن حزب الله، حسن فضل الله: "إلى الآن لا يوجد توافق، ولا يوجد حوار شامل بين الكتل المختلفة أصلاً... ولذلك ستتكرر المشاهد التي نراها وأعتقد أن الجلسات ستتكثّف في الأيام العشرة الأخيرة". وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، دعم ترشيح معوض وتصفه بأنه مرشح "تحدي". ويعرف عن معوض قربه من الأمريكيين.
مسائية DW: هل ينجح ميقاتي في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة؟
27:01
وحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً للجلسة المقبلة في 24 تشرين الأول/أكتوبر. ولم تعقد الجلسة الماضية في 29 أيلول/سبتمبر بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. وحضّت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الجمعة خلال زيارة إلى بيروت في 14 تشرين الأول/اكتوبر المسؤولين اللبنانيين على تجنّب الفراغ الرئاسي والإسراع في انتخاب خلف للرئيس عون. وقالت كولونا: "يجب احترام الاستحقاق الدستوري، إنها حاجة ماسّة للبنان"، مشددة على أن "لبنان لم يعد يستطيع أن يتحمل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة".
وانتُخب عون رئيسًا في 2016 بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين بسبب فشل النواب في التوافق على مرشّح. ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها في السوق السوداء، وبات أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.
وبموجب النظام السياسي المعمول به في لبنان والقائم على التوزيع الطائفي، ينبغي أن يكون الرئيس مسيحيًا مارونيًا. وتنتهي ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول/أكتوبر بينما لا تزال الانقسامات عميقة بين الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وسبق أن شغر منصب الرئيس عدة مرات منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وتوقعًا لفراغ آخر كثف السياسيون جهودهم للاتفاق على حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء السني المكلف نجيب ميقاتي، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس حكومة تصريف الاعمال، إذ يمكن أن تنتقل السلطات الرئاسية إلى الحكومة الجديدة.
م.ع.ح/خ.س (أ ف ب)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام