للمرة الرابعة.. تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة لبنانية
٢٣ يونيو ٢٠٢٢
كلف الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة مما يبقي الملياردير السني على رأس حكومة تواجه انهيارا ماليا داخليا منذ ثلاث سنوات.
إعلان
دعا رئيس وزراء لبنان المكلف نجيب ميقاتي اليوم الخميس (23 يونيو/حزيران 2022) القوى السياسية المختلفة في البلاد الى تنحية خلافاتها جانبا والتعاون لتخفيف الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد.
وفي كلمة ألقاها في القصر الرئاسي في بعبدا عقب تكليفه بتشكيل حكومة جديدة دعا ميقاتي البرلمان إلى إقرار اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت ممكن، قائلا إنه الفرصة الوحيدة لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي.
وهذه الولاية الرابعة لميقاتي كرئيس للوزراء وهو المنصب الذي ينبغي أن يتولاه مسلم سني في ظل نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان. وتستمر الحكومة في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.
وجاءت ولاياته السابقة كرئيس للوزراء في أوقات الأزمات حيث تم تكليفه بتشكيل حكومة لأول مرة في عام 2005 عندما استقالت الحكومة في أعقاب اغتيال رفيق الحريري. واستمرت حكومة ميقاتي آنذاك لمدة ثلاثة أشهر حتى إتمام الانتخابات البرلمانية التي فاز بها سعد الحريري نجل رفيق الحريري وحلفاؤه بالأغلبية.
وعندما أطاح حزب الله الشيعي وحلفاؤه بالحكومة التي يقودها الحريري عام 2011 تولى ميقاتي المنصب مرة أخرى. واستقال ميقاتي في عام 2013 بعد خلافات مع حزب الله الذي كان له نفوذ كبير بدعم من حلفائه.
وجاءت تسميته الثالثة في عام 2021 بعد أن تخلى الحريري عن جهود تشكيل حكومة بسبب خلافات مع الرئيس ميشال عون المدعوم من حزب الله. وتولت حكومة ميقاتي السلطة في سبتمبر/ أيلول، وتعهدت بتأمين صفقة مع صندوق النقد الدولي وإجراء انتخابات برلمانية في موعدها في العام التالي.
وأصبح ميقاتي شخصية مركزية أكثر منذ أن أعلن الحريري، الزعيم السني الرئيسي في لبنان لفترة طويلة، في يناير/ كانون الثاني تعليق دوره السياسي.
إشراك صندوق النقد الدولي
توصلت حكومة ميقاتي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أبريل، مشروطا بالإصلاحات التي لا تكترث بها القوى السياسية منذ فترة طويلة.
ففي مايو/ أيار، وافقت حكومته على خطة تعافي تهدف إلى معالجة فجوة بأكثر من 70 مليار دولار في النظام المالي. لكنه عبر عن إحباطه من فشل البرلمان في تمرير القوانين اللازمة لتنفيذ الخطط وإحراز تقدم على مسار صندوق النقد الدولي.
وتشمل هذه القوانين تعديل قواعد السرية المصرفية ومراقبة التحويلات المالية إلى خارج لبنان. كما اعترضت البنوك على خطة التعافي المالية.
يولي ميقاتي أهمية لعلاقاته الدولية، لا سيما في دول الخليج التي استثمرت في السابق بكثافة في لبنان لكنها تجنبت ذلك منذ فترة طويلة بسبب نفوذ حزب الله. وواجه أزمة دبلوماسية العام الماضي، عندما سحبت دول الخليج سفراءها بسبب انتقاد وزير متحالف مع حزب الله للسعودية وحلفائها بشأن حرب اليمن.
وفي سعيه لإصلاح العلاقات ، أشار إلى أن الوزير يجب أن يستقيل. كما انتقد الأمين العام لجماعة حزب الله لاتهامه العاهل السعودي بالإرهاب.
وفي أبريل/ نيسان، عاد السفراء الخليجيون بعد تصريحات ميقاتي أصر فيها على أن لبنان يجب أن يركز على "إنهاء جميع الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية" التي تؤثر على دول الخليج. كما حصلت حكومة ميقاتي على دعم فرنسي مصالح تجارية.
هـ.د/ أح (رويترز)
في صور.. عام على جراح لم تندمل لدى اللبنانيين!
تحل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت المروع وجراح اللبنانيين لم تندمل. انهيار اقتصادي متسارع فاقمته تداعيات مأساة المرفأ وتفشي فيروس كورونا، فيما تعجز القوى السياسية على التوافق وتشكيل حكومة تضمد جراح لبنان.
صورة من: Reuters/A. Taher
شرارة الاحتجاجات
إعلان الحكومة اللبنانية أواخر عام 2019 عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل واتساب، فجّرغضب لبنانيين لمسوا قبل أسابيع مؤشرات أزمة اقتصادية حادة، أبرز ملامحها كان انهيار سعر الليرة وأزمة الخبز فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار ورغبتهم في إسقاط النظام. من هنا انطلقت شرارة الإحتجاجات مع توالي الأزمات على اللبنانيين، أسوؤها انفجار مرفأ بيروت.
صورة من: Marwan Bou Haidar/Zuma/picture alliance
استقالة حكومة الحريري
على الرغم من تراجع حكومة سعد الحريري عن فرض الرسم المالي، استمرت الاحتجاجات الشعبية. وخلال أيام بلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد مطالبين برحيل الطبقة الحاكمة التي لم يمسها تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد وبعدم الكفاءة. على وقع غضب الشارع، استقالت حكومة سعد الحريري في 2019.
صورة من: Imago-Images/ITAR-TASS
أزمة كورونا
في فبراير/ شباط 2020، سجل لبنان أول إصابة بفيروس كورونا. وتراكمت الأعباء تدريجياً على القطاع الصحي الذي أنهكه الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد. وفي طل غياب الخطط الحكومية للتعامل مع الفيروس وتوالي الأزمات الاقتصادية والسياسية بدأ الوضع الوبائي للبلاد يتخذ منحنى أكثر سوءاً مع تفشي المتحور دلتا.
صورة من: Emma Freiha/Reuters
فشل حكومة دياب
في السابع من مارس/ آذار 2020 أعلنت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب عن خطة إنعاش اقتصادي في لبنان وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي. بعد نحو أسبوعين انطلقت المفاوضات بين الطرفين، إلا أنها توقفت في صيف 2020 بعد عدة جلسات جراء خلافات بين الفرقاء اللبنانيين أنفسهم.
صورة من: Getty Images/AFP
انفجار مرفأ بيروت
في الرابع من أغسطس / آب 2020، دوى انفجار ضخم في بيروت دمر أحياء فيها وقتل أكثر من مئتي شخص. بعد ساعات قليلة على وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزنة في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت منذ عام 2014. ألحق الانفجار، الذي يعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، دماراً ضخماً في المرفأ والأحياء القريبة منه، وأسفر عن مقتل 214 شخصاً وإصابة 6500 آخرين.
صورة من: Ahmad Terro/picture alliance
الانفجار يفاقم مآسي لبنان!
شكل الانفجار صدمة غير مسبوقة لللبنانيين، الذين أنهكتهم الأزمات المتتالية. بدأ سكان بيروت في اليوم التالي يبحثون عن المفقودين ويتفقدون منازلهم وأبنيتهم المتضررة، فيما انهمك عمال الإغاثة بالبحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض. ووصف محافظ بيروت مروان عبود وقتها الوقع بأنه "كارثي". وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت المساعدة الدولية تتدفق إلى البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naamani
ماكرون يمدّ يد الإنقاذ
في السادس من أغسطس/ آب زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة وسط حشد من اللبنانيين الغاضبين على طبقة سياسية متهمة بالفساد وسوء الإدارة. في ختام زيارته، دعا إلى "تغيير" في النظام. ثم رعى مؤتمراً دولياً لدعم لبنان، تعهد خلاله المجتمع الدولي بتقديم مساعدة طارئة بقيمة نحو 300 مليون دولار، على ألا تمر عبر مؤسسات الدولة.
صورة من: Reuters/G. Fuentes
استقالة حكومة دياب
في الثامن من أغسطس/ آب، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين الذين حمّلوهم مسؤولية مأساة انفجار مرفأ بيروت. وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأعلن عدة وزراء تباعاً استقالتهم، إلى أن أعلن رئيس الحكومة حسان دياب في العاشر من آب/أغسطس استقالة حكومته.
صورة من: Reuters/H. Mckay
أزمة تليها أخرى!
على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء، فيما ارتفعت أسعار المواد والبضائع كافة، حتى أن أسعار مواد غذائية أساسية ارتفعت بأكثر من 70 في المئة خلال عامين. كما تشهد البلاد منذ أسابيع أزمة وقود وشحاً في الدواء وتقنيناً شديداً في الكهرباء يصل الى 22 ساعة.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
إجهاض تشكيل حكومة جديدة
بعد تسعة اشهر من تكليفه، اعتذر سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة وتم تكليف نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومتين في 2005 و2011، بتشكيل حكومة جديدة. عادة ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً.
صورة من: Dalati Nohra/Lebanese Official Government/AP Photo/picture alliance
الدعم مقابل الاستقرار السياسي
منذ عام كامل، لم يعلن القضاء اللبناني عن تحقيق أي تقدّم في التحقيق بشأن انفجار مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم المخزنة منذ سنوات في مرفأ بيروت من دون أي إجراءات وقاية. كما لا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تسريع تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
صورة من: Aziz Taher/REUTERS
لبنان في ذكرى أسوأ أزماته
في الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت، ينظم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا دوليا من أجل مساعدة لبنان، وهو الثالث بالتعاون مع الأمم المتحدة. تسعى باريس من خلال هذا المؤتمر إلى جمع مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 350 مليون دولار من أجل شعب لبنان، الغارق في أزماته الاقتصادية والأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، كما صنفها البنك الدولي. فهل تندمل جراح لبنان قريباً؟ إعداد: إيمان ملوك