لماذا تراجع ترامب وأبقى على عدد من جنوده في سوريا؟
٢٦ أكتوبر ٢٠١٩
أثار قرار ترامب بإعادة نشر جنود أمريكيين في سوريا بعد إعلانه سحب قواته الكثير من التكهنات. الخطوة التي أثارت الجدل في البنتاغون يراها خبراء بأنها وسيلة من أجل ديمومة السيطرة الأمريكية على حقول النفط السورية.
إعلان
يرى خبراء أن الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في سوريا التي تقضي بحماية الحقول النفطية في شرق البلاد بعيدة عن الواقع ومشكوك في شرعيتا. وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر قال يوم الجمعة الماضي "نحن نتخذ إجراءات لتعزيز موقعنا في دير الزور لمنع وصول تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف باسم "داعشط إلى إلى الحقول النفطية.
وفي مؤتمر صحافي في بروكسل، أوضح إسبر ردا على سؤال عن إمكانية إرسال دبابات قتالية أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) "تقوم بتعزيز هذا الموقع والأمر سيشمل قوات مدرعة
ووجهت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) انتقادات حادة لخطط الولايات المتحدة بالإبقاء على وجودها العسكري في شرق سوريا وتعزيزه ووصفت الأمر بأنه "لصوصية دولة على الساحة العالمية" بدافع الرغبة في حماية مهربي النفط وليس من منطلق مخاوف أمنية حقيقية.
منع "داعش" من الاستيلاء على النفط
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في السادس من أوكتوبر/ تشرين الأول سحب العسكريين الأميركيين الألف المنتشرين في شمال شرق سوريا مفسحا بذلك المجال لعملية عسكرية تركية ضد قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل الأكراد المكون الرئيسي فيها وحليفة واشنطن في مكافحة الجهاديين.
لكنه قال لاحقا إن "عددا قليلا من الجنود" الأميركيين سيبقون في سوريا "في المناطق التي تحوي نفطا"، مؤكدا "قمنا بضمان أمن النفط". وتابع ترامب "سنقوم بحمايته وسنقرر ماذا سنفعل في المستقبل". وأثار قرار ترامب غضبا عارما في الكونغرس بما شمل شخصيات بارزة من حزبه الجمهوري اعتبرت أن الانسحاب غدر بالأكراد وخطوة من شأنها تقوية "داعش"
رسميا، يهدف ذلك القرار إلى منع تنظيم "داعش" من الاستيلاء على الحقول النفطية الكبرى في البلاد، التي يسيطر عليها حاليا التحالف الكردي العربي ممثلاً بقوات سوريا الديموقراطية، في محافظة دير الزور (شرق) شرق الفرات، في موقع غير بعيد عن الحدود العراقية. لكن هذه الاستراتيجية الجديدة تشكل، برأي نيك هيراس، تحولا كاملا للولايات المتحدة التي كانت تبرر وجودها على الأرض السورية رغما عن الرئيس السوري بشار السد، بمكافحة "داعش".
استخدام ورقة النفط للضغط على الأسد
ويقول هذا الخبير في النزاع السوري في مركز الأمن الأميركي الجديد لوكالة فرانس برس إن إدارة ترامب تحاول "جعل أفضل الموارد النفطية للبلاد رهينة واستخدامها عملة للمقايضة من أجل إجبار نظام الأسد وحماته الروس على قبول مطالب الولايات المتحدة" خلال تسوية سياسية للنزاع السوري.
و تابع نيك هيراس أن "مهمة الولايات المتحدة تحولت من القتال النبيل في مواجهة أكثر منظمة إرهابية مكروهة في العالم إلى مناورة وهمية لإجبار الأسد على تغيير سلوكه عبر مصادرة النفط السوري". واقترح ترامب شخصيا الاثنين أن تقوم الولايات المتحدة "بإرسال واحدة من كبريات المجموعات النفطية" لاستغلال النفط السوري.
وصرح الموفد الأميركي الخاص السابق لسوريا بريت ماكغولاك الذي استقال في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في مؤتمر صحافي "سيكون ذلك أمرا غير قانوني"، مذكرا بأن النفط السوري ملك لشركة حكومية سورية "شئنا أم أبينا".
وأضاف أن الولايات المتحدة اقترحت من قبل فكرة استغلال النفط السوري بالاتفاق مع موسكو وإيداع الأرباح في صندوق للتنمية يوضع بتصرف الدولة بعد انتهاء النزاع. وأوضح أن "الروس لم تعجبهم الفكرة وأعتقد أنها لن تعجبهم اليوم أيضا".
وينتشر نحو مئتي جندي أميركي حاليا إلى جانب قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور لكن هذا العدد قد يكون غير كاف إطلاقا إذا قرر الجيش الروسي السيطرة على المنطقة كما حاول أن يفعل مطلع 2018. وتصر روسيا منذ فترة طويلة على أن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا غير قانوني. وساندت موسكو بشار الأسد وساعدته على ترجيح كفة الحرب الأهلية لصالحه.
ع.أ.ج/ أ.ح (أ ف ب)
المدنيون يتحملون العبء الأكبر للهجوم التركي في سوريا
يحاول من نزح جراء المعارك في شمال شرق سوريا النجاة بالاحتماء في منازل ومدارس مهجورة. ومع رحيل المنظمات الدولية غير الحكومية، يصطف المواطنون لساعات من أجل كسرة خبز. أما القلة القليلة التي تبقت من الأطباء فغارقة في عملها.
صورة من: DW/K. Zurutuza
المحطة الأولى رأس العين
تشير مصادر أممية إلى وجود أكثر من مائتي ألف نازح داخل شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي، الذي بدأ في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2019. وكان لمدينة رأس العين الحدودية النصيب الأكبر إثر هجوم مشترك لميليشيات مدعومة من تركيا التركية وقصف جوي. وستبقى المدينة تحت السيطرة التركية وفق اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"فقدنا كل شيء"
وتفيد تقارير بأن أغلب الفارين ينتمون إلى الأكراد. أما ما تبقى في المدينة من مدنيين فهم غالبًا من العرب الذين لا يزالون على تواصل هاتفي بجيرانهم القدامى. وقال هذا الرجل لـ DW (دويتشه فيله): "لقد أخبروني أمس أن الإسلاميين كانوا ينهبون منزلنا؛ لقد فقدنا كل شيء".
صورة من: DW/K. Zurutuza
كل كَسرة خبز تساعد
قوات النظام السوري تتمركز على مسافة كيلومترات قليلة من تل تمر بمحافظة الحسكة. ومن ثم، فقد فرَّت على مدار الأيام القليلة الماضية منظماتٌ دولية غير حكومية كانت تتخذ المنطقة مركزًا لها في السابق. ويعتمد النازحون داخليًّا من رأس العين والقرى المجاورة على عمل المنظمات غير الحكومية التي تكافح لمواكبة الأزمة.
صورة من: DW/K. Zurutuza
قرى خاوية ومخاطر عديدة
وبخلاف تل تمر، تستقبل قرى متاخمة أخرى مئات النازحين، الذين يعتمدون على منظمات محلية غير حكومية. وأوضح حسن بشير، منسق محلي لمنظمة غير حكومية، في تصريحات لـ DW أنهم "يعيشون في قرى خاوية، يوجد كثيرٌ منها بالقرب من مواقع أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من الأتراك أو خلايا نائمة لداعش".
صورة من: DW/K. Zurutuza
وجبة واحدة لكل أسرة
لهذا النازح العربي القادم من رأس العين أربع زوجات وسيكابدون جميعا مشقة الحصول على ما يكفي لإطعام جميع أطفالهم، إذ تقول المنظمات غير الحكومية إنها لا تستطيع توزيع أكثر من وجبة غذائية واحدة لكل أسرة. وقال لـ DW بعد أن حصل على وجبة غذائية واحدة: "ليس ذنبهم أنهم مجرد أطفال".
صورة من: DW/K. Zurutuza
المدارس مغلقة.. إلى الأبد؟
منذ بداية الهجوم في شمال شرق سوريا والمدارس مغلقة، ويستقبل كثيرٌ منها الآن نازحين داخليًّا من رأس العين. وسينتقل من يستطيع تحمل التكلفة إلى مدن مثل الحسكة، التي تقع على بعد 80 كيلومترًا نحو الجنوب، أما البقية فسيتعين عليهم التكيف مع الظروف القاسية في مدينة حدودية تواجه المزيد من الهجمات من الشمال.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"استمرار الوضع ينذر بكارثة كبرى"
تعيش حاليًا 50 أسرة كردية من رأس العين في هذه المدرسة المهجورة بتل تمر، وسط غيابٍ للمياه والكهرباء. ومع تدهور الأوضاع الصحية، يخشى أطباءٌ محليون والمستشفى في تل تمر من تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض، إذ أخبر أحد الأطباء المحليين DW: "إذا استمر الوضع هكذا، يجب أن نستعد لكارثة إنسانية كبرى".
صورة من: DW/K. Zurutuza
مرضى تقطعت بهم السبل
على الرغم من أن المشفى في تل تمر يعالج الجرحى، فإنه لا يستطيع مساعدة أولئك الذين يعانون من أمراض مثل السرطان. وأخبر نازحان DW أنهما كانا من المفترض أن يتلقيا علاجًا كيميائيًّا في دمشق قبل بدء الهجوم، إلَّا أن الوضع الأمني الحالي يجعل الوصول إلى هناك مستحيلًا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
نوع آخر من أماكن اللعب
منذ سيطرة تنظيم "داعش" على تل نصري، بقيت القرية المسيحية الواقعة على أطراف تل تمر خاوية، إذ رحل أغلب سكانها السابقين خلال حصار داعش عندما دمَّرت المليشيات الكنائس بمتفجرات، قبل سقوط "الخلافة" المزعومة. ومع عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، يعيش العديد من النازحين داخليًّا من رأس العين في تل نصري.
صورة من: DW/K. Zurutuza
العيش على الصلاة
هؤلاء الفِتيانٌ من بين عشرات العالقين في تل نصري، إلَّا أن أوضاع المعيشة القاسية هي أبسط مشكلاتهم. فقبل التقاط الصورة مباشرة، أخبر نازحون DW أنهم تعرضوا لهجوم من قرية مجاورة يُقال إنها واقعة في قبضة إسلاميين، وأوضح مقاتلٌ بقوات سوريا الديمقراطية لـDW: "بدأوا بإطلاق النار علينا واشتبكنا [معهم] لأكثر من ساعة".
كارلوس زوروتوزا (تل تمر) / ج.ا