لماذا تساعد جمعية ألمانية يمينية لاجئين سوريين في لبنان؟
٩ أكتوبر ٢٠١٨
جمعية ألمانية مقربة من حركة "الهوية" اليمينية تقدم مساعدات للاجئين سوريين في لبنان. ما هي الأهداف الحقيقية لهذه الجمعية وللحركة، هل هي فعلا مساعدة اللاجئين؟ موفدة DW إلى إحدى مخيمات اللاجئين في البقاع استطلعت الأمر.
إعلان
معزز علي وابنتها لامة فرزاد تجلسان في الظل، وأشعة الشمس تدخل عبر نافذة إلى الخيمة البيضاء. كلا السيدتين لاجئتان سوريتان مسلمتان حولتهما الحرب إلى أرملتين، لكن ذلك غير مهم بالنسبة إلى الألمان الذين يدفعون إيجار هذه الخيمة. في شهر مايو/ أيار الماضي ظهر ألمانيان في مخيم اللاجئين بسهل البقاع اللبناني، وكانا يرتديان قمصانا كُتب عليها "المساعدة في عين المكان" وقدما نفسيهما كمساعدين. "تحدثوا معنا فقط عن الحرب وصوروا خيمتنا"، تقول معزز التي لا تعرف من هما هذا الرجلان.
مساعدة مشروطة؟
كلا الألمانيين ينتميان إلى جمعية تُسمى "المساعدة البديلة" التي على ما يبدو تريد مساعدة نازحي الحروب في عين المكان. لكن هدفها الحقيقي هو وقف الهجرة إلى أوروبا. كلا الرجلين نيلز ألتميكس و سفين إنغيزر زارا نخيم اللاجئين كخبيرين في المنظمة، لكنهما أيضا عضوان في حركة "الهوية" اليمينية التي تتوسع في أوروبا. وهذه الحركة تصف نفسها بأنها قومية وتنفي ارتباطها باليمين المتطرف. لكن هذا لا يمنعها من إعلان مناهضتهما للإسلام ودعم وقف استقبال اللاجئين المسلمين على مستوى أوروبا.
ويؤكد الموقع الإلكتروني للحركة أن أوروبا تواجه أزمة ديمغرافية، لأن "شعوبنا تتحول إلى أقلية من خلال نسب الولادة المتدنية وزيادة المجتمعات الموازية الإسلامية والهجرة الجماعية إلى بلداننا الأصلية".
وتسأل دويتشه فيله سفين إينغزر المسؤول عن الموقع الإلكتروني لمنظمة "المساعدة البديلة" كيف يرى أن أوروبا "قارة مسيحية" وكيف أن تأثير اللاجئين يضرر بـ "الهوية المسيحية" لأوروبا؟ ويجيب على ذلك بأن "غالبية المهاجرين إلى أوروبا من أصل مسلم ويساهمون في أسلمة القارة. وفي الكثير من المدن الأوروبية الكبرى تحول الأوروبيون إلى أقلية. نحن نريد حماية هويتنا الإثنية والثقافية".
لكن جمعية "المساعدة البديلة" لم تخبر العائلات التي تقدم لها المساعدة عن هذه الأهداف. فخلال زيارة DW لمخيم اللاجئين قالت العائلات إنها لا تعرف شيئا عن نوايا الرجال الذين قدموا أنفسهم فقط كمساعدين. "لم يقولوا لنا بأنهم يريدون مساعدتنا لمنع اللاجئين السوريين أو المسلمين من التوجه إلى أوروبا"، تشرح لامة فرزاد. وتضيف والدتها معزز التي ترى وكأنها أهينت بذلك "السوريون غادروا وطنهم، لأن الحرب تسود في بلدهم، ليس هناك من يذهب عن طيب خاطر إلى المهجر".
وردا على اتهامات النساء يقول سفين إينغزر "لا أعرف مع أي عائلة تحدثتم. فقط قبل أسابيع زرنا العائلات وتحدثنا عن أهدافنا".
مساعدة قليلة واهتمام كبير
جمعية "المساعدة البديلة" تقدم الدعم لعشر عائلات في لبنان بقيمة 100 دولار للعائلة طوال ثلاثة أشهر. وهذه التحويلات تُعتبر كمساعدة خيرية ـ تبقى دون مستوى ما تحتاجه العائلات وملايين اللاجئين في لبنان أو منعهم من المغامرة والسفر إلى أوروبا.
وتعبر منظمات إغاثية أخرى عن شكوكها فيما إذا كانت جمعية "المساعدة البديلة" تريد في الحقيقة تقديم المساعدة. وإحدى هذه المنظمات هي Medico international، الألمانية التي تتعاون في لبنان مع شركاء محليين لمساعدة اللاجئين السوريين.
ومنسقها لشؤون سوريا ولبنان، تيل كوستنر يشرح لـ DW بأن الفكرة الأساسية لجمعية "المساعدة البديلة" هو التأثير على الجدل السياسي في ألمانيا وتوجيهه أكثر نحو اليمين، ويقول إنها "تحاول الظهور كمجموعة ناشطة في عين المكان في لبنان. وهي تربط هذه المشاريع مع النشاط السياسي ضد الأجانب وسياسة الهجرة الحالية في ألمانيا وضد النظام الديمغرافي في ألمانيا بصفة عامة".
نادية رديني، ناشطة من سهل القاع تساعد جمعية "المساعدة البديلة" في انتقاء العائلات التي تحصل على التحويلات المالية. وتقول إن "الجمعية لم تسجل نجاحا في منع أحد من التوجه إلى أوروبا، لأنه ليس هناك عائلة واحدة عبرت عن هذه الرغبة". وتعتبر نادية أن الأهداف السياسية للجمعية ساذجة، ويعبر الناس عن غضبهم من أهدافها الحقيقية.
لكن صحيح أن 100 دولار قد لا تكون مبلغا كبيرا ومهما في ألمانيا، إلا أنها ذات قيمة بالنسبة إلى اللاجئين. فمعزز علي تعاني من مشاكل مع العمود الفقري ولا يمكن لها العمل، فيما تعمل ابنتها لامة كعاملة زراعية، وتحصل مقابل العمل طوال اثنتي عشرة ساعة على سبعة دولارات فقط. وتشرح لامة عن المأزق الذي هي فيه وما تعانيه جراء ذلك بالقول "أعرف أنه يوجد عدد كبير من السوريين في ألمانيا، وربما لذلك لا تريد استقبالنا أيضا. لكنها حرب ضروس في سوريا وإذا أمكن يجب عليهم مساعدتنا. لكن ماذا سنفعل أنا وأمي في أوروبا؟ لا يوجد هناك شيء لنا". لكن يبدو أن المساعدة التي تحصل عليها هي وأمهما من جمعية "المساعدة البديلة" تفيدها أكثر مما تفيد الجمعية وحركة الهوية في تحقيق أهدافها الحقيقية.
أنشال فوهرا/ م.أ.م
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.