لماذا تسعى حركة يمينية ألمانية للوصاية على لاجئين قُصر؟
٢٨ يناير ٢٠١٨دق "اتحاد حماية الطفولة" في مدينة هامبورغ الألمانية الأربعاء الماضي (17 كانون الثاني/يناير 2018) ناقوس الإنذار من محاولات أعضاء في "حركة الهوية" اليمينية المتطرفة الحصول على حق الوصاية على اللاجئين القاصرين. وحذر الاتحاد من إعطاء حق الرعاية لهؤلاء الأشخاص. واعتبر رالف سلوتر رئيس فرع هامبورغ في الاتحاد هذه المحاولة بأنها "استراتيجية دعائية". وقال "إنها كراهية. وتستند على مقولة: الأجانب هم شر".
وكان فرع الحركة في هامبورغ، عبر صفحته على الفيسبوك، قد دعا أعضاءه إلى التقدم للحصول على حق الوصاية على اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم.
ويشار إلى أن الحركة، التي ينشط فيها شبان من العديد من الدول الأوروبية، تعرّف عن نفسها بأنها تهدف لحماية "الهوية" الأوروبية.
الأهداف: بين المعلن والحقيقة
وعن هدفهم من وراء الدعوة قال المتحدث باسم الحركة، دانيال فيس، في حديث خاص بـDW إنهم "سيتحدثون مع القاصرين عن التوقعات الخاطئة في أذهانهم عن ألمانيا وعن لمّ شملهم مع عائلتهم، ولكن إلى بلدانهم التي قدموا منها" وليس إلى ألمانيا، نافياً أن تكون لديهم "أهداف خبيثة".
وفي المقابل، لا يرى رئيس "هيئة حماية الدستور" (المخابرات الداخلية الألمانية) في هامبورغ، ماركو هاس، في حديث خاص بـDW أن دافع الحركة هو "خدمة العمل الاجتماعي"، ويعلل رئيس الهيئة الحكومية، التي تراقب الحركة عن كثب، ذلك بـ"خلفية الحركة الايدلوجية المعادية للدستور وأعمالها ونشاطاتها المعادية للأجانب في الأشهر الأخيرة".
افتعال "ضجة" إعلامية
ومن طرفها، تشكك المتحدثة باسم "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والأسرة والاندماج" في ولاية هامبورغ، مارسيل شفايتزر، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى DW بجدية نوايا الحركة وتضيف أنها تتبنى دائماً نفس الاستراتيجية: "تحدث ضجة كبيرة حتى تأتي وسائل الإعلام. وبعد ذلك لا يحدث شيء على أرض الواقع".
وقامت الحركة، المكونة أغلبها من الشباب، بعدة أنشطة لجلب انتباه الرأي العام. ففي الصيف الماضي استقل ناشطون من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا سفينة( C Star) وأبحروا في عرض البحر الأبيض المتوسط بقصد تعقب الزوارق التي تحمل مهاجرين متجهين إلى أوروبا قبالة السواحل الليبية، وإعادتهم إلى البر الرئيسي الإفريقي.
بعد بحث وتمحيص!
ومن جهته، قال المتحدث باسم "المحكمة العليا" في ولاية هامبورغ، كاي فاينتس، أن الطرح "مجرد فكرة نظرية" ملمحاً إلى استبعاد رؤية الاقتراح النور. وأضاف المسؤول الحكومي الثلاثاء الماضي ( 16 كانون الثاني/يناير 2018) لـ"وكالة الأنباء الألمانية" أن الأمر يتطلب قرار قضائي بذلك ويأخذ إجراءات طويلة، نافياً أن يكون أحد نشطاء الحركة قد أخذ حق الوصاية على أحد اللاجئين. وأردف أن القاصر لا بد أن يوافق على الشخص المتقدم.
وأكد رئيس فرع هامبورغ في "اتحاد حماية الطفولة"، رالف سلوتر، في حديث لـDW أن الأوصياء يتم "اختيارهم بعناية" و"تدريبهم" لفترة طويلة على مهامهم.
أما جون سيمون، الموظف سابقاً في "مجلس اللاجئين" في مدينة بيليفلد والعامل حالياً في "المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين" في المدينة، فيجمل في حديث خاص بـ"مهاجر نيوز" الشروط الواجب توفرها في الشخص للحصول على الوصاية: "إتقان اللغة الألمانية وأن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بحكم جنائي أو بقضية مخلة بالشرف". ويضيف الألماني-العراقي، والذي يقوم كذلك برعاية اللاجئين والقصر أيضاً على وجه الخصوص وتقديم الاستشارات لهم، بأن الأمر ليس حكراً على الألمان؛ إذ يمكن للأجانب الحصول على ذلك الحق. ويمكن أن يدعم "مكتب الشباب واليافعين" Jugendamtحصول شخص ما على حق الوصاية من خلال "تزكيته" لدى المحكمة.
وبدورها تقول المتحدثة باسم "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والأسرة والاندماج" في ولاية هامبورغ، مارسيل شفايتزر، إن "خطر تسلل أعضاء الحركة ليس كبيراً؛ إذ أنه لا طلب في الوقت الحاضر على الأوصياء. فقد انخفض عدد اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم في هامبورغ من 2572 عام 2015 إلى 517 فقط في العام الفائت". كما تؤكد.
صلاحيات كبيرة ومخاطر أكبر
الوصاية على القاصر أمر في غاية الخطورة؛ إذ أنه يعني استلام زمام الشؤون القانونية أمام الدوائر الرسمية والمدارس والبنوك والأطباء، ويمكن للوصي حتّى التصرف بأموال القاصر. عملياً لا يمكن للقاصر أن يتحرك أي حركة دون توقيع الوصي عليه. يحصل الوصي على أجر يتراوح بين 19.50 و33.50 يورو بالساعة لقاء مجهوده.
الألماني-العراقي جون سيمون يخبرنا من وحي تجربته ومعايشاته: "بعض الأوصياء ينحصر اهتمامهم بالحصول على الأجر ولا يؤدون مهامهم على الوجه المطلوب"، ويردف أن "البعض قد يلجأ إلى إهمال واجبه، بل وقد يعرقلوا إجراءات لجوء القاصرين أو لمّ شمل أسرهم". ولا تقف الأمور عند ذلك الحد بل قد تتطور الأمور: "من خلال نشوء علاقة قريبة وحميمة بين الوصي والقاصر قد يتم توريطهم وجرهم إلى مهاوي التدخين وإدمان الكحول والمخدرات وربما إلى أمور أكثر خطورة".
خالد سلامة- مهاجر نيوز