لماذا تشهد برلين ارتفاعاً حاداً في الهجمات المعادية للسامية؟
٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤تحدّث "مركز البحوث والمعلومات حول معاداة السامية" (RIAS) ومقره برلين عن "مستوى جديد" من حوادث معاداة السامية في العاصمة الألمانية، فمنذ بداية العام حتى نهاية شهر تموز/ حزيران سجّل المركز 1383 حادثة في برلين وصفَت بأنها معادية للسامية، وهي أكثر من الحوادث المسجلة في العام الماضي 2023. وجرت 715 حادثة منها عبر الإنترنت وشملت إهانات وتهديدات.
وبهذا الصدد قالت يوليا كنوب، مديرة "مركز البحوث والمعلومات حول معاداة السامية" (RIAS): "يبدو أن الوضع يتغير، من وضع استثنائي مؤقت إلى حالة دائمة"، كما حذّر المتحدثون الفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني من ضرورة إظهار المزيد من الالتزام في مواجهة معاداة السامية، مؤكدين على ضرورة عدم ترك المجتمع اليهودي في هذه المواجهة لوحده.
عنف ضد الشباب اليهود: ركل وضرب
يؤكد كنيس في برلين تزايد حوادث معاداة السامية، ويقول أحد ممثلي المجتمع اليهودي إنه يمكن لأي فرد من المجتمع اليهودي أن يسرد تجارب شخصية تنطوي على إهانات أو هجمات.
وفي تقريره، وصف المركز حادثتي عنف حصلتا في حي برلين-ميته، حظيتا باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام. ففي مساء أحد أيام شهر فبراير/ شباط، تعرّض طالب يهودي للضرب من قبل زميل له، فضُرِبَ على وجهه عدة مرات، ورُكِلَ بعد أن سقط على الأرض. وفي مايو/ أيار تم دفع رجل يهودي أوكراني إلى الأرض وصُدمَ بسكوتر، وكان لا بدّ من إجراء عملية جراحية لكليهما.
"لم يتدخل أحد" في الهجوم على أوكراني
من بين الهجمات التي عرضها التقرير، كان تعرّض شاب أوكراني لإصابة أثناء مروره وسط تجمع مؤيد للفلسطينيين وهو في طريقه إلى الكنيس بالقرب من محطة قطار غيزوندبرونين في برلين. الشاب كان قدّ فرّ من بلاده بعد العدوان الروسي على أوكرانيا، وكان يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة.
ووفق آنا تشيرنياك سيغال، المديرة التنفيذية للجالية اليهودية الأرثوذكسية-الجديدة "كاهال عدس يسرائيل"، فإن الهجوم الذي تعرّض له الشاب الأوكراني في برلين قد شكّل له صدمة نفسية ما يزال يعاني منها إلى اليوم.
وما يقلق آنا تشيرنياك سيغال على وجه الخصوص هو أن الحادث قد وقع في وضح النهار، وفي منتصف أحد شوارع برلين، أمام المتاجر، ولم يتدخل أحد، ولم يبادر أحد المتفرجين للاتصال بالشرطة، بالرغم من وجود عدة أشخاص التقطوا صوراً للحادث بهواتفهم المحمولة، واصفة ما حصل بأنه لغز بالنسبة لها.
ومن جانبه اشتكى سيغمونت كونيغسبرغ، مفوّض معاداة السامية في "الجالية اليهودية في برلين" من تعذّر إقامة أي فعالية يهودية في العاصمة الألمانية دون حماية الشرطة أو قوات أمن خاصة، وينطبق هذا على عروض مسارح الدمى للأطفال والفعاليات الرياضية والمهرجانات العامة على حدّ تعبيره، ويعتقد بأن الكراهية العنفية ضد اليهود أصبحت حقيقة معاشة.
معاداة السامية في المدارس
بيّن تقرير "مركز البحوث والمعلومات حول معاداة السامية" (RIAS) أن المدارس كان لها أيضاً نصيب من أحداث معاداة السامية، فقد سجّلت الدراسة 27 حادثة معاداة للسامية توزعت على مدارس تسعة أحياء من أحياء برلين البالغ عدد 12 حياً. وشملت الاعتداءات الضرب والبصق والإهانة.
ويشيرسيغمونت كونيغسبرغ إلى تغيّر المزاج الاجتماعي، وأكبر دليل على ذلك التغيّر الحاصل في التحاق الأطفال بالمدارس، وأضاف أنه قبل عدّة سنوات كان يلتحق نحو ثلثي الأطفال بإحدى المدارس الثانوية اليهودية في برلين بدافع الفضول أو الاهتمام. وتحدث ثلث الأطفال أنهم لا يشعرون بالراحة ويشعرون بالخوف في مدرسة عامة غير يهودية.
ومن جانبها، دعت باربرا سلوفيك، رئيسة شرطة برلين، اليهود والمثليين إلى توخي الحذر في بعض مناطق مدينة برلين، وقالت إن الأمر يتعلق بالأماكن التي يعيش فيها العرب، مما عرّضها للكثير من الانتقادات على ذلك.
ويُذكر أن "مركز البحوث والمعلومات حول معاداة السامية" (RIAS) ومقره برلين سيقدّم إحصاءاتها لعام 2024 في عام 2025. وتبرز هذه الحوادث في العاصمة برلين أكثر من المدن الأخرى؛ بسبب تواجد جمعيات ومؤسسات يهودية فيها أكثر من أي مكان آخر في ألمانيا.
أعدته للعربية: م.ج