1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا خالفت البحرين التوقعات بخصوص التطبيع مع إسرائيل؟

٢٧ أغسطس ٢٠٢٠

بعد اتفاق التطبيع التاريخي بين الإمارات وإسرائيل، اتجهت الأنظار إلى البحرين وتوقع كثيرون أن تكون أول الملتحقين بالإمارات، لكن موقف المملكة خلال زيارة بومبيو إليها جاء مخالفا للتوقعات، فما الذي تغير؟

هل تخشى البحرين ردة فعل الشارع البحريني على اتفاق سلام مع إسرائيل؟
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزيانيصورة من: Reuters/Handout Bahrain News Agency

كان من المتوقع أن تكون البحرين بعد الإمارات الدولة التالية في مسار التطبيع بين إسرائيل ودول عربية خاصة أنها رحبت باتفاق السلام بين تل أبيب وأبوظبي، غير أن الموقف الذي أعلنته المنامة خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي بهذا الشأن جاء مخالفا للتوقعات. فقد أكد العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة على أهمية تكثيف الجهود لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين الذي يحقق السلام العادل والشامل المؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. موقف يبدو منسجما مع موقف الأخت الكبرى السعودية. فكيف يمكن قراءة الموقف البحريني؟

علاقات في السر والعلن

التقارب البحريني الإسرائيلي ليس بالأمر الجديد، فرغم عدم وجود علاقات ديبلوماسية رسمية، جرت طوال عقود من الزمن عدة لقاءات بين الطرفين بعضها كان سريا والآخر علنيا. ومن اللقاءات العلنية زيارة وفد من جمعية هذه هي البحرين يتكون من 24 شخصا سنة 2017 لإسرائيل بالتزامن مع قرار الرئيس الأمريكي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

وقبل حوالي عام من الآن، بدأ توصيف البحرين بأنها "بوابة التطبيع مع إسرائيل"، بعد احتضانها المؤتمر الاقتصادي لخطة السلام الأمريكية في يونيو 2019 وهو المؤتمر الذي سُمح لصحافيين إسرائيليين بالحضور لتغطيته. وبعد وقت وجيز من انعقاد المؤتمر، التقى وزير الخارجية البحريني علنا بنظيره الإسرائيلي على هامش مؤتمر الأديان في العاصمة الأمريكية واشنطن.

قبل بضعة أشهر تناقلت وسائل إعلام مختلفة خبر وقف السلطات البحرينية لندوة عبر الفيديو كانت تناقش "مخاطر التطبيع الخليجي مع إسرائيل" بعد وقت قصير من انطلاقها. وبعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي بين أبوظبي وتل أبيب، كانت البحرين من بين ثلاث دول عربية رحبت بالخطوة، معتبرة أنها "ستسهم في تعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة" ومعبرة عن بالغ التهاني للإمارات. وكانت البحرين ضمن دول في المنطقة شملتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشرق أوسطية في إطار تشجيع المزيد من الدول العربية على الانضمام للإمارات والتطبيع مع إسرائيل.

حوالي عام من الآن، بدأ توصيف البحرين بأنها "بوابة التطبيع مع إسرائيل"، بعد احتضانها المؤتمر الاقتصادي لخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن"صورة من: Reuters/Peace And Prosperity conference pool

الفرق بين الإمارات والبحرين

الدكتور نبيل خوري، الديبلوماسي الأمريكي السابق، وكبير خبراء مركز الدراسات الأطلسية بواشنطن يقول إن الأسباب التي تدفع بشكل عام دولا عربية معينة إلى التطبيع مع إسرائيل أو التفكير في ذلك كالإمارات والسودان والبحرين تتعلق غالبا بمصالح أمنية ومصالح مشتركة مع إسرائيل.

 وفيما يخص الفرق هنا بين الإمارات والبحرين، يقول خوري في مقابلة مع DW عربية إن الإمارات لديها أهداف هجومية بينما البحرين أهداف دفاعية فقط. ويشرح ذلك بالقول إن "الامارات لديها طموحات في المنطقة من شواطئ اليمن إلى شمال افريقيا، وفي هذا الإطار يمكن لإسرائيل أن تساعدها في التدخل في هذه المناطق وفي المقابل يبقى بالنسبة لإسرائيل أهم شيء هو عمليات ضد إيران وهنا يمكن أن تتعاون معها الإمارات بالإضافة إلى خدمات أمنية من إسرائيل مقابل المال"، أما البحرين فلديها "انشغال أمني كون غالبية شعبها من الشيعة وهناك فئة تؤثر فيها إيران وهذا يثير مخاوف البحرين".

ورغم كل المؤشرات على كونها أول دولة ستحذو حذو الإمارات، تمسكت البحرين بالمبادرة العربية للسلام التي كان أطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في 2002، على غرار ما أعلنته السعودية. وترتبط المنامة بعلاقات وثيقة مع الرياض تتخذ أبعادا مختلفة منها ما هو اقتصادي وما هو سياسي، فالبحرين تعتمد بشكل كبير على الجارة الكبرى في البضائع والسلع والخدمات بالإضافة إلى دور السياح السعوديين في إنعاش اقتصاد المملكة الصغيرة. ومن جهة أخرى قدمت السعودية أكثر من مرة مساعدتها لحكام البحرين في قمع انتفاضات عرفها البلد، منها انتفاضة 2011 في إطار ما عرف بثورات الربيع العربي. وتحكم عائلة سنية هذا البلد الصغير الذي بالكاد يتجاوز عدد سكانه المليون ومعظمهم شيعة.

النفوذ السعودي لعب دوره

وبالنسبة للأمور الدفاعية السعودية، يقول كبير خبراء مركز الدراسات الأطلسية بواشنطن إن السعودية تؤكد لحلفائها في الخليج ومنهم البحرين أن دفاعهم مؤمن من السعودية وطبعا من الولايات المتحدة لأن مقر البحرية الأمريكية في الخليج يقع في البحرين، لهذا فمسألة التطبيع تبقى رغم كل المخاوف أمرا غير ملح الآن كما يرى المحلل السياسي.

فرق آخر بين الإمارات والبحرين يشير إليه خوري ويرى أنه كان وراء عدم إعلان التطبيع خلال زيارة بومبيو وهو أن نفوذ السعودية على البحرين أكبر بكثير من نفوذها على الإمارات، وبما أن الرياض لا تفضل حاليا إعلان التطبيع لن تفعل البحرين كذلك ولا حتى السودان المدعوم نظامه من السعودية ماليا وأمنيا كما يقول الدبلوماسي الأمريكي السابق،  حيث يضيف في هذا السياق: "السعودية من حيث المبدأ لا ترفض التطبيع لكن هناك ارتباكا داخليا حاليا ثم إن بالون الاختبار مع الإمارات أوضح أن إعلان التطبيع قد يخلف ردود فعل غاضبة من جهات مهمة وهو ما يمكن أن يثير مشاكل. لهذا تم تأجيل الأمر حتى يزول الخطر أو تكون السعودية قادرة على التحكم فيه".

بعد الإمارات، كان يتوقع أن تكون البحرين الثانية في مسار التطبيع مع إسرائيل.

هاجس إيران

وتتسم العلاقة بين إيران والبحرين منذ سنوات بالتوتر والتربص والاتهامات المتبادلة، فالبحرين تشاطر السعودية اتهماتها لايران بأن الأخيرة تسعى للتوسع في المنطقة عبر أذرعها العسكرية والدينية، خاصة مع مخاوف المنامة من استغلال إيران للقاعدة الشيعية الكبيرة فيها. وهكذا فقد سبق أن وجهت لها اتهامات بأنها تسعى لقلب نظام الحكم فيها، بينما تتهم إيران البحرين بأنها تستهدف رموزا شيعية مهمة وتعتبر ذلك استفزازا لها، بالإضافة إلى احتجاج طهران أكثر من مرة على الاتهامات البحرينية لها بالتدخل في شؤونها الداخلية.

وحتى انتشار فيروس كورونا كان مناسبة جديدة لتصعيد التوتر بين الطرفين، فقد اتهمت البحرين إيران بالعدوان البيولوجي بسبب ما وصفته بالتستر على انتشار الفيروس لديها وعدم ختم جوازات البحرينيين الذين زاروا أراضيها.

وتبدو البحرين في مفترق طرق لمسارات وسياسات إقليمية متضاربة، ومن أكثر دول الخليج عرضة للتأثر بالعلاقات المضطربة بين إيران ودول الخليج العربية.

ولطالما تم ربط مسألة العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل بالخطر الإيراني في الشرق الأوسط، لتخرج في هذا السياق أكثر من مرة تصريحات بأن إيران أكبر خطر في المنطقة. وبخلاف سلفه باراك أوباما، توافقت إلى حد كبير مواقف السعودية وحلفائها مع ترامب من الغريم التقليدي إيران.

إيران من جهتها عبرت من استيائها الشديد من اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات، فقد أدانته الخارجية الإيرانية بشده واصفة إياه بأنه "حماقة استراتيجية" لن تؤدي إلا إلى تقوية "محور المقاومة" المدعوم من طهران. وقال رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال محمد باقري إن "نهج طهران تجاه الإمارات سيتغير بعد اتفاقها مع إسرائيل. تحذيرات دفعت الإمارات إلى تسليم مذكرة احتجاج شديدة اللهجة للقائم بالأعمال الإيراني في أبو ظبي".

وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي بكل ثقلها إلى تحقيق تقدم غير مسبوق موضوع السلام بين العرب وإسرائيل قد يرجح كفة ترمب في الانتخابات المزمعة في شهر نوفمبر المقبل، خاصة أن شعبيته تأثرت بسبب طريقة تدبيره لجائحة كورونا والتعامل مع قضية العنصرية ضد السود. في هذا السياق يقول خوري إنه رغم أهمية الموضوع بالنسبة لإدارة ترمب وكل الجهود التي بذلت في سبيل إقناع دول عربية للتطبيع مع إسرائيل إلا "أنها فشلت في ذلك بسبب تدخل عوامل أخرى مذكورة سلفا".

سهام أشطو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW