لماذا رحّلت تركيا مصريا محكوما بالإعدام إلى بلاده؟
٦ فبراير ٢٠١٩
رغم الخلافات بين مصر وتركيا، إلا أن السلطات التركية رحلت مصريا متهما بالتورط في هجوم إرهابي ويواجه الإعدام في بلاده. في المقابل أعلن حاكم إسطنبول أن تحقيقا فتح لمعرفة ملابسات القضية كما تم توقيف 8 ضباط عن العمل.
إعلان
قال مكتب حاكم إسطنبول الأربعاء(السادس من شباط/فبراير 2019) إن تركيا ستحقق في ترحيل مصري محكوم عليه بالإعدام في مصر في قضية هجوم بسيارة ملغومة، مضيفا أن السلطات التركية أوقفت ثمانية ضباط عن العمل لدورهم في عملية الترحيل.
ووفقا لوسائل إعلام رسمية، كان محمد عبد الحفيظ أحمد حسين، الذي تصفه جماعة الإخوان المسلمين بأنه عضو فيها، من بين 28 شخصا قضت محكمة في يوليو/ تموز 2017 بمعاقبتهم بالإعدام بعد إدانتهم بقتل النائب العام المصري في الهجوم. وصدر الحكم على حسين غيابيا.
وتم ترحيل حسين إلى مصر الشهر الماضي من مطار أتاتورك الرئيسي في إسطنبول بعد وصوله من الصومال بسبب عدم حصوله على تأشيرة دخول لتركيا. وفاقمت القضية التوتر في العلاقات بين تركيا ومصر، والذي بدأ منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه عام 2013.
وقال مكتب حاكم إسطنبول في بيان صدر أمس الثلاثاء إن السلطات لم يكن لديها علم عند وصول حسين أنه يخضع للمحاكمة في أي مكان، كما أنه لم يطلب الحماية، لذا اعتبره المسؤولون "مسافرا غير مقبول" لأنه لا يحمل تأشيرة تركية. وفي بيان منفصل صدر اليوم الأربعاء، قال مكتب الحاكم إن لجنة تشكلت للتحقيق في عملية الترحيل، مضيفا أن ثمانية ضباط شرطة أوقفوا عن العمل بسبب الحادث.
وقال مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن من الخطأ ترحيل أي شخص يواجه اتهامات في مصر، وأن الواقعة تحتاج إلى تحقيق. وكتب ياسين أقطاي في صحيفة يني شفق المؤيدة للحكومة التركية "خلال قيادة (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، لم تسلم تركيا ولن تسلم أي شخص يواجه عقوبة الإعدام أو أي اتهامات أخرى".
وسرعان ما انتشر على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هاشتاغ بعنوان: #تركيا_تتخلى_عن_الإخوان. وكتب أحد المغردين أن مستشار الرئيس أردوغان ياسين أقطاي اعترف بأن الشاب المصري المحكوم بالإعدام "رحل فعلا إلى بلاده"، مستنتجا أن "تركيا رفعت يدها عن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين" التي يصفها المغرد بالإرهابية.
يشار إلى أن لجماعة الإخوان المسلمين علاقات وثيقة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا التي فر العديد من أعضاء الجماعة إليها منذ حظر الإخوان المسلمين في مصر.
ووفقا للقانون المصري فإن المحكوم عليهم غيابيا تُعاد محاكمتهم تلقائيا بمجرد إلقاء القبض عليهم أو تسليم أنفسهم للسلطات. وذكرت مصادر في قطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية المصرية أن حسين خضع للاستجواب بعد وصوله إلى مصر قبل احتجازه في سجن تمهيدا لبدء إجراءات إعادة محاكمته.
ح.ع.ح/أ.ح (رويترز)
مصر تواجه الإرهاب.. فُصول معركة تتضمن أهدافاً سياسية
عانت مصر طوال تاريخها الحديث من هجمات جماعات مسلحة. لكن الحدة ارتفعت منذ 2011، قبل أن تشهد تصعيدا غير مسبوق في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فُصول معركة مصر ضد الإرهاب متعددة، تستعرض DW بعضاً منها.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
هجمات في سيناء تستهدف الجيش والشرطة
عانت القوات المصرية من هجمات إرهابية متعددة في شمال سيناء منذ فبراير/شباط 2011، منها ما جرى في عهد الرئيس السابق محمد مرسي ما أسفر عن مقتل 16 جندياً مصرياً في أغسطس/آب 2012. لكن وتيرة الهجمات ازدادت في عهد السيسي، من أبرزها هجوم اسفر عن مقتل 31 جندياً وشرطياً في أكتوبر/تشرين الأول 2014. آخر الهجمات كانت هذا الأسبوع عندما قُتل جنديان وأصيب خمسة إثر انفجار عبرة ناسفة جنوب العريش.
صورة من: picture-alliance/epa/STR
تفجير طائرة روسية بقنبلة يدوية الصنع!
سقطت طائرة الركاب الروسية A321 في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بسبب انفجار قنبلة يدوية الصنع حسب ما أعلنته موسكو، مخلّفة 224 قتيلاً. قال الرئيس الروسي بوتين إن تفجير الطائرة من الأعمال الإرهابية الأكثر دموية في تاريخ روسيا، فيما أعلن تنظيم مرتبط بـ"داعش" مسؤوليته عن الهجوم، بينما قالت مصر إنها لم تجد ما يثبت فرضية انفجار قنبلة داخل الطائرة، لكن خارجيتها عادت لاحقاً لتصف إسقاط الطائرة بالعمل الإرهابي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/T. Belyakova
المعركة ضد الإخوان بنكهة الحرب على الإرهاب
ضمن قوائم الجماعات المسلحة، هناك حركتا "حسم" و"لواء الثورة" اللتان صنفتها الولايات المتحدة وبريطانيا في قائمة الإرهاب. تربط عدة تقارير إعلامية الحركتين بجماعة الإخوان المسلمين، غير أن هذه الأخيرة تنفي وتؤكد أنها ضد العنف في البلد، كما لم تعلن الحركتان تبعيتهما للجماعة. تصف السلطات المصرية الإخوان بالإرهابيين، غير أن هناك اتهامات للدولة المصرية بتصفية حساباتها مع الإخوان عبر بوابة الإرهاب.
صورة من: Reuters
استراتيجية جديدة في فبراير 2018
بدأ الجيش المصري (الجمعة التاسع من شباط/ فبراير 2018) عملية "شاملة" للقضاء على الإرهاب في سيناء و الدلتا والظهير الصحراوي مع الحدود الليبية، معتمدا بشكل كبير على الطائرات المقاتلة. الجيش تحدث عن قيام قواته الجوية بتشديد إجراءات التأمين على المسرح البحري لتقطع خطوط الإمداد عن الإرهابيين، زيادة على وضع قوات مشتركة من الجيش والشرطة على المنافذ الحدودية وعلى كافة المناطق الحيوية بالبلد.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
المدنيون ضحايا الإرهاب
شهد نوفمبر/تشرين الثاني 2017 مجزرة في قرية الروضة بسيناء عندما قُتل حوالي 305 شخصا ًفضلاً عن عشرات الجرحى. الهجوم نفذه إرهابيون بعبوة ناسفة فضلاً عن إطلاق الرصاص داخل فناء مسجد مرتبط بإحدى الطرق الصوفية. ليست هذه المجزرة الوحيدة، فقد وقعت أحداث مشابهة، منها مقتل 29 قبطياً وإصابة 24 في هجوم بالرصاص على حافلة كانت تقلهم صوب دير في المنيا جنوب القاهرة.
صورة من: Reuters/Str
جماعات مسلّحة متعددة
تنشط في مصر عدة جماعات مسلحة، بينها من يدعي رفضه استهداف المدنيين. أشهر هذه الجماعات تنظيم "ولاية سيناء" المرتبط بـ"داعش"، والذي كان يعرف بأنصار بيت المقدس. ظهر إلى الوجود عام 2011 لغرض مهاجمة إسرائيل لكنه بدأ مع سقوط الرئيس مرسي بمهاجمة المدنيين والقوات المصرية. هناك جماعات أخرى أقل نفوذا كـ"جند الإسلام" التي أعلنت الحرب على تنظيم "ولاية سيناء"، وكذا "أنصار الإسلام"، و"أجناد مصر" و"المرابطون".
صورة من: picture-alliance/abaca
تفاقم النشاط الإرهابي رغم خطوات السيسي
رغم أن القوات المصرية استطاعت القضاء على الكثير من العناصر المتشددة، إلّا أن مصر لم تعانِ من الإرهاب بوتيرة أشدّ ممّا عليه الحال في عهد السيسي، الأمر الذي أثر كثيرا على حركة السياحة . كما تأتي هذه الهجمات في سياق اقتصادي مترّدٍ تعيشه مصر، وفي سياق تراجعٍ للحريات العامة وانتقاداتٍ متعددة تُوجه للقضاء المصري، لكن السيسي لا يكترث كثيرا لهذه الأمور ويمضي نحو ولاية ثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
التعاون مع إسرائيل في الحرب على الإرهاب
يعدّ السيسي من أكثر الرؤساء العرب حماساً للسلام مع إسرائيل، لكن إدارته لم تفصح عن وجود تعاون أمني مع تل أبيب في مجال محاربة الإرهاب، لأن التعاون –إن صح- سيكون مكلّفا لشعبية السيسي في بلده. غير أن تقارير إعلامية إسرائيلية نقلت أن التعاون قائم منذ مدة، كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز الى أن التعاون العسكري بين الطرفين تعزز منذ قدوم السيسي، وأن إسرائيل قامت بضربات جوية في سيناء ضد جماعات ارهابية.