1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل على ألمانيا تغيير سياستها في منطقة الساحل الأفريقي؟

١٠ أكتوبر ٢٠٢٢

الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو والمظاهرات المناهضة للغرب في النيجر، تثير مزيدًا من التساؤلات حول المهمة العسكرية الألمانية في منطقة الساحل. لكن هناك أيضا أصوات مؤيدة للبقاء، خصوصا في ظل استفحال الدور الروسي هناك.

وقف مهمة ألمانيا في مكافحكة الإرهاب في مالي (الصورة من باماكو: 2/9/2022)
انسحاب كامل أم تغيير في الاستراتيجية؟ هناك نقاش ساخن حول مهمة الجيش الألماني في مالي.صورة من: DW

في ضوء التطورات الأخيرة في مالي ودول الساحل المجاورة بغرب أفريقيا، أصدرت سيفيم داغديلين تقييما قاسيا لتواجد القوات الألمانية هناك. فعضوة البرلمان الألماني (بوندستاغ)، والمتحدثة في شؤون العلاقات الدولية ونزع السلاح في كتلة حزب اليسار، صرحت لـ DW بأن "نشر القوات المسلحة الألمانية (هناك) يتحول أكثر وأكثر إلى كارثة تامة، إذ لم يتم تأمين سلسلة الإنقاذ ولا تأمين الحماية الكافية من الجو"، مضيفة: "مواصلة ترك الجيش الألماني هناك هو عمل "غير مسؤول".

في الواقع، وعلى خلفية التمديد الدوري لتفويض الجيش الألماني "بوندسفير" ضمن بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) فإن البرلمان الألماني (بوندستاغ) أصدر قرارا بنوع من الانسحاب المشروط من المهمة، يقول فيه: إذا لم تعد رعاية وحماية الجنود الألمان مضمونة بشكل كافٍ، فينبغي "اتخاذ تدابير لتعديل المساهمة الألمانية بما في ذلك نهاية المهمة". وهكذا فإن القرار يترك مجالا للمناورة بخصوص تشديد الإجراءات التي يتعين اتخاذها وتقييم الوضع في منطقة الساحل.

الأعلام الروسية تخاط في واغادوغو

في غضون ذلك، ينصب الاهتمام في المنطقة على أصغر دولة في الساحل: بوركينا فاسو، التي يحكمها الانقلابيون منذ بداية العام، والتي شهدت انقلابا آخر في نهاية سبتمبر/ أيلول. ومع هذا الانقلاب أصبح إبراهيم تراوري رئيس الدولة الجديد، ولا يُتوقع إجراء انتخابات ديمقراطية حتى عام 2024 على أقرب تقدير. والهدف المعلن هو الوقوف في وجه الإسلاميين، الذين - على الرغم من الحكومة العسكرية التي استمرت تسعة أشهر - يسيطرون الآن على مساحة تشكل حوالي 30 بالمائة من البلاد.

من أجل تحقيق ذلك الهدف، لا يستبعد تراوري إقامة تحالفات جديدة مع روسيا مثلا، وهناك أيضًا تعاطف بين السكان. وفي عطلة نهاية الأسبوع التي أعقبت الانقلاب، قال الحسن، وهو خياط في العاصمة واغادوغو، لوكالة الأنباء الفرنسية إنه "يخيط الأعلام الروسية فقط". مضيفا: "كانت هناك بعض الطلبيات الكبيرة".

إبراهيم تراوري، زعيم الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، على علاقة جيدة مع روسيا صورة من: Sophie Garcia/AP/picture alliance

نقاشات حامية داخل حكومة الألمانية

المجلس العسكري، الذي تولى السلطة إثر انقلاب عسكري في مالي، يحافظ أيضا على اتصالات جيدة مع روسيا – وقد اتصل القائد أسيمي غويتا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع بشأن شراكة مكثفة. كما وعد بوتين دولة الساحل الفقيرة بتقديم 300 ألف طن من الأسمدة الصناعية كهدية. أما موقفها من ألمانيا والدول المشاركة في قوات الأمم المتحدة؛ فلا تزال حكومة باماكو فاترة، الأمر الذي جعل التعاون أكثر صعوبة خلال العام الماضي.

في ظل هذا الوضع المتوتر، هناك أيضًا دعوات متزايدة داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا (حكومة إشارة المرور) لإنهاء المهمة في مالي؛ على الأقل في أقرب وقت ممكن. وقد أدلى جو فاينغارتن (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) وماركوس فابر (من الحزب الديمقراطي الحر) مؤخرًا لصحيفة "فيلت" بتصريحات مماثلة. لكن وزيرة الخارجية أنالينا بربوك (من حزب الخضر) متمسكة باستمرار المهمة.

زيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك تؤيد بقاء القوات الألمانية في مالي ومواصلة مهمتها هناكصورة من: Florian Gaertner/Auswärtiges Amt/Photothek/dpa/picture alliance

لا يمكن الانسحاب بسهولة الآن

وقالت أغنيشكا بروغر، نائبة زعيم حزب الخضر في البوندستاغ، لـDW: "يتعين علينا حاليًا مراقبة الوضع يومًا بيوم ومناقشته بشكل مكثف". وهذا ما أضحى حقيقة في البوندستاغ ولجنة الدفاع به منذ شهور. ورغم ذلك، لا ترى بروغر أن وقت الانسحاب قد حان ولا تعتبر الانسحاب أمرا منطقيًا من وجهة نظر السياسة الخارجية أيضًا: وواصلت قولها بأنه علينا أن نضع في حساباتنا أن التدخل الروسي سيؤدي إلى مزيد من التدهور في أوضاع حقوق الإنسان والوضع الأمني هناك.

وقالت بروغر: "نلاحظ منذ فترة طويلة أن دولا مثل الصين، ولكن بصفة خاصة روسيا، تحاول أيضا توسيع نفوذها في منطقة الساحل". وتابعت قائلة، إنه من الواضح أن اهتمامات واحتياجات السكان المدنيين لا تأتي في المقام الأول. ولكن في ظل هذه الخلفية على وجه التحديد حثت بروغر على المضي قدمًا بحذر، وأضافت "يمكننا الآن بالفعل أن نلاحظ أن العمليات الروسية في شمال مالي تجري بدرجة كبيرة من عدم اللامبالاة". والمقصود بكلامها أنشطة مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر المقربة من الكرملين، والتي صعدت رسميا أيضا، في ظل غويتا، لتصبح مزود خدمات أمنية دون تفويض دولي. وترى بروغر أن انسحاب القوات المسلحة الألمانية سيترك الميدان لهذه القوات.

من أجل التأكيد على الدور الألماني في أفريقيا قام المستشار أولاف شولتس بأول زيارة للقارة السمراء في مايو/ أيار 2022، صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

الانسحاب يعني استفحال نفوذ روسيا

يقول المحلل السياسي والباحث في الصراعات، وينديام سوادوغو في واغادوغو: "تُقدم مينوسما (بعثة الأمم المتحدة في مالي) مساهمة كبيرة في استقرار مالي والساحل". ويضيف "بالطبع، كان من المتوقع أن تكون النتائج أوضح بعد تسع سنوات من الوجود الدولي - لكن الموقف الرافض للحكومة العسكرية لم يجعل الأمور أسهل".

وفي مقابلة أجراها سوادوغو معDW ، حذر الخبير الذي يعمل في مركز الأبحاث الهولندي"Clingendael" من أن تنامي النفوذ الروسي في منطقة الساحل - والذي يُشار إليه أحيانًا في برلين كسبب للمطالبات بالانسحاب - سيزداد إذا انتهت المهمة الألمانية.

وقال سوادوغو "يتعين على شركاء التنمية الدوليين تجنب اتخاذ موقف متسرع بالنظر إلى الوجود الروسي. وبدلا من ذلك، ينبغي أن يركز الاتحاد الأوروبي على تحسين علاقاته مع دول مثل مالي وبوركينا فاسو". تلك العلاقات التي شكلتها المصالح الفرنسية لسنوات.

وفي الآونة الأخيرة، تعرض التدخل الفرنسي في منطقة الساحل لانتقادات شديدة، مما أدى إلى انسحاب فرنسا عسكريا من مالي. والاتهام الموجه لفرنسا هو أن: القوة الاستعمارية السابقة تخفي من خلال عملها العسكري في المقام الأول (حماية) مصالحها الاقتصادية - وبخاصة في النيجر الآن.

رفع العلم الروسي بدلا من العلم الفرنسي. في النيجر أيضًا، هناك احتجاجات متزايدة مؤيدة لروسيا ومعادية لفرنسا.صورة من: BOUREIMA HAMA/AFP/Getty Images

على ألمانيا الخروج من دائرة التبعية لفرنسا

النائبة اليسارية سيفيم داغديلين لديها أيضا انتقادات حادة للوجود الفرنسي في منطقة الساحل. وكمثال على ذلك، تستشهد بحقيقة أن فرنسا تدير محطاتها النووية باستخدام اليورانيوم النيجري، بينما يعاني سكان دولة الساحل من الجوع. وتضيف: "تتعرض ألمانيا بشكل متزايد لخطر أن يُنظر إليها على أنها شريكة في السياسة الاستعمارية الفرنسية القذرة"، حسب تعبيرها.

تعترف زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر، أغنيشكا بروغر بوجود أوجه قصور وتقول: لم تجرِ برلين وبروكسل تقييما شاملاً للتدخل الفرنسي في مالي لفترة طويلة. وتضيف خبيرة الدفاع في حزب الخضر: "هذا شيء كان يجب أن نناقشه في وقت سابق بكثير وبشكل أكثر وضوحا على المستوى الأوروبي. وكنا نحتاج إلى استراتيجية أوروبية مشتركة والتزام أقوى من ألمانيا بدلاً من التخلي عن قضايا معينة، صعبة أيضا".

بالنسبة لبروغر، ليس هناك شك في ضرورة إعادة التفكير في موضوع التدخل في منطقة الساحل. وهي ترى أنه من المهم بشكل خاص أن تُمنح الأنشطة المدنية دعما أكبر إلى جانب العمل العسكري. وتقول "يجب أن يكون واضحا أنه لا يمكن تدريب قوات الأمن إلا في بيئة سياسية مستقرة، مع فاعلين موثوقين ومهتمين أيضا بالإصلاحات السياسية. وإلا فإنه يمكن أن يحدث انقلاب سريع وفي النهاية لا تحقق مساهماتنا ما كنا نريده أصلاً، ولكن في أسوأ الأحوال ستتسبب أيضا في إحداث ضرر".

لذا، فإن توقف بعثة التدريب الأوروبية (EUTM) عن العمل في مالي والتوجه للعمل الآن في النيجر، ليس بدون سبب. فهناك (في النيجر) حكومة في السلطة تتمسك بموقفها المؤيد للغرب - على الأقل حتى الآن.

فيليب ساندنر/ ص.ش

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW