1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا هبت دول عربية وتركيا لمساعدة سوريا؟

١٥ يونيو ٢٠٢٥

المساعدة، الأموال، والتغطية السياسية كلُّها تُقدَّم إلى سوريا من جيرانها. لكن من الواضح أن دولًا مثل تركيا، والسعودية، والولايات المتحدة لا تُساعِد سوريا بدافع الإحسان والنية الطيبة فقط. فماذا تريد من دمشق؟

في عام 2013، اعتمدت تركيا سياسة خارجية تقوم على "تصفير المشاكل مع الجيران"، ويعكس موقفها تجاه الحكومة السورية الجديدة ذلك  لكن الخبراء يقولون إن هناك ما هو أكثر من ذلك أيضًا.
في عام 2013، اعتمدت تركيا سياسة خارجية تقوم على "تصفير المشاكل مع الجيران"، ويعكس موقفها تجاه الحكومة السورية الجديدة ذلك لكن الخبراء يقولون إن هناك ما هو أكثر من ذلك أيضًا. صورة من: Turkish Presidential Press Service/AFP

بشروط ، هكذا يجب أن يُنظر إلى معظم المساعدات والمعونات الأجنبية الأخيرة إلى  سوريا. بعد الهجوم الذي شنّته المعارضة المسلحة في كانون الأول/ ديسمبر 2024، والذي أطاح بنظام عائلة الأسد  الذي دام لعقود، تدخلت دول مجاورة عديدة لمساعدة سوريا على التعافي من 14 سنة من الحرب الأهلية الوحشية.

هناك كثير من الحديث المتكرر عن المساعدة الإنسانية، والوحدة العربية، والتنمية الدولية، والأمن الإقليمي. لكن، كما هو الحال في أي ساحة دبلوماسية أخرى، فإن معظم الدول المنخرطة تتصرف أيضاً بدافع مصالحها الذاتية. فما الذي تفعله هذه الدول في سوريا؟ ولماذا؟

تركيا: الرابح الأكبر

غالبًا ما توصف تركيا بأنها "الرابح الأكبر" بعد الإطاحة بنظام الأسد في هجوم خاطف قادته "هيئة تحرير الشام"، التي أعلنت عن حل نفسها في شهر كانون الثاني/يناير الماضي. تقول أصلي آيدينتاشباش، الزميلة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ECFR والمتخصصة في الشأن التركي: "لقد طوّرت هيئة تحرير الشام منذ زمن طويل علاقة عمل وثيقة مع أنقرة، لأن المتمردين كانوا يسيطرون على إدلب، وهي محافظة تقع على الحدود التركية في شمال سوريا".

وقد مضت هيئة تحرير الشام  في تشكيل حكومة مؤقتة، محتفظة ببعض الوزارات الأقوى، مثل الدفاع، والخارجية، والداخلية، لأعضائها أو لأشخاص مقربين منها، وهو ما يضع الحكومة التركية، ذات الروابط السابقة بالجماعة، في موقع قوة.

كما تقول سينيم آدار، الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "تركيا، في المقام الأول، وعلى المدى المتوسط والبعيد، مهتمة باستقرار سوريا. إنها لا تريد دولة فاشلة على حدودها".

سوريا أكثر ازدهارًا ستَعني أيضًا أنَّ اللاجئين السوريين في تركيا، الذين أصبحوا قضية سياسية معقدة، سيكونون أكثر ميلاً للعودة إلى وطنهم.صورة من: Ahmed Deeb/dpa/picture alliance

يوجد اليوم حوالي 20 ألف جندي تركي في شمال سوريا، وهناك حديث عن اتفاق دفاعي تركي - سوري، إضافة إلى خطط لإنشاء قواعد جوية وبحرية تركية داخل سوريا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صرّح وزير الدفاع التركي يشار غولر للصحفيين أن بلاده ستساعد في تدريب الجيش السوري الجديد.

أما على المدى القصير، فكان أحد أهداف تركيا الرئيسية هو  مواجهة القوات الكردية السورية،  التي كانت تسيطر على أجزاء واسعة من   شمال شرق سوريا خلال الحرب. وتعتبر تركيا هذه القوات متحالفة مع حزب العمال الكردستاني ، الذي خاض صراعاً مسلحاً ضد تركيا لعقود، لكنه أعلن نهاية تمرده في وقت سابق من هذا العام.

لهذا السبب، دعمت تركيا تشكيل حكومة مركزية في سوريا، بدلاً من نظام فيدرالي مكون من مناطق تحكم ذاتها بشكل شبه ذاتي. وحتى الآن، يبدو أن تركيا قد حققت هدفها: فقد وافق أكراد سوريا على الانضمام إلى الحكومة المؤقتة المركزية التي تقودها هيئة تحرير الشام، وأعلنوا أن قواتهم ستنضم إلى الجيش السوري الجديد.

كما توجد فرص اقتصادية لتركيا في سوريا. فقد كانت الدولة المجاورة توفر الكثير من السلع الاستهلاكية في المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام المنحلة، كما أن لديها قطاع بناء كبير سيستفيد من جهود إعادة الإعمار في سوريا. في الواقع، ارتفعت أسعار أسهم شركات البناء التركية بنحو ثلاثة بالمئة بعد الإطاحة بنظام الأسد.

دول الخليج: المال والنفوذ

قدّمت عدة دول خليجية دعماً مالياً ومعنوياً لسوريا خلال الأشهر الماضية. فقد سددت السعودية وقطر ديون سوري لصالح البنك الدولي، والتي بلغت خمسة عشر مليوناً وخمسمئة ألف دولار أمريكي، بينما ستدفع قطر نحو 87 مليون دولار كرواتب للموظفين الحكوميين السوريين. كما أُبرمت أولى صفقات التنمية الكبرى مع شركات من الإمارات وقطر وتركيا. وقد نجحت القيادة السعودية في الدفع باتجاه رفع العقوبات عن سوريا. وحسب تقارير غير مؤكدة رسمياً، ساهمت الإمارات في تخفيف التوتر  بين سوريا وإسرائيل .

تقول إليونورا أرديماني، الزميلة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية ISPI، في تحليل نشر في حزيران/  يونيو: "تستخدم الدول الخليجية نفوذها في حاجة سوريا إلى الموارد المالية لترسيخ تحالفات اقتصادية وسياسية مع القيادة الجديدة في دمشق".

وكتبت إميلي تاسيناتو، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ECFR والمتخصصة في شؤون الخليج: "تكمن مصلحة الدول الخليجية في تعزيز علاقاتها السياسية والأمنية والاقتصادية مع دمشق واستخدام ذلك لمعالجة قضايا تهمها، مثل تهريب مخدر الكبتاغون ومكافحة الإرهاب".

بالنسبة لقادة الخليج، هناك أيضاً رغبة في ملء الفراغ الجيوسياسي الذي نشأ بعد سقوط نظام الأسد. فقد كانت إيران وروسيا في السابق من أكبر داعمي الأسد، واليوم الدول الخليجية، ذات الغالبية السنية، مسرورة لرؤية إيران، الدولة الشيعية والعدو الدائم، تُبعد عن الساحة. كما أن السعودية تشعر بالقلق من النفوذ التركي، بحسب ما تراه إليونورا أرديماني.

بعد لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرّاع في السعودية، قال الرئيس ترامب إنه سيرفع العقوبات عن سوريا جزئيًا، لأن الأمير محمد بن سلمان طلب منه ذلك.صورة من: IMAGO

الولايات المتحدة: تحالف جديد؟

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السابق إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي في ديسمبر الماضي: "هذه ليست معركتنا".  لكن يبدو أن هذا الموقف قد تغير بعد محادثات مع قادة السعودية وتركيا، الذين يبدو أن ترامب معجب بهم.

خلال الحرب الأهلية، كان نحو ألفي جندي أمريكي متمركزين إلى جانب القوات الكردية السورية في المعركة المستمرة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".  ويجري حاليًا خفض هذا العدد، حيث غادر 500 جندي بالفعل، بينما تندمج القوات الكردية في الجيش السوري العام.

ومع ذلك، أشارت تقارير هذا الشهر إلى أن وفداً عسكرياً أمريكياً سيزور  دمشق قريبًا لإبرام اتفاق يُحوّل الوجود الأمريكي  السابق غير المرخص إلى وجود رسمي.

وفي مقابلة مع قناة "سوريا تي في" الشهر الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مايكل ميتشل، إنه من المبكر جداً أن تنسحب الولايات المتحدة بشكل كامل بسبب القلق المستمر من تنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف أن الولايات المتحدة مستعدة لبدء "عهد جديد" في علاقاتها مع سوريا.

وقد تكهّن بعض المراقبين بأن الولايات المتحدة قد تلعب دوراً أكبر في سوريا في المستقبل، ما من شأنه، برأيهم، أن يوازن النفوذ الروسي وقد يؤدي حتى إلى نوع من التقارب السوري-الإسرائيلي.

إيران وروسيا: الخاسران الأكبران

غالبًا ما يُشار إلى إيران وروسيا على أنهما أكبر الخاسرين بعد الإطاحة بنظام الأسد. فقد كان لهما وجود كبير في سوريا، وهو ما تقلّص بشكل كبير. لكن هذا لا يعني أنهما غادرتا الساحة بشكل كلي.

لا تزال الدبلوماسية الروسية حاضرة في سوريا، كما أن روسيا تقدم نفسها - بشكل مثير للجدل - على أنها "حامية" للأقليات في سوريا، وتربطها علاقات اقتصادية وثيقة مع حلفاء سوريا مثل تركيا والإمارات.

أما إيران، فقد كتب المحلل الأمني المصري محمد الدوه هذا الشهر في موقع "غلوبال سيكيوريتي ريفيو" الأمريكي المتخصص: "لم يعد نفوذ إيران في سوريا قائمًا على بقاء نظام الأسد". وأضاف: "بل هو متجذر في الشبكات شبه العسكرية، والبنية التحتية الأيديولوجية، وشبكات تهريب المخدرات".

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW