في الوقت الذي يشارك فيه ترامب في اجتماعات مجموعة السبع في فرنسا يتبعها بزيارة لبولندا لاحقاً، يتساءل الكثيرون عن سبب عدم مقابلته مع أنغيلا ميركل في برلين. يقول الخبراء إن هذا التجاهل هو جزء من استراتيجية أوسع.
إعلان
يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاليا بجولة في أوروبا، يستهلها بالمشاركة في قمة مجموعة السبع في فرنسا، ومن المقرر أن يعود مرة أخرى إلى القارة الأوروبية في نهاية الشهر في رحلة إلى بولندا للاحتفال بالذكرى الثمانين لبدء الحرب العالمية الثانية.
وعلى الرغم من أن ميركل ستكون بالقرب من ترامب، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يبد رغبة في لقائها سواء في هذه الرحلة أو في المستقبل القريب.
وخلال مدة رئاسته التي تعدت العامين، التقى ترامب مع ميركل في ألمانيا مرة واحدة - لحضور قمة مجموعة العشرين لعام 2017 في هامبورغ - ولم يتم استقباله ضيفًا في برلين مطلقاً.
ما المشكلة؟
قائمة طويلة من القضايا العالقة بين الجانبين، من حجم الإنفاق الدفاعي لألمانيا، إلى موقفها من إيران، ودعمها لخط أنابيب نورد ستريم 2 مع روسيا، ومقاومة ميركل لمحاولات منع الصين من المشاركة في مشروعات البنية التحتية الكبرى. هناك الكثير من القضايا التي لا تتوافق فيها ألمانيا والولايات المتحدة.
وإلى جانب التوترات السياسية، لا يُعرف بوجود كيمياء جيدة بين ترامب وميركل، خاصة عندما يلتقيان بشكل شخصي. فخلال الاحتفالات بذكرى يوم النصر في الحرب العالمية الثانية، صيف هذا العام، لم يمد ترامب يده لمصافحة ميركل.
جوزيف برامل، الخبير الأمريكي في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، قال في تصريحات لـ DW: "إن تجاهل ألمانيا وإلغاء ترامب لرحلة كانت مقررة إلى الدنمارك في سبتمبر بسبب رفض الأخيرة بيعه غرينلاند هما نموذجان لأسلوبه القيادي في التعامل".
أضاف برامل: "ترامب يرى نفسه القائد، يحدد أهدافًا واضحة ومطالب ومكافآت أو يمنح مرؤوسيه مزايا أو يعاقبهم إذا ما فشلوا في تلبية متطلباته"، وتابع: "لهذا السبب تتم معاقبة ألمانيا والدنمارك بالإهمال. وعلى الجانب الآخر فقد تمكنت بولندا من نيل رضا ترامب واستحسانه بتقديمها تنازلات مادية في الوقت الحالي".
"بولندا.. تأثير ونفوذ أكبر من ألمانيا"
وفي الوقت الذي ضعف فيه نفوذ برلين في واشنطن، فقد شهدت وارسو تحسناً ملحوظاً في محيطها عبر الأطلسي منذ تولي ترامب منصبه.
وقال نيل غاردينر من مؤسسة هيريتدج للدراسات بواشنطن لمحطة إي آر دي الألمانية العامة إن "بولندا تتمتع بتأثير أكبر من ألمانيا"، مضيفاً أنه قد يصف بولندا باعتبارها "الشريك الثاني الأكثر أهمية [للولايات المتحدة] بعد بريطانيا".
لكن برامل، والذي يدير كذلك مدونة التحليل السياسي "USA Experte"، حذر من أن بولندا وغيرها يجب أن تشعر بالقلق من العلاقات الدبلوماسية التي تم تعزيزها مؤخراً.
وقال لـ DW: "يجب ألا ينخدع أصدقاء ترامب الحاليين في أوروبا الشرقية. فإن عاجلاً أم آجلاً سيكون من الضروري أن يسعى الخبراء الجيو-استراتيجيون الأمريكيون إلى تسوية الخلافات بشأن المصالح مع روسيا من أجل كبح الأنشطة الصينية الضخمة".
إن التعامل مع القاطرة الاقتصادية لأوروبا بشكل فيه تعالٍ مع إيلاء اهتمام خاص بالبلدان التي اشتبكت مع بروكسل يخدم غرضًا إستراتيجيًا أكبر، وهو توسيع الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.
وقال جاكوب كيركيغارد، الزميل البارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ومقره الولايات المتحدة لـ ARD: "تبدو رحلة ترامب في أوروبا كمحاولة واضحة لشق صف الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد أوضحته إدارته بالفعل. هذا ما يعتقدونه. إنهم معارضون للتعددية".
بيتر باير، منسق العلاقات الألمانية عبر الأطلسي، قال لصحيفة "سودويست برس" إنه على الرغم من أن الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة لا يزال يمثل أولوية كبرى، إلا أن وجهة نظر واشنطن بشأن الاتحاد الأوروبي تهدد الوحدة الهشة للكتلة.
وكان ترامب قد أيد مرارًا وتكرارًا خروج بريطانيا المتعنت من الاتحاد الأوروبي كما دعم رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون، بينما هدد السفير الأمريكي لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل مؤخرًا بأن بلاده قد تسحب قواتها من ألمانيا لتستقر بدلاً من ذلك في بولندا.
وقال باير: "لقد حاولت حكومة ترامب منذ البداية دق إسفين بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، هذا أمر علينا أن نأخذه على محمل الجد."
ريبيكا ستودينماير/ع.ح.
ميركل وترامب: حرب كلامية تعكس خلافات جوهرية
"المناوشات الكلامية" بين ميركل وترامب ليست وليدة تصريحه اليوم، فمنذ دخوله البيت الأبيض والخلافات بين الطرفين قائمة بخصوص ملفات عديدة. "تويتر" شَهد على انتقادات ترامب للمستشارة الألمانية والإعلام لم يُفلت ردودها على ذلك.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
الهجوم الجديد!
شن الرئيس الأميركي مجددا هجوما حادا على ألمانيا، متهما إياها بأنها "رهينة" روسيا في امدادات الطاقة. ترامب قال إن ألمانيا تدفع مليارات الدولارات لروسيا لتأمين إمداداتها بالطاقة وعلى الولايات المتحدة الدفاع عنها في مواجهة روسيا. "كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟ هذا ليس عادلا"، يتساءل ترامب! تصريحات ترامب دفعت ميركل للرد. فماذا قالت؟
صورة من: Reuters/Y. Herman
ميركل ترد
ميركل لم تسكت عن انتقادات ترامب وقالت إن بلادها تتخذ قرارتها بشكل "مستقل". وأوضحت المستشارة الألمانية، دون الإشارة مباشرة إلى ترامب: "يمكننا اعتماد سياساتنا الخاصة ويمكننا اتخاذ قرارات مستقلة". كثيرون اعتبروا في رد ميركل وانتقاد ترامب استمرارا للحرب الكلامية التي تنم عن خلافات كثيرة بين الطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Mori
خلاف حول "نوردستريم"
من بين الخلافات الواضحة بين ميركل ونظيرها ترامب تلك المتعلقة بأنبوب الغاز "نورستريم"، ولطالما ندد الرئيس الأميركي بالمشروع الذي سيربط مباشرة روسيا بألمانيا ويطالب بالتخلي عنه. وفي هذا السياق، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس ترامب سيعقد لقاء ثنائيا مع المستشارة الألمانية على هامش قمة حلف شمال الأطلسي.
صورة من: picture alliance/dpa/S. Sauer
قمة مجموعة السبع
أثارت هذه الصورة التي تم التقاطها خلال انعقاد قمة الدول السبع الكبرى، تعليقات العالم. الصورة اعتبرها البعض دليلا على الخلاف الكبير بين ترامب ونظرائه الأوروبيين، خاصة ميركل التي ظهرت في مواجهة مباشرة معه. الرئيس الأمريكي كعادته هرع إلى "تويتر" ليعلن التراجع عن تأييده للبيان الختامي لقمة مجموعة السبع، وهو ما اعتبرته ميركل: أمرا "محبطا إلى حد ما"، حسب قولها.
صورة من: Reuters/Prime Minister's Office/A. Scotti
انتقاد سياسة ميركل للجوء
في الكثير من المرات وجه ترامب سهام النقد لألمانيا عبر تويتر، فقد سبق له أن نشر تدوينة تشير إلى ارتفاع معدلات الجريمة في ألمانيا بسبب الهجرة، مشككا في إحصاءات برلين الرسمية بشأن عدد الجريمة. ميركل ردت على هذه الانتقادات معتبرة أن الإحصائيات الحالية تشير إلى تطور إيجابي في معدل الجريمة في ألمانيا.
صورة من: Twitter/Donald J. Trump
الملف النووي الإيراني
الملف النووي الإيراني واحد من الملفات الخلافية الكبرى بين أمريكا وألمانيا ، حيث ترى ميركل في الاتفاق النووي ضمانا لعدم تطوير الأسلحة النووية الإيرانية، في حين يرى ترامب في الاتفاق أسوأ صفقة على الإطلاق. وقد زادت هوة الخلاف عمقا بعد إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، في 08 مايو/ آيار 2018.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
البيئة والمناخ
في قمة مجموعة العشرين عام 2017 واجهت ميركل مواقف ترامب "العنيدة" بشأن ملف حماية المناخ. وبعد عدة محاولات إقناع باءت بالفشل، فضلت ميركل توثيق نقاط الاختلاف حول الملف من خلال خطاب واضح. وتشكل بنوذ اتفاقية باريس خلافا آخرا بين الطرفين، إذ تراها الحكومة الألمانية خطوة مهمة في تحدي مشكلات بيئية على عكس ترامب الذي أنهى التزام بلاده بالاتفاقية.
صورة من: Reuters/P. Wojazer
حلف الناتو
ترامب ينتقد مرارا إنفاق ألمانيا العسكري المنخفض في حلف الناتو. ويرى أن ذلك لا يتناسب مع الحماية التي يقدمها الحلف لألمانيا. ويرغب ترامب في أن تستثمر برلين نسبة اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على النحو المتفق عليه في اجتماع الناتو عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa
التجارة والرسوم الجمركية
يرى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة الأمريكية مع ألمانيا، دليل على وجود علاقات تجارية غير متكافئة بين البلدين. وندد ترامب بهذا الوضع ووهدد بفرض رسوم جمركية عقابية على واردات الصلب الأوروبي، وبالتحديد صادرات السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schrader
ترامب "يرفض" مصافحة ميركل
التقارب الذي ميز علاقات ميركل ببعض الرؤساء الأمريكيين السابقين، بدا مفقودا في أول لقاء لها مع ترامب. صحف كثيرة تحدثت عن رفض ترامب مصافحة ميركل، حتى بعد أن طلبت منه ذلك. اللقاء الذي جمع المستشارة الألمانية بنظيرها الأمريكي كان مؤشرا على بداية الخلاف بين الطرفين. رغم محاولة ترامب التصريح بعكس ذلك.
صورة من: Reuters/J. Ernst
انتقادات لاذعة
في حوار أجرته "بيلد" الألمانية و"تايمز" البريطانية، بداية 2017، انتقد ترامب سياسة ميركل للجوء، والاتحاد الأوروبي. وفي ردها على هذه الانتقادات اعتبرت ميركل أنه بوسع الاتحاد الأوروبي التصدي للإرهاب والتحديات الأخرى من خلال وحدة الاتحاد وقوته الاقتصادية . إعداد: مريم مرغيش