العديد من رجال الأعمال الألمان يحجمون عن الاستثمار في أفريقيا لأسباب لا تقتصر على الصراعات والفساد، لكن مؤشر أعمال أفريقي جديد للشركات الصغيرة والمتوسطة ربما يساعد في بناء الثقة ويشجع على علاقات تجارية أفضل.
إعلان
فرص غير متكافئة في سوق العمل؟
04:30
يعد فانويل وونو رجل مرغوب فيه كلما جاء إلى ألمانياللمشاركة في ورش عمل ولقاء رجال أعمال. يمتلك وونو "مجموعة ابتكارات الساحل" وهي شركة لوجستية تقدم الخدمات لقطاع السياحة في غانا، لكنه أصبح وسيطا هاما للشركات الألمانية الباحثة عن العمل في الدولة الواقعة في غرب القارة الأفريقية، حيث يساعد شبكة الوفود الألمانية العاملة في غانا ويعرف احتياجاتهم وأهدافهم.
التفاهم بين الثقافات
يقول وونو: "أرى شركاء الأعمال الألمان متشككين للغاية ومباشرين وصارمين"، مضيفا أنه يشعر أن لديهم فكرة واضحة عما يريدون منه. لكنه رأى أن ذلك ربما يكون مخادعا لأن الأنظمة الاقتصادية في غانا ليست واضحة المعالم دائما، وهو أمر يمكن أن يسبب الإحباط. لهذا يريد وونو مساعدة الألمان لفهم عالم الأعمال في أفريقيا بشكل أفضل.
يضيف وونو، وهو يضحك، أنه كان يجب عليه أولا أن يعتاد على تقاليد الألمان أيضا، مثلا على صعيد إدارة الوقت والتقيد بالمواعيد كانت لديه دائما مشكلة تواجهه: "عندما يقول الألمان الواحدة ظهرا، فإنهم يعنون حقًا الساعة الواحدة ظهرا" يقول وونو.
أبدى وونو اقتناعه بأنه إذا تعلم الطرفان الألماني والغاني فهم ثقافة ولغة بعضهما البعض وتبادلا الشعور بالثقة ستزدهر الأعمال بين الشركات الألمانية والغانية.
وبات هناك شيئا واحدا واضحا للجميع الآن: الأسواق الديناميكية في أفريقيا ومعدلات نموها تمثل فرصة مربحة للمستثمرين والشركات. ورغم ذلك، الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة مترددة في الدخول للسوق الأفريقية بسبب عدم الثقة. وحتى الآن لم تنجح المبادرات السياسية في طمأنتهم.
مؤشر أعمال أفريقي لتحسين الوضع
ويرى خبير الأسواق الأفريقية بالمعهد الدولي للدراسات في جامعة بون راين سيغ- للعلوم التطبيقية (BRSU)، جان كوتسير، أن العديد من رواد الأعمال الألمان يرون أن أفريقيا مليئة بالفساد والصراعات. ولتوفير المزيد من المعلومات الدقيقة ونظرة عامة أفضل على السوق الأفريقية، نشر معهد دراسات جامعة بون والعديد من الشركاء مؤشر أعمال أفريقي للشركات الصغيرة والمتوسطة الألمانية. وقد صُمم المؤشر خصيصًا لتلبية احتياجات الشركات الألمانية منها حيث يصنف 34 دولة أفريقية من حيث جاذبيتها للمستثمرين الأجانب، كما يوفر للشركات فهما أفضل لمدى شعبية سلعهم وخدماتهم في الأسواق الأفريقية المختلفة، ومدى ضخامة هذه الأسواق والعقبات التجارية، إضافة إلى ماهية البنية التحتية اللوجستية، وكيفية العثور على الشركاء والتخطيط لرحلات الأعمال.
ووفق المؤشر، تعد كل من المغرب ومصر وجنوب إفريقيا وكينيا من الأسواق الواعدة للمستثمرين الأجانب. ويقول كوتسير إن الشركات الألمانية تميل لأن تكون أكثر تجنبا للمخاطرة من الشركات الأوروبية الأخرى، موضحا أنه على سبيل المثال رجال الأعمال الفرنسيين والبريطانيين يستثمرون في الدول الأفريقية منذ وقت طويل. " ويعود ذلك بشكل جزئي إلى جذور الروابط التي تعود لعهد الحقبة الاستعمارية الفرنسية والبريطانية في أفريقيا"، بحسب الخبير الاقتصادي. كما أن كل من البلدين يشجعان أيضا على العمل مع القارة الإفريقية، بعكس "ألمانيا التي بدأت فقط من الآن التركيز على تعزيز الأعمال في أفريقيا"، يقول كوتسير.
العلاقات الأوطد تساعد على بناء الثقة
ويرى الخبير الاقتصادي الكيني جيمس شيكواتي أن تشجيع رواد الأعمال الألمان والأفارقة على التواصل المباشر هو مفتاح النجاح، مضيفا أن نقص البيانات [الاقتصادية] يمثل مشكلة وأن بيئة الأعمال تلعب دورًا أيضاً.
ويقول شييكواتي، إن الألمان يسمعون الكثير عن الاقتصاد غير الرسمي لأفريقيا، وهو الأمر الذي يبعدهم عن القارة السمراء. لكنه يضيف أنه "إذا عرفوا (رجال الأعمال الألمان) مقدار الربح الذي حققه هذا القطاع فمن المؤكد أنهم يرغبون بالمشاركة".
ولفت إلى أنه حتى الآن الحكومات الأفريقية هي التي تزود المستثمرين ببيانات السوق الداخلية، لكنه يقول إنه ينبغي عليهم بدلا من ذلك تكثيف الزيارات والاتصالات بين الشركات الألمانية والإفريقية. ويوضح الخبير أن الشركات الألمانية حريصة على الحصول على بيانات اقتصادية موثوقة لاتخاذ القرارات، لكن هذه البيانات غالباً ما يصعب الحصول عليها في أفريقيا. ولهذا السبب حث شييكواتي، الشركات الأفريقية على أداء دورها أيضاً. ويضيف: "يتعين على الشركات الأفريقية الصغيرة أن تحدد احتياجاتها وبعدها يتم التواصل مع الشركات الألمانية للاتفاق على صفقات مفصلة."
في الوقت نفسه، يقوم وونو بهذا الدور بالفعل حيث يلتقي هذه المرة المشرعين من شمال الراين وستفاليا الراغبين في تشجيع الشركات الألمانية المحلية للعمل مع الشركات الغانية. وتجربته تجعله الآن الشخص المرغوب فيه للقيام بدور الوسيط.
مارتينا شفيكوفسكي/ م.م
ألمانيا الإفريقية ـ تاريخ استعماري مظلم لا بد من كشفه
ربما يعرف القليلون أن لألمانيا ماضيا استعماريا، وخصوصا في القارة الإفريقية. المتحف التاريخي في برلين يستضيف وللمرة الأولى معرضاً يكشف فصولاً مؤلمة من تاريخ ألمانيا الاستعماري.
صورة من: public domain
"مستقبلنا على الماء"
في عهد المستشار أوتو فون بيسمارك، تأسست الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية على الأراضي التي تدعى في يومنا الحاضر: ناميبيا، كاميرون، توغو، وأجزاء من تنزانيا وكينيا. سعى الإمبراطور ويليام الثاني، الذي توج في عام 1888 إلى توسيع المستعمرات من خلال إنشاء أساطيل جديدة، الظاهرة في الصورة. فقد أرادت الإمبرطورية الألمانية (مكاناً لها في الشمس)، كما أعلن المستشار برنارد فون بولوف في عام 1897.
صورة من: picture alliance/dpa/K-D.Gabbert
المستعمرات الألمانية
كانت معظم المستعمرات تتمركز في منطقة المحيط الهادئ (شمال غينيا الجديدة، أرخبيل بيسمارك، جزر مارشال وسليمان، ساموا) وفي الصين. حدد المؤتمر الذي عقد في بروكسل عام 1890 ضم مملكتي رواندا وبوروندي إلى الإمبراطورية الألمانية في شرق أفريقيا الألماني. وفي نهاية القرن التاسع عشر كانت المستعمرات الألمانية في أوجها.
صورة من: picture-alliance / akg-images
العنصرية
كان البيض يشكلون أقلية ذات امتيازات عالية في المستعمرات، أقل من 1% من السكان. عاش حوالي الـ 25 ألف ألماني في المستعمرات في عام 1914، أقل من نصفهم بقليل في جنوب غرب أفريقيا الألمانية. أعتبر الـ13 مليون من السكان الأصليين على أنهم أتباع مجردين من حقوقهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/arkivi
الإبادة الجماعية الأولى في القرن العشرين
تعتبر الإبادة الجماعية ضد هيريرو وناما في جنوب غرب أفريقيا الألماني ( ناميبيا في الوقت الحاضر)، من أخطر الجرائم في تاريخ ألمانيا الاستعمارية. هرب معظم ثوار هيريرو خلال معركة واتربيرغ في عام 1904 عبر الصحراء، حيث قطعت القوات الألمانية وصولهم إلى المياه بشكل ممنهج. قدر عدد الذين لقوا حتفهم هناك ما يفوق الـ 60 ألف من السكان الأصليين.
صورة من: public domain
الجريمة الألمانية
لم ينج سوى ما يقارب الـ 16 ألف شخصاً من الهيريرو من الإبادة الجماعية، إلا أنهم احتجزوا في معكسرات اعتقال حيث مات منهم الكثير. وما زال العدد الحقيقي للضحايا يشكل نقطة جدلية. كم من الوقت نجوا بعد هروبهم عبر الصحراء بالرغم من نحولهم؟ بجميع الأحوال، فقدوا كل ممتلكاتهم الشخصية وسبل العيش وأية تطلعات مستقبلية.
صورة من: public domain
حرب استعمارية مع عواقب قريبة المدى
تصاعد تحالف من المجموعات العرقية ضد الحكم الاستعماري في شرق أفريقيا الألمانية. وقدر عدد الذين ماتوا في ثورة ماجي ماجي بـ 100 ألف شخص. بالرغم من تجنب مناقشتها أو ذكرها فيما بعد بألمانيا، إلا أنها تشكل جزءً هاماً من تاريخ تنزانيا.
صورة من: Downluke
الإصلاحات 1907
في أعقاب الحروب الاستعمارية، أعيدت هيكلة الإدارة في المستعمرات الألمانية بهدف تحسين شروط المعيشة. عُيّن رجل الأعمال الناجح برنارد ديرنبرغ وزيراً لشؤون المستعمرات في عام 1907 الذي قدم مجموعة من الإصلاحات في السياسات الاستعمارية لألمانيا.
صورة من: picture alliance/akg-images
علوم ومستعمرات
جنباً إلى جنب مع إصلاحات ديرنبرغ، أنشئت المؤسسات العلمية والتقنية للتعامل مع القضايا الاستعمارية وأسست الكليات في الجامعات التي تعرف اليوم بـ جامعة هامبورغ وجامعة كاسل. حضّر روبرت كوخ بعثة علمية إلى شرقي أفريقيا في عام 1906. في الصورة أعلاه تظهر العينات المجهرية التي جمعت هناك.
صورة من: Deutsches Historisches Museum/T. Bruns
خسارة المستعمرات
بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وقعت ألمانيا معاهدة السلام في مؤتمر فرساي عام 1919 التي تنص على أن البلاد تتخلى عن سيادتها في مستعمراتها. تظهر الملصقات الظاهرة في الصورة مخاوف ألمانيا من تبعات الخسارة: ضعف القوة الاقتصادية والفقر والحياة البائسة في الوطن.
صورة من: DW/J. Hitz
الطموحات الإستعمارية للرايخ الثالث
عادت الطموحات الاستعمارية بالظهور في عهد النازيين، ولا تقتصر على تلك المنصوص عليها في (الخطة الرئيسية للشرق) التي تمثلت بالإبادة الجماعية والعرقية في وسط وشرق أوروبا. وهدف النازييون أيضاً لاستعادة المستعمرات التي خسروها في أفريقيا، كما توضح هذه الخريطة المدرسية من عام 1938. كانت المستعمرات لتوفير الموارد اللازمة لألمانيا.
صورة من: DW/J. Hitz
نهج شائك
تدخل المفاوضات من أجل الاعتراف بالإبادة الجماعية في هيريرو وناما مرحلة صعبة. في حين تماطل ألمانيا فيما يتعلق بالتعويض المالي، هناك تخاذل أيضاً في البنية السياسية في نامبيا. رفع ممثلوا هيريرو مؤخراً شكوى رسمية للأمم المتحدة اعتراضاً على إقصائهم من المفاوضات الحالية. جوليا هيتز/ ريم ضوا.