لماذا يقوم لاجئون بالغون بتسجيل أنفسهم كقاصرين في ألمانيا؟
علاء جمعة
٢٧ ديسمبر ٢٠١٧
وفقا لتقارير إعلامية ألمانية توجد ظاهرة آخذة في طريقها للانتشار بين اللاجئين، حيث يقوم عديد منهم بتسجيل أنفسهم كلاجئين قاصرين رغم أنهم أتموا عامهم الـ18، وهذا أمر يخالف القانون. مهاجر نيوز سلطت الضوء على هذه القضية.
إعلان
كشفت تقارير إعلامية ألمانية أن حوالي 43 بالمئة من المهاجرين القاصرين في ألمانيا غير المصحوبين بذويهم، هم في الواقع أكبر من 18 عاما. ووفقا لصحيفة دي فيلت التي نشرت عن الموضوع فإن أعدادا كبيرة من اللاجئين نجحت في تسجيل نفسها بسن أقل من عمرها الحقيقي، وذلك لأسباب مختلفة، من بينها الحصول على امتيازات وتسهيلات. ووفقا للأرقام التي حصلت عليها الصحيفة الألمانية نقلا عن بيانات من الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة فإنه من مجموع 55890 المهاجرين المسجلين تحت رعاية القانونية للقاصرين فإن 24.116 منهم في الواقع أتم عامه الثامن عشر، ما يعني أنه في الحقيقة بالغا وليس قاصرا كما يعرف نفسه. وقالت الصحيفة إن النسب كانت متفاوتة في الولايات الألمانية المختلفة، حيث بلغ نسبتهم في ولاية هيسن مثلا أكبر من المعدل الألماني العام، حيث بينت الإحصاءات أنه من مجموع 5500 لاجئ قاصر فإن عدد من هو في الحقيقة أكبر من ذلك كان 2900 لاجئا.
وللوقوف على أبعاد هذه القضية في صفوف اللاجئين، ولفهم لماذا يدعي بعض البالغون أنهم قاصرون، وما هي النتائج التي تترتب على كشف السلطات لهذا اللاجئ أنه شخص بالغ تحاور موقع مهاجر نيوز مع عضو مجلس مسؤول الاندماج في الحزب المسيحي الديمقراطي بولاية بادن فورتمبيرغ مصطفى العمار.
دوافع اللاجئين للتسجيل بأنهم قاصرون
يرى العمار أن هذه المشكلة هي ظاهرة منتشرة في ألمانيا بين صفوف اللاجئين، حيث يحاول بعض اللاجئين القادمين إلى ألمانيا إلى تغيير سنهم الحقيقي مستغلين عدم وجود أوراق ثبوتية أو إدعاء فقدها وذلك من أجل تحقيق بعض المكاسب. ووفقا للسياسي الألماني فإن الظاهرة ليست منحصرة فقط على اللاجئين الشباب الذين يدعون أن سنهم القانوني هو أقل من الحقيقي بل إن بعض كبار السن من اللاجئين يعمد إلى رفع سنه فور وصوله وذلك من أجل الحصول على مخصصات التقاعد بشكل سريع، وعدم إجباره على العمل.
ووفقا لصحيفة فيلت فإن اللاجئين كانوا يسعون للحصول على مستحقات مالية أفضل، وهو ما يؤكد عليه السياسي العمار، بل ويضيف عليه أسباب أخرى بقوله: " هناك دوافع عديدة لبعض اللاجئين الذين يتعمدون إخفاء أعمارهم الحقيقية ، وتسجيل أنفسهم كقاصرين، إذ يحصل اللاجئ على حقوق أهمها الحق في الرعاية، والتدريب، أو التعلم، كما أن السلطات مجبورة على توفير مكان سكن ضمن شروط معينة، ويحصل اللاجئ على متابعة تربوية، ونفسية".
ووفقا للسياسي الألماني فإن بعض الميزات الأخرى قد تكون أيضا معاملة أسهل في طلب اللجوء المقدم، وهو ما يطمح له بعض اللاجئين، إلا أن العمار كشف أيضا أنه في بعض الحالات النادرة يلجأ من لديه دوافع إجرامية من اللاجئين إلى تسجيل أنفسهم بأنهم أقل عمرا، وذلك من أجل الحصول على عقوبة أقل، في حالة تم القبض عليه بتهمة ارتكاب هذه الجرائم. وعن هذا يقول العمار "كما تعلم العقوبات بحق القاصرين تكون أقل شدة عادة عن العقوبات بحق البالغين، فقد لا يواجه اللاجئ القاصر مثلا مخاطر الترحيل مثل الشخص البالغ".
أهمية وجود إجراءات طبية رادعة
ووفقا لصحيفة فرانكفورتر ألغيماينه فإن الخبراء في ألمانيا يرجعون أهم عوامل انتشار هذه الظاهرة لعدة أسباب أهمها أن العديد من طالبي اللجوء الشباب يفتقرون إلى أوراق هوية وثبوتية للتحقق من أعمارهم، وأيضا أنه لا يتم استخدام فحوصات طبية من أجل التثبت من الظاهرة، فوفقا للصحيفة الألمانية فإن الإجراءات الحالية تسمح بتثبيت سن مقدم الطالب بناء على مقابلة مع موظف حكومي مختص، وهو ما قد يكون إجراء غير كاف.
وقالت الصحيفة إن هناك فحوصا طبية معينة تسمح بتحديد السن لمقدمي اللجوء مثل التقييم الطبي للنضج البدني أو الفحوص الإشعاعية، إلا أنها لم تطبق بعد. وعن هذا يقول العمار بأنه يجب التفريق بين بعض اللاجئين القادمين من مناطق معينة لا يحمل أصحابها أوراق ثبوتية، وبين من يتعمد إخفاء عمره الحقيقي. وقال العمار" هناك مناطق في هذا العالم، يقدر فيها العمر تقديرا، ولا يعرف القادمون حقيقة عمرهم بشكل فعلي، وهو ما ينفي تعمد هؤلاء في إخفاء أعمارهم
وعن العقوبة المتعلقة بمن يتم كشفه من اللاجئين الذين يدلون بمعلومات خاطئة عن أعمارهم، أكد السياسي الألماني أن هذا يعد تزويرا في البيانات الشخصية، هناك عقوبات رادعة بالتأكيد، إلا أن هذا يختلف بحسب القضية وبحسب الولاية.
ذكريات ومعاناة.. رحلة إلى ألمانيا يرويها لاجئ بصوره
فرّ الشاب السوري هشام المعضماني، البالغ من العمر 24 عاماً، من بلدته داريا بعد مجزرة نفذها النظام السوري عام 2012. رحلة اللجوء إلى ألمانيا استغرقت إجمالاً ثلاث سنوات، إلا أنه وثق مسار رحلته داخل أوروبا بصور أرسلها إلى DW.
صورة من: Hesham Moadamani
البداية
"رحلتي بدأت بطائرة من الأردن إلى اسطنبول التركية. في الأردن بقيت عامين كاملين أنتظر الفرصة وأوفر المال للسفر. لم أستطع الحصول على جواز سفر إلا بالرشوة. قبلها كنت قد دخلت الأردن، ولكن السلطات أعادتني إلى سوريا رغم الحرب والقتل، والتي بقيت فيها شهراً حتى تمكنت من دخول الأردن مرة أخرى عن طريق أحد المعارف".
صورة من: Hesham Moadamani
المجازفة بالحياة للوصول إلى أوروبا
"الخطة الخطيرة وشبه المستحيلة التي اقترحها صديق عليّ: "توفير ثمن التهريب والسباحة إلى اليونان". أردنا السباحة مسافة كيلومترين إلى جزيرة مهجورة والاستراحة فيها 15 دقيقة، ومنها كيلومتراً واحداً للجزيرة الثانية والاستراحة، وبعدها ثلاثة كيلومترات لجزيرة كيوس".
صورة من: Google/Hesham Moadamani
استعدادات لمواجهة المجهول
"اشتريت سترة نجاة وزعانف وضوء ليزر وبعض الطعام، وعدنا ننتظر حلول الليل للانطلاق. كان الماء بارداً للغاية، وعند وصولنا للجزيرة الأولى، حامت الطيور فوق رؤوسنا ظناً أننا جثث. شعرت بخوف شديد وقررت الانطلاق فوراً للجزيرة الثانية، التي تبين أنها صخرة صعبة التسلق، فأكملت وسط تيارات قوية وأمواج عاتية، إلى أن شعرت بالإرهاق الشديد، فأشرت لإحدى السفن، التي اتصلت بخفر السواحل اليوناني لينقذني".
صورة من: Hesham Moadamani
كنا محظوظين...
"علمت فيما بعد أن شباناً آخرين حاولوا نهج نفس خطتنا والسباحة إلى جزيرة كيوس، ولكنهم ضلوا الطريق في البحر وبقوا عائمين ست ساعات كاملة، قبل أن ينقذهم خفر السواحل التركي ويعيدهم إلى تركيا".
صورة من: Hesham Moadamani
سجلوني في اليونان
"بعد وصولي إلى اليونان، تم اقتيادي إلى مركز للشرطة، ومنه إلى مخيم لاستقبال اللاجئين، حيث مكثت يومين. بعدها تم تصويري وأخذت بصماتي، ومُنحت لي وثيقة (في الصورة) تعطيني الحق في البقاء باليونان لمدة ستة شهور، أطالب بعدها بمغادرة البلاد أو طلب اللجوء فيه. ولكنني – مثل جميع السوريين – حزمت أمتعتي وانطلقت إلى الشمال بعد يوم واحد من حصولي على الوثيقة".
صورة من: Hesham Moadamani
موسم الهجرة إلى الشمال
"على متن عبّارة متجهة إلى العاصمة اليونانية أثينا من جزيرة كيوس. الرحلة تستغرق عشر ساعات. من أثينا ستبدأ المعاناة الحقيقية، التي ستنتهي في ألمانيا".
صورة من: Hesham Moadamani
يورو واحد!
"عندما وصلنا إلى الحدود بين اليونان ومقدونيا، لم يُسمح لنا بالحجز على قطار أو حافلة، ما اضطرنا للمشي 25 ساعة كاملة بين الغابات وفي ظل خطر قطاع الطرق الذين يسلبون اللاجئين حتى صربيا. بعد الـ25 ساعة صادفنا قطاراً محملاً باللاجئين، وعندما أبدينا دهشتنا، قالوا لنا إنهم دفعوا يورو واحد إضافي لموظف المحطة (رشوة) كي يحجز لهم تذكرة!
صورة من: Hesham Moadamani
جسر الحياة أو الموت
"عبور هذا الجسر في اليونان مسألة حياة أو موت، ذلك أنه ضيق ولا يتسع إلا لقطار واحد دون ممر للمشاة على جانبيه. تعبره القطارات كل 20 دقيقة. لذلك كان من الضروري عبور هذا الجسر (المبني على ارتفاع شاهق فوق نهر) بسرعة فائقة. عبرناه ركضاً".
صورة من: Hesham Moadamani
استراحة لاجئ
"في الطريق من اليونان إلى مقدونيا، أصبحنا ثمانية أشخاص. كنا نمشي أربع ساعات ونرتاح ربع ساعة. في هذه الصورة ترى صديقي (أبو جمال) وهو يرتاح بجانب السكة الحديدية، التي اتخذناها معلماً لتحديد وجهتنا، بجانب جهاز الملاحة (جي بي إس).
صورة من: Hesham Moadamani
طريق طويل وشاق
"مشهد من الطريق بين اليونان ومقدونيا ... رحلة قضينا فيها 25 ساعة سيراً على الأقدام ووسط مخاطر وأهوال".
صورة من: Hesham Moadamani
في مواجهة الجيش
"بعد مسيرة طويلة على خط للسكة الحديدية، وصلنا قرب الحدود المقدونية الصربية، وهناك ركبنا سيارة أجرة نقلتنا إلى المعبر الحدودي. لم يُسمح لنا باجتياز المعبر إلى صربيا، فقررنا الانتظار حتى أرخى الليل سدوله، وقمنا باجتياز الحدود سراً. فوجئنا بتواجد الجيش الصربي في المنطقة، فاختبأنا وتسللنا على مدى خمس ساعات حتى وصلنا إلى محطة قطار في إحدى القرى الصربية".
صورة من: Hesham Moadamani
بلغراد ثم بودابست
"عقب وصولنا إلى القرية الصربية بعد مسيرة ست ساعات، قمنا بحجز تذكرة إلى العاصمة بلغراد ومنها استكملنا الطريق. لكن عندما وصل قطارنا إلى المحطة، فوجئنا بالشرطة توقفنا وتمنعنا من الصعود بدون وثيقة تسجيل لاجئين. لذلك فاتنا القطار. لكن الشرطة وجهتنا إلى قطار آخر (في الصورة) حثتنا على المبيت فيه حتى موعد انطلاقه إلى بلغراد في الثالثة صباحاً".
صورة من: Hesham Moadamani
الخطوات الأخيرة نحو الأمان
"وصلت إلى العاصمة الهنغارية بودابست لوحدي، بعد أن انفصلت عن بقية المجموعة. استأجرت غرفة في أحد الفنادق وبدأت في البحث عن مطعم أو مقهى بغرض الاتصال بشبكة الإنترنت والبحث عن سيارة تنقلني من بودابست إلى وجهتي الأخير – ألمانيا. في مساء اليوم الذي التقطت فيه هذه الصورة، عثرت على سيارة نقلتنا من المجر إلى النمسا ومنها وصلنا إلى ألمانيا في الثانية من صباح اليوم التالي".
صورة من: Hesham Moadamani
مشاعر متناقضة
"كنت أحياناً أحس أنني سائح في بودابست، وفي نفس الوقت كنت متحمساً لوصولي إلى هنغاريا، وهي المحطة قبل الأخيرة في الطريق إلى ألمانيا. مشاعر مختلطة وخوف من المجهول كان ينتابني".
صورة من: Hesham Moadamani
"سوريون؟ أهلا بكم في ألمانيا"
"في ألمانيا، أوقفتنا الشرطة على الطريق السريع. كنا 12 ( شخصاً والسائق) في سيارة كبيرة. على الفور تم اعتقال السائق، وبعدها سألنا رجال الشرطة: هل أنتم سوريون؟ وعندما أجبنا بنعم، قالوا لنا: أهلاً بكم في ألمانيا. شعرت بالسعادة تغمرني وتفيض من داخلي". (صورة من الأرشيف)