تشهد العديد من دول الاتحاد الأوروبي انجذاب العديد من الشباب إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تستقطب هذه الفئة بشعارات بسيطة. وهو ما جعل بعض الخبراء يرون في ذلك تهديداً للمبادئ الديمقراطية في القارة العجوز.
إعلان
الجبهة الوطنية في فرنسا والحزب الحر في النمسا هما فقط مثالان للأحزاب اليمينية في الاتحاد الأوروبي التي تشهد حاليا انتعاشا، وهي محبوبة بوجه خاص في صفوف الشباب. وحتى لو أن الجبهة الوطنية لم تفز بأي من المناطق في الجولة الثانية من انتخابات المناطق، فإن نحو 35 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاما صوتوا في الجولة الأولى لصالح حزب مارين لوبن. وفي الانتخابات البرلمانية بفيينا انتزع الحزب الحر في النمسا في أكتوبر الماضي 24 في المائة من مجموع أصوات من تقل أعمارهم عن 34 عاما.
نمو الأحزاب اليمينية من حيث عدد الناخبين الشباب يُسجل أيضا في هولندا والدنمارك وبولندا. وأحد الأسباب خلف هذا التوجه يكمن في الحنين إلى الهوية القومية داخل الاتحاد الأوروبي. الأحزاب اليمينية "أثارت بقوة موضوع الهوية، والشباب يبحثون باستمرار عن الهوية"، كما كتب يان فليب النائب الأوروبي من حزب الخضر في صحيفة "دي فيلت" الألمانية.
حملة انتخابية بفيديو الهيب هوب
في النمسا تلتحق مجموعة معينة من الشباب بصفوف الحزب الحر، وهم من الرجال والكثير منهم لا يتوفرون على تكوين جيد. ومن أجل مخاطبتهم يظهر زعيم الحزب هاينتس كريستيان شتراخه في هندام شبابي. فهو لا يرتدي بدلة، بل سروال الجينز ويضع نظارة شمسية. ولخوض الانتخابات في فيينا تم إنتاج فيديو مع مغني الراب MC Blue. الفيديو قد يبدو غريبا وساذجا، غير أن غرتراود ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا تعتبر أن ذلك ينسجم مع وصفة النجاح للحزب الحر بالنمسا في أوساط الشباب، وتقول إن هذا الأخير يدير حملة انتخابية عنيفة، والبرنامج الحزبي لا يلعب دورا كبيرا، وهو يبعث برسائل بسيطة وواضحة.
رسالة "نحن وهم"
تتمثل إحدى الرسائل المحورية في النقيض بين "نحن" و "هم"، وتلقى القبول الشعبي في البلدان التي يدور فيها حاليا جدل حول اللاجئين، وبينها النمسا التي يعبرها الآلاف في اتجاه ألمانيا أو يبقون فيها. والكثير من الشباب الذين لا يتوفرون على تكوين جيد يخشون أن يستولي اللاجئون على الوظائف البسيطة، ولذلك هم يتوجهون للحزب الحر الذي يعرف كيف يصطادهم.
وتقول ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا إن "كوادر الحزب يذهبون إلى المراقص ليستقطبوا هناك جمهورهم، ويروجون لشعارات بسيطة. إنهم يعملون على إيجاد أجواء تمييزية بين "نحن" و"هم"، لتقتصر الصور العدائية على الأجانب ومن يسمون "بالمتطفلين". ويستغل سياسيون آخرون بنجاح هذا التكتيك، إذ أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أقام سياجا في وجه اللاجئين، ودعا المواطنين إلى استفتاء يسأل هل يجب طرد اللاجئين أو حجزهم أو الحكم عليهم بأعمال شاقة عندما يدخلون البلاد بصفة غير شرعية.
الشباب الألمان أقل عرضة للاستقطاب
وحتى في ألمانيا باتت الأجواء أكثر عدوانية تجاه اللاجئين الذين يتدفقون على البلاد، حيث تعرضت بعض دور الإيواء للحرق. لكن الحزب القومي الديمقراطي الألماني (NPD) لا يسجل زيادة في الأعضاء على غرار الأحزاب اليمينية المتطرفة في بلدان أخرى. فهذا الحزب ليس ممثلا إلا في واحد من بين البرلمانات الـ16 في الولايات الألمانية. ويعتقد خبير العلوم السياسية رودولف فان هولن أن الشباب في ألمانيا لا يميلون إلى الحزب اليميني المتطرف في ألمانيا لأن الدولة تكشف بنجاح عن فظائع الحكومة اليمينية خلال الحقبة النازية، موضحا أن مفتاح المناعة يكمن في الوقاية المبكرة.
مخاطر تواجه الديمقراطية
من جهتها، تعتبر ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا أنه يجب على المجتمع التحرك في الأماكن التي تسجل فيها الأحزاب القومية نجاحا متزايدا بين الشباب، ولا يحق ترك المجال مفتوحا لأحزاب مثل الحزب الحر في النمسا وأقرانه في بلدان أخرى. وعوض ذلك وجب على السياسيين الالتفات إلى الشباب الذين يعتقدون أن الأحزاب الديمقراطية لا تملك شيئا تقدمه لهم. وتشير ديندورفير إلى أنه في حال توسع الفجوة بين الناخبين الشباب الساخطين والأحزاب الديمقراطية، فإن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على أوروبا. وتضيف أنه "يجب أخذ هذه الظاهرة بجدية كبيرة، لأنه مع تنامي معاداة الأجانب والأحكام المسبقة، يكبر الابتعاد عن السياسة ومع ذلك المخاطر أمام الديمقراطية والمجتمع المنفتح الليبرالي.
عمليات القتل النازية بحق الأجانب - تسلسل زمني في صور
بعد إرجاء الموعد، ستنطلق اعتبارا من آيار/ مايو القادم جلسات محاكمة بيآته شيبه، العضوة في خلية نازية سرية، والمتهمة رفقة أربعة من مساعديها بالضلوع في عمليات قتل بحق عشرة أشخاص، بينهم ثمانية أتراك ما بين عامي 2000 و2007.
صورة من: picture-alliance/dpa
قتلة مجهولين لسنوات
لسنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه مونلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته شيبه. ضحاياهم: ثمانية أشخاص من أصل تركي ويوناني بالإضافة إلى شرطية. دافعهم المحتمل في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.
صورة من: privat/dapd
كشف النقاب عن مدبري عمليات القتل
في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011 تم كشف النقاب عن سلسة عمليات القتل التي راح ضحيتها ثمانية أتراك ويوناني بالإضافة إلى شرطية. في ذلك اليوم حاول أوفه موندلوز ورفيقه أوفه بونهارت سرقة بنك بمدينة آيزناخ، ولكن العملية باءت بالفشل. وعندما حاولا الفرار في شاحنتهما، تتبعتهما الشرطة وحاصرتهما. عندها قام موندلوز بقتل رفيقه بونهارت قبل أن يضرم النار في الشاحنة وينتحر، وفقا لتحريات الشرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
بيآته شيبه تسلم نفسها للسلطات
بعد مقتل أوفه موندلوز وأوفه بونهارت انفجرت الشقة التي كانا يسكنا فيها رفقة بيآته شيبه في بلدة تسفيكاو بشرقي ألمانيا. بعدها بأربعة أيام سلمت شيبه نفسها للسلطات الألمانية التي تقول إن المتهمة أضرمت النار عمدا في المنزل لإخفاء أدلة تدين الثلاثي في عمليات القتل. ولا تزال شيبه في الحبس التحفظي إلى حين مثولها أمام القضاء.
صورة من: Getty Images
اعترافات بالقتل
وجد المحققون في حطام المنزل، الذي كان يسكن فيه موندلوز ومونهارت رفقة بيآته شيبه، شريط فيديو يتضمن اعترافات الثلاثي الذي يطلق على نفسه اسم "الخلية النازية السرية" بقيامه بعمليات القتل. ويعرض شريط الفيديو، الذي يبلغ طوله 15 دقيقة، أماكن وضحايا عمليات القتل التي نفذتها الخلية في ألمانيا ما بين عامي 2000 و2007.
صورة من: picture-alliance/dpa
كراهية اللأجانب
ويتضمن الفيديو الذي صور على شكل صور متحركة رسائل معادية للمهاجرين ومقاطع تحتقر ضحايا عمليات القتل. ويقال إن بيآته شيبه قد قامت، قبل إلقاء القبض عليها، بإرسال هذا الفيديو إلى أشخاص آخرين.
صورة من: dapd
الغموض يشوب القضية
إلى يومنا هذا لا تزال دوافع عمليات القتل وكذلك القاتلين والمتورطين فيها والمدبرين لها في كنف الغموض. وفي البداية كانت هناك تخمينات بأن القتلة ربما من تجار المخدرات، ولكن شريط الفيديو الذي عثر عليه خلال عمليات التحري أظهر أنهم من اليمنيين المتطرفيين أو بالأحرى النازيين الجدد...
صورة من: picture-alliance/dpa
قنبلة المسامير في كولونيا عام 2004
في 10 من يونيو/حزيران عام 2004 أي بعد يوم من عملية اعتداء بقنبلة مسامير في أحد شوارع مدينة كولونيا الألمانية الذي تقطنه غالبية تركية أسفرت عن جرح 22 شخصا، قال وزير الداخلية الألماني آنذاك أوتو شيلي إن كل الأدلة تشير إلى أن الدوافع إجرامية. وبعدها بسنوات، أي عام 2011 تبيَّن أن المدبرين ليسوا مجرمين عاديين وإنما من النازيين الجدد...
صورة من: picture alliance/dpa
إحياء ذكرى الضحايا في برلين
في 23 من فبراير/شباط عام 2012 أقيمت في برلين مراسم إحياء ذكرى ضحايا عمليات القتل اليمينية المتطرفة. وقد شارك في هذه المراسم أهالي الضحايا وعدد من كبار المسؤولين الألمان على غرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي اعتذرت لأهالي الضحايا، مؤكدة لهم العمل على كشف ملابسات هذه العمليات ومحاسبة المسؤولين عنها.
صورة من: Bundesregierung/Kugler
مظاهرات تضامنية مع الضحايا
في الرابع من نوفمبر/تشرين الأول عام 2012، أي بعد كشف النقاب عن الخلية النازية السرية بسنة، خرج الناس في عدة مدن ألمانية تضامنا مع أهالي ضحايا عمليات القتل النازية، منددين باليمين المتطرف. كما طالبوا بكشف الحقيقة عن المدبرين والمنفذين لها ومحاسبتهم، موجهين انتقادات للسلطات الألمانية بالتباطئ في عمليات التحري والتحقيق.
صورة من: picture-alliance/dpa
اختفاء بعض الملفات
فشلت السلطات الألمانية في الكشف عن عمليات القتل النازية، ذلك أن ملفات مهمة بهذا الشأن إما ظهرت بشكل متأخر أو اختفت بعد التخلص منها. وهو الأمر الذي أدى إلى تعطيل عمل لجنة التحريات حول الخلية النازية السرية التي يرأسها النائب عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان الألماني زيباستيان إيداتي.
صورة من: Getty Images
نصب تذكاري لمحمات كوباسيك
"دورتموند مدينة متنوعة ومنفتحة ومتسامحة وضد التطرف اليميني"، هذا ما قاله رئيس بلدية مدينة دورتموند أولريش زيراو خلال تدشين النصب التذكاري الذي أقامته المدينة لإحياء ذكرى محمات كوباسيك، أحد ضحايا الخلية النازية السرية، في سيبتمبر/أيلول عام 2012. ويوجد هذا النصب بالقرب من الكشك الذي كان يعمل فيه كوباسيك حين تم اغتياله في الرابع من أبريل/نيسان عام 2004.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد تغييبها، الصحافة التركية تتابع المحاكمة
أثار عدم حصول وسائل الإعلام الأجنبية وخاصة منها التركية على مقاعد لمتابعة أحداث المحاكمة، على الرغم من أن ثمانية من إجمالي الضحايا العشرة من أصول تركية، جدلا واسعا داخل ألمانيا وخارجها. ولكن، المحكمة الدستورية الألمانية أصدرت في وقت لاحق قرارا بوجوب السماح لوسائل الإعلام الأجنبية "التي لديها ارتباط خاص بالضحايا" بتغطية محاكمة بيآته شيبه وأربعة متهمين آخرين.