لماذا ينظم مسلمون ويهود رحلة مشتركة لمعسكر أوشفيتس النازي؟
ملهم الملائكة
٣١ يوليو ٢٠١٨
في مساعٍ مشتركة لمحاربة العداء للسامية، ينظم المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بالتعاون مع اتحاد اليهود التقدميين رحلة تعريفية تجمع مسلمين ويهود لمعسكر الإبادة النازي أوشفيتس. بيد أن هذه المبادرة وجدت من ينتقدها أيضا.
إعلان
يشارك لاجئون مسلمون من العراق وسوريا عددا من الشباب اليهود من اتحاد اليهود التقدميين، (منظمة ليبرالية يهودية أنشئت عام 1997 ولها فروع في ألمانيا وسويسرا والنمسا)، في زيارة مشتركة إلى معسكر الاعتقال النازي أوشفيتس من (السادس وحتى العاشر من آب/ أغسطس 2018 )، حسب بيان صدر عن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، كما أنه الجهة التي تتولى تنظيم مشاركة المسلمين في الرحلة.
وتأتي هذه المبادرة في وقت تسجل فيه حالات العداء للسامية تصاعدا ملفتا للنظر. ورغم أنّ هذا النوع من الجرائم ليس جديداً في ألمانيا، إذ دأب اليمين المتطرف والنازيون الجدد على ارتكابها، إلا أنّ وسائل الإعلام باتت تتحدث عن بعض مظاهر عداء للسامية أخذت تظهر أيضا لدى عدد من المسلمين، خصوصا بين طالبي اللجوء. وآخر هذه المظاهر هو الاعتداء الذي تعرض له البروفسور يتسجاك يوخانان ميلاميد، الإسرائيلي المتحدر من أصول أمريكية والأستاذ في جامعة بالتيمور الأمريكية من قبل شاب ألماني من أصل فلسطيني في شهر تموز / يوليو الجاري بمدينة بون الألمانية.
اليمين المتطرف الألماني يستهدف اليهود غالباً
وشهدت جرائم العداء للسامية في ألمانيا تصاعدا عام 2017 ليصل عددها إلى 1504 جريمة. وارتكب اليمين الألماني المتطرف نحو أربعة وتسعين بالمائة من هذه الجرائم، وهي النسبة الأعلى كما كشف وزير الداخلية الألمانية هورست زيهوفر. وتحدث زيهوفر عن تصاعد جرائم العداء للسامية" المستوردة" على حد وصفه، مؤكدا في نفس الوقت أنها مازالت تحدث حالياً في مستوى متدن، وداعياً إلى مكافحة أي شكل من أشكال العداء للسامية.
وفي معرض التقييم للمبادرة اليهودية الإسلامية المشتركة، تحدثت السيدة إيريت ميشيلزون السكرتير العام لاتحاد اليهود التقدميين في ألمانيا إلى DW عربية عن الهدف من تنظيم رحلة كهذه قائلة: "الهدف هو أن يكون بوسعنا جلب اليهود والمسلمين، كبارا وصغارا معاً إلى أوشفيتس لنتيح لهم التعرف هناك على التاريخ النازي وعلى جزء من تاريخ ألمانيا. ويتعلق هذا على وجه الخصوص بلاجئين شبان مسلمين قدموا من بلدان لا تعرف هذا التاريخ، وبالتالي سنتيح لهم التعرف عن كثب على هذا الجزء من التاريخ، بما يؤهلهم لشيء من الاندماج بألمانيا، وربما نتمكن من خلال الزيارة من التغلب على شكل من أشكال العداء للسامية".
"تعرّف اللاجئين على تاريخ ألمانيا النازي جزء من اندماجهم"
هذه الفعالية بنوع خاص قد تكون سابقة لا مثيل لها، وربما يحوم طموح القائمين عليها في أنها يمكن أن تقلل من زخم العداء المتصاعد للسامية في ألمانيا، وبهذا الخصوص قالت السيدة ميشيلزون "لا أعرف إن كانت الرحلة ستقلل من مشاعر العداء للسامية، لكنَ اللاجئين حين قرروا اتخاذ ألمانيا وطناً جديدا لهم، ساعين- ولابد أن يسعوا - إلى الاندماج في هذا البلد، فلا بد لهم أن يعرفوا جزءاً من تاريخ ألمانيا، وهو الجزء المتعلق بالنازية وبالحرب العالمية الثانية".
وفي شهر نيسان/ أبريل من عام 2018، رافق أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، لاجئين سوريين، في زيارة لمعسكر الاعتقال النازي في بوخنفالد، في مسعى منه لاطلاع اللاجئين على شيء من تاريخ ألمانيا ولجعلهم أنفسهم يفكرون فيما جرى بهذا البلد. لكن مزيك قلل حينها من شأن الزيارة مشيرا بالقول إلى أن الأمر "لم يكن حدثاً بالمرة، وسيبقى أقل من أن يكون حدثا"، حسبما نقلت عنه صحيفة "فرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ" في تقرير غطى صفحة كاملة من عددها الصادر يوم (الرابع من نيسان/ أبريل 2018 ). ومضت الصحيفة معتبرة أن تقليل مزيك من شأن الزيارة يعود إلى أنها ضمت مزيك ومساعده ثائر عيسى، واثنين من اللاجئين السوريين فقط، وهو ما دفعه إلى قول ذلك.
وفي سياق متصل، حاولت DW عربية عبثاً الاتصال بأي مصدر من المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا للوقوف على رأيه في هذه المبادرة والأسباب التي دفعته إلى تنظيمها وحول تقييمه لانتشار معاداة السامية بين المسلمين، لكنها لم تنجح.
انتقادات للمجلس الأعلى للمسلمين
بيد أن مبادرة المجلس الأعلى للمسلمين هذه لقيت من ينتقدها أيضا، إذ يرى الكاتب والباحث الليبرالي حامد عبد الصمد في تصريح لـ DW عربية أنّ المشروع، الذي تبناه المجلس، ليس أكثر من "أمور شكلية". ويضيف عبد الصمد أن "المجلس الأعلى للمسلمين كان عنده أكثر من فرصة على مدى 20 عاماً لمحاربة العداء للسامية، لكنه ظل يتنصل ويتهرب من إعلان وجود علاقة بين المسلمين وبين التطرف والعداء للسامية".
ملهم الملائكة
لوحات من الهولوكوست - لوحات توثِّق الإبادة النازية لليهود
عاشوا الرعب والتعذيب في معسكرات الاعتقال النازية او هاربين من حملات الابادة ورسموا معاناتهم باللون والخطوط . بقي بعضهم على قيد الحياة ونقل لوحاته وذكرياته الأليمة معه، فيما غادر بعضهم الحياة ولم تبق سوى لوحاته الفنية.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
هل ممكن أن يصنع الرعب والإرهاب فنا جميلا؟ يحاول المعرض الفني الذي يقام في برلين تحت شعار "فن من الهولوكوست" الإجابة عن هذا السؤال اكبر جريمة في التاريخ الإنساني خلال الحكم النازي مورست بحق اليهود، ورغم ذلك استطاع بعض الفنانين خلال وجودهم في المعسكرات النازية رسم وتخليد لحظات حياتهم في مادة فنية ، كما في لوحة "شارع في غيتو في مدينة وودج" لجوزيف كونر الذي نجا من المحارق.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استعار المعرض في برلين 100 لوحة فنية من متحف ياد فاشيم من إسرائيل. وعرضت اللوحات أعمال 50 فنانا يهوديا نجا 26 منهم من المحارق، فيما لقي الفنانون الآخرون المعروضة أعمالهم حتفهم على يد النازية، ومنهم فيلكس نوسباوم الذي يعد من أشهرهم، والذي توفي في سنة 1944 في معسكر أوشفيتز. الصورة هي لوحته الشهيرة "اللاجئ" التي رسمها في سنة 1939 في بروكسل التي عرضت في برلين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
عرضت أعمال فنية للرسامة شارلوته سالومون التي رسمت لوحات ومخطوطات تجاوزت الـ 700 عمل وثقت فيها حياتها في مجموعة فنية تحت عنوان "حياة أم مسرح؟". نُقلت شارلوته وكانت حاملا من معسكرات الاعتقال النازية في جنوب فرنسا إلى معسكر أوشفيتز في سنة 1943 وقتلت هناك فور وصولها.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنانة نيللي تول فنجت من الموت من المحارق والمعسكرات النازية بعد أن اختبأت مع أمها عند عائلة مسيحية آوتهما في مدينة لفيف الأوكرانية. ورسمت نيللي في غرفتها المقفلة لوحات باستعمال ألوان جواش (وهي من الألوان المائية المعتمة). وجاءت نيللي التي تبلغ من العمر اليوم 81 عاما خصيصا من محل إقامتها في الولايات المتحدة إلى برلين لحضور المعرض الفني.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
وُلد الفنان ليو بروير في مدينة بون وشارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الألماني. وفي سنة 1934 وبعد عام على وصول هتلر إلى الحكم هرب إلى مدينة لاهاي الهولندية ومن ثم إلى بروكسل وعمل هناك رساما لغاية سنة 1940 حيث اودع في معسكر الاعتقال بسانت سيبرين جنوب فرنسا. استطاع بروير الاحتفاظ بمخطوطاته وأعماله المائية، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى مدينته بون ليعيش فيها حتى وفاته في سنة 1975.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كانت بيدريش فريتا تدير مرسما في معسكر الاعتقال تيريزين، وكانت مهمتهم الرسمية تنفيذأعمال دعائية للنازية، لكن فريتا ورفاقها استطاعوا رسم بعض اللوحات بصورة سرية عن رعب الحياة في المعسكر. وفي سنة 1944 قبض عليها متلبسة وأرسلت إلى معسكر أوشفيتز لتموت هناك. وبعد التحرير من النازية كشف عن 200 عمل فني لها كانت قد خبأتها في الجدران أو تحت الأرض.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
ليو هاس لم يكن معروفا لكونه شارك بيدريش فريتا في رسم الكثير من الأعمال الفنية التي وثقت جرائم النازية فحسب، بل لكونه شارك أيضا وبطلب من النازية في تزوير أوراق نقدية تابعة لقوات الحلفاء في عملية أطلق عليها تسمية "عملية بيرنهارد". ليو هاس نجا من الموت وتبنى بعد تحريره الطفل توماس ابن بيدريش فريتا واستطاع العثور على 400 عملا فنيا كان قد خبائها أثناء الاعتقال في تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كان بافيل فانتل ضمن قائمة الفنانين في معسكر الاعتقال في تيريزين، على الرغم من أنه كان مدير المستوصف الخاص لمرضى التيفوئيد في المعسكر كونه قد درس الطب. وقبض عليه أيضا في المعسكر متلبسا برسم لوحات عن الجرائم النازية وأرسل إلى معسكر أوشفيتز ليعدم هناك في سنة 1945. بعد التحرير عُثر على نحو 80 عملا لفانتل في معسكر تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنان ياكوب ليبشيتس فكان يدرس في معهد الفنون في فيلنيوس قبل الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 1941 أجبر على العيش في غيتو كاوناس وهناك انضم إلى مجموعة من الفنانين التي رسمت أعمال فنية عن الحياة في غيتو كاوناس وبصورة سرية. توفي ليبشيتس في سنة 1945 وبعد التحرير عادت زوجته وابنته إلى غيتو كاوناس لإنقاذ أعماله الفنية التي خبأها في مقبرة الغيتو.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استطاع الفنانون توثيق الخراب والعنف في المعسكرات النازية، وتمكنوا أيضا من رسم عالم آخر في لوحاتهم الفنية مغاير لما يعيشونه في الواقع، كما في لوحة "سقوف المباني في الشتاء" لموريتس مولر. ينعقد معرض "فن من الهولوكوست" على قاعات المتحف التاريخي في برلين ويستمر لغاية الثالث من نيسان/ أبريل 2016.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem