لم يكرم كأسلافه - بوتفليقة يدفن بجوار أبطال حرب الاستقلال
١٩ سبتمبر ٢٠٢١
استقر جثمان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في مربع الشهداء بمقبرة العالية في العاصمة الجزائر وهي المقبرة المخصصة لأبطال حرب استقلال الجزائر لكنه لم يحظ بالتكريم نفسه الذي حظي به الآخرون.
إعلان
ووري الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة الثرى الأحد (19 سبتمبر/ أيلول 2021) في مربع الشهداء بمقبرة العالية في العاصمة الجزائر، المخصصة لأبطال حرب الاستقلال (1954-1962)، لكنه لم يحظ بكل مراسم التكريم كأسلافه.
وحظي الرؤساء السابقون المتوفون بمراسم دفن مع كل مراسم التكريم، على غرار أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال أحمد بن بلة (1963-1965) الذي أُقيمت له مراسم تشييع رسمية في نيسان/أبريل 2012.
ونُقل جثمان عبدالعزيز بوتفليقة في موكب جنائزي رسمي إلى مربع الشهداء، إلى جانب الرؤساء السابقين وكبار المجاهدين في ثورة التحرير الكبرى. ووصل موكب جنازة الرئيس السابق إلى مقبرة العالية بعد قطع مسافة ثلاثين كيلومترا من زرالدة. وحمل النعش على عربة مدفع تجرها آلية مصفحة مغطاة بالورود.
وإلى جانب أفراد عائلة الراحل حضر في المقبرة الرئيس عبد المجيد تبون الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد بوتفليقة، إضافة إلى وزراء ودبلوماسيين أجانب، وفق تقارير إعلامية.
وفي مؤشر الى وجود نوع من الإحراج الرسمي، ألغيت تسجية الجثمان في قصر الشعب بالعاصمة لإلقاء نظرة الوداع، بعد أن كانت مقررة في البداية، وهو تقليد لتكريم كبار الشخصيات الجزائرية، وفق مصادر متطابقة. وسجيت جثامين أسلاف بوتفليقة وحتى رئيس الأركان السابق الفريق أحمد قايد صالح، في هذا القصر قبل أن توارى الثرى.
وألقى وزير المجاهدين العيد ربيقة خطبة نعي للرجل الذي كان أيضا في السبعينيات وزير خارجية بارز لمدة 14 عاما.
وتوفي بوتفليقة الذي تنحى تحت ضغط الشارع عام 2019 بعد 20 عاماً في الحكم، الجمعة، أول من أمس، عن عمر ناهز 84 عاماً في مقرّ إقامته المجهّز طبّيًا في زرالدة في غرب الجزائر العاصمة.
فرنسا تشيد بالرئيس الراحل
ومن جانبه وصف الرئيس الفرنسي الأحد الرئيس الجزائري السابق بأنه "وجه كبير" للجزائر المعاصرة و"شريك لفرنسا" خلال أعوامه العشرين في الحكم. ووجه الرئيس ماكرون في بيان أصدره الإليزيه "تعازيه الى الشعب الجزائري"، مؤكدا أنه يبقى "ملتزما تطوير العلاقات الوثيقة من التقدير والصداقة بين الشعب الفرنسي والشعب الجزائري".
وبعد ساعات من التردد والصمت في ظلّ غياب ردّ فعل رسمي على وفاة الرئيس السابق يوم الجمعة، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون - الذي كان رئيساً للوزراء في عهد بوتفليقة - ظهر السبت بياناً أعلن فيه تنكيس الأعلام "ثلاثة أيام" تكريماً "للرئيس السابق المجاهد عبد العزيز بوتفليقة".
وتعكس المماطلة في الإعلان عن ترتيبات مراسم التشييع أيضاً، بحسب مراقبين، الخشية من خروج تظاهرات مناهضة للرئيس السابق الذي باتت صورته مشوّهة في عيون قسم كبير من الجزائريين.
وفي مؤشر إلى إرتباك السلطات، اكتفت وسائل الإعلام الرسمية بذكر خبر وفاة بوتفليقة بشكل موجز بدون تخصيص أي برنامج له، كما فعلت عند وفاة أسلافه. وانتظر التلفزيون الرسمي حوالى 24 ساعة، حتى مساء السبت لبثّ في نشرته الإخبارية بشكل مقتضب أبرز محطات المسيرة السياسية للرئيس السابق التي استمرّت ستين عاماً.
وسُمح لشقيق بوتفليقة، سعيد، المسجون حالياً بسبب تهم فساد، بحضور مراسم الدفن، بحسب محاميه سليم حجوطي.
وبعث ملك المغرب محمد السادس السبت "برقية تعزية ومواساة" إلى تبون إثر وفاة بوتفليقة، وسط توتر شديد بين الجزائر والرباط خصوصاً على خلفية ملف الصحراء الغربية الشائك.
ع.ح./ص.ش. (أ ف ب، د ب ا)
عام على حراك الجزائر.. مطالب تحققت وأخرى على قائمة الانتظار
منذ انطلاقه في 2019، بقي الحراك الشعبي في الجزائر في حالة مد وجزر. ورغم نجاحه في دفع عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة وتسببه في سجن عدد من كبار المسؤولين بتهمة الفساد، يواصل المحتجون حراكهم المستمر منذ عام.
صورة من: Reuters/R. Boudina
أول المطالب "لا للعهدة الخامسة"
كان لإعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقع الصدمة في الجزائر، ما خلق حالة غليان، بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي ثم انتقل إلى احتجاجات ميدانية عارمة. الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 شباط/ فبراير2019 عمت معظم مدن الجزائر للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة. وعبر المتظاهرون عن رفضهم من خلال ترديد شعارات مختلفة، أبرزها "لا للعهدة الخامسة".
صورة من: Getty Images/R. Kramdi
تأجيل الانتخابات الرئاسية
مع تواصل الاحتجاجات أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس/ آذار 2019 تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/ نيسان2019، كما أعلن عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة. لم تثنِ هذه القرارات المتظاهرين عن مواصلة حراكهم ضد بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013، أقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Djarboub
إعادة السلطة للشعب
بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها السادس، احتشد مئات الآلاف من الجزائرين في مختلف الولايات، في السّاحات الرّئيسية بالبلاد، مطالبين برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة. من جهته أعلن رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أن حل الأزمة في البلاد يكمن في تفعيل المادة 102، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس.
صورة من: Getty Images/AFP
رفع سفق المطالب
تواصلت الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية واعتبرت الأكبر منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999. لكن بعد أن أعلن بوتفليقة عن تشكيل حكومة جديدة في 31 مارس/ آذار 2019، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم، أبرزهم نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، شهدت العاصمة الجزائرية ومدن أخرى تظاهر الآلافِ من الجزائريين الذي رفعوا سقفَ مطالبِهم إلى "إسقاطِ النظام".
صورة من: AFP/Getty Images/R. Kramdi
بوتفليقة يستسلم لضغط الشارع
لكن استمرار الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة ورحيل رموز نظامه، وإصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، زاد من تأزيم الوضع في الجزائر. وبعد أن أمضى نحو عشرين عاماً في الحكم، قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في الثاني من نيسان/ أبريل 2019، مستسلما أمام ضغط الشارع.
صورة من: picture-alliance/K. Mohamed
مواصلة الحراك الشعبي
رغم دفع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم إستقالته، والتسبب في سجن عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال بتهمة الفساد، منهم سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة، يواصل المحتجون المطالبة بتفكيك النظام ورحيل رموزه. لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وبدء عمل حكومته.
صورة من: Imago Images/Zuma/B. Bensalem
كسب ودً المحتجين
بمجرد انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019 في اقتراع رفضه الحراك، وقاطعه غالبية الجزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل الدستور وشكل لجنة من الخبراء لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي. وبدأ الرئيس الذي يحاول كسب ودَ المحتجين مشاورات مع شخصيات سياسية بعضها محسوب على الحراك من أجل الوصول إلى "دستور توافقي". إعداد: إيمان ملوك.