يحدد ميثاق الأمم المتحدة للهجرة مبادئ عامة توجيهية غير ملزمة لنهج متكامل في موضوع الهجرة الدولية. DW تقدم لكم القراءة التالية في الاتفاقية وأسباب معارضة بعض الدول لها.
إعلان
يمثل ميثاق الأمم المتحدة لهجرة "آمنة ومنظمة ونظامية" الميثاق الأول من نوعه الذي توافق عليه المنظمة الأممية والمتضمن إجراءات عالمية للتعاطي مع المخاطر والتحديات للمهاجرين وفي نفس الوقت لزيادة المنافع العائدة للدول المستقبلة للاجئين.
جاء الميثاق بعد موجات هجرة كان أكبرها عام 2015، لكن لا يوجد توافق بين كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على المبادئ الأساسية للميثاق. وعبرت بعض الدول علانية عن معارضتهم لهذا الميثاق.
تم التوصل لاتفاق على الصيغة النهائية للميثاق في اجتماع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في 13 تموز/يوليو 2018، ومن المقرر أن يتم تبنيه في مؤتمر أممي في مراكش المغربية في (10و11 كانون الأول/ ديسمبر) المقبل.
ويستند الميثاق على اعتراف الدول بأنه لا بد من التعاون بين مختلف دول العالم لضمان أسلوب إنساني لإدارة موجات الهجرة الكبرى الحالية والمستقبلية، مع الأخذ بعين الاعتبار المبادئ الخاصة بسيادة الدول.
الأهداف:
يحوي الميثاق 23 هدفاً لإدارة الهجرة على المستويات المحلية والوطنية والعالمية. ومن أهم تلك الأهداف:
· تقليل العوامل الهيكلية والأسباب التي تدفع البشر لمغادرة مواطنهم
· ضمان حصول كل المهاجرين على الوثائق الشخصية اللازمة والأوراق الثبوتية
· جعل المعلومات الموضوعية متوافرة في كل مراحل عملية الهجرة
· إنقاذ المهاجرين وتنسيق الجهود الدولية للبحث عن المفقودين
· خلق ظروف تسمح للمهاجرين بالمساهمة في التنمية المستدامة في كل البلدان
· التعاون في مجال العودة الآمنة للمهاجرين لبلدانهم، في حال الضرورة
ولم يضع الميثاق أي شروط تتعلق بعدد اللاجئين الواجب على كل الدول استقبالهم. كما يدعو الميثاق لمكافحة الإتجار بالبشر ويدعو لإدارة "متكاملة وآمنة ومنسقة" للحدود.
لماذا تعارض بعض الدول؟
حسب الأمم المتحدة فإن الميثاق يأخذ بعين الاعتبار "المخاوف المشروعة للدول والمجموعات الاجتماعية" واختلاف تداعيات الهجرة على الدول باختلاف ظروفها الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
مهما يكن من الأمر، لم تفلح التأكيدات بأن الميثاق غير ملزم قانونياً بإقناع العديد من الدول كالولايات المتحدة والنمسا وهنغاريا بالتوقيع عليه. وقد عبرت حكومات تلك الدول عن معارضتهم الميثاق في نقاط عدة منها أن الميثاق يخلط بين حقوق طالبي اللجوء وتلك الخاصة بالمهاجرين الاقتصاديين، حسب قولهم. وتحاجج الولايات المتحدة أن هذا الميثاق بالذات يعارض مبدأ سيادة الدول.
وقد تنضم تلك الدول المعارضة للميثاق في وقت لاحق على الرغم أن بيئتها السياسية الحالية معارضة لها.
تفنيد الحجج المعارضة في محاولة لمواجهة المعلومات المغلوطة المنتشرة على الإنترنت حول هذا الميثاق، نشر الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني قائمة تحوي أسئلة وأجوبة لتطمين "المواطنين القلقين". ويمكن النظر إليها على أنها تهدف لتفنيد الحجج التي تسوقها الدول الرافضة لتوقيع الميثاق.
وتؤكد القائمة، من بين عدة نقاط، أن الميثاق غير الملزم لا يطلب من الدول الموقعة أي التزامات إضافية. وتؤكد وثيقة الحزب، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أن الميثاق يهدف لتقوية حماية الحدود الوطنية لا إضعافها، مضيفة أنه يكرس السيادة الوطنية للدول والأمن ويفرق بشكل حازم بين الهجرة الشرعية ونظيرتها غير الشرعية.
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.