اتهامات لـ" لوموند" بالرقابة بعد سحب مقال رأي عن ماكرون
٣ سبتمبر ٢٠٢٢
سحبت صحيفة لوموند الفرنسية مقال رأي من موقعها الإلكتروني عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر مبررة بأنه تضمن خطأ أدى لتفسير سيء، إلا أن الخطوة قوبلت بانتقادات شديدة واتهمت الصحفية بممارسة الرقابة.
إعلان
أعلنت صحيفة لوموند الفرنسية الجمعة أنها سحبت من موقعها الالكتروني عمودًا عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر لأنه "تضمن خطأ أدى إلى تفسير خاطئ.. سيئ"، في تبرير لهذه الخطوة بعد اتهامها بفرض رقابة.
وزار الرئيس الفرنسي الجزائر في نهاية آب/أغسطس بعد أزمة دبلوماسية استمرت أشهراً ومرتبطة بالنزاع حول الذاكرة بين البلدين. وفي هذه المناسبة، وقع ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون رسمياً وثيقة "تجدد التزامهما بتسجيل علاقاتهما في دينامية تقدم لا رجوع فيه" بعد ستين عاما على انتهاء الحرب الجزائرية.
وعلى أثر هذه الزيارة نُشر عمود صباح الخميس (الأول من سبتمبر/ايلول 2022) قبل سحبه بعد الظهر، كتبه الباحث بول ماكس موران وعنوانه "اختزال الاستعمار في الجزائر +بقصة حب+ يكمل تبني ماكرون موقف اليمين بشأن مسألة الذاكرة".
وكتبت النسخة المسائية للصحيفة في توضيح أول أن "جملة +قصة حب لم تخل من مأساة+ التي قالها ماكرون في المؤتمر الصحافي، وإن كان يمكن أن تخضع لتفسيرات مختلفة، لم تكن تتحدث عن الاستعمار بالتحديد كما ورد في العمود، بل عن العلاقات الفرنسية الجزائرية الطويلة". وأضافت "لوموند" أنها "تعتذر لقرائها وكذلك لرئيس الجمهورية".
انتقادات متصاعدة
وتلت هذا التوضيح بسرعة انتقادات. فقد كتب زعيم "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي) جان لوك ميلينشون في تغريدة "سحبوا عموداً بسبب اقتباس عن ماكرون لا يعجبه! مرحلة جديدة في انهيار الصحافة التي كانت مرجعا في السابق".
العلاقات الجزائرية الفرنسية في ذكرى "اتفاقيات إيفيان"
21:15
من جهته، رأى الصحافي إدوي بلينيل مؤسس مجموعة "ميديابارت" في تغريدة أن لوموند "تقدم +اعتذاراتها+ لرئيس الجمهورية"، واصفاً ذلك ب"الرقابة المذهلة".
أما كاتب العمود بول ماكس موران، فقد علق على ذلك في تصريحات لصحيفة "ليبيراسيون" أن "سحب نص ما هو عمل غير طبيعي وغير مفهوم".
توضيح من لوموند
وبعد هذه الانتقادات نشرت "لوموند" شرحا أكثر تفصيلاً على موقعها بعد ظهر أمس الجمعة. وقالت إن "صفحات (زاوية) +ديبا و موند+ تهدف إلى جمع تحليلات ووجهات نظر، بما في ذلك تلك المثيرة للجدل. لا يمكننا السماح لأنفسنا نشر النصوص التي تحتوي على أخطاء في الوقائع".
ورداً على سؤال عن الاعتذارات التي وردت في التوضيح الأول، قال مدير صحيفة لوموند جيروم فينوليو لوكالة فرانس برس "عندما نرتكب أخطاء هي من فعلنا، من الطبيعي أن نعتذر للأشخاص الذين قد يكون سبب ذلك ضرراً لهم بدءًا بقرائنا".
وكانت تصريحات لماكرون نشرتها الصحيفة في تشرين الأول/أكتوبر 2021 واتهم فيها النظام "السياسي العسكري" الجزائري بالحفاظ على "إيجار تذكاري"، أدت إلى أزمة بين الجزائر وباريس.
ع.ح./ع.ج.م. (أ ف ب)
عام على حراك الجزائر.. مطالب تحققت وأخرى على قائمة الانتظار
منذ انطلاقه في 2019، بقي الحراك الشعبي في الجزائر في حالة مد وجزر. ورغم نجاحه في دفع عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة وتسببه في سجن عدد من كبار المسؤولين بتهمة الفساد، يواصل المحتجون حراكهم المستمر منذ عام.
صورة من: Reuters/R. Boudina
أول المطالب "لا للعهدة الخامسة"
كان لإعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقع الصدمة في الجزائر، ما خلق حالة غليان، بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي ثم انتقل إلى احتجاجات ميدانية عارمة. الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 شباط/ فبراير2019 عمت معظم مدن الجزائر للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة. وعبر المتظاهرون عن رفضهم من خلال ترديد شعارات مختلفة، أبرزها "لا للعهدة الخامسة".
صورة من: Getty Images/R. Kramdi
تأجيل الانتخابات الرئاسية
مع تواصل الاحتجاجات أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس/ آذار 2019 تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/ نيسان2019، كما أعلن عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة. لم تثنِ هذه القرارات المتظاهرين عن مواصلة حراكهم ضد بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013، أقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Djarboub
إعادة السلطة للشعب
بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها السادس، احتشد مئات الآلاف من الجزائرين في مختلف الولايات، في السّاحات الرّئيسية بالبلاد، مطالبين برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة. من جهته أعلن رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أن حل الأزمة في البلاد يكمن في تفعيل المادة 102، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس.
صورة من: Getty Images/AFP
رفع سفق المطالب
تواصلت الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية واعتبرت الأكبر منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999. لكن بعد أن أعلن بوتفليقة عن تشكيل حكومة جديدة في 31 مارس/ آذار 2019، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم، أبرزهم نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، شهدت العاصمة الجزائرية ومدن أخرى تظاهر الآلافِ من الجزائريين الذي رفعوا سقفَ مطالبِهم إلى "إسقاطِ النظام".
صورة من: AFP/Getty Images/R. Kramdi
بوتفليقة يستسلم لضغط الشارع
لكن استمرار الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة ورحيل رموز نظامه، وإصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، زاد من تأزيم الوضع في الجزائر. وبعد أن أمضى نحو عشرين عاماً في الحكم، قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في الثاني من نيسان/ أبريل 2019، مستسلما أمام ضغط الشارع.
صورة من: picture-alliance/K. Mohamed
مواصلة الحراك الشعبي
رغم دفع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم إستقالته، والتسبب في سجن عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال بتهمة الفساد، منهم سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة، يواصل المحتجون المطالبة بتفكيك النظام ورحيل رموزه. لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وبدء عمل حكومته.
صورة من: Imago Images/Zuma/B. Bensalem
كسب ودً المحتجين
بمجرد انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019 في اقتراع رفضه الحراك، وقاطعه غالبية الجزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل الدستور وشكل لجنة من الخبراء لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي. وبدأ الرئيس الذي يحاول كسب ودَ المحتجين مشاورات مع شخصيات سياسية بعضها محسوب على الحراك من أجل الوصول إلى "دستور توافقي". إعداد: إيمان ملوك.