ليبيا - اشتباكات عنيفة في طرابلس و"قلق" أممي من توسع القتال
٢٧ أغسطس ٢٠٢٢
جرح عدد من المدنيين خلال اشتباكات عنيفة في الأحياء المأهولة بالسكان، اندلعت بين مجموعتين مسلحتين ليلًا وما زال مستمرة السبت في العاصمة الليبية طرابلس، التي تشهد أزمة سياسية خطيرة تثير مخاوف من اندلاع نزاع جديد.
إعلان
أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات المسلحة المستمرة، بما في ذلك القصف العشوائي بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في الأحياء المأهولة بالسكان المدنيين في طرابلس، مما تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات. ودعت بعثة الأمم المتحدة، في بيان نشرته عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" اليوم، إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية"، مذكرة جميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والمنشآت المدنية.
هذا وأدانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة أحداث طرابلس، مشيرة، اليوم السبت (27 أغسطس/آب 2022)، إلى أنها نجمت عن قيام مجموعة عسكرية بالرماية العشوائية على رتل مارّ بمنطقة شارع الزاوية. وقالت الحكومة في بيان صحفي أوردته قناة "ليبيا الاحرار"، إن الأحداث تأتي في الوقت الذي تتحشد فيه مجموعات مسلحة في بوابة الـ27 غرب طرابلس وبوابة الجبس جنوب طرابلس تنفيذا لمًا أعلنه (فتحي) باشاغا. وأضافت أن "الطرف الممثل للمدعو فتحي باشاغا (رئيس الحكومة المعين من قبل مجلس النواب في طبرق) قد تهرّب في آخر لحظة بعد أن كانت هناك مؤشرات إيجابية نحو الحل السلمي بدلا من العنف والفوضى".
وكان الدبيبة طالب، خلال اجتماعه مع قادة مجلس الدفاع والأمن المشكلة من المجلس الرئاسي، بسرعة التدخل لفض الاشتباكات فى العاصمة طرابلس، حسبما أفادت قناة "ليبيا بانوراما".
بعد فشل محادثات جنيف.. من يعرقل إجراء الانتخابات في ليبيا؟
18:21
يأتي ذلك فيما تتواصل الاشتباكات حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من مبنى الجوزات بعد سقوط قذيفة عشوائية عليه. من جانبها، حملت بلدية طرابلس مجالس النواب والدولة والرئاسي والحكومتين مسؤولية تردي الأوضاع في العاصمة طرابلس مطالبة المجتمع الدولي بحماية المدنيين.
وكان الناطق باسم مركز طب الطوارئ والدعم الليبي مالك مرسيط أكد مقتل الممثل الكوميدي مصطفى بركة جراء الاشتباكات ونقل جثمانه إلى مستشفى طرابلس الجامعي. ونقلت قناة "ليبيا الاحرار" عن مرسيط قوله إن فريق الإخلاء التابع لمركز طب الطوارئ والدعم يستعد لتوفير ممرات آمنة للعائلات العالقة في باب بن غشير.
واندلعت ليلة الجمعة وفجر السبت اشتباكات مسلحة وسط العاصمة الليبية طرابلس استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وسمعت في نواحي متعددة من المدينة أصوات الاشتباكات المستمرة، والقذائف، ونشرت مواقع تواصل اجتماعي مقاطع فيديو تظهر تبادل النيران في منطقتي باب بن غشير، وشارع الزاوية وسط المدينة، واحتراق سيارات في أحد الأحياء.
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة