ليبيا.. اللجنة الدستورية لمجلس الدولة تعقد أول اجتماعاتها
١٦ مارس ٢٠٢٢
بعد يومين من تشكيلها في إطار مبادرة أممية لصياغة قاعدة دستورية تبنى عليها الانتخابات، عقدت اللجنة الدستورية للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا أول اجتماعاتها. وحذرت الأمم المتحدة من أزمة النزاع على السلطة التنفيذية في البلاد.
إعلان
عقدت اللجنة المكلفة من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بصياغة القاعدة الدستورية أول اجتماع لها اليوم الأربعاء (16 آذار/ مارس 2022) مع رئيس ونائب رئيس مجلس الدولة. ووفقاً للمكتب الإعلامي بالمجلس، فقد تمحور اجتماع اللجنة الأول حول مناقشة الخطوط العريضة التي ينبغي التركيز عليها عند لقاء اللجنة الأخرى المقابلة من مجلس النواب.
وتبعاً لمبادرة أممية أطلقتها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، من المفترض أن يشكل مجلس النواب في طبرق لجنة مماثلة للجنة مجلس الدولة، من أجل صياغة قاعدة دستورية تبنى عليها الانتخابات الليبية القادمة، والتي لم يتم الاتفاق على موعدها بعد.
وعقد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ونائبه، عبد الله اللافي، اليوم الأربعاء، اجتماعاً موسعاً مع عدد من السفراء المعتمدين لدى ليبيا، والداعمين للمسار السياسي، وإرساء الاستقرار في البلاد، بحضور وليامز، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه ساباديل.
وشارك في الاجتماع سفراء كلاً من:بريطانيا، ومصر، وإيطاليا، وقطر، واليونان، والمغرب، والجزائر، والولايات المتحدة، وألمانيا، وتونس، وتركيا، والكونغو، وإسبانيا، وفرنسا، ومالطا، وروسيا، وهولندا، والإمارات.
وجدد المنفي في افتتاح الاجتماع، ترحيب المجلس الرئاسي بمبادرة وليامز ودعمه لها، مؤكداً أن الحل في ليبيا حل سياسي وليس قانوني، ابتداءً من اتفاق الصخيرات إلى مساري برلين وحوار جنيف، وأن المجلس لن يسمح بالعودة إلى الانقسام المؤسسي، أو لأي صدام مسلح، وأن المجلس يمثل وحدة ليبيا، وملتزم بالعمل مع كل الأطراف.
بدورها أشادت المستشارة الأممية بعمل المجلس الرئاسي طيلة الفترة الماضية، ودوره في المحافظة على وحدة البلاد وعدم الانقسام، والعمل المتواصل على ملف المصالحة، معبرةً عن امتنانها العميق بدعم المجلس الرئاسي لمبادرتها الأخيرة.
تحذير من النزاع على السلطة
وفي حين تلقى مبادرة ويليامز ترحيباً من مجلس الدولة الذي شكل أول أمس الإثنين لجنته بالخصوص، لايزال مجلس النواب يبدي تحفظاً حولها، ولم يدع لأي اجتماع لمناقشة الأمر. ويتمسك مجلس النواب بخارطة الطريق التي أقرها الشهر الماضي، والتي تقضي بأن تقوم لجنة مماثلة من المجلسين بتعديل مشروع الدستور وطرحه للاستفتاء، ثم إجراء الانتخابات في مدة لا تتجاوز 14 شهراً.
وحذرت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء من أزمة النزاع على السلطة في ليبيا. وقالت مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة لمجلس الأمن اليوم الأربعاء إن أزمة النزاع على السيطرة على السلطة التنفيذية في ليبيا قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد وتشكيل حكومات موازية. وقالت روزماري ديكارلو "تواجه ليبيا الآن مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي، مما يهدد بتقسيم مؤسساتها مرة أخرى وتبديد المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين".
وتصاعدت حدة الأزمة السياسية في ليبيا منذ انهيار الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في كانون الأول/دسيمبر الماضي، في إطار عملية سلام تهدف لإعادة توحيد البلاد بعد سنوات من الفوضى والحرب في أعقاب انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي.
وأعلن البرلمان انتهاء ولاية حكومة الوحدة المؤقتة التي كان من المفترض أن تشرف على الانتخابات، وعُين فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء هذا الشهر. لكن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة رفض تسليم السلطة، مما تسبب في تعبئة الفصائل المسلحة الداعمة لكل جانب لقواتها داخل العاصمة وحولها.
م.ع.ح/ص.ش (د ب أ ، رويترز)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة