ليبيا: النزاع المقبل المحتدم على حدود أوروبا الخارجية
٥ مارس ٢٠٢٠
بعد استقالة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا سلامة يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بوقف المواجهات الحربية. ويبدو حاليا بالأحرى أن نموذج حروب مقبلة ينكشف في ليبيا.
إعلان
المبعوث الأممي السادس لليبيا يستقيل..فهل يظل السلام ممكنا؟
25:39
لقد كانت كلمات مقتضبة أعلن فيها شتيفان دوجاريتش، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش عن استقالة المبعوث الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة. وأوضح أن الأمين العام كانت له دوما الثقة الكاملة في عمل السيد سلامة. وبعد استقالته سيناقش معه سبل انتقال سلس بغية الحفاظ على ديناميكية المفاوضات.
والديناميكية، كيفما يمكن أن تفهم من كلام دوجاريتش، طورت إلى حد الآن في أحسن الأحوال قوة بحجم مقدورعليه. لكن الأهداف الأساسية لم تتحقق حتى بعد سنوات من الوساطة. والأمين العام يطالب بوقف فوري للمواجهات، ويذكر بالقرار رقم 2510 الصادر مؤخرا من قبل مجلس الأمن الدولي ويطالب بتنفيذه.
سلامة تقريبا بدون فرصة
واستقالة سلامة هي نتيجة لانعدام الدعم الذي لقيه من جميع الفاعلين في ليبيا، كما تقول الباحثة في علوم السياسة وخبيرة ليبيا، إنغا تراوتيغ من المعهد الملكي في لندن (كينغز كوليغ). فلا المجتمع الدولي الممثل من طرف مجلس الأمن الدولي ولا الدول الفاعلة في ليبيا قدمت له الدعم. والفاعلون الليبيون برهنوا على نقص في كل التزام.
وفي الأسبوع الماضي أعلن سلامة أنه حصل على دعم شفهي عقب مؤتمر برلين في يناير/ كانون الثاني، لكنه بعد ذلك اكتشف أنه لا أحد يلتزم بذلك ـ وعوض ذلك حصل تصعيد. كما كان سلامة محبطا أيضا من أن الجانب الليبي كان يرفع له باستمرار طلبات لم يكن قادرا على تلبيتها.
ويعود فشل سلامة أيضا إلى كون أنه لم يتم الفصل بما يكفي بين المشاكل السياسية والاقتصادية والعسكرية في ليبيا، كما أفادت تراوتيغ. وكان من الصعب إيجاد حلول وسط سياسية. "وكان من الصعب الجمع بين المسؤولين السياسيين من شرق ليبيا وغربها. وهنا قلما وُجدت حلول وسط، بل لم يحصل حتى لقاء مع جميع الممثلين".
وبالنسبة للحكومة السورية يمثل هذا خطوة إضافية، وإن كانت صغيرة، نحو اعتراف دولي. وحفتر من جانبه يمكن أن يعول على الدعم من جانب سوريا وبصفة غير مباشرة من حليفتها ايران وحزب الله.
وتربط حفتر منذ مدة علاقات مع روسيا الحليف الرئيسي لسوريا. وحفتر والأسد يجمعهما شيء إضافي آخر وهو عداوتهما مع تركيا. وتركيا تدعم من جانبها عسكريا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، التي تأمل تركيا منها في الحصول على امتيازات في الخلاف حول موارد الغاز المكتشفة قبل بضع سنوات في البحر المتوسط. وهذه الموارد لا تقع في المياه التركية، بل في المنطقة البحرية الليبية.
كما أن تركيا مقربة من الإخوان المسلمين وتصطدم في ذلك بمقاومة قوية من حكومة مصر. وبعد سقوط الرئيس محمد مرسي المنحدر من صفوف الإخوان المسلمين في عام 2013 تحارب حكومة السيسي تحت خرق حقوق الإنسان الأساسية الإخوان المسلمين، وهي تخشى الآن انبعاثها في ليبيا وتساهم مثل بعض الدول الخليجية في مقدمتها الإمارات العربية المتحدة في تدويل النزاع في ليبيا.
وحتى الاتحاد الأوروبي يتبع مصالح في ليبيا وهو يريد بالأخص تفادي أن تتحول ليبيا إلى ساحة غير مراقبة للاجئين والمهاجرين. وبمقدور الاتحاد الأوروبي تحقيق هذا الهدف فقط إذا تعاونت الدول الأعضاء معا، كما تقول إنغا تراوتيغ من المعهد الملكي في لندن. مع العلم أن اللاجئين يتأثرون بشكل خاص بالعمليات القتالية.
نموذج حروب المستقبل؟
خبير شؤون ليبيا، فولفرام لاخر، من "مؤسسة العلوم والسياسة" في برلين أشار في وثيقة إلى الديناميكية الأساسية للنزاع في ليبيا إلى أن هناك ثلاث تصنيفات لمواجهات مسلحة مستقبلية. إذ سيتم استخدام الطائرات المسيرة بانتظام. وهذه لا تقلل فقط من المخاطر التي يتعرض لها الفاعلون، بل تساعد أيضا في حجب هويتهم. والهدف نفسه تخدمه الاستعانة بوحدات المرتزقة التي لا يُعرف لحساب من تعمل.
والميول للتغطية على هوية الفاعلين يرتكز إلى حقيقة أن قوى كبرى مستعدة أكثر للعمل على أساس هذه الخطط. وحتى سياسة الأخبار المضللة تسجل مستويات جديدة في ليبيا. وهذا النوع من الديناميكية يُضعف سلطة مجلس الأمن الدولي. وعوض أن يهتم هذا الأخير بتنفيذ عقوباته وقراراته ضد ليبيا، فإن استرتيجية الحرب غير المفتوحة تفرض نفسها في ليبيا وتدمر النظام الدولي بصفة متزايدة.
كرستن كنيب/ م.أ.م
أبرز القوى المسلحة المتصارعة على النفوذ في المشهد الليبي
البعض يقول إنها حوالي 30، في حين يصل البعض الآخر بالرقم إلى 1600. إنها الجماعات والميلشيات التي تحمل السلاح في ليبيا. DW عربية ترصد في هذه الجولة المصورة أبرز القوى المسلحة في المشهد الليبي الديناميكي والمتداخل.
صورة من: Reuters TV
العاصمة طرابلس
قوة حماية طرابلس، وهي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
صورة من: Reuters/H. Amara
"الجيش الوطني الليبي"
قوات اللواء السابق خليفة حفتر المسماة "الجيش الوطني الليبي"، تسيطر على معظم مناطق الشرق من سرت غرباً إلى الحدود المصرية. وتسيطر قوات حفتر على مناطق الهلال النفطي على ساحل المتوسط شمالاً إلى مدينة الكفرة ونواحي سبها جنوباً وتسعى حاليا للسيطرة على طرابلس. قوات حفتر هي الأكثر تسلحا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وضمنهم ضباط سابقون في الجيش الليبي وتشكيلات مسلحة وعناصر قبلية إضافة إلى سلفيين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Doma
كتائب مصراتة
فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.
صورة من: picture alliance/abaca
"فجر ليبيا"
كان تحالفاً عريضاً لميلشيات إسلامية، يربطها البعض بجماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار طرابلس" وكتائب أخرى من مصراته. في 2014 اندلعت معارك عنيفة بين هذا التحالف و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، خرج منها حفتر مسيطراً على رقعة كبيرة من التراب الليبي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
فصائل منكفئة في الزنتان
انكفأت فصائل الزنتان بعد طردها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، ويبقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و"الجيش الوطني الليبي" في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.
صورة من: DW/D. Laribi
جماعات متحركة في الصحراء
تعتبر فزان أهم منطقة في الجنوب الليبي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح..وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبروكينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية(القاعدة وداعش) تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Delay
"داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلامياً باسم "داعش" ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر من نفس العام تبنى التنظيم أول اعتداء بعد تمركزه في البلاد مستغلاً غياب السلطة. ويمارس التنظيم لعبة الكر والفر، كما حقق مكاسب، إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر بعض الأراضي. وفي شباط/فبراير 2015 خرج شريط بثه التنظيم الإرهابي يظهر ذبح 21 قبطياً مصرياً.
صورة من: picture-alliance/militant video via AP
"القاعدة" وأفراخها
في 2012 قتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. واتهمت واشنطن مجموعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة بتنفيذ الاعتداء. وقبل ثلاثة أشهر قضت محكمة أمريكية بسجن أحمد أبو ختالة، الذي يعتقد أنه كان زعيماً لـلمجموعة، لمدة 22 عاماً بعدما دانته بالتورط في الهجوم. وتحدثت تقارير إعلامية أن فصائل تنشط على رقعة واسعة من التراب الليبي مرتبطة بالقاعدة وتعمل تحت مسميات مختلفة.
صورة من: Reuters
بين 2011 و2018
ذكرت تقارير للأمم المتحدة أنه يوجد في ليبيا ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وبدوره قدر رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، عدد الميلشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا مسلحة، بعد أن كانوا 18 تشكيلاً عسكريا فقط يوم سقوط العاصمة في آب /أغسطس 2011.
إعداد: خ.س/ م.س