ليبيا: تحديات كبيرة تواجه إجراء الانتخابات الرئاسية
١٤ ديسمبر ٢٠٢١
مشاكل عديدة وملفات كثيرة تنتظر ليبيا بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية الشهر الجالي. لكنّ هناك شكوكاً حول إمكانية إجرائها، في ظل الانقسام العميق داخل المجتمع الليبي ورفض للمرشحين.
إعلان
من المقرر أن يتوجه الليبيون يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للبلاد، في محطة تعتبر تتمة لعملية سياسية رعتها الأمم المتحدة وتهدف إلى وضع حد لعقد من الفوضى في البلاد بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
ويشكل تنظيم الانتخابات تحدياً كبيراً للسلطات الانتقالية، التي تتولى إدارة شؤون البلاد منذ مارس/ آذار. وفي حال حصول الانتخابات، وهو أمر مشكوك به، هناك قضايا كبرى عالقة تنتظر حلولاً.
وتحيط شكوك كثيرة بمسألة إجراء الانتخابات، بسبب الانقسامات العميقة، لاسيما حول قانونية القانون الذي ستجري على أساسه. فقد أقر البرلمان، الذي يتخذ من طبرق في الشرق مقراً له، في سبتمبر/ أيلول، قانوناً انتخابياً مثيراً للجدل دون طرحه للتصويت. وارتفعت أصوات منددة بأنه فُصّل على قياس المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في الشرق، والذي تسيطر قواته على شرق البلاد وقسم من الجنوب.
وينص القانون على وجوب أن يستقيل المسؤولون من مهامهم في حال أرادوا الترشح للانتخابات الرئاسية – الأمر الذي فعله حفتر بعد أن استقال من قيادة "الجيش الوطني الليبي" قبل أن يترشح – على أن يستعيدوا منصبهم في حال لم يفوزوا بالانتخابات.
وأعلنت السلطات الأحد إرجاء الكشف عن لائحة مرشحي الانتخابات الرئاسية، ما زاد من الشكوك حول إجرائها بالفعل.
وضع أمني هش وشكوك في التزوير
وعلى الرغم من التقدم السياسي الذي تم إحرازه منذ سنة، خاصة بعد وقف إطلاق النار بين شرق ليبيا وغربها، يبقى الوضع الأمني هشاً. ففي الشرق، أقام حفتر نظاماً متسلطاً إلى حد بعيد، يصفه معارضوه بـ"الدكتاتورية العسكرية". وفي المناطق الأخرى، يسود حكم المجموعات المسلحة المتنافسة أحياناً.
هذا وتخللت العملية الانتخابية حوادث عدة، ففي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلنت الحكومة الليبية أن مجهولين اعتدوا على المحكمة الابتدائية في سبها (جنوب)، ما حال دون انعقادها للنظر في طعن قدمه سيف الإسلام القذافي، على قرار منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية. وفي النهاية، أُقرت المحكمة ترشيح القذافي. وأثار هذا الحادث "قلق" الأمم المتحدة.
كما اشتكى ناخبون على مواقع التواصل الاجتماعي من أن أشخاصاً سحبوا بطاقاتهم الانتخابية، ما غذى الشكوك باحتمال حصول تزوير. وسُرق أكثر من 2300 بطاقة انتخابية من خمسة مراكز اقتراع على أيدي مسلحين في غرب البلاد، بينها طرابلس.
وتشكل ردة الفعل على الانتخابات في حال حصولها أبرز مصدر قلق. ففي غرب البلاد، هناك عداء واضح للمشير خليفة حفتر، الذي شن هجوماً ضارياً في محاولة للسيطرة على طرابلس بين العامين 2019 و2020.
ويرى نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة، جمال بينومار، الذي يرأس حالياً المركز الدولي لمبادرات الحوار، أنه سواء تم إرجاء الانتخابات أم لا، فإن ظروف إجراء "انتخابات حرة وعادلة غير متوفرة، فالليبيون منقسمون بشكل أعمق يحول دون قبولهم او توافقهم على نتائج الانتخابات".
وما تزال هناك ملفات عديدة تنتظر أي حكومة ليبية مقبلة، أبرزها توحيد المؤسسات، لاسيما المصرف المركزي والجيش. كما يجب وضع دستور للبلاد التي لم يعد لها دستور منذ ألغاه القذافي عام 1969.
ويفترض تناول وضع حقوق الإنسان في البلاد. فقد أفاد تقرير لبعثة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في بداية أكتوبر/ تشرين الأول أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في ليبيا منذ 2016. كما تحولت البلاد إلى نقطة للاتجار بالبشر في المنطقة، ويوجد فيها عشرات آلاف المهاجرين غير القانونيين الساعين إلى العبور نحو أوروبا، ممن وجدوا أنفسهم عالقين في مخيمات في ظروف مأساوية.
بالإضافة إلى ذلك، يريد السكان حلولاً لمشاكلهم الحياتية الكثيرة، مثل انقطاع الكهرباء ونقص السيولة، والتضخم المالي، والحاجة إلى إنعاش الاقتصاد المعتمد بقوة على تصدير المشتقات النفطية.
ويعتبر تفكيك المليشيات شرطاً أساسياً لإحلال السلم في البلاد، إلى جانب خروج حوالي عشرين ألف عنصر من المرتزقة والمقاتلين الأجانب، الذين دخلوا ليبيا ليقاتلوا إلى جانب هذا الطرف أو ذاك.
ي.أ/ ص.ش (أ ف ب)
في ذكراها العاشرة.. أبرز الشخصيات في مسار الأزمة الليبية
عشر سنوات مرت على اندلاع الثورة الليبية ضد نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. وخلال هذه السنوات لعبت بعض الشخصيات دوراً أساسياً في مراحل مختلفة للأزمة التي تشهدها البلاد منذ ذلك الحين. فمن أبرز هذه الشخصيات؟
مصطفى عبدالجليل
يعد أبرز وجوه الثورة الليبية ضد نظام معمر القذافي. كان وزيراً للعدل في حكومة القذافي بين عامي 2007 و2011. وبعد أيام من انطلاق الثورة، قدم استقالته احتجاجاً على قمع المتظاهرين، ليصبح بعدها رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي تأسس ليكون واجهة الثورة. واستمر عبدالجليل في منصبه حتى آب/أغسطس عام 2012 عندما تم حل المجلس الوطني الانتقالي الذي سلم السلطة إلى المؤتمر الوطني العام.
صورة من: picture alliance / dpa
محمود جبريل
يعتبر محمود جبريل من أبرز الشخصيات السياسية الليبية التي تخلت عن نظام القذافي. أنشأ حزب تحالف القوى الوطنية السياسي وقاد أول حكومة بعد الانتفاضة الشعبية في 2011. وابتعد عن الساحة السياسية عقب انتخابات 2012 وإقرار قانون يحظر على المسؤولين السابقين بنظام القذافي تقلد المناصب العامة. توفي في الخامس من أبريل/ نيسان 2020 بعد إصابته بفيروس كورونا.
صورة من: picture-alliance/dpa
عبدالحكيم بلحاج
كان أبرز قادة "معركة طرابلس" التي سيطرت فيها القوات المعارضة على العاصمة، وتولى بعدها رئاسة المجلس العسكري للمدينة، قبل أن يستقيل ويعلن تأسيس "حزب الوطن" الإسلامي. وكان بلحاج من مؤسسي تنظيم "الجماعة الليبية المقاتلة" الجهادي السلفي بعد أن عاد من أفغانستان التي كان قد هاجر إليها للمشاركة فيما يعرف بـ"الجهاد الأفغاني" ضد القوات السوفييتية.
صورة من: picture alliance/dpa
محمد يوسف المقريف
هو أول رئيس للمؤتمر الوطني العام في ليبيا الذي انتخب عضواً فيه على قائمة حزب الجبهة الوطنية. وشغل المقريف، الحائز على دكتوراه في المالية من بريطانيا، مناصب عديدة في نظام القذافي خلال السبعينيات. وفي 1980 استقال من منصب سفير ليبيا في الهند وانضم إلى المعارضة في المنفى وأسس مع منشقين آخرين الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا. قدم استقالته كرئيس للمؤتمر الوطني العام في 2013 امتثالاً لقانون العزل السياسي.
صورة من: STR/EPA/dpa/picture alliance
نوري بوسهمين
الرئيس الثاني والأخير للمؤتمر الوطني العام في ليبيا الذي سلم السلطة التشريعية لمجلس النواب الليبي عام 2014. ويعد بوسهمين أول أمازيغي يتولى منصباً سياسياً عالياً في ليبيا، وهو حائز على إجازة في الحقوق من جامعة بنغازي.
صورة من: picture-alliance/dpa
عقيلة صالح عيسى
انتخب كأول رئيس لأول مجلس نواب ليبي بعد عهد القذافي. وهو حاصل على إجازة في الحقوق، وتقلد مناصب قضائية عدة في ليبيا في عهد القذافي. كما كان عضواً في اللجنة القضائية في "المجلس الوطني الانتقالي" عام 2011. ينتمي لقبيلة العبيدات، إحدى أشهر القبائل في ليبيا.
صورة من: AFP/A. Doma
خليفة حفتر
يعد أحد أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في المشهد الليبي بعد سقوط حكم القذافي. انشق عن نظام القذافي أواخر ثمانينيات القرن العشرين، وأقام فترة في المنفى بالولايات المتحدة ثم عاد إلى ليبيا. في سنة 2015 عينه مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق قائداً عاماً للجيش. تسيطر قواته "الجيش الوطني الليبي" على شرق ليبيا ويحظى بدعم مصر والإمارات ودول أخرى.
صورة من: picture-alliance/ Balkis Press
فايز السراج
انتُخب رئيساً لحكومة الوفاق الوطني –المعترف بها دولياً والتي تتخذ من طرابلس مقراً لها- في تشرين الأول/أكتوبر عام 2015. وكان قبل ذلك عضواً في مجلس النواب عن طرابلس. وهو مهندس معماري كما يحمل درجة ماجستير في إدارة الأعمال. أما سياسياً فهو عضو حزب التحالف القومي الوطني في طرابلس وعضو الهيئة التحضيرية للحوار الوطني. والده مصطفى السراج، كان سياسياً ووزيراً للاقتصاد ثم التعليم في العهد الملكي بليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Turkish Presidency
محمد المنفي
اختير المنفي (على اليسار) رئيساً للمجلس الرئاسي في ليبيا في شباط/فبراير 2021. ينحدر المنفي من إقليم برقة، وينتمي لقبيلة "المنفي" بأقصى الشرق الليبي، وهي إحدى أكبر قبائل الشرق، ومن أشهر أبنائها المعروفين "عمر المختار". شغل المنفي منصب سفير ليبيا في اليونان، قبل أن يتم طرده على خلفية اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا نهاية عام 2019.
صورة من: twitter.com/Mohamedelmonfy
عبدالحميد دبيبة
تم انتخابه رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية الليبية في شباط/فبراير 2021. وهو رجل أعمال ينتمي إلى مدينة مصراتة، وحصل على درجة الماجستير في الهندسة من جامعة تورنتو بكندا. ويشغل دبيبة منصب رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة، وله نشاط سياسي تمثل في تشكيله تيار "ليبيا المستقبل" الذي يترأس مجلس إدارته.
صورة من: Mucahit Aydemir/AA/picture alliance
موسى الكوني
فاز بعضوية المجلس الرئاسي في شباط/فبراير 2021. ينحدر من قبائل "الطوارق" الامازيغية، وولد بمدينة غدامس جنوب غرب طرابلس. كان الكوني يشغل منصب سفير ليبيا في مالي أيام نظام العقيد الليبي معمر القذافي، قبل أن يعلن انشقاقه عن النظام على خلفية أحداث الثورة الليبية عام 2011. كما شغل الكوني منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عن الجنوب الليبي، قبل أن يتقدم باستقالته. إعداد: محي الدين حسين