ليبيا.. توتر بين حكومتين والخوف من العودة للاقتتال
١٨ أبريل ٢٠٢٢
شد وجذب وتوتر بين حكومة مكلفة بقيادة فتحي باشاغا تؤكد التزامها بخارطة الطريق وأنها ستدخل طرابلس وحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تعيين الحكومة الجديدة وينوي التوجه لزيارة الجزائر.
إعلان
قالت حكومة الوحدة الوطنية الليبية إن رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة وعدداً من كبار المسؤولين في الحكومة من بينهم قادة أمنيون يتوجهون إلى الجزائر في زيارة رسمية. وتمثل الزيارة خروجا نادرا للدبيبة من طرابلس منذ أن عيّن البرلمان في شرق ليبيا رئيس وزراء آخر وهي خطوة رفضها الدبيبة وسط مواجهة مسلحة بين الفصائل المتناحرة للسيطرة على الحكومة.
من جانبها، جدّدت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب التزامها بتنفيذ خارطة الطريق التي اعتمدها مجلس النواب من أجل الوصول إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في أقرب الآجال، وتحقيق الاستقرار والسلام والمصالحة الوطنية الشاملة. وأكدت الحكومة الجديدة في بيان صحفي لنائب رئيسها عن الجنوب، سالم الزّادمة أنها "حكومة توافقية تمثل كل الليبيين من خلال تلبية متطلباتهم، وحل جميع مشاكلهم، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية"، منوهة أن "هذا لن يتأتى إلا عبر استلام مهام عملها في مدينة طرابلس". وشدّد البيان الذي صدر فجر اليوم الاثنين (18 أبريل/ نيسان 2022) على "عزم الحكومة دخول المدينة واستلام مقراتها ومؤسساتها بالطرق السلمية والقانونية في أقرب وقت".
يذكر أن الحكومة الجديدة أدت اليمين القانونية بقيادة رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا، أمام مجلس النواب في الأول من آذار/ مارس الماضي، ولم تدخل عاصمة البلاد حيث تسيطر حكومة الوحدة الوطنية و ترفض التسليم إلا عقب إجراء الانتخابات. وسادت طرابلس مطلع هذا الأسبوع أجواء من التوتر والتحشيدات العسكرية دفعت قادة كتائب أمنية وعسكرية لإصدار بيانات تطالب بعدم عسكرة الصراع بين الحكومتين وإبقائه ضمن الإطار السياسي.
وتلقى الحكومة الجديدة دعماً من مجلس النواب الذي منحها الثقة ضمن خارطة طريق أقرها في شباط/ فبراير وعدّل بموجبها الإعلان الدستوري. وتقضي إضافة لتغيير الحكومة بتعديل مواد خلافية في مشروع الدستور وطرحه للاستفتاء ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
من ناحية أخرى، يُفضّل المجلس الأعلى للدولة بقاء حكومة الوحدة الوطنية الحالية لحين التفاهم مع مجلس النواب على سيناريو الانتخابات. وفي هذا الجانب، يتماهى المجلس مع مبادرة أممية تتجه نحو إقرار قاعدة دستورية تُجرى على أساسها الانتخابات، وتحويل أمر الدستور للبرلمان القادم.
موجة مؤلمة من الإغلاقات
وتسبب هذا التوتر في التأثير على انتاج وتصدير النفط، فقد حذرت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية اليوم الاثنين من "موجة مؤلمة من الإغلاقات" بعد إعلانها حالة القوة القاهرة على الصادرات من ميناء الزويتينة النفطي، حيث توسع قوات في الشرق نطاق حظر الإنتاج بسبب الأزمة السياسية.
ومع شح المعروض في أسواق الطاقة العالمية بالفعل بسبب الأزمة الأوكرانية ستضع المزيد من الخسائر في إنتاج ليبيا، الذي بلغ مؤخرا 1.2 مليون برميل يوميا في المتوسط، ضغوطا إضافية على الأسعار.
وقال المتظاهرون في الزويتينة في بيان عبر رابط فيديو أمس الأحد إنهم سيوقفون الإنتاج حتى يترك الدبيبة منصبه. ويقول محللون إن خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا يمارس نفوذا واسعا على الشرق بأكمله بما في ذلك مناطق إنتاج النفط الرئيسية التي توقف فيها الإنتاج.
ع.خ/ ع.غ (رويتزر، د ب ا)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة