1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليبيا ـ انتكاسات خليفة حفتر كما واكبها الإعلام الألماني

حسن زنيند
١٠ يونيو ٢٠٢٠

تابعت وسائل الإعلام الألمانية الانتكاسات العسكرية للجنرال خليفة حفتر وتداعياتها إقليميا وأوروبيا. وذهبت غالبية التعليقات إلى اعتبار أن التطورات الأخيرة ترسم أبواب "تقاعد فعلي" لجنرال عُرف بـ "العناد والتهور".

LNA Chef Khalifa Haftar
صورة من: picture-alliance/ Balkis Press

عزلة حفتر ـ هل يتخلى عنه الحلفاء؟

مبادرة السيسي بين الحل السياسي وشبح تقسيم ليبيا

هزيمة حفتر تُسقط أقنعة المتورطين في الحرب

أي دور لألمانيا والاتحاد الأوروبي؟

السيناريو السوري ـ بوتين يُوظف التناقضات الغربية

 

 

عزلة حفتر ـ هل يتخلى عنه الحلفاء؟

هل يتجه الجنرال خليفة حفتر (76 عاما) للانسحاب من المشهد الليبي وقضاء ما تبقى له من أيام في إحدى العواصم الخليجية؟ هناك مجموعة من المؤشرات الموضوعية تدفع للاعتقاد بأن مستقبل الجنرال المتمرد بات خلفه وليس أمامه. فمن كان يسمى بـ"الرجل القوي" في ليبيا بات مهددا بعزلة متزايدة وقد يتخلى عنه حلفائه في أي لحظة، بعد الانتكاسات المتتالية لقواته في غرب ليبيا، رغم دعم قِوى إقليمية ودولية وازنة كروسيا ومصر ودولة الإمارات.

ولم يعد مستبعدا أن يتخلى عنه داعموه إذا اقتنعوا أنه عقبة أمام تحقيق مصالحهم في ليبيا. عزلة حفتر تزداد يوما بعد يوم، وحتى علاقته بالروس ليست على ما يرام وباتوا يشككون في قدراته كقائد عسكري علاوة على تهوره السياسي. حفتر اشتهر بعناده وتصلب مواقفه فقد رفض في السابق كل مبادرات السلام الدولية لحل الأزمة الليبية. كما أعلن تحرره من "اتفاق الصخيرات" الذي رعته الأمم المتحدة.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "تاغستسايتونغ" اليسارية يوم (الثامن من يونيو/ حزيران 2020) أنه بعدما نصًب نفسه حاكما وحيدا على ليبيا، ظهرت انشقاقات بينه وبين حلفائه الليبيين "حينها مد الزعيم عقيلة صالح (رئيس البرلمان الليبي وحليف حفتر) يديه بحذر إلى الغرب (حكومة طرابلس) عارضا لمبادرة سياسية (..). حينها انتشرت شائعات حول انقلاب محتمل في مناطق نفوذ حفتر تكون قد استهدفت صالح. ولاحظ المراقبون اليقظون أن الأخير تحدث إلى حفتر في المؤتمر الصحفي"، الذي ترأسه السيسي في القاهرة حينما قدم مبادرة سلام جديدة. "المراقبون لاحظوا أيضا حضور ديبلوماسيين أمريكيين وروس وفرنسيين، فيما غاب ممثلون عن حكومة الوفاق وداعميها من تركيا وقطر".

مبادرة السيسي بين الحل السياسي وشبح تقسيم ليبيا

أفكار المبادرة التي قدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استلهمت جزئياً من مبادرات سلام سابقة، من بينها توصيات مؤتمر برلين (يناير/ كانون الثاني 2020)، غير أن حفتر كان يرفضها دائما، لقناعته بقدرته على فرض الحل العسكري على الأرض. ويبدو أن مستقبل الوضع في ليبيا بات مرتبطا أكثر من أي وقت مضى، بالقوى الدولية والإقليمية أكثر من ارتباطه بالأطراف الليبية ذاتها. فإذا كانت الانتصارات العسكرية لحكومة الوفاق ترجع بالأساس للدعم التركي، فإن الجنرال حفتر، ما كان له أن يشن هجومه على طرابلس دون دعم مصري روسي وإماراتي. عدة صحف ألمانية رأت أن مفتاح الحل بات في يد أنقرة وموسكو، فالبلدان قد يعيدان تجربة توافقهما في سوريا ويحددان خطوط تماس بين طرفي النزاع في انتظار مفاوضات سلام جدية.

صحيفة "زودويتشه تسايتونغ" (السابع من يونيو/ حزيران 2020) استبعدت تجاوب حكومة فايز السراج مع المبادرة المصرية واعتبرت أن الهوة الإيديولوجية بين تركيا من جهة ومصر والإمارات من جهة أخرى عميقة جدا. وتناقل الإعلام الألماني على نطاق واسع رد فعل محمد قنونو، المتحدث باسم الجيش الليبي (التابع لحكومة الوفاق) الذي قال "نحن لم نبدأ هذه الحرب، لكننا من يحدد زمان ومكان نهايتها (..) ليس لدينا وقت فراغ لمشاهدة هرطقات مجرم حرب (خليفة حفتر) على الفضائيات". المصريون والإماراتيون يرون في حفتر جدارا ضد الإسلام السياسي، ولا يمانعون في إقامته لديكتاتورية عسكرية في ليبيا تقول الصحيفة.

وليس من الواضح بعد، ما إذا كانت التطورات العسكرية الأخيرة ستفتح باب الحل الديبلوماسي، فحفتر لا يزال يسيطر على أجزاء واسعة من ليبيا. وهو ما يجعل سيناريو تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ غير مستبعد تماما. فقد يصبح الشرق محمية روسية. وتستحوذ تركياعلى غرب ليبيا، فيما ستقف أوروبا متفرجة كما حدث في سوريا.

 

هزيمة حفتر تُسقط "أقنعة" المتورطين

دانييل هيشلر مراسل القناة الأولى في التلفزة الألمانية "أ.إير.دي" كتب من القاهرة في (السادس من يونيو/ حزيران 2020) موضحا أن حروب الوكالة والمصالح الخارجية هي أكثر ما يفاقم تمزق الوضع في ليبيا التي "تتقاتل فيها قوى متعددة من أجل السلطة والنفوذ، فليبيا بثروتها النفطية والغازية، إضافة لمراقبة ما يقرب من 700.000 لاجئ هدفهم التوجه إلى أوروبا، علاوة على صراعات الهيمنة الإقليمية وتواجد تنظيم داعش الإرهابي". وذهب كريستوف إرهاردت من فرنكفورته ألغمينتسايتونغ" (الثامن من يونيو/ حزيران 2020)، في نفس الاتجاه وكتب "بالنسبة لمؤيدي حفتر، تكتسي سرت أهمية خاصة، وراءها يكمن ‘الهلال النفطي‘ ذي الأهمية الاستراتيجية، والذي يمتد على طول الخط الساحلي إلى بنغازي. وتسيطر قوات حفتر على مرافق تصدير النفط المركزية هناك. ومن غير المرجح أن تقف موسكو والقاهرة وأبو ظبي مكتوفة الأيدي إذا تقدم حلفاء تركيا الليبيين داخل الهلال النفطي. وعلى هذا الأساس يجب فهم إرسال طائرات حربية روسية إلى ليبيا، كإشارة إلى خصوم حفتر بعدم الدفع بهجومهم المضاد بعيدًا".

أي دور لألمانيا والاتحاد الأوروبي؟

تميزت السياسة الأوروبية اتجاه ليبيا بالتردد والتذبذب بل والتناقض أحيانا. آخر مبادرة أوروبية بهذا الشأن تعود لفبراير/ شباط 2020 حين تم الإعلان عن مهمة بحرية جديدة قبالة الشواطئ الليبية جاءت بعد مخاض من المفاوضات العسيرة بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. وتقوم المهمة على مراقبة حظر وصول الأسلحة إلى الأطراف المتصارعة في ليبيا. يأتي ذلك في سياق قرارات مؤتمر برلين الذي سعى لوضع أسس لاستراتيجية أوروبية بشأن ليبيا. بعد مؤتمر برلين سعت ألمانيا للانخراط بشكل إيجابي في رسم أفق حل سياسي للأزمة الليبية، ولعبت دورا رئيسيا في بلورة "المهمة البحرية" رغم تحفظ بلدان كإيطاليا والنمسا، عبرت عن مخاوفها من أن تسهل المهمة تدفق المزيد من اللاجئين إلى أوروبا.

فرنسا لعبت دورا محوريا في اللبس الذي يحيط بالموقف الأوروبي. فباريس دعمت الجنرال خليفة حفتر، رغم أن الدول الأوروبية تعترف رسميًا بحكومة الوفاق في طرابلس. موقف باريس خلق أزمة ديبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا. فروما تعتبر، بحكم الجوار الجغرافي والعلاقات التاريخية، الأمن في ليبيا جزءا من أمنها القومي. قوات حكومة طرابلس استحوذت على صواريخ مضادة للدبابات فرنسية الصنع كانت في ملكية قوات حفتر الذي تعتبره باريس حليفا في حربها ضد الجهاديين في المنطقة.

وفي عام 2016 قتل ثلاثة جنود فرنسيين في تحطم مروحية عسكرية بالقرب من مدينة بنغازي ما فاجأ المراقبين حينها. الرئيس إيمانويل ماكرون واصل سياسة سلفه فرانسوا هولاند بهذا الشأن ودعا حفتر وخصمه السراج إلى محادثات سلام للمرة الأولى. ماكرون كان أول زعيم غربي يستقبل حفتر، وهو ما اعتبره بعض المراقبين "تسويقا دوليا لأمير حرب". فرنسا حاضرة في ليبيا أيضا عبر شركة توتال النفطية والتي تنافس "إيني" الإيطالية. تناقضات المواقف الأوروبية، جعلت الروس والأتراك يلعبون الأدوار الرئيسية في الشأن الليبي، فيما تقف بروكسل متفرجة وعاجزة. اليونان دولة أوروبية أخرى تسعى لعرقلة أي قرار أوروبي بشأن ليبيا، إذا لم تلغ طرابلس اتفاقها مع تركيا بشأن التنقيب في شرق المتوسط.

السيناريو السوري ـ بوتين يُوظف التناقضات الغربية

المقارنة بين سوريا وليبيا ليست دقيقة، فسوريا تمثل أهمية حيوية بالنسبة لموسكو ليس فقط بوجود قاعدة طرطوس العسكرية التي تضمن الوصول لمياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة، ولكن أيضا لاعتبارات إيديولوجية ترسخت عند الروس خلال حرب الشيشان. فروسيالم تكن مستعدة لقبول نظام في سوريا مرتبط بأي شكل من الأشكال بالإسلام السياسي، في بلد حليف تاريخيا. أما في ليبيا فيبدو الوضع مختلفا نسبيا، حيث تسعى موسكو لتعزيز وجودها لأسباب لها علاقة باستراتيجية الطاقة بحيث يكون لها نفوذ وتأثير في مصادرها جنوب المتوسط وبالتالي التحكم أكثر في سوق الطاقة الأوروبية. والروس ينظرون لليبيا كالحلقة الأضعف في شمال إفريقيا، وإذا ما فقدوها سيكونون قد فقدوا بوابة أساسية إلى إفريقيا.

والواقع أنه لولا مرتزقة "فاغنر" الروسية لما صمدت ميليشيات حفتر أصلا، ولما كان بإمكانها التوغل غرب البلاد. وهنا تكمن مفارقات الموقف الغربي، فالعواصم الغربية شعرت بالذعر لما تبين لها أن السيناريو السوري قد يتكرر من جديد في ليبيا. تذبذب الموقف الأوروبي والسياسة الأحادية لفرنسا وما يشبه الغياب الكامل للأمريكيين، خلق فراغا توغل فيه الروس بتشجيع من التمويل الإماراتي. لكن المراقبين لا يعتقدون أن بوتين سيذهب لحد إنقاذ حفتر كما فعل مع الأسد. لكنه سيعمل بلا شك على الحفاظ على الوجود الروسي في ليبيا بالتنسيق مع حلفائه هناك، الذين قد يتخلون عن حفتر. ومن غير المستبعد دعم عقيلة صالح بدلا منه.

 

حسن زنيند

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW