ليبيا ـ شرطة الآداب الجديدة أداة لتقييد حقوق المرأة
١٩ نوفمبر ٢٠٢٤تقوم الحكومة الليبية في طرابلس بتكثيف الجهود لصد "التأثير الأوروبي" وحماية القيم الاجتماعية الإسلامية، مع استعداد "شرطة الآداب" الجديدة لبدء العمل في ديسمبر/ كانون الأول 2024.
و ستفرض شرطة الآداب لوائح صارمة بشأن زي النساء في الأماكن العامة، بما في ذلك إلزام الفتيات بارتداء الحجاب بدءًا من سن 9 سنوات. ولن يُسمح للنساء بالسفر بدون محرَم، كما سيتم حظر "السلوك غير اللائق" بين النساء والرجال في الأماكن العامة.
و قال عماد الطرابلسي، وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، في وقت سابق من هذا الشهر: "إن ليبيا ليست مكانًا للحريات الشخصية"، مضيفًا أن "من يبحث عن الحرية عليه الذهاب إلى أوروبا".
وقد أثارت هذه التصريحات غضب الشباب الليبي، لا سيما النساء في البلاد. إذ قالت أحلام بن طابون، وهي باحثة مدنية ليبية، مخاطبة الوزير الليبي عبر DW: "كمواطنة ليبية، ليس لديك كوزير أي حق في أن تطلب مني مغادرة البلاد إلى أوروبا إذا لم أوافق على قراراتك".
وأضافت: " ليبيا دولة يجب أن تُحكم بالقوانين المطبقة على الجميع، وليس بآراء شخصية".
وحتى قبل بدء القوة الجديدة، شجعت السياسات المعلنة بالفعل بعض الرجال على محاسبة النساء على ارتداء ملابس أكثر صرامة، وفقًا لما قالته عدة نساء لـ DW.
و قالت ياسمين، 26 عامًا، التي طلبت عدم نشر اسمها الكامل خوفًا من الإنتقام، إنها واجهت موقفاً مشابهاً أثناء سيرها في شارع مزدحم برفقة صديقتها. "اقترب منا رجل وسألنا إن كنا نلتزم بقواعد الاحتشام"
وأضافت ياسمين، التي كانت ترتدي تنورة طويلة. "عندما تجاهلته، بدأ بتهديدي في العلن، ومنذ ذلك الوقت بدأت أشعر بالخوف من التواجد في الأماكن العامة".
و تعرضت زينب تربح، وهي إعلامية ليبية لحادثة مماثلة أثناء قيادتها للسيارة في الطريق السريع. و قالت: "قطع عليّ سائق ذكر الطريق وأشار إلى رأسه، مشيرًا إلى شعري وكان يميل بسيارته نحو سيارتي، محاولًا جعلي أفقد السيطرة على سيارتي وأتعرض لحادث.
وأضافت: "شعرت بالخوف"، مشيرة إلى أن "هذا الرجل شعر بأنه يملك السلطة لمحاسبتي".
منظمات حقوق الإنسان تصف السياسات الجديدة بأنها مقلقة للغاية!
و حذرت منظمات حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، من أن هذه السياسات تعكس تصعيدًا خطيرًا في مستويات القمع الخانقة بالفعل فيليبيا.
و قال بسام القنطار، الباحث الليبي بمنظمة العفو الدولية، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني: "إن مقترحات فرض الحجاب الإجباري على النساء والفتيات بدءًا من سن التاسعة، وتقييد التفاعل بين الرجال والنساء، ومراقبة الخيارات الشخصية للشباب فيما يتعلق بتصفيفات الشعر والملابس ليست فقط مقلقة للغاية، بل تنتهك أيضًا التزامات ليبيا بموجب القانون الدولي".
وأضاف أن مقترحات أخرى، مثل اشتراط إذن من الأوصياء الذكور لسفر النساء وانتهاك خصوصية الأفراد من خلال المراقبة، تشكل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. وقد قدمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا بالفعل شكوى قانونية ضد الطرابلسي لدى النائب العام.
وقال أحمد حمزة، رئيس اللجنة: "إنها انتهاك صارخ للحريات الفردية". وأضاف: "تصريحات الوزير تُهين المجتمع الليبي وتشكل جريمة يعاقب عليها القانون"، مشيرًا إلى المادة 195 من قانون العقوبات الليبي، تحظر انتهاك حقوق المواطنين.
وتابع: "هذه السياسات مجرد وسيلة لتعزيز السيطرة الحكومية. وسط الانقسام السياسي والاقتصادي الحاد، وفيما يبدو أن الحكومة تستخدم هذه المبادرات لتحويل الانتباه عن القضايا الأساسية في البلاد التي عجزت عن تسويتها".
ليبيا المنقسمة منذ عام 2014 بين حكومتين متنافستين. وهي في الغرب تحت إدارة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، بينما الاخرى في الشرق تحت حكم الجنرال خليفة حفتر في بنغازي.
وقد تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد الغنية بالنفط والتي تمتلك ساحلًا طويلاً على البحر المتوسط بسبب الاضطرابات السياسية والمليشيات الحاكمة.
مخاوف من إساءة استخدام جديدة للسلطة
و قال جلال حرشاوي، الخبير في أمن شمال إفريقيا وزميل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، لصحيفة التلغراف البريطانية إن إنشاء شرطة الآداب ستمنح الحكومة سلطات قمعية لتبسيط الاعتقالات بدون إجراءات قانونية.
ومع ذلك، وبسبب الانقسام السياسي في ليبيا، لن تُطبق هذه القيود الجديدة في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف حرشاوي: "لا يستطيع رئيس الوزراء بسط سلطته في كل العاصمة، ناهيك عن خارجها. نحن نتحدث عن بعض المدن، في أفضل السيناريوهات".
ومع ذلك، بالنسبة الليبيين في غرب البلاد، ستظل هذه التطورات تذكرهم بعقود الديكتاتورية تحت حكم معمر القذافي التي انتهت في عام 2011. وستكون شرطة الآداب الجديدة، على سبيل المثال، مخولة بإغلاق صالونات الحلاقة أو مقاهي الأرجيلة التي لا تلتزم باللوائح الجديدة.
وقال أحمد قرقوم، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 23 عاماً، يصف الوضع قائلاً: "اليوم هناك من ينتقد تسريحة شعري، وغداً قد يفرضون عليّ ما أرتدي". وأضاف: "هذه السياسات تخلق بيئة خانقة تجعلنا نشعر بالاغتراب داخل بلدنا".
ساهمت في إعداد هذا التقرير: جينفر هولايس