ليبيا: مجلس الأمن يدعو لاحترام حظر السلاح وعقد انتخابات عامة
١٥ يوليو ٢٠٢١
بيان مجلس الأمن حول ليبيا يؤكد على ضرورة الامتثال لحظر الأسلحة المفروض، بالإضافة إلى عقد الانتخابات في موعدها المقرر، وتوفير القاعدة القانونية والدستورية لها، إضافة إلى سحب العناصر الأجنبية المقاتلة من البلاد.
تلعب ألمانيا دور الوساطة في ليبياصورة من: Michael Sohn/AFP
إعلان
طالب مجلس الأمن الدولي جميع الدول الأعضاء بالامتثال لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، والعمل على مساعدة السلطات الليبية في إخراج المرتزقة وسحب المقاتلين الأجانب من البلاد.
وشدد المجلس في بيان تلاه رئيسه، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وأوردته وكالة الأنباء الليبية (وال) مساء الخميس (15 يوليو/ تموز 2021) "على ضرورة إجراء الانتخابات وفقاً للجدول الزمني الذي وضعه ملتقى الحوار السياسي الليبي"، داعياً السلطات الليبية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتوضيح الأساس الدستوري للانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول القادم.
مجلس الأمن (أرشيف)صورة من: Manuel Elias/UN/dpa/picture alliance
وقبل جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بليبيا، قال ماس في نيويورك الخميس: "المحادثات مع جميع الأطراف أفادت بأننا بصدد البدء في سحب المرتزقة السوريين الذين تم الاستعانة بهم من قبل طرفي الصراع"، مضيفاً أن هذه ستكون "الخطوة الأولى لانسحاب واسع النطاق للقوات الأجنبية من ليبيا، وبدون هذه القوات لا يمكن للحرب الأهلية أن تندلع مجدداً".
من جانبها، قالت ليندا توماس غرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الحل السياسي في ليبيا "أمر ممكن وضروري وعاجل، لكنه يتطلب انتخابات يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول" المقبل، مشددة على ضرورة "وضع الإطارين الدستوري والقانوني للانتخابات للتأكد من حدوث ذلك لضمان النهوض والازدهار وتوحيد البلاد".
وأضافت غرينفيلد: "لا ينبغي إرجاء هذه الانتخابات والعملية ينبغي أن يملكها الليبيون من دون أي تدخل أو نفوذ أجنبي، وأسعدنا الوجود الكبير في اجتماعات جنيف بالإضافة إلى تشكيل الحكومة الانتقالية، وتأكيد مؤتمر برلين على التزامه بدعم إجراء الانتخابات في موعدها الذي يتوقعه المجتمع الدولي، كما أقرتها خارطة الطريق".
كما قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، إن هناك "تفاؤلاً حذراً" تجاه تطور الوضع في ليبيا، مشيراً إلى "بوادر أمل" بدأت تتكون. وأكد نيبنزيا، خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن الدولي حول ليبيا، على أهمية إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر، بعد إنجاز القاعدة الدستورية المنظمة لها.
ليندا توماس غرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدةصورة من: Luiz Rampelotto/EuropaNewswire/picture alliance
وطالب المندوب الروسي بانسحاب "تدريجي ومنسق" لجميع القوات الأجنبية من ليبيا، مشدداً على ضرورة التأكد من عدم "الإخلال بميزان القوى الحالي على الأرض"، والمحافظة على مصالح دول الجوار.
هذا وأكدت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، ترحيب بلادها بالتقدم الذي تم إحرازه في ليبيا من خلال "علمية برلين"، مشيرة إلى أن هناك "جهوداً إضافية تنتظرنا قبل إتمام عملية التحول في ليبيا". وأشارت المندوبة البريطانية إلى "خطوات عاجلة" يتعين معالجتها في ليبيا.
أما المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم في ليبيا، يان كوبيش، فقد لاحظ خلال فترة عمله في ليبيا أن العديد من الأطراف "ليسوا مستعدين للمضي قدماً في ترجمة أقوالهم إلى أفعال"، مشيراً إلى عدم رغبة البعض في إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول، وهو ما يخالف توقعات الأغلبية الساحقة من الشعب والمجتمع الدولي.
كما أشار كوبيش إلى الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب، وكذلك بين الحكومة والجيش الوطني الليبي، وأيضاً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
لكن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، أشار الخميس إلى إن إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر "خيار وطني وتاريخي". وأضاف خلال جلسة مجلس الأمن أن تنفيذ هذا الخيار "يتطلب تكاتف الجميع كل حسب اختصاصه"، مؤكداً أهمية العمل على إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات، حسبما ذكرت "بوابة الوسط" الإخبارية.
واستعرض الدبيبة جهود حكومته في دعم إجراء الانتخابات في موعدها، مثل تشكيل لجنة وزارية لدعم الانتخابات، وتخصيص مبالغ للمفوضة العليا للانتخابات.
من ناحيته، أكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية، عماد السائح، أن السلطات الحالية في ليبيا تستنزف الوقت قبل موعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول.
وأوضح السائح في حوار مفتوح مع صحفيين ونشطاء عبر وسائط التواصل الاجتماعي أنه إذا لم يتم إصدار القوانين الانتخابية قبل حلول شهر أغسطس/ آب المقبل، لن تتمكن المفوضية من إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وستكون هناك انتخابات برلمانية فقط، وبعد شهر ستقام الانتخابات الرئاسية.
ي.أ/ أ.ح (د ب أ)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة