رغم ان كل الانتقاد يوجه الآن إلى البريطانيين، عند الحديث عن الأزمة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ هناك عديد من الدول الأوروبية التي تعاملت منذ زمن ليس بعيد بمواقف معادية ورافضة للاتحاد الأوروبي.
إعلان
في هذه الأيام نسمع الكثير عن البريطانيين "المعادين لأوروبا" أو "الذين يهدمون الفكرة الأوروبية" ويوصفون بأنهم " لم تكن لهم أبدا رغبة في الاتحاد الأوروبي". طبعا من السهل الآن القول إن البريطانيين مسؤولون عن أزمة الاتحاد الأوروبي. ولكن لو نظرنا إلى الماضي القريب سنجد دولا أخرى كادت تهدم هي الأخرى الإتحاد الأوروبي، والأمثلة على ذلك كثيرة !
1. فرنسا
تشكل فرنسا وألمانيا نواة الاتحاد الأوروبي. ورغم ذلك فإن فرنسا مسؤولة هي الأخرى عن عدم إدخال الدستور الأوروبي ووضعه حيز التنفيذ، كما كان مخططا له. ففي استفتاء 29 مايو 2005 صوتت نسبة 54.7 بالمائة من الفرنسيين ضد هذا الدستور وهذا يوازي الآن استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد. فكما كان الشأن بالنسبة لرئيس الوزراء دافيد كامرون اتخذ الرئيس الفرنسي جاك شيراك آنذاك ترتيبات لتنظيم الاستفتاء لأسباب داخلية، رغم أن دستور بلاده لا يقضي بذلك. من خلال الاستفتاء كان شيراك يود منح شرعية قوية لنهجه المؤيد لسياسته الأوروبية. وقد كان متأكدا أن التصويت سيكون لصالح الدستور، كما أكدت ذلك استطلاعات للرأي. ونفس الحساب قام به دافيد كامرون عندما جاء بفكرة إجراء استفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم جاءت النتيجة كما هو معروف.
2. ألمانيا
لم تكن ألمانيا النموذج الأوروبي الأفضل. هلموت شميدت و هيلموت كول يعتبران ولاشك من مؤسسي اليورو ورغم ذلك لم تحترم ألمانيا في السنوات الأولى من بدء العمل بالعملة المشتركة تلك الشروط التي وضعتها هي أيضا بنفسها، فتم إضعاف ذلك المشروع منذ بدايته، كما يؤكد الخبراء ذلك في يومنا هذا. ففي مرات كثيرة متعاقبة، لم تحترم ألمانيا خلال الأعوام الأولى منذ 2000 حدود 3 بالمائة كسقف أعلى للعجز في الناتج المحلي الإجمالي. لكن حدث في ألمانيا ما حدث في غيرها من دول الاتحاد: ما هو ليس مناسبا يصبح مناسبا. عام 2005 تم إعادة إصلاح ميثاق الاستقرار والذي أصبح الآن يأخذ التأثيرات الاقتصادية في الحسبان. وكيفما كان الحال فلم تذنب ألمانيا وحدها في ذلك. وإثر الأزمة الاقتصادية عام 2009 تعدت دول أخرى في الاتحاد حدود سقف 3 بالمائة. من اجل الاستفادة فقط، كانت بريطانيا حتى ذلك الوقت متمكنة من ميزانيتها رغم أنها ليست عضوا في منطقة اليورو.
3. هولندا
في هولندا، وهي إحدى الدول المؤسسة للمجموعة الأوروبية رفض المواطنون أيضا دستور الاتحاد الأوروبي عام 2005. وفي عام 2016 رفضوا في استفتاء اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا. الغريب في الأمر أن هذا الموقف من خلال أصوات الناخبين لم يعتمد أساسا على موضوع الشراكة مع أوكرانيا، كما يلاحظ الخبراء بل جاء نتيجة مبادرات رافضة للإتحاد، بما في ذلك من طرف اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز، حيث كان الهدف هو التعبير عن شكوكهم في الرؤية الأوروبية، حيث حصلوا على 400.000 توقيعا لإرغام الدولة على تنظيم الاستفتاء.
4. السويد
لم تصبح السويد عضوا في الاتحاد الأوروبي إلا عام 1995. ولم تكن تلك الشراكة لأسباب عاطفية، خصوصا بالنظر الى تاريخ البلد و حياده في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وكان هناك دائما تحفظ، خصوصا عام 2003 عندما رفض المواطنون عملة اليورو. آنذاك كان هناك تحالف قوي مع بريطانيا في موضوع رفض عملة اليورو والحفاظ على عملتهما أو في السياسات المالية والأسواق الداخلية الأوروبية. وكشف استطلاع للرأي قامت به إذاعةSVP أنّ نسبة 39 بالمائة فقط من السويديين تعتبر عضوية السويد في الاتحاد شيئا جيدا، أي بتراجع بمستوى 20 بالمائة مقارنة مع عام 2015. وقد يعود السبب في ذلك إلى أزمة اللاجئين. مقارنة بعدد عدد سكانها ليس هناك من دولة أوروبية استقبلت لاجئين أكثر من السويد، في حين أغلقت دول بشرق الاتحاد أبوابها في وجه اللاجئين. كل ذلك يجعل العديد من السويديين يشككون في موضوع التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي.
5. الدانمارك
كثيرا ما يؤخذ على البريطانيين أنهم يريدون صياغة الاتحاد الأوروبي حسب أهوائهم. ولكن دولة الدانمارك الصغيرة هي التي قد تطبق عليها هذه الصورة. من الناحية الجغرافية ليست كل مناطق الدانمارك جزء من الاتحاد الأوروبي، حيث إن منطقة غرينلاند ومنطقة فيرور تتمتعان باستقلال ذاتي. كما حافظت الدانمارك- مثل السويد -على عملتها. وتتجلى مواقفها الناقدة للإتحاد الأوروبي في تاكيدها المستمر على أنه كان من الضروري القيام باستفتاءين أثنين وبعدد من الإصلاحات قبل التوقيع على معاهدة ماستريخت. ومازالت الدانمارك ترفض حتى الآن اعتبار القوانين الأوروبية أعلى من قوانينها. ومثلها مثل النرويج وسويسرا، حيث يتم التشريع القانوني مع بروكسيل بمنظور ثنائي. كما أن الدانمارك – إلى جانب مالطا – هي الدولة العضو الوحيد التي لا تشارك في القوات القتالية لدول الاتحاد الأوروبي.
بريطانيا والاتحاد الأوروبي - محطات في تاريخ الزواج والطلاق
شهدت العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي توترا دائما منذ طلبها عضوية أول تكتل أوروبي سبق الاتحاد. وكثيراً ما حصلت بريطانيا على امتيازات خاصة بها لكن ذلك لم يمنعها من المضي في المغادرة. موجز تاريخ العلاقة في صور.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Dunand
هذا الرجل الذي يصرخ في الميغافون (الميكروفون الضخم)، في وستمنستر يوم 15 يناير/ كانون الثاني 2019 هو ستيف براي، الذي اشتهر من خلال صيحته "أوقفوا البريكست"، التي يصرخ بها في لندن منذ الموافقة في استفتاء شعبي على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2016.
صورة من: Getty Images/M. Kemp
في نفس اليوم كانت هناك هزيمة مدوية تنتظر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. فقد صوت البرلمان البريطاني الثلاثاء (15 كانون الثاني/يناير 2019) بأغلبية ساحقة على رفض خطة الخروج، التي اتفقت عليها حكومة ماي مع الاتحاد الأوروبي. ورفض 432 صوتاً بمجلس العموم الخطة مقابل 202 وافقوا عليها. وتعتبر هذه إحدى أكبر الهزائم التي يتلقاها رئيس حكومة في بريطانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/PA Wire/PA
14 أذار/ مارس 2019
رفض النواب البريطانيون بغالبية كبيرة الخميس (14 أذار/ مارس 2019) تعديلا يطلب إرجاء لبريكست تمهيدا لاجراء استفتاء ثان حول خروج لندن من الاتحاد الاوروبي، وذلك قبل 15 يوما من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي المقرر في 29 آذار/مارس. لكن مجلس العموم صوت لصالح اقتراح رئيسة الوزراء تيريزا ماي الخاص بطلب تمديد مفاوضات الخروج، لمرة واحدة مدتها ثلاثة أشهر، حتى الثلاثين من حزيران/ يونيو المقبل.
صورة من: picture-alliance/AP/M. Duffy
واتفق السياسيون في الاتحاد الأوروبي على أن يوم رفض خطة "بريكست" كان يوماً حزينا لأوروبا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود-يونكر: "أدعو بريطانيا الى توضيح نواياها في أسرع وقت ممكن. لم يعد هناك الكثير من الوقت".
وأضاف "اتفاق الخروج هو تسوية منصفة ويشكل أفضل اتفاق ممكن. يحد من الاثار المسيئة لبريكست على المواطنين والشركات في مجمل أنحاء أوروبا."
صورة من: Picture alliance/NurPhoto/E. Contini
واتفق سياسيون ألمان مع نظرائهم الأوروبيين أنه "كان يوما حزيناً لأوروبا". وأعربت أنغريت كرامب-كارنباور، زعيمة الحزب الديموقراطي المسيحي والخليفة المحتملة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن "الأسف العميق" للقرار البريطاني. وكتبت على تويتر "بريكست قاس سيكون أسوأ الخيارات"، وحضت الشعب البريطاني على عدم التسرع "في أي شيء".
صورة من: Reuters/A. Schmidt
وكان زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن قد استغل الفوضى المخيمة قبل التصويت على بريكست في مجلس العموم، ليدعوا مرة جديدة إلى انتخابات مبكرة في حال رفض الاتفاق، مؤكدا أن حزبه سيقدم مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة. كوربن أكد أيضا بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون "كارثيا"، وأنه سيحبذ في هذه الحالة التوصل لاتفاق على إجراء استفتاء ثان.
صورة من: Reuters/P. Noble
14 كانون الثاني/يناير 2019
حثت ماي النواب على إلقاء "نظرة ثانية" على اتفاقها الخاص بالخروج من الاتحاد، وحذرتهم من أن التصويت ضده قد يفتح الباب أمام تفكك المملكة المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/UK Parliament/J. Taylor
11 كانون أول/ديسمبر 2018 :
خشية مواجهة هزيمة مؤكدة، أرجأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تصويتا في البرلمان حول اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى كانون الثاني/يناير 2019، حتى يتسنى لها الحصول على دعم المزيد من المشرعين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Grant
وطالما مرت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأوقات صعبة ومفاوضات معقدة بدأت من طلب بريطانيا لعضوية المجموعة الاقتصادية التي سبقت الاتحاد في عام1961، والتي لاقت اعتراضا فرنسيا أعاق المشروع لمدة 12 عاما. وبعد دخول المملكة المتحدة عضوا في المجموعة في عام 1973 بقيت العلاقة مشوبة بالتوتر والمشاحنات.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Neal
9 أب/ أغسطس 1961
رئيس الوزراء البريطاني المحافظ هارولد ماكميلان تقدم بترشيح عضوية بلاده إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية ( السوق الاوروبية المشتركة) ، التي سبقت الاتحاد الأوروبي ومهدت له.
صورة من: PA Wire
14 كانون الثاني/يناير 1963
الجنرال شارل ديغول لجا إلى الفيتو للمرة الأولى معترضا على دخول المملكة المتحدة إلى السوق الأوروبية المشتركة ولجا إليه للمرة الثانية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 لنفس الغرض.
صورة من: AFP/Getty Images
الأول من كانون الثاني/ يناير 1973
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث وقع وثيقة الانضمام الى المجموعة الأوروبية في 22 كانون الثاني/ يناير 1972. وبذلك اصبحت المملكة المتحدة عضوا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الوقت نفسه مع ايرلندا والدنمرك ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sanden
5 حزيران/ يونيو 1975
رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت تاتشر قادت البريطانيين للتصويت بنعم للبقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الخامس من حزيران/يونيو 1975. واحتفت تاتشر بأوروبا مرتدية كنزة تحمل أعلام الدول الأوربية. وأيد 67 بالمائة من البريطانيين البقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية.
صورة من: Getty Images/P. Floyd
30 تشرين الثاني/نوفمبر 1979
لكن رئيسة الوزراء تاتشر طالبت بعد ستة أعوام من التصويت على الانضمام الى المجموعة الاقتصادية الأوروبية بحسم مقابل مشاركة بلادها في الموازنة الأوروبية وقالت كلمتها الشهيرة "أريد استعادة أموالي"، وهو طلب حصلت عليه في العام 1984.
صورة من: Getty Images
20 أيلول/سبتمبر 1988
وفي عام 1988 رفضت تاتشر في كلمة لها في بروج (بلجيكا) أي تطوير فدرالي للهيكلية الأوروبية. في الصورة لقاء تاتشر بالمستشار الألماني الأسبق هليموت كول في عام 1988.
صورة من: Fox Photos/Hulton Archive/Getty Images
7 شباط/ فبراير 1992
ألمانيا وبريطانيا وقعتا معاهدة ماستريخت، العمل الثاني الأساسي للهيكلية الأوروبية بعد معاهدة روما في عام 1957. وتمتعت بريطانيا ببند استثنائي اتاح لها عدم الانضمام تحت مظلة العملة الموحدة ( اليورو) .
صورة من: picture-alliance/dpa
23 تموز/ يوليو 1993
توصل رئيس الوزراء المحافظ جون ميجور إلى إقناع البرلمان بإقرار معاهدة ماستريخت بعدما لوح بالاستقالة. في اليوم نفسه وصف ثلاثة من وزرائه المشككين بأوروبا بـ "الجبناء". في الصورة احتفال القادة الأوربيين بمعاهدة ماستريخت.
صورة من: Cor Mulder/AFP/Getty Images
20 نيسان/ ابريل 2004
رئيس الوزراء العمالي المؤيد لأوروبا توني بلير اعلن نيته تنظيم استفتاء حول الدستور الأوروبي الذي لم يتم إقراره في نهاية الأمر بسبب معارضة فرنسا والدنمرك. في الصورة توني بلير مع المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Eggitt
23 كانون الثاني/ يناير 2013
رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون تعهد في كلمة له إجراء استفتاء حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي في حال فاز حزبه في الانتخابات التشريعية في العام 2015.
صورة من: Reuters/D. Martinez
22 أيار/ مايو 2014
تصدر حزب الاستقلال البريطاني المشكك بأوروبا والمعادي للهجرة نتائج الانتخابات الأوروبية مع أكثر من 26% من الأصوات ليحصل على 24 نائبا.
صورة من: Reuters
7 أيار/ مايو 2015
فاز الحزب المحافظ في الانتخابات التشريعية. وتبني القانون بتنظيم استفتاء قبل نهاية العام 2017 قبيل عيد الميلاد في 2015.
صورة من: Reuters/S. Rousseau
20 شباط/ فبراير 2016
أعلن ديفيد كاميرون أن الاستفتاء سينظم في 23 حزيران/يونيو 2016 غداة إعلان اتفاق حول إصلاحات كان يطالب بها خلال قمة في بروكسل.
صورة من: Reuters/T. Melville
15 نيسان/ ابريل 2016
انطلاق الحملة الرسمية للاستفتاء المقرر في 23 حزيران/ يونيو من نفس العام في المملكة المتحدة .
صورة من: DW/J. Macfarlane
23 حزيران/ يونيو 2016
صوُّت الناخبون البريطانيون لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بنسبة وصلت الى 52% ممن ادلوا باصواتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
29 آذار/مارس 2017
رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك يتسلم رسالة من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تفعّل المادة 50 من اتفاقية لشبونة لتبدأ بذلك عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد (بريكست). يفترض أن تستمر هذه العملية سنتين وتنجز عند الساعة 23,00 من التاسع والعشرين من آذار/مارس 2019.
صورة من: Reuters/G. Vanden Wijngaert
22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018
توصل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى اتفاق موقت حول العلاقات بينهما بعد بريكست، بعد أسبوع على تفاهمهما على "اتفاق انسحاب" بريطانيا. هذان الاتفاقان يفترض أن يقرهما القادة الأوروبيون في قمة استثنائية في بروكسل الأحد 25 نوفمبر تشرين الثاني 2018.