1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لينا بن مهني و"بنية تونسية" من أجل الحرية – مدونة الثورة التونسية

٢٠ يونيو ٢٠١١

هي واحدة من أشهر المدونين التونسيين الذين تحدوا الخوف خلال الثورة من أجل إيصال صوت الشباب الثائر على القمع والبطالة والتضييق إلى خارج حدود تونس. لينا بن مهني تحصل على جائزة عالمية لشجاعتها في الكفاح من أجل تونس أفضل.

لينا بن مهني - وجه من جيل ثورة الياسمينصورة من: Screenshot http://atunisiangirl.blogspot.com/

نادرة تلك الأوقات التي تتخلى فيها لينا بن مهني (28 عاماً) عن حاسوبها، الذي يرافقها في كل مكان، سواء كانت في قاعات التدريس في جامعة "9 أفريل 1938" في تونس، حيث تعمل كأستاذة مساعدة في مادة الانجليزية، أو رفقة أصدقائها في مقاهي تونس العاصمة. وأينما كانت، تحرص المدونة لينا على أخذ كاميرتها وجهاز الحاسوب المزود بخدمة الانترنت الجوال، حتى تتمكن دائماً من الدخول إلى شبكة الإنترنت. خاصة وأنها إذ أصبحت كثيرة الأسفار، بعد سقوط نظام بن علي، في عدد من العواصم الأوروبية والعربية، حيث تستضيفها الصحافة ومختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية لكي تتحدث عن تجربتها كمدونة كسرت جدار الخوف، حين اندلعت الثورة التونسية في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي. إذ قامت بنشر صور المتظاهرين الذين قتلوا برصاص الشرطة والجرحى.

ومكنتها شجاعتها وعملها الدؤوب خلال الثورة التونسية من الحصول على جائزة دويتشه فيله لأفضل مدونة في العالم بعد أن قامت بإيصال صورة حية وواقعية عن الأحداث وكسر التعتيم الإعلامي الذي فرضه بن علي آنذاك على الأحداث. وتسلمت الجائزة شخصياً في 20 من حزيران/ يونيو في مدينة بون الألمانية.

عندما ثار شباب تونس وطالب بالعدالة الاجتماعية وبفرص في التشغيل وبالحريات...لم يتمكن نظام بن علي من الصمود أمامه وتهاوى في غضون أسابيعصورة من: AP

"صوت الثورة الشجاع" ودور الإنترنت في ثورة تونس

الصحافة الناطقة بالألمانية وصفت لينا بن مهني تارة بـ"صوت الثورة الشجاع" وتارة بـ"أحد أهم شخصيات الثورة التونسية" وتارة أخرى بـ"مدونة الحرية"، لكن الأكيد أنها واحدة من جيل تونسي لم يعرف سوى بن علي رئيساً و"سئم القمع والتعسف والحجب والتضييق"، على حد تعبيرها، لكنه جيل لم يلجأ إلى "العنف لإسقاط نظام امتد لـ23 عاماً، وإنما وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعية. في الواقع لعبت الإنترنت دوراً مهماً جداً في تسريع الأحداث في تونس، حيث انتشرت صور الأحداث والقتلى ومقاطع الفيديو بسرعة فائقة"، هكذا تتحدث لينا بن مهني عن دور تكنولوجيا المعلومات في كسر التعتيم الإعلامي، الذي كان بن علي فرضه على الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في سيدي بوزيد، حين أحرق محمد البوعزيزي نفسه. لكن بن مهني تشدد على أن الثورة التونسية ليست ثورة إنترنت، إذ تقول: "التونسيون هم من صنعوا الثورة، هم الذين خرجوا إلى الشوارع وتعرضوا للضرب على يد رجال الشرطة. وأولئك الذين ضحوا بدمائهم وسقطوا شهداء بالرصاص الحي هم من صنع الثورة".

وتؤكد المدونة التونسية على أن الإنترنت شكلت وسيلة "للحصول على المعلومات وللتعبئة الشعبية". ذلك أنه وفي الوقت الذي تم فيه فرض حظر تام على وسائل الإعلام التقليدية من تغطية الأحداث ومنع المراسلين الأجانب من الوصول إلى المناطق الداخلية، التي كانت تغلي، استعان الشباب في تونس بالمواقع الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر والمدونات الشخصية لنشر المعلومات والدعوة إلى التظاهر.

"بنية تونسية" - من مجرد خواطر إلى مطالب ثورية

بن مهني، أحد وجوه ثورة الياسمين في تونسصورة من: DW/S.Mersch

ولعل مدونة "بنيّة تونسية" (أو: بنت تونسية) من أشهر المدونات وأهمها، حيث وبعكس ما يُعطي الاسم من انطباع من أنها مدونة للبنات حول آخر صيحات الموضة أو التجميل وغيره، ساهمت ومنذ بداية الثورة التونسية في كسر التعتيم الإعلامي عن الأحداث. "بنية تونسية" تتضمن إلى جانب قصائد ومقالات وخواطر الكثير من الصور ومقاطع الفيديو التي توثق الأحداث في تونس قبل سقوط بن علي وبعده. بل إن لينا بن مهني كانت قد سافرت من العاصمة إلى بلدة الرقاب، الواقعة بالقرب من سيدي بوزيد، (265 كلم جنوبي تونس) لتصور الأحداث ميدانياً.

وتتذكر بن مهني ذلك اليوم في 9 يناير/ كانون الثاني، حيث تقول: "لن أنسى تلك اللحظة حينما رأيت جثمان الشهيد نزار السليمي في بلدة الرقاب ممدداً وسط أهله وأصدقائه... انفطر قلبي حزناً لذلك المشهد الحزين". وتضيف: "لكن على الرغم من تأثري لذلك المشهد إلا أنه أعطاني قوة وعزيمة أكبر لمواصلة الكفاح من أجل إيصال أصوات هؤلاء الشهداء حتى لا تذهب دمائهم هدراً."

وحاول نظام بن علي وبكل الوسائل قمع المظاهرات التي اندلعت في سيدي بوزيد في 17 من ديسمبر/ كانون الأول قبل أن تصل إلى مدن مجاورة كالرقاب وبوزيان والقصرين وتالة، ثم لتعم كافة البلاد قبل أن تهب العاصمة تونس في 14 من يناير/ كانون الثاني هبة واحدة، حيث خرج عشرات الآلاف، الذين يقدر عددهم بين 80 و150 ألف ليطالبوا بإسقاط النظام. وقد قدرت منظمة الأمم المتحدة عدد الضحايا خلال أربعة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية الواسعة في تونس بـ219 قتيلاً و510 جريحاً في مختلف أنحاء البلاد.

"مواصلة الكفاح عبر الانترنت وعلى الأرض" - من أجل "تونس الغد"

بدأت رحلة لينا بن مهني مع التدوين قبل بضعة أعوام، حينما قرأت وبالصدفة خلال فترة إقامة قصيرة في الولايات المتحدة مقالاً في أحد المجلات عن المدونات وكيفية إنشاء مدونة. وبحكم أنها كانت تهوى الكتابة والتواصل مع أصدقائها، أنشأت لينا بن مهني مدونة "بنية تونسية" عام 2007. وكانت في البداية تنشر قصائد وخواطر كتبتها أو صوراً التقطتها، وأحيانا تكتب عن بعض المشاكل الاجتماعية اليومية، تارة بالعربية وتارة بالفرنسية وتارة أخرى باللغة الانجليزية، وهي لغات تتقنها. ولكن يبدو أن بعض ما نشرته بن مهني لم يرق للرقيب التونسي، الذي قام بحجب مدونتها في أحد الأيام عام 2008. الأمر الذي أثار غضبها خاصة وأنها لم تكتب عن السياسة ولم تكن "مدونتها سياسية بأي شكل من الأشكال"، وفق وصفها.

الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر والمدونات لعبت دورا هاما في ثورة تونس، وفق ما يرى مراقبونصورة من: picture alliance/dpa

ولم تكن هي الوحيدة من عانى من الرقيب الالكتروني، الذي أطلق عليه التونسيون تهكما اسم "عمار 404"، بل إن الكثير من المواقع كانت محجوبة مثل "يوتيوب" و"دايليموشن" وعدداً من الجرائد الالكترونية ومواقع الأحزاب المعارضة والكثير من المدونات الشخصية. وفشلت محاولة تنظيم مظاهرة في تونس في أيار/ مايو عام 2010 دعا إليها عدد من المدونين التونسيين، ومن ضمنهم لينا بن مهني، للتنديد بالرقابة الصارمة التي كان نظام بن علي يفرضها على الإنترنت. وشاءت الأقدار أن يسقط الرقيب ومن وضعه بعد بضعة أشهر من ذلك الحدث على يد شباب تسلحوا بالإنترنت.

لكن على الرغم من رفع الرقابة المفروضة على الإنترنت والصحافة، إلا أن لينا بن مهني ترى أن "المشهد الإعلامي لم يتغير بعد، وأن الصحافة التونسية لا تزال بعيدة من أن تكون مستقلة أو محايدة"، على حد قولها. كما تفتقد إشراكاً فعليا للشباب، صانع ثورة تونس، في صلب الحكومة الانتقالية، بحيث تقول: "لقد استقلت من منصبي كعضو في هيئة إصلاح الإعلام، لأنني لم أستطع أن أحقق شيئاً نظراً لكثرة العراقيل وأحسست أن وجودي كان صورياً فحسب." وتضيف أنها تفضل العمل من وراء شاشة حاسوبها وأنها "لن تنقطع عن التدوين وعن نشر الحقائق وفضح الفساد" من أجل مستقبل أفضل في تونس الغد.

الكاتبة: شمس العياري

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW