مأساة جديدة في المتوسط ـ غرق أكثر من مائة مهاجر قبالة ليبيا
٢٦ يوليو ٢٠١٩
وصفت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حادث غرق قارب متهالك يحمل مئات المهاجرين قبالة السواحل الليبية بـ"أسوأ مأساة في البحر المتوسط هذا العام"، فيما تمكن خفر السواحل الليبية من انقاذ 145 مهاجرا وأعادوهم إلى اليابسة.
إعلان
اعتُبر أكثر من مئة مهاجر في عداد المفقودين الخميس بعد غرق زورق كانوا يستقلونه قبالة ليبيا، وفق ما افادت وكالة تابعة للأمم المتحدة والبحرية الليبية. وكتب المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي على تويتر "اسوأ مأساة في البحر المتوسط هذا العام حصلت للتوّ".
وقالت صفاء المسهلي مسؤولة الاعلام في مكتب منظمة الهجرة الدولية في ليبيا لفرانس برس إن "حادث الغرق حصل قبالة مدينة الخمس الليبية" على بعد 120 كلم شرق العاصمة الليبية طرابلس. واوضحت أن خفر السواحل الليبيين انقذوا 145 مهاجرا واعادوهم إلى الخُمس، ناقلة عن بعض الناجين أن مركبهم غرق وكان لا يزال على متنه نحو 150 مهاجراً.
لكنّ المتحدث باسم البحرية الليبية ايوب قاسم اوضح في بيان تلقته فرانس برس أنّه تم انقاذ 134 مهاجرا وانتشال جثة واحدة، مقابل فقدان 115 مهاجراً. واضاف أن "مركبا خشبيا ينقل نحو 250 مهاجراً بينهم نساء واطفال (...) غرق على بعد اقل من خمسة اميال بحرية من الساحل بحسب افادت مهاجرين ناجين".
وبحسب قاسم، فإن الناجين هم إريتريون في قسمهم الأكبر، لكن هناك أيضاً في عدادهم فلسطينيون وسودانيون، وقد نقلوا إلى مركز خفر السواحل في الخُمس و"لا يزالون هناك إذ "لم يتسنّ نقلهم إلى مراكز الإيواء". وأضاف "ننتظر وزارة الداخلية وبالتحديد إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية كي يتولوا أمرهم".
من جانبه، قال المسؤول عن بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في ليبيا جوليان ريكمان إنّ حوالى 400 مهاجر كانوا على متن الزوارق التي تم إنقاذ بعض من ركابها الخميس. وقال ريكمان المقيم في تونس في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة فرانس برس من باريس إنّه "على ما يبدو لا يزال هناك أناس في البحر"، مشيراً إلى أنّ هذه الأعداد استقتها المنظّمة من ناجين أسعفتهم طواقمها في ليبيا.
وأضاف أنّ المهاجرين "أبحروا من ليبيا مساء الأربعاء عند المغرب، على الأرجح على متن ثلاثة زوارق مربوطة ببعضها البعض، وهذا ما يفسّر تفكّكها، بحسب إفادات شهود عيان وناجين". وأوضح أنّ طواقم المنظمة أسعفت في ليبيا ظهر الخميس مجموعتين من الناجين من 53 و85 مهاجراً، أي 135 ناجياً في الإجمال، بينهم سبعة نقلوا إلى مستشفى محلي. وأضاف "كان هناك 400 شخص بحاجة لإنقاذهم في البحر، أقلّ من ثلثهم تم إنقاذهم".
في غضون ذلك، صوت مشرعون إيطاليون يوم الخميس على زيادة الغرامات على المؤسسات الخيرية التي تقوم بإنقاذ المهاجرين، والتي تدخل الموانئ الإيطالية بشكل غير مصرح به، لتصل إلى مليون يورو (12ر1 مليون دولار). ووافق مجلس النواب الإيطالي بـ 322 صوتا مقابل 90 صوتا على نسخة مشددة لما يسمى بـ "المرسوم الأمني" الذي يفرض حاليا غرامات تتراوح بين عشرة آلاف إلى 50 ألف يورو. وتقول إيطاليا إن أحد الأسباب الرئيسية لإغلاقها موانئها أمام السفن الإنسانية هو عدم "تقاسم أعباء" استقبال المهاجرين داخل دول الاتحاد الأوروبي. ولا تزال أوروبا حتى الآن غير قادرة على الاتفاق على "آلية تضامن" تتيح بديلاً لسفن الإنقاذ.
ح.ع.ح/ح.ز(أ.ف.ب/د.ب.أ)
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو