مؤتمر المانحين يتعهد بتقديم نحو 1,5 مليار دولار دعما للسودان
١٩ يونيو ٢٠٢٣
تعهدت دول وجهات دولية بتقديم حوالي مليار ونصف دولار للاستجابة الإنسانية في السودان ودول الجوار المضيفة للفارين من نار حربها. فيما اتهم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان قوات الدعم السريع بعمليات اغتصاب.
إعلان
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين (19 حزيران/يونيو 2023) من أنّ السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة، وذلك في مؤتمر استضافته جنيف تعهّد فيه المانحون تقديم نحو 1,5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.
وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث في ختام المؤتمر الدولي "اليوم، أعلن مانحون عن قرابة 1,5 مليار دولار للاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة".
بعد شهرين ونيّف على اندلاع المعارك، تتخوّف الأمم المتحدة من اتّساع نطاق الأزمة إلى خارج البلاد بما يهدد استقرار دول إفريقية مجاورة.
وقال غوتيريش أمام المشاركين في المؤتمر إنّ "حجم وسرعة غرق السودان في الموت والدمار غير مسبوق. من دون دعم إضافي قوي يمكن أن يصبح السودان بسرعة مكاناً لانعدام القانون ولنشر عدم الأمان في أنحاء المنطقة".
ويشهد السودان منذ 15 نيسان/أبريل معارك بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو على إثر خلاف بينهما في النزاع على السلطة. وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
بحسب الخارجية الأمريكية قتل نحو 1100 شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور التي تبعد عن الخرطوم مئات الكيلومترات. وحمّلت الخارجية الأمريكية المسؤولية "الرئيسية" في ذلك إلى قوات الدعم السريع. كما قتل مسلحون، يُعتقد أنهم من قوات الدعم السريع، والي غرب دارفور خميس أبكر.
ووفق تقديرات للأمم المتّحدة، يحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان وعددهم نحو 45 مليوناً، للمساعدة في بلد كان يُعدّ من أكثر دول العالم فقراً حتى قبل اندلاع النزاع. كذلك، تسبّبت المعارك بنزوح ما يقرب من 2,5 مليون شخص، لجأ 550 ألفاً منهم الى دول الجوار، وفق المنظّمة الدوليّة للهجرة.
ووجّهت الأمم المتحدة نداءين لمعالجة الأزمة عبر الاستجابة الإنسانية داخل السودان والاستجابة لاحتياجات اللاجئين في الدول المجاورة، معلنة عن حاجتها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار هذا العام لم تحصل سوى على أقل من 17 في المئة منها.
وقال غوتيريش "قبل اندلاع هذا النزاع، كان السودان يعاني بالفعل من أزمة إنسانية. وتصاعد هذا الأمر الآن إلى كارثة أثّرت على أكثر من نصف سكان البلاد. ومن الضروري منع الوضع من التدهور أكثر من ذلك".
مساهمات عربية وأوروبية
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني إن "لا حل سياسياً" للنزاع، متعهّداً تقديم 50 مليون دولار، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء القطرية.
وضاعفت ألمانيا مساهمتها إلى 200 مليون يورو (218 مليون دولار)، في حين تعهّد الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات إنسانية وتنموية بـ190 مليون يورو.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن النزاع يهدد بأزمة إنسانية قد تتخطى الحدود. وشدد على أن أمن واستقرار السودان "جزء لا يتجزّأ" من الأمن القومي المصري.
وقال مفوّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إنه لمس شخصياً الأوضاع المزرية التي يعاني منها اللاجئون الذي وصلوا إلى مصر، وحض البلدان على إبقاء حدودها مفتوحة.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن النزاع يسبب "معاناة لا يمكن تحمّلها" و"تقوّض الاقتصاد وترفع اسعار سلع أساسية". وتابع "نحن في سباق مع الزمن للتخزين المسبق للإمدادات قبل بداية موسم الأمطار".
مع بقاء الحقول الزراعية قاحلة بسبب شح الوقود وغيرها خلال الحرب، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" من أن الجوع سيزداد مع بدء موسم الجفاف بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر. وتريد "فاو" اغتنام فرصة الهدوء النسبي في مناطق ريفية في السودان وموسم الزرع الحالي لزيادة إنتاج الأغذية المحلية وتوفير البذور والمعدات والماشية.
"برميل بارود"
ووصف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الأزمة في السودان بأنها "برميل بارود" وبأنها "نزاع متهور وعبثي يحدث في سياق من الإفلات من العقاب" و"لامبالاة بالحياة الإنسانية والكرامة". وقال إن الهدنة المؤقتة تشكل فرصة لوضع حد لـ"بحر من المعاناة".
وقال تورك إن مكتبه تلقى تقارير عن أعمال عنف جنسي ضد ما لا يقل عن 53 امرأة وفتاة في الصراع السوداني، قائلاً إن ما بين 18 و20 امرأة اغتصبن في هجوم واحد. وأضاف تورك "مصدوم من مزاعم العنف الجنسي، لا سيما الاغتصاب"، مشيراً إلى أن الجناة في "جميع الحالات تقريباً" كانوا من قوات الدعم السريع. وقال "ما زلنا نرى صراعاً طائشاً لا معنى له يحدث في ظل إفلات كامل من العقاب".
وفي بيان الإثنين، أعربت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وهيئة التنمية غير الحكومية بشرق إفريقيا (إيغاد)، عن قلقها إزاء "التدهور السريع للأوضاع في دارفور". واعتبرت الآلية الثلاثية أن النزاع أخذ بعداً عرقياً في دارفور، وهو ما أدى إلى هجمات ضد أشخاص بسبب هوياتهم وإلى تهجير فئات مجتمعية.
خ.س/أ.ح (أ ف ب، رويترز)
السودان.. محطات من صراع المعارضة مع العسكر
السودانيون بين الأمل والقلق حول مستقبل أوضاع بلادهم. في الصباح يستيقظون على أنباء إحباط محاولة إنقلابية وفي المساء تأتي أخبار بالتوصل لاتفاق بين العسكر وقوى المعارضة. في صور: محطات الصراع على السلطة بين المحتجين والجيش.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
إعلان الوساطة الإفريقية الإثيوبية المُشتركة الجمعة (12 يوليو تموز 2019) بأن قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة والمجلس العسكري الإنتقالي في السودان توصلا إلى اتفاق كامل بشأن "الإعلان السياسي" المُحدد لكافة مراحل الفترة الإنتقالية، وخارطة طريق لتنظيم الانتخابات. هذا الإعلان يأتي في وقت لم تُبدد فيه بشكل نهائي المخاوف من تعطيل انتقال السلطة للمدنيين.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
في الحادي عشر من يوليو/ تموز استيقظ السودانيون على بيان للمجلس العسكري الحاكم يعلن فيه أن مجموعة ضباط حاولوا القيام "بانقلاب عسكري" لتقويض اتفاق بين الجيش والمعارضة لاقتسام السلطة لفترة مدتها ثلاث سنوات يعقبها
إجراء انتخابات. الغموض ما يزال يحيط بأهداف مدبري محاولة الإنقلاب وارتباطاتهم.
صورة من: picture-alliance/AA
احتجاجات سلمية
لأسابيع طويلة صمد المتظاهرون السودانيون أمام مقر وزارة الدفاع. آلاف المحتجين كانوا يطالبون بمجلس انتقالي يحدد فيه المدنيون مستقبل البلاد. ولكن في مطلع حزيران/ يونيو 2019 تحرك العسكر لفض الاعتصام بقوة السلاح ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
باسم الأمة..
متظاهر يحمل علم السودان بالقرب من المقر الرئيسي لقيادة الجيش. العلم يرمز إلى مطلب المتظاهرين في المشاركة بشكل متساو في رسم مستقبل البلاد، والمقصود مشاركة الشعب والجيش على قدم المساواة في ذلك. ولو حدث ذلك، سيكون خطوة مهمة على طريق الديمقراطية.
صورة من: Reuters
إشارات تحذيرية
قبل أيام من فض الاعتصام، كان هناك حضور قوي للجيش. ورأى الكثير من المتظاهرين في ذلك أن الجيش ربما لا يبدو مستعدا لتسليم السلطة للمدنيين، حسب ما كان يأمله السودانيون بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير.
صورة من: Getty Images/AFP
نهاية حقبة
هيمن الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة منذ عام 1993 وحتى الإطاحة به في نيسان/ أبريل 2019. قمع معارضيه بكل قسوة. ومن أجل الحفاظ على سلطته أمر البشير بحل البرلمان عام 1999. في تلك الفترة كان زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن يجد في السودان ملاذا آمنا له. لكن اسم البشير يبقى مرتبطا بشكل وثيق مع الحر ب ضد الانفصاليين في إقليم دارفور.
صورة من: Reuters/M. Nureldin Abdallah
الديكتاتور أمام المحكمة
كثير من السودانيين كانوا يأملون في رؤية الديكتاتور وهو يمثل أمام المحكمة. أمل تحقق بالفعل عندما بدأت جلسة محاكمة عمر البشير في الـ 16من حزيران/ يونيو. وكانت التهم الأولية الموجهة إليه تتمثل في الفساد وحيازة عملات أجنبية بكميات كبيرة. فبعد سقوطه وجد رجال الأمن في قصره أكياسا مليئة بالدولارات قدرت بأكثر من 100 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hjaj
حضور قوي للمرأة
كان للمرأة السودانية حضور قوي في الاحتجاجات، حيث تتمتع المرأة بحرية أكبر منذ بدء الاحتجاجات. المرأة السودانية لا تقوي الاحتجاجات من حيث العدد فقط، بل تدعمها نوعيا أيضا، فهي التي أعطت الاحتجاجات وجها سلميا آخر. حضور المرأة في الاحتجاجات جسد رغبة الكثير من المواطنين في الديمقراطية والمساواة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
أيقونة الثورة!
أصبحت طالبة كلية الهندسة المعمارية آلاء صلاح، وجها بارزا من وجوه الثورة. وهذه الصورة التاريخية التقطها مصور كان حاضرا عندما صعدت آلاء إلى سطح سيارة لتلقي خطابا أمام المحتجين. ومنذ ذلك الوقت تشهد هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاركة واسعة. صور من هذا النوع تعتبر من أدوات الثورة المهمة، فهي ترمز إلى الهوية الانتماء.
صورة من: Getty Images/AFP
تضامن عالمي
بفضل شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر أخبار الاحتجاجات بسرعة حول العالم، وهذا ما حدث مع احتجاجات السودان. التي حظيت بعم معنوي عالمي كبير، كما تظهر هذه الصورة بمدينة ادينبورغ في سكوتلندا، حيث تطالب سيدة بوقف قتل المدنيين في السودان. كما أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عن موقفهم في بيان رسمي للاتحاد الأوروبي طالبوا فيه بوقف فوري لكل انواع العنف ضد الشعب السوداني.
صورة من: picture-alliance/EdinburghEliteme/D. Johnston
دعم للجيش أيضا
لكن ليس كل السودانيين شاركوا في الاحتجاجات ضد العسكر. فهناك من يدعمهم، حيث يأملون في تشكيل حكومة صارمة. ويعتقد أنصار الجيش أنه فقط ومن خلال العسكر يمكن ضمان مستقبل مزدهر للبلاد. ويضعون أملهم هذا في شخص الجنرال عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الذي يحملون صورته.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
في انتظار فرصته
لكن الرجل القوي الفعلي في السودان هو الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي". فهو الرجل الذي يعتقد أنه أمر القوات بفض الاعتصام أمام مقر القيادة العسكرية بقوة السلاح. وكان الجنرال قائدا لميليشيات "بالجنجويد" التي قمعت المتمردين بكل قسوة ووحشية في دارفور. ويخشى المتظاهرون من أن يصبح هذا الجنرال الرجل الأول في البلاد.
صورة من: Reuters/M.N. Abdallah
قلق في الخليج
أثارت أحداث السودان قلق السياسيين في دول أخرى، مثل محمد بن زايد آل ثاني، ولي العهد في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تخشى السعودية، حالها في ذلك حال الإمارات، من أن نجاح الاحتجاجات في السودان يعتبر بمثابة نجاح الثورة "من تحت" وقد يصبح مثالا يحتذى به في المنطقة. ولهذا تدعم السعودية والإمارات عسكر السودان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Ministry of Presidential Affairs/M. Al Hammadi
الجار الشمالي يراقب بقلق!
في القاهرة تتجه الأنظار بكثير من القلق والريبة والشكوك إلى الخرطوم. وتخشى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تساهم أحداث السودان في زيادة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي تحاربها في مصر بكل قوة. وإذا تمكنت الجماعة من ترسيخ أقدامها في السودان، كما تخشى مصر، فإن ذلك قد يساهم في إعادة القوة إليها في مصر أيضا.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/MENA
احتجاجات لا تنتهي
في غضون ذلك تستمر الاحتجاجات في السودان. ففي يوم الجمعة (14 حزيران/يونيو 2019) طالب صادق المهدي أحد قادة المعارضة السودانية منذ عقود، بتحقيق رسمي في عملية فض الاعتصام بالقوة. الطلب أثار غضب العسكر. والاحتجاجات في السودان تدخل في مرحلة جديدة. كيرستن كنب/ ح.ع.ح