مؤتمر برلين سيعطي دفعة لخارطة الطريق وسحب المقاتلين الأجانب
٢٢ يونيو ٢٠٢١
تحتضن برلين الأربعاء مؤتمرا دوليا حول ليبيا، هو الثاني من نوعه، بمشاركة القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في الأزمة الليبية. ومسؤولة أممية تتوقع أن يعطي المؤتمر دفعة لخارطة الطريق وسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة.
إعلان
قالت مسؤولة أممية رفيعة، اليوم الثلاثاء (22 يوميو حزيران 2021)، إن مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا الذي يُعقد غدا سيتجه إلى إحراز تقدم في اتفاق وقف إطلاق النار - بما في ذلك احترام حظر الأسلحة وسحب المرتزقة - وخارطة الطريق السياسية والانتخابات.
ويُعقد "مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا" على مستوى وزراء خارجية الدول الرئيسية المعنية بالصراع في ليبيا، وتشارك فيه لأول مرة الحكومة الانتقالية الليبية.
وتشارك في المؤتمر وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، وستقود وفد الأمم المتحدة إلى مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة.
وفي تغريدة على حسابها على تويتر قالت ديكارلو :"سنعمل على الدفع نحو إحراز تقدم في اتفاق وقف إطلاق النار - بما في ذلك احترام حظر الأسلحة، وسحب المرتزقة - وخارطة الطريق السياسية والانتخابات". وشكرت ألمانيا، كما شكرت الليبيين على جعل هذا الاجتماع ممكنا.
وفي إحاطة افتراضية أمام مجلس الأمن أمس، تحدث رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) يان كوبيش عن استمرار وجود العناصر الأجنبية والمرتزقة وأكد أن هذا "يرسخ انقسام ليبيا". ودعا إلى التخطيط وضمان المغادرة المنتظمة للمقاتلين الأجانب والمرتزقة والجماعات المسلحة بالإضافة إلى نزع سلاحهم وتسريحهم وإعادة دمجهم في بلدانهم الأصلية.
ومن المتوقع، وفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة، أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في المؤتمر عبر تقنية الفيديو. وستمثل الولايات المتحدة بوزير الخارجية انتوني بلينكن الذي يقوم بجولة أوروبية.
من جهته توقع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين أن يؤكد المؤتمر الثاني الذي تستضيفه برلين حول ليبيا على الاتفاقات القائمة وأن يدعم تقدم عملية التسوية السياسية. ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المسؤول الروسي الذي يمثل بلاده في المؤتمر، قوله: "الآن ألتقي بالمشاركين الرئيسيين - الألمان كمنظمين- والأتراك والمصريين"، متوقعا أن يدعم المؤتمر قرارات تستند إلى الاتفاقيات القائمة، فضلا عن دعم تقدم العملية السياسية في ليبيا على أساس التمسك بسيادتها وسلامتها.
كما يشارك في المؤتمر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، والأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط. وكان الوزير شكري قد أكد خلال اجتماعه بالقاهرة مؤخرا مع وزيرة خارجية ليبيا، نجلاء المنقوش، أن "مؤتمر برلين 2" يمثل دعما لتفعيل المؤسسات الليبية، وفرصة لتنفيذ مبادرة الحكومة الليبية وتحقيق استقرار البلاد.
وعقد المؤتمر الأول في 19 كانون ثان/يناير 2020 بحضور عدد من قيادات ليبيا والدول والمنظمات الإقليمية والدولية.
شكوك حول مشاركة المغرب
وفي سياق متصل ذكرت مصادر إعلامية في ألمانيا والمغرب، أن الرباط تلقت دعوة من وزارة الخارجية الألمانية للمشاركة في مؤتمر برلين الثاني، وحتى كتابة هذا التقرير لم يصدر موقف رسمي من المغرب بصدد مشاركة وفد يمثله، وسط شكوك حول المشاركة.
وكانت الرباط قد وجهت مؤخرا انتقادات لألمانيا ودعت سفيرتها في برلين للتشاور بسبب ما اعتبرته "خلافات عميقة في وجهات النظر بين البلدين إزاء ملفات رئيسية، ضمنها موضوع الصحراء الغربية والملف الليبي.
ويذكر أن المغرب استضاف في بداية شهر يونيو/ حزيران الجاري جولة جديدة من سلسلة اجتماعات الحوار الليبي - الليبي وتركزت حول قضايا توزيع المناصب السيادية التي تشمل حاكم المصرف المركزي، والمدعي العام ورؤساء هيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمفوضية العليا للانتخابات والمحكمة العليا.
"عقبات كبيرة أمام سلام دائم في ليبيا"
وفي تعليقها على فرص نجاح مؤتمر برلين أعربت الخبيرة الأوروبية كلوديا جاتسيني عن اعتقادها بوجود عقبات كبيرة أمام تحقيق سلام طويل الأمد في الدولة التي تشهد حربا أهلية. وقالت الباحثة في "مجموعة الأزمات الدولية" إن المؤتمر المقرر عقده الأربعاء يمكن أن يعطي دفعة جديدة لعملية السلام، وأضافت: "البرلمان الليبي والسلطة التنفيذية وحدهما لم يتمكنا من دفع العملية إلى الأمام"، موضحة أن هذا أدى إلى تصاعد التوترات بين الجماعات المتنافسة في ليبيا مرة أخرى مؤخرا.
وبحسب جاتسيني، فإن إحدى أكثر المشكلات إلحاحا هي عدم وجود أساس قانوني للانتخابات المزمع إجراؤها في كانون أول/ديسمبر المقبل، حيث سيصوت الليبيون لانتخاب البرلمان وربما رئيس جديد أيضا. ولا يزال هناك العديد من الميليشيات في ليبيا بدلا من جيش وطني موحد.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة في كانون أول/ديسمبر الماضي، لا يزال هناك حوالي 20 ألف مرتزق أجنبي في ليبيا.
م.س/ ف.ي (د ب أ، DW)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة