مؤتمر سوريا التاسع في بروكسل سيركز على العملية الانتقالية في البلاد، كما سيناقش تعهدات ملموسة بتقديم المساعدات، فهل تستفيد حكومة الشرع من شرعية دولية أكبر؟ وهل سيتم رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ نظام الأسد؟
الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع صورة من: Syrian Presidency/REUTERS
إعلان
"عملية الانتقال في سوريا وما تحتاجه البلاد لتحقيقها" هذا هو الهدف الذي سيلتقي من أجله مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والعالم هذا الاثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل. ففي أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد، شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، طالب الاتحاد الأوروبي بـ"انتقال ديمقراطي شامل"، يضمن بشكل خاص حقوق الأقليات والنساء.
يُوصف مؤتمر سوريا لهذا العام، في نسخته التاسعة، الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي، بأنه "لحظة مسؤولية كبيرة"، وفقاً لرئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أكدت على ضرورة بذل كل الجهود في دعم انتقال شامل في البلاد، بينما يؤكد مصدر في الاتحاد الأوروبي لـDW، أن الهدف من تنظيم المؤتمر لهذا العام هو إرسال رسالة إلى سوريا للالتزام بـ "انتقال سلمي وشامل"، وبعد ذلك، سيتم مناقشة تعهدات التبرعات.
لكن سوريا تواجه مصاعب وتحديات كبيرة، كما أوضحت موجة العنف الأخيرة المأساوية في المناطق الساحلية، إذ شهدت اللاذقية وطرطوس الأسبوع الماضي أعنف موجة قتال بين القوات الحكومية وبين قوات أنصار الرئيس المخلوع بشار الأسد، ما أدى إلى مقتل 1380 مدنيا على الأقل. وقد أدان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء موجة العنف بشدة، لكنهم رحبوا بقرار الحكومة الانتقالية بإنشاء لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين.
يرأس أحمد الشرع الحكومة السورية الانتقالية، وهو معروف بتزعمه سابقا الجماعة المسلحة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا). خلال الشهرين الماضيين، كان الاتحاد الأوروبي حذراً للغاية في تعامله مع الحكومة الانتقالية، كما تقول كريستينا كاوش، وهي محللة سياسات في الصندوق الألماني مارشال.
لكن كاوش تؤكد في حديثها مع DW أن المشاركة المحتملة لحكومة لشرع في المؤتمر ستكون خطوة واسعة نحو حصول هذه الحكومة على "الشرعية الدولية"، لافتةً إلى أن المؤتمر يهدف إلى منع انهيار البلاد الفوري، حيث أن سوريا في وضع صعب للغاية.
يشارك نانار هواش، وهو محلل سياسات في "مجموعة الأزمات الدولية"، الرأي المتعلق بالحصول على الشرعية، إذ يتوقع أن تتلقى السلطات السورية الجديدة دعماً في المؤتمر. وما يؤكد هذا الكلام، أنه إلى جانب مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وأوروبا، من المتوقع أيضاً مشاركة ممثلين من الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والدول المجاورة لسوريا.
ضمان المساعدات الإنسانية
جمع مؤتمر العام الماضي ما مجموعه 7.5 مليار يورو لسوريا - خمس مليارات يورو على شكل منح و 2.5 مليار يورو قروضاً. ويأمل الاتحاد الأوروبي هذا العام في أن يتبرع أعضاؤه ودول أخرى في المنطقة بمبلغ أكبر نسبيا. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 16 مليوناً من السكان السوريين البالغ عددهم حوالي 23 مليوناً يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وغالبيتها تتجه إلى الطعام والمأوى والرعاية الطبية.
لكن تصريحات ترامب حول خفض المساعدات الأمريكية الإنسانية تثير مخاوف الاتحاد الأوروبي، حيث أن الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، هي واحدة من أهم الدول المانحة الرئيسية لسوريا. لذلك يهدف المؤتمر أيضاً إلى إرسال رسالة مفادها أن سوريا تحتاج إلى مساعدة الآن.
كما سيتناول المؤتمر أيضاً إعادة الإعمار الاقتصادي للبلاد التي مزقتها الحرب، ومن ذلك توفير القروض الصغيرة لمساعدة البلاد على إعادة بناء سوق العمل ليصبح مكتفياً ذاتياً.
حسب تأكيدات مصدر آخر في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا الأخير امتنع سابقاً عن تقديم مساعدات إعادة الإعمار بسبب العقوبات المفروضة على البلاد في ظل نظام الأسد، لكن الوضع تغيّر الآن، إذ يحاول الاتحاد إيجاد تمويل إضافي لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يُلتمس الدعم، مثل توفير القروض الصغيرة.
إعلان
تعليق جزئي للعقوبات
في فبراير/شباط الماضي، علق الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات في بعض المجالات، بما في ذلك الطاقة والنقل، كما من المتوقع تسهيل المعاملات المصرفية المتعلقة بهذه القطاعات. يعدّ تعليق العقوبات أمراً إيجابياً عموماً، كما تقول كريستينا كاوش، وبينما يرتبط هذا القرار بالمساعدات الإنسانية، تعتقد الخبيرة أن تعليق العقوبات لن يكون كافياً على المدى المتوسط لإعادة إعمار البلاد.
يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجاً تدريجياً في تعامله مع الحكومة السورية الانتقالية مع الاحتفاظ بحقه في التراجع عن التعامل إذا كانت التطورات غير مشجعة، كما تقول كاوش. ويركز الاتحاد الأوروبي حالياً بشكل أساسي على استقرار سوريا، حتى وإن كان ذلك بحثا عن مصالح الاتحاد الأوروبي نفسه.
ويلفت محلل السياسات نانار هواش، في تصريحات لـDW، إلى أن هناك عقوبات أمريكية معقدة للغاية لا تزال مفروضة على سوريا، وستؤثر أيضاً على نتائج المؤتمر، وهي العقوبات التي تخلق مصاعب في التمويل، إذ لا يمكن حاليا تحويل الأموال بشكل مباشر إلى سوريا.
ومع ذلك، يرى هواش، وهو مسؤول عن ملف سوريا في منظمة "مجموعة الأزمات"، أن المؤتمر إشارة مهمة إلى أن البلاد يجب أن تدخل مرحلة ما بعد الحرب، لافتاً أن سعي المجتمع الدولي للحصول على أموال لإعادة الإعمار في البلاد يمثل نتيجة ملموسة ومهمة.
أعده للعربية: ع.ا
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي