مؤتمر للمصالحة .. هل ينجح الاتحاد الأفريقي في حل أزمة ليبيا؟
١٩ فبراير ٢٠٢٣
يعتزم الاتحاد الأفريقي تنظيم مؤتمر بشأن المصالحة في ليبيا، في محاولة لإعادة الاستقرار إلى البلاد التي تتنازع قوى عديدة السلطة فيها. فهل ينجح الاتحاد الأفريقي فيما فشلت فيه قوى ودول أخرى وينتشل ليبيا من أزمتها؟
إعلان
أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد اليوم الأحد (19 شباط/ فبراير 2023) أن المنظمة القارية ستنظم مؤتمرا بشأن المصالحة الوطنية في ليبيا، في أحدث محاولة لإعادة الاستقرار إلى البلد الذي مزقته النزاعات.
وقال إثر مؤتمر صحافي اختتمت به قمة الاتحاد الإفريقي التي استمرت يومين، "لقد التقينا مع مختلف الأطراف ونحن في صدد العمل معهم لتحديد موعد ومكان عقد المؤتمر الوطني". سيلتئم المؤتمر "برعاية لجنة رفيعة المستوى من الاتحاد الإفريقي" يترأسها الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، بحسب فقي محمد.
وتتنازع منذ آذار/ مارس الفائت حكومتان السلطة في ليبيا: الأولى مقرها في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا ومقرها مدينة سرت (وسط). ويسيطر المشير خليفة حفتر على شرق البلاد وقسم من جنوبها.
وكان مقررا أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في كانون الأول/ ديسمبر 2021، لكنها أرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات حول الأساس الدستوري للانتخابات ووجود مرشحين مثيرين للجدل.
وأوضح فقي محمد لوكالة فرانس برس أن اجتماعا تحضيريا لمؤتمر المصالحة انعقد في العاصمة الليبية طرابلس قبل أسابيع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن مسؤولين من المعسكرين المتنافسين أقروا آلية تنسيق لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلد. وأشادت البعثة بـ "خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام المستدامين في ليبيا" بعد اجتماع في القاهرة في الثامن من شباط/ فبراير شارك فيه أيضا مسؤولون من السودان والنيجر.
لكن النقاشات التي قادها مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي فشلت في التوصل إلى جدول زمني واضح أو تدابير ملموسة لانسحاب المقاتلين الأجانب.
وقدرت الأمم المتحدة في أواخر عام 2021 أن هناك أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي في ليبيا. ووجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أول أمس الجمعة دعوة جديدة للانسحاب الكامل للمقاتلين والمرتزقة الأجانب، وقال إن الانتخابات هي "المسار الوحيد الموثوق به لحكم شرعي وموحد".
وأضاف غوتيريش في أديس أبابا أن "المطلوب بشكل عاجل هو الإرادة السياسية لكسر الجمود السياسي الذي طال أمده وتحقيق تقدم على جبهات متعددة". وتابع "عدم إجراء الانتخابات يفاقم انعدام الأمن الاقتصادي ويزيد من عدم الاستقرار السياسي ويهدد بتجدد النزاع ويثير شبح التقسيم".
وجدير بالذكر أن لجنة عسكرية مشتركة تسمى "5 + 5" وتضم ممثلين لشرق ليبيا وغربها، تعمل على ضمان انسحاب المقاتلين الأجانب بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم في تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
ع.ج/ ص.ش (أ ف ب)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة