يعتزم الأوروبيون الاعتماد على انفسهم فيما يخص القضايا الأمنية، والتخلص-وبحذر- من الاعتماد على الولايات المتحدة. وقد سيطرت هذه القضية على افتتاح أعمال مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الخامسة والخمسين.
إعلان
بعض الأجزاء من المدنية القديمة في ميونخ مغلقة وومنوع دخولها. قوافل سيارات الليموزين الفخمة ترافقها سيارات الشرطة تحيط بمكان انعقاد المؤتمر: فندق بايرشرهوف الفاخر. وكعادته في مثل هذا الوقت من السنة يقلب المؤتمر حياة السكان هناك رأساً على عقب؛ إذ أن ساسة كبار ورؤساء دول وحكومات وخبراء أمنيين من كل أنحاء العالم وفدوا للمشاركة بأعمال المؤتمر. وقد اعتذر رئيس المؤتمر فولفغانغ إشنقر للسكان عن الإزعاج الذي أصابهم.
مؤتمر عالمي للأمن في عالم غير آمن
وشدد الدبلوماسي الألماني فولفغانغ إشنغر الذي يرأس المؤتمر في حديث لـDW على أهمية المؤتمر في هذا الوقت بالذات أكثر من أي يوم مضى، وقال "الوضع الأمني العالمي اليوم غير مستقر. لم يكن الوضع كذلك في أي يوم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي". ويعدد إشنغر بعضاً من أوجه عدم التهديد: عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مخاطر اندلاع صراعات كبرى، المشكلة النووية مع كوريا الشمالية، التعامل مع روسيا بما يخص أوكرانيا وشبه جزيرة القرم".
وقد تم تناول تلك المشاكل العالقة وبعناية في افتتاح المؤتمر. فقد دعا الأمين العام للام المتحدة أنطونيو غوتيرس الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لمحادثات مباشرة. وبرع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في توجيه اتهام للسعودية وحكامها دون تسميتهم بشكل مباشر، داعين إلى اتفاقية أمنية إقليمية "قبل أن ينهار كل شيء".
أوروبا والاعتماد على الذات
بشكل عام فإن اليوم الأول من المؤتمر كان يوم الأوربيين بامتياز. وقد ألقت سيدتان خطبتين افتتاحيتين في قاعة ممتلئ بالرجال معظهم يرتدون زياً عسكرياً. السيدتان كانتا وزيرتا الدفاع الألمانية، أورزلا فون دير لاين، والفرنسية فلورنس بالرلي.
وقد دعت الوزيرتان وبشغف كبير إلى تقوية التعاون العسكري بين دول الاتحاد الأوروبي والاستقلالية بشكل أكبر عن الولايات المتحدة. وتعتزم كل من فرنسا وألمانيا دراسة مشروع مشترك لتصنيع الدبابات والطائرات المقاتلة.
كما أشارت الوزيرة الألمانية إلى أهمية سياسة التنمية بالنسبة للأمن والسلام. وقد انتقدت فون دير لاين وبشدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ إذ أنه يركز في سياسته على القوة العسكرية فقط، حسب كلام الوزيرة الألمانية، محذرة من ضرورة عدم وجود تقسيم في العمل يقوم بموجبه الأمريكيون بالشؤون العسكرية والأوروبيون بالأمور الإنسانية والإغاثية. وأضافت فون دير لاين في مقابلة مع DW: "الهيكلية العسكرية الجديدة داخل الاتحاد الأوروبي ليست لمنافسة الناتو".
انطلاق فعاليات مؤتمر ميونخ الدولي للأمن وسط تحذيرات من تفاقم الصراعات وخطر مواجهة بين القوى العظمى
24:52
أوروبا مستقلة عن واشنطن
وبدا على أمين عام حلف الناتو القلق من احتمالية نشوء هيكلية جديدة في الاتحاد الأوروبي موازية للناتو. "في واقع الحال فإن الاتحاد الأوربي لا يمكن أن يحمي نفسه بمفرده"، ويتابع في مقابلة مع DW أنه وبعد البريكست فإن 80 من النفقات العسكرية للناتو يتم تغطيتها من قبل دول غير أوروبية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وتركيا". وقد طغت نقاشات في هذه الخصوص على أجواء اليوم الأول: الدفاع عن أوروبا وزيادة نفقات الدفاع وأهمية الناتو والتهديدات القادمة من روسيا.
رؤساء أجهزة مخابرات ومؤتمرات صحفية
وعلى هامش المؤتمر عقد رؤساء أجهزة المخابرات الألمانية BND والفرنسية DGSE والبريطانية M16 مؤتمراً صحفياً مشتركاً. خلاصة المؤتمر: وحتّى وبعد البريكست ستواصل أجهزة مخابرات الدول الثلاث تعاونها وتعمقه. وحتى في المؤتمر الصحفي لم يستطع رؤساء الأجهزة الثلاث التخلص من عاداتهم المخابراتية؛ إذ لم يُسمح للصحفيين بالاقتباس من كلامهم.
ماتياس فون هاين/خ.س
مؤتمر ميونيخ للأمن.. حقائق ومعلومات
يعقد مؤتمر ميونيخ للأمن في شهر شباط/ فبراير من كل عام، ويعد منصة فريدة من نوعها لطرح النقاش حول قضايا الأمن الدولي. في ما يلي معلومات أساسية حول المؤتمر: تاريخه، ومكان انعقاده، وموضوعاته، وأهميته، وتمويله.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
56 عاماً على الولادة
انعقد مؤتمر ميونيخ للأمن للمرة الأولى في عام 1963. آنذاك كان يُسمى بـ" اللقاء الدولي لعلوم الدفاع". وكان الآباء المؤسسون هما الناشر الألماني إيفالد فون كلايست، وهو أحد مؤيدي المقاومة ضد النازية وهتلر في "الرايخ الثالث" - والفيزيائي إدوارد تيلر. بيّد أن المؤتمر غير اسمه لاحقاً إلى "المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع"، ومن ثم أصبح اسمه "مؤتمر ميونيخ للأمن".
صورة من: dapd
الأهم من نوعه عالمياً
تكمن أهمية مؤتمر ميونيخ للأمن في كونه منصة فريدة من نوعها على مستوى العالم يتم من خلالها بحث القضايا الأمنية. كما أنه يمنح الفاعلين السياسيين فرصة التواصل بشكل غير رسمي على مدار ثلاثة أيام. وخلال تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر ميونيخ للأمن في مرتبة أهم مؤتمر من نوعه في العالم.
مشاركة رفيعة المستوى
يتوقع أن يشارك في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يفتتح هذا العام يوم الجمعة (17 شباط/ فبراير 2018) ويستمر ثلاثة أيام أكثر من 500 شخصية رفيعة المستوى من جميع أنحاء العالم. ويتكون الحضور من زعماء دول وحكومات ووزراء خارجية ودفاع، من بينهم نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس والمستشارة أنغيلا ميركل ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schrader
أمير قطر في المؤتمر
أمير قطر تميم بن حمد سيحضر هذا العام أيضا في مؤتمر ميونيخ للأمن وسيشارك في جلسة مخصصة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير المالية الألماني أولاف شولتس.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Gebert
السيسي في مؤتمر ميونيخ
من الشخصيات الرفيعة المشاركة في دورة هذا العام لمؤتمر ميونيخ للأمن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسيشارك في جلسة مخصصة مع أمير قطر تميم بن حمد ووزير المالية الألماني أولاف شولتس. ومن المتوقع أن يتناول الوضع في مصر والأمن في المنطقة بالإضافة إلى العلاقات مع ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/President Office
ليبيا حاضرة في المؤتمر
الأزمة الليبية ستكون حاضرة في مؤتمر ميونيخ للأمن من خلال مشاركة رئيس الحكومة الليبية فايز السراج. الذي من المتوقع أن يستغل حضوره لبحث أزمة بلاده وآفاق حلها مع المسؤولين والشخصيات السياسية والأمنية المشاركة في المؤتمر.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
عادل الجبير
من الشخصيات العربية الرفيعة المشاركة في المؤتمر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، الذي شارك في مؤتمر العام الماضي أيضا. ومن المتوقع أن يواجه الجبير أسئلة محرجة تتعلق بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي والحرب في اليمن ناهيك عن توتر علاقة بلاده مع قطر.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
"التقرير السنوي لمؤتمر ميونيخ للأمن"
قدم فولفغانغ إيشنغر التقرير السنوي لمؤتمر ميونيخ للأمن في مؤتمر صحفي عقده في برلين. ويركز تقرير هذا العام 2019 على احتدام الخلاف بين روسيا وأمريكا حول التسليح والحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة والصين. وحذر إيشنغر من تزايد انعدام الأمن على مستوى العالم. وقال "إن النظام العالمي يتفكك".
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مكان الانعقاد.. العراقة والفخامة
يعقد المؤتمر وسط مدينة ميونيخ، في الفندق الفاخر "بايريشر هوف" (Bayerischer Hof). وبالرغم من توفر الفندق على 340 غرفة - بما في ذلك 65 جناحاً - و 40 قاعة للمؤتمرات، إلا أن كثافة الحضور الدولي، تشكل تحدياً للفندق. ولهذا شُغل حوالي 250 موظفاً إضافياً خلال المؤتمر، إضافة إلى عدد موظفيه الأصليين البالغ حوالي 700. ويثمن المشاركون جودة الفندق وموقعه المركزي، كما يشكل المؤتمر دعاية مجانية هائلة للفندق.
صورة من: imago/Eibner
إجراءات أمنية مشددة
يتم تأمين المنطقة حول فندق المؤتمر. ولا يسمح بالدخول لهذه المنطقة سوى للأشخاص الذين يمتلكون تصريحا بالدخول. ويذكر أنه تم نشر حوالى 4 آلاف شرطي العام الماضي حول المنطقة من أجل حماية المؤتمر. وبحسب معطيات الشرطة، يتوقع أن يتم الحفاظ على نفس العدد من أفراد الأمن هذا العام.
صورة من: Reuters
احتجاجات مواكبة مناهضة للمؤتمر
وكما يحدث في كل عام، من المتوقع أن يشهد هذا العام أيضاً مظاهرات مناهضة للمؤتمر. وفي العام الماضي، حشد "التحالف ضد مؤتمر أمن الناتو" آلاف المحتجين الذي شاركوا في المظاهرات التي رافقت المؤتمر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Hörhager
التمويل
يقدم مؤتمر ميونيخ للأمن نفسه كهيئة مستقلة. غير أن المؤسسة المنظمة للمؤتمر، والمسماة بـ"مؤسسة مؤتمر ميونيخ للأمن" تستفيد بشكل كبير من الإعانات الحكومية. ووفقاً للحكومة الألمانية حصل المؤتمر عام 2015 على تمويل بنحو نصف مليون يورو، فضلاً عن مبلغ 700 ألف يورو مصاريف لموظفين من الجيش الألماني. إضافة للرعاية من شركات ألمانية ودولية كبرى، وتصل ميزانية المؤتمر إلى 2 مليون يورو.