تعد الجامعات في ألمانيا مراكز مهمة للبحث العلمي. وإلى جانب الجامعات تقوم مؤسسات عامة وخاصة غير تجارية بمهام البحث العلمي، بالإضافة إلى قطاع الاقتصاد الحر. أمّا تلك المشروعات المعقدة التي تتطلب فرق عمل كبيرة وتقنية باهظة التكاليف وتمويلاً ضخماً، فغالباً ما يتم تحقيقها خارج الجامعة. وتنشط في هذا المضمار المؤسسات البحثية التي تلقى رعاية من الاتحاد والولايات معاً، كمؤسسة ماكس بلانك ومؤسسة فرانهوفر وأخرى كثيرة، عدا عن المراكز البحثية للقطاع الخاص.

مؤسسة ماكس بلانك

مؤسسة ماكس بلانك الألمانية، إحدى كبريات المؤسسات العلمية في العالم، هي مؤسسة مستقلة للبحث ومسئولة عن مؤسسات بحثية مختلفة. وتتلقى هذه المؤسسة الجزء الأكبر من تمويلها من الموارد العامة للاتحاد والولايات الالمانية وترعى داخل ألمانيا حوالي 80 مؤسسة للبحث العلمي رفيع المستوى. تركز هذه المؤسسة جهودها على الأبحاث الأساسية ذات التوجه المعرفي وتدعم مؤسسة ماكس بلانك الأبحاث الأساسية التي تخرج عن نطاق الجامعات. وتجري معاهد ماكس– بلانك أبحاثاً أساسية في المجالات التالية: المجال الطبي والبيولوجي والمجال الكيميائي والفيزيائي والهندسي، بالإضافة إلى الدراسات الإنسانية والاجتماعية. يهتم معهد ماكس– بلانك باتجاهات البحث الإبداعية التحديثية التي لم تستطع الجامعات القيام بها، أو لكونها، نظرا لتعدد اختصاصاتها، لا تناسب الجامعات ببنيتها التنظيمية القائمة. ولمعاهد ماكس بلانك وظيفة تكميلية لأبحاث الجامعات في مجالات عديدة. أما العلماء الذين يديرون المعاهد فيتم استقدامهم من خارجها وفي كثير من الحالات من خارج ألمانيا. كما تؤدي بعض المعاهد التابعة لمؤسسة ماكس بلانك بعض المهام الخدمية التي يتطلبها البحث العلمي على مستوى الجامعات حيث توفر التجهيزات والمعدات اللازمة – بدءا من التليسكوب وغيره من الأجهزة الكبيرة الأخرى حتى المكتبات المتخصصة والوثائق. يتم التعاون العلمي بين معاهد ماكس – بلانك وشركائها في ألمانيا والخارج في أكثر الأحيان على شكل مشاريع متعددة ومحددة زمنيا.

وقد سميت هذه المؤسسة باسم العالم الألماني ماكس بلانك واضع نظرية ميكانيكا الكم التي أحدثت ثورة في الفيزياء وذلك اعترافاً بإنجازاته وتكريماً له، وخاصة أنه كان من الرافضين وبشدة لنظام هتلر النازي. ومنذ تأسيسها عام 1948 نال خمسة عشر باحثاً من معاهد ماكس – بلانك جوائز نوبل.

ماكس بلانك ومحاربة الإرهاب

تطور الإرهاب الدولي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام ٢٠٠١ ليصبح تهديدا عالميا. وقد بدت خطورة هذا التهديد بوضوح في استعداد الإرهابيين لممارسة العنف على نطاق واسع وفي اتساع شبكاتهم اللوجستية وطريقة عملهم المتخطية للحدود وتخطيطهم على المدى الطويل. ومن أجل معالجة مشكلة الإرهاب، أخت الكثير من المؤسسات على عاتقها دراسة ومنا قشة هذه الظاهرة التي أصبحت احدى أهم مجالات البحث الحالية. لا تنصب الأبحاث في مؤسسة ماكس بلانك على مواضيع العلوم البيولوجية والطبيعية فحسب، وإنما تشكل المواضيع الإنسانية والاجتماعية محوراً مهماً من محاور البحث فيها. فعلى سبيل المثال يشكل موضوع الإرهاب مجالا مهما للبحث تتناوله بعض المراكز التابعة للمؤسسة. ويندرج ذلك تحت باب العلوم الإنسانية والاجتماعية. وتحاول هذه المؤسسات معالجة مفهوم الإرهاب من نواحي وجوانب متعددة، حيث تتم دراسة مفهوم الإرهاب وأشكاله ودوافعه وخلفياته وتأثيراته السلبية على كافة قطاعات المجتمع، فضلاً عن التطرق إلى الإرهاب الدولي واستغلاله سواء من قبل الأفراد أو الحكومات كوسيلة لتحقيق المصالح.