ماذا تعني إعادة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"؟
٢٧ يناير ٢٠٢٥
قد يكون لقرار الرئيس الأميركي ترامب إعادة تصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن "منظمة إرهابية أجنبية" آثار عميقة على المساعدات الإنسانية وعملية السلام في البلد الذي مزقته الحرب.
يسيطر الحوثيين على مناطق واسعة في اليمن، إلى جانب العاصمة صنعاء - فكيف سيتأثر الوضع في اليمن بتصنيفهم على قائمة الإرهاب الأمريكية؟صورة من: Mohammed Huwais/AFP/Getty Images
إعلان
يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة الحوثيين إلى قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، على غرار ما فعله خلال ولايته الأولى. وكان الرئيس السابق جو بايدن وبعد توليه منصبه عام 2021 قد ألغى هذا التصنيف، غير أنه أعاد العام الماضي إدراج الحوثيين، أو "أنصار الله" وفق اسمهم الرسمي، في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهو تصنيف أقل حزما يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
قد تستغرق عملية التصنيف الجديدة أسابيع قبل دخولها حيز التنفيذ. وبافتراض نجاحها، فإن أي شخص يتعامل مع الحوثيين أو ينتمي إليهم، سيخاطر بملاحقته قضائيا من قبل الولايات المتحدة.
وقال الخبير في الشأن اليمني محمد الباشا إنه على "على عكس الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص، تشمل قيود المنظمات الإرهابية الأجنبية حتى أشكالا غير مباشرة من التواصل أو الاجتماعات بالجماعة، والتي قد تكون عرضة لعقوبات إذا اعتُبرت داعمة".
وأضاف أن "هذا الإطار الموسع والأكثر عقابية لا يقطع شرايين الحياة المالية فحسب، بل يقوض أيضا بشكل كبير القدرات التشغيلية للجماعة، والتنقل الدولي، وشرعيته".
أمام الفقر الشديد وشح الموارد والمحاصيل الضعيفة، يثور التساؤل حول مصير عدة فئات من اليمنيين في ضوء الوضع الجديد؟صورة من: picture-alliance/dpa/Xinhua/M. Alwafi
ووفقا لإليزابيث كيندال مديرة كلية غيرتون في جامعة كامبردج البريطانية، يعتزم ترامب إظهار "سياسة عدم تسامح مطلق في ما يتعلق بالعدوان الحوثي، بغض النظر عن العواقب المحتملة على المدنيين".
وقالت كيندال لوكالة فرانس برس "لا يدور النقاش حول ما إذا كان تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية مستحقا. يتفق معظم المحللين الغربيين على ذلك. النقاش يدور حول ما إذا كان سيضغط على الحوثيين ويساعد في نهاية المطاف في وقف هجماتهم. هذا الأمر أقل وضوحا".
جاء خفض بايدن لتصنيف الحوثيين بعد ارتفاع صوت وكالات الإغاثة، لكن المنظمات الإنسانية لا تزال صامتة حتى الآن حيال قرار ترامب.
رغم ذلك، قال عبد الغني الأرياني الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية "سيتسبب ذلك في صعوبات هائلة في تقديم المساعدات الإنسانية. و(...) لن تكون العقوبة فقط على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، في حين أنهم بالطبع يشكلون غالبية السكان اليمنيين، بل ستؤثر حتى على الآخرين الذين هم تحت سيطرة الحكومة" المعترف بها دوليا.
وأضاف الأرياني أن مصارف صنعاء ستفلس، ما سيضر بالمودعين في كافة أنحاء البلاد، ومن المرجح أن يعلق موردو القمح في اليمن عقودهم، كما حدث سابقا عندما كان الحوثيون على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية". واعتبر "إنها مجرد فوضى. ربما في الأمد البعيد، سيؤدي هذا إلى كسر العمود الفقري للحوثيين، لكنني أعتقد أن المجاعة ستبدأ قبل كسر العمود الفقري للحوثيين".
اليمن.. الوجهة العسكرية الجديدة لإسرائيل؟
17:55
This browser does not support the video element.
ويشهد اليمن نزاعا منذ العام 2014 الذي سيطر خلاله الحوثيون على صنعاء، وتقدموا نحو مدن أخرى في شمال البلاد وغربها. وفي آذار/مارس 2015، تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة المعترف بها دوليا. ثم في نيسان/أبريل 2022، أدى وقف لإطلاق النار توسطت فيه الأمم المتحدة إلى تهدئة القتال، والتزمت أطراف النزاع في كانون الأول/ديسمبر 2023 بعملية السلام.
وقال الأرياني إن التصنيف الجديد قد يشل عملية السلام إذا كان يعني أن المفاوضين غير قادرين على التعامل مع الحوثيين. واعتبر أن ذلك "يقتل أي احتمال" لمحادثات السلام، مضيفا أنه "على الأقل (في السابق)، كانت هناك فرصة للبدء من جديد بهيكلية مناسبة للمفاوضات. لكن الآن، لا يمكننا حتى التحدث معهم".
وفي حال كان القرار الأميركي يندرج في إطار "استراتيجية شاملة"، فيمكن أيضا أن يكون "فرصة تاريخية" للحكومة اليمنية من أجل "فرض مشروع وطني يعزز ركائز السلام والاستقرار"، بحسب ما قال عبر حسابه على إكس الباحث إبراهيم جلال من مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط.
ف.ي/أ.ح (ا ف ب)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.