ماذا حصل خلال 10 سنوات منذ مقولة "الإسلام ينتمي لألمانيا"؟
١ أكتوبر ٢٠٢٠
إنها عبارة صاغها آخرون، لكن بعد أن أعلن الرئيس الألماني آنذاك كريستيان فولف أن الإسلام جزء من ألمانيا في خطابه حول الوحدة الألمانية، كان النقاش محتدماً بشكل خاص. لكن ماذا حدث منذ إطلاق فولف تلك العبارة قبل عشر سنوات؟
إعلان
جملة قصيرة بوزن ثقيل: "الإسلام الآن ينتمي أيضا لألمانيا"،صرح بذلك الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2010 في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين لإعادة توحيد ألمانيا. وبهذه الجملة أثار فولف نقاشا يستمر إلى يومنا هذا. وحصل غضب هنا وشكر كبير هناك وكثير من عمليات البحث.
لكن ماذا تطور؟ وما هي العراقيل بالتحديد؟ فقط بعض القضايا يمكن للحكومة الألمانية وحدها حلها على المستوى الاتحادي مثلا قضية الرعاية النفسية الإسلامية داخل الجيش الألماني. وفي موضوعات أخرى، كما تشرح شبيلهاوس تستخدم الولايات سبلا قانونية مختلفة لتثبيت وجود عروض إسلامية. ويتعلق الأمر هنا مثلا بطريقة الدفن حسب الشريعة الإسلامية وإمكانية الحصول على عطلة أثناء الأعياد الإسلامية وتقديم الرعاية النفسية في المستشفيات والسجون للمسلمين وتدريس مادة الإسلام في المعاهد العليا. والاختلافات الأكثر وضوحا بين الولايات الألمانية تظهر في موضوع تدريس الدين الإسلامي.
من سيكون شريكا؟
ومن سمات الإسلام الأساسية ـ بخلاف الكنائس ـ أنه لا يعرف تدرجا هرميا وليس له ممثلون رسميون. وفيما يخص التكتلات الكبيرة فإن السياسة تتجنب التقارب الكبير، لأنها تخشى التأثير من الخارج ـ على غرار جمعية "ديتيب" الممولة تركيا. وتشك الخبيرة شبيلهاوس في أن بعض المنظمات هي بالفعل تملك القدرة التمثيلية. وهذا الانقسام ـ أو القول ايجابيا التنوع للحياة الإسلامية يمكن لمسه بعيدا عن تحفظات الجانب السياسي أحيانا في الفعاليات العامة لمؤتمر الإسلام الألماني: عندما ينتقد ممثلو الاتجاهات والمنظمات الدينية بعضها البعض وتتعارض مع بعضها البعض.
وهذا أثر على التطور المتعثر للسنوات الماضية. فكلما حصل تعامل للسياسة الكبيرة مع الاتحادات، تبدو الأرضية مقيدة. ومؤخرا في يوليو/ تموز عندما أرادت وزارة الخارجية الألمانية ضم المحامية المسلمة نورهان سويكان لفريق المستشارين في قسم "الدين والسياسة الخارجية". فبعد انتقاد قوي للمجلس المركزي للمسلمين الذي تنتمي إليه سويكان تراجعت الوزارة عن قرارها، وتكليف مستشارين بخلفية دينية مجمدة منذ تلك اللحظة.
عمل مثمر على أرض الواقع
وحيث حدثت تطورات إيجابية في السنوات الأخيرة على الرغم من هذه العقبات، فإن ذلك يرجع إلى نهج سياسي أكثر براغماتية، يحاول تفادي قضية الجمعيات والاتحادات الرسمية ويراهن أكثر على إشراك المسلمين في برامج محددة ملموسة.
سيراب غولر، سياسية من الحزب المسيحي الديمقراطي ووزيرة شؤون الاندماج في أكبر ولاية ألمانيا سكانا، شمال الراين وستفاليا، تذكر كمثال "مكتب التنسيق للالتزام الإسلامي" المقام في منتصف 2019. وهذه المؤسسة تتعاون في الأثناء مع نحو 200 نادٍ. وتتحدث غولر عن "مشهد نوادٍ متعدد الألوان ومتنوع" وتذكر كمثال نادي كرنفال إسلامي ومجموعة كشافة. وهذه القوى تريد السياسة دعمها.
ما وراء الاتحادات
يذهب دينيس صادق كيرشباوم إلى أبعد من ذلك. فالمسلم الشاب هو رئيس جمعية "شاب، مسلم، ناشط" التي تأسست في 2019. ويقول كيرشباوم بأن الأعضاء شباب مسلمون من تقاليد مختلفة يشعرون بأنهم ألمان ويرغبون في مشاركة علنية أكثر. وفي هذا الجيل تفقد الجمعيات الإسلامية المعتادة من أهميتها بحيث أن بعض الشباب انسحبوا جزئيا من تلك الجمعيات. وحسب معطيات كيرشباوم تعتزم 16 جمعية شبيبة إسلامية غير متجذرة عقائديا إطلاق تحالف لعمل الشبيبة الإسلامية والحصول معا على "صوت واحد".
مع ذلك تبدو الأجواء الأساسية تزداد صعوبة. ومن بين التحديات تذكر شبيلهاوس "أجواء متشككة في الدين ومعادية للإسلام بشكل متزايد في ألمانيا". كما أن المنظمات الإسلامية، خاصة عند المقارنة مع الكنائس الكبرى، لديها "القليل من الموارد المادية والبشرية والكفاءات".
والإرهاب الدموي في بلدة هاناو الذي قتل فيه شخص عنصري في فبراير/ شباط تسعة مهاجرين أثار حفيظة البلاد وبث الريبة في نفوس الكثيرين الذين يعيشون منذ عقود هنا. وقد شكَّل وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر الأسبوع الماضي مجموعة خبراء مستقلة ضد العداء للمسلمين للإجابة على السؤال المتعلق بالمزاج النقدي. اثنا عشر خبيرا يفترض أن يدعموا السياسة بشأن هذا الموضوع.
كريستوف شتراك/ م.أ.م
ملف صور: المسلمون في أوروبا.. الانتشار والأعداد
ينتشر المسلمون في القارة الأوروبية دون استثناء أي بلد منها. غير أن بعض تجمعاتهم تستقر في دول بعينها نتيجة أسباب سياسية أو تاريخية أو بحثاً عن سبل العيش. المزيد في ملف الصور التالي:
صورة من: Getty Images/S. Gallup
فرنسا
تعد فرنسا البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يقدر عددهم بحوالي 5 مليون مسلم. أغلب هؤلاء المسلمين ينتمون إلى دول المغرب العربي وشمال أفريقيا. عرفت أعداد المسلمين في فرنسا تزايداً ملحوظاً بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كان البلد في حاجة إلى الأيدي العاملة.
صورة من: AP
ألمانيا
تعتبر ألمانيا من بين أهم الدول التي قصدها مسلمون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 مليون شخص. وتتجاوز نسبة الأتراك الثلثين. كما أن عدد المسلمين بهذا البلد عرف تزايداً، خصوصاً ما بين عامي 2010 و2016، حيث قصدها حوالي مليون لاجئ. وحسب الدراسات فإن 86 بالمائة من اللاجئين الذين قصدوا ألمانيا مسلمون. ويضم البلد مئات المساجد وعشرات المراكز الدينية.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
بريطانيا
يتمركز أغلب المسلمين في بريطانيا في العاصمة لندن. وتنقسم أصولهم بين قادمين من الهند، الشرق الأوسط وأفريقيا. أحدث دراسة في الموضوع أشارت إلى أن المملكة المتحدة لم يدخلها لاجئون مسلمون كثر بين 2010 و2016، إذ قدر عددهم بـ 60 ألف. وبشكل عام، فعدد المسلمين الذين وصلوا إلى المملكة منذ 2010 يناهز 43 بالمائة من المهاجرين لبريطانيا.
صورة من: Getty Images/D. Kitwood
إسبانيا
عاش جزء من إسبانيا تحت الحكم الإسلامي لفترة طويلة، وما تزال تحتفظ في بعض مدنها بآثار ذلك. حسب إحصاءات 2012، فإن أكثر من مليون و900 ألف شخص يعتنقون الدين الإسلامي في البلد. ينحدر أكثرية المسلمين هناك من الأصول الأمازيغية، خاصة من شمال المغرب وبعض البلدان الإفريقية. ويتوزع المسلمين على مدن عديدة أهمها: مدريد وكتالونيا والأندلس وفالنسيا ومورثيا وكانارياس..
صورة من: Fotolia/Mariusz Prusaczyk
إيطاليا
حسب إحصائية تعود لـ2016، فإن المغاربة المسلمين يقدرون بحوالي نصف مليون مسلم، ضمن أكثر من مليون و700 ألف شخص يعتنق الإسلام. المسلمون في إيطاليا يتركزون في الجهات الصناعية في شمال البلد، كما تضم العاصمة لوحدها أزيد من 100 ألف مسلم. وبالنسبة لدور العبادة، فتضم روما واحداً من أكبر المساجد في أوروبا فضلاً عن مساجد أخرى تنتشر في المدن والحواضر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Lo Scalzo
هولندا
في العقود الأخيرة من القرن الماضي، استقطبت هولندا اليد العاملة من "بلدان مسلمة" كتركيا والمغرب. وتشير بيانات إلى أن عدد المسلمين في هولندا تجاوز 850 ألف مسلم في 2006. كما أشارت صحيفة AD الهولندية مؤخراً إلى أن الإسلام يعرف انتشاراً واسعاً داخل البلد، وعززت ذلك بأرقام تفيد تنامي الإسلام بامستردام على غرار الديانات الأخرى.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Johnson
بلجيكا
يقصد الكثير من المسلمين بلجيكا، ويتجاوز عددهم هنالك 700 ألف مسلم من أصول مغربية بالدرجة الأولى. يحتل الإسلام الرتبة الثانية ضمن الديانات المعتنقة في البلد. وحسب تقرير لجريدة الإيكومنست البلجيكية، في وقت سابق، فإن نصف أطفال المدارس الحكومية في بروكسيل من عائلات مسلمة. كما يوجد في العاصمة أكثر من 300 مسجد. تعترف بلجيكا بالدين الإسلامي وتخصص ميزانية لتدريس التربية الإسلامية، ودفع رواتب بعض الأئمة.
صورة من: DW/K. Hameed
الدانمارك
وصل الإسلام حديثاً إلى الدنمارك وذلك مع هجرة العمال المسلمين بدءاً من منتصف القرن العشرين. ويقدر عدد المسلمين حوالي 300 ألف مسلم، أي 5 بالمائة تقريباً من سكان الدنمارك. وينحدر أغلبهم من تركيا ودول عربية. كما يوجد من بين المسلمين ألبان وباكستانيون ودنماركيون
صورة من: picture-alliance/Scanpix Denmark/S. Bidstrup
اليونان
تقدر نسبة المسلمين في اليونان بحوالي 3 بالمائة من إجمالي السكان. وتعتبر اليونان من بين الدول الأولى التي عرفت الإسلام، إذ قدمت جيوش المسلمين إلى جزيرة "رودوس" أول مرة عام 654 ميلادي. يوجد خمس مجموعات سكانية مسلمة في البلد، تنقسم إلى: أتراك وبوماك وألبان وغيرهم إضافة إلى المهاجرين. يوجود الكثير من المساجد في البلد، ويرجع الكثير منها للعهد العثماني.
صورة من: Getty Images/M. Bicanski
بولندا
تعود بدايات المسلمين في بولندا إلى القرن الرابع عشر ميلادي. ويعتبر حالياً عدد المسلمين هناك قليلاً مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى. توجد بعض الإشارات التي تقول أن عدد هؤلاء يصل إلى 31 ألف مسلم فقط، أي ما يقارب 1 بالمائة من مجموع عدد السكان. ويوجد أكبر تجمع إسلامي في مدينة بياوتسنوك. تشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين، عام 2050، سيصير ضعف العدد الذي يوجد عليه الآن. إعداد: مريم مرغيش