ماذا وراء إطلاق نار بمداهمة لحركة "مواطني الرايخ" بألمانيا؟
٢٢ مارس ٢٠٢٣
أصيب أحد أفراد العمليات الخاصة بجراح جراء إطلاق نار تعرض له خلال عملية مداهمة بمدينة رويتلينغن بولاية بادن فورتمبيرغ. جاءت المداهمات خلال ملاحقة أفراد من حركة "مواطني الرايخ" اليمينية المتطرفة. فماذا يعني هذا التطور؟
إعلان
أصيب أحد أفراد القوات الخاصة التابعة للشرطة الألمانية بجراح طفيفة جراء إطلاق النار عليه أثناء عملية مداهمة بتكليف من الادعاء العام في مدينة رويتلينغن بولاية بادن فورتمبيرغ.
يذكر أن عملية المداهمة التي تمت اليوم الأربعاء (22 مارس/آذار 2023) لها صلة بحركة "مواطني الرايخ" اليمينية المتطرفة.
وقالت السلطات في كارلسروه إن الرجل كان في انتظار دخول ضباط الشرطة في غرفة المعيشة ومعه سلاح ناري من العيار الكبير، ووقع تبادل لإطلاق النار أسفر عن إصابة رجل الأمن في ذراعه، لكنه في حالة مستقرة وتم القبض على الجاني الذي يتم التحقيق معه بتهمة الشروع في القتل.
وكان الادعاء العام الألماني أعلن في وقت سابق من اليوم أن أعيرة نارية أطلقت خلال مداهمة في مدينة رويتلينغن جنوبي شتوتغارت، لكنه لم يذكر عندئذ ما إذا كانت هناك أية إصابات.
وكانت وسائل إعلام ألمانية قد ذكرت في وقت سابق أن المداهمات استهدفت ما يسمى بحركة "مواطني الرايخ"، وهي حركة يمينية متطرفة.
وعلى إثر المداهمات تم القبض على 25 شخصاً وهم رهن الاعتقال، من بينهم رجل الأعمال من فرانكفورت هاينريش الثالث عشر، الرئيس المزعوم للشبكة، وكذلك عضوة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي السابقة في البوندستاغ والقاضية الموقوفة مؤقتًا بيرجيت مالساك-فينكمان.
وقالت متحدثة باسم مكتب المدعي العام الاتحادي، في كارلسروه إن مداهمات اليوم استهدفت خمسة مشتبه بهم من بافاريا وساكسونيا السفلى وساكسونيا وسويسرا، حيث يشتبه أنهم يدعمون منظمة إرهابية. وتم بدء إجراءات جنائية ضد شخصين، طبقاً لما ذكره مكتب المدعي العام السويسري، في برن يشتبه بدعمهم أو مشاركتهم في منظمة جنائية أو إرهابية.
ووفقاً لوزير العدل الاتحادي الألماني ماركو بوشمان، قام المدعي العام بتفتيش 20 عقارًا، وبالإضافة إلى ذلك، تم تفتيش منازل أكثر من عشرة آخرين، لا ينظر إليهم على أنهم مشتبه بهم.
وقال بوشمان إن إطلاق النار على ضابط الشرطة أظهر "مدى خطورة العمليات"، مضيفاً أن "السلطات ملزمة بنزع سلاح مواطني الرايخ".
الآلاف من "مواطني الرايخ" في ألمانيا
ولا يعترف "مواطنو الرايخ" بالجمهورية الاتحادية ولا بهياكلها الديمقراطية. وقدر مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية) عدد أفراد "مواطني الرايخ" ومن يسمون بأنصار "الحكم الذاتي" و"أصحاب التفكير الجانبي" في عام 2022 عبر ألمانيا بحوالي 23 ألف شخص، بزيادة 2000 عن العام السابق.
وكان المدعي العام بيتر فرانك قد حذر الشهر الماضي من الاستعداد المتزايد للبعض لاستخدام العنف في المشهد السياسي، وأن الكثير من هؤلاء مستعدون لممارسة العنف النشط أو التعبير عن تخيلاتهم العنيفة ضد الدولة بشكل أكبر من ذي قبل.
ع.ح. /أ.ح (ا ف ب، د ب أ)
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)