ماذا يتوقع العرب والمسلمون من ترامب وكلينتون؟
٨ يونيو ٢٠١٦التقدم الذي أحرزته هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة ألأمريكية، ودعوتها الأمريكيين إلى أن يكتبوا معها صفحة جديدة من تاريخ الولايات المتحدة، عبر انتخابها رئيسة للبلاد في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، جعل من السباق الرئاسي عملية شبه محتومة بينها وبين المرشح ترامب كما يرى مراقبون.
ويبدي العرب والمسلمون اهتماما كبيرا بما ستفضي اليه نتائج الانتخابات الأمريكية، فالعديد من القضايا الساخنة عربيا ابتعدت الحكومة الأمريكية بقيادة أوباما عنها، كما أن الاختلاف الكبير في المواقف والرؤى السياسية بين كلنتون وترامب جعل من هذه الانتخابات مهمة من أجل معرفة التوجه العام المستقبلي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
الولايات المتحدة والأزمة السورية
ولعل الأزمة السورية، وابتعاد إدارة الرئيس الأمريكي الحالي عن الحسم العسكري بما يتعلق بها، قد تكون من ضمن الأولويات التي يرغب العرب من الولايات المتحدة باتخاذ موقف مختلف فيها. المحلل الإعلامي المصري ومدير مكتب التلفزيون العربي في واشنطن محمد المنشاوي يرى في حوار مع DW عربية أن سياسة كلينتون سوف تشكل امتدادا لرؤية الرئيس أوباما في قضية الصراع في سوريا.
وقال المنشاوي "أنه في حال فوز هيلاري كلنتون، فإنها قد تكون أكثر حزما في بعض القضايا، مثل التسلح وغيره، ولكن بشكل عام لن يختلف خطهاعن خط الرئيس أوباما الحالي"، وذلك لأنه لا يوجد مصلحة أمريكية قوية تدفع بالتورط في رحى الحرب الدائرة هناك، أما في حال فوز ترامب، فأنه يصعب التنبؤ بما ستؤول عليه الأوضاع هناك. وقال المنشاوي: "سلوك ترامب الانتخابي أقرب إلى السلوك الشعبوي، غير القابل للقياس"، وتابع " أيضا ترامب صرح بعدة أشياء متناقضة في ذات الوقت، ما يجعل من قياس سلوكه الانتخابي أمرا في غاية الصعوبة".
وكان دونالد ترامب قد صرح بتاريخ 4 تشرين الثاني /أكتوبر من العام الماضي، وفي إجابة على سؤال لمحطة "إن بي إس" الأمريكية، حول الجهود التي تبذلها دول غربية لإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة بانه مجرد اشاعة للفوضى دون نتائج وقال: "إذا نظرت إلى ليبيا، انظر إلى ما قمنا به هناك، إنها الفوضى، إذا نظرت أيضاً إلى صدام حسين في العراق أنظر ماذا فعلنا هناك، ستتجه سورية في نفس الاتجاه". كما أنه صرح بأنه سيطرد اللاجئين السوريين الموجودين في أمريكا حال فوزه في انتخابات الرئاسة 2016.
الانتخابات الرئاسية والشأن الخليجي
من جهته يؤكد رئيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية في دبي عبد الخالق عبد الله في حوار مع DW عربية أن المصلحة الخليجية تكمن بالتأكيد مع وصول كلينتون إلى الحكم، ووصف عبد الله المرشحة الديمقراطية بأنها "ضليعة بالسياسة الخارجية" وذلك بحكم عملها وزيرة للخارجية في السابق، كما أنها تعرف المنطقة العربية، ولها مواقف واضحة معروفة، وقال عبد الله: مواقف كلينتون واضحة ومعروفة، سواء اتفقنا معها أم اختلفنا، وذلك بعكس المرشح الجمهوري ترامب غير المعروف في عالم السياسة. ويرى عبد الله أن أوباما مارس سياسة امتازت بعدم الحسم العسكري، كما أنه اتبع أسلوبا تصالحيا مع "أعداء" الولايات المتحدة كما هو الحال مع إيران وكوبا. إلا أنه "خذل" أصدقاء أميركا التقليديين كما يقول. ويعتقد الخبير الخليجي بأن أي رئيس قادم سوف يكون له موقف أكثر وضوحا بخصوص السياسية الخارجية عما هو عليه الآن، وهو ما قد يعول عليه من أجل تنسيق أمريكي- عربي أفضل.
أما الخبير المصري فقد أكد من ناحيته أن العلاقات الأمريكية الخليجية، وبالرغم من كل ما قد يشاع إلا أنها متوطدة بشكل كبير، ويدلل المنشاوي على ذلك، بكميات الأسلحة الضخمة التي اشترتها دول الخليج، وعقود التسليح الضخمة التي ما زالت تعقد بين الحكومات الخليجية واالولايات المتحدة لأمريكية.
وكان ترامب قد انتقد الانسحاب الأمريكي من العراق، مؤكدا أنه ما كان يجب على الولايات المتحدة أن تنسحب من هذا البلد من دون أن "تأخذ النفط". وقال "اليوم نعلم من يملك النفط، والصين هي من يشتريه." وأضاف أن "النفط يذهب إلى تنظيم داعش، النفط يذهب إلى إيران، وإيران تحصد في النهاية الحصة الأكبر منه. والتنظيم ينال حصة كبيرة منه أيضا. لديهم الكثير من المال لأن لديهم الكثير من النفط ولأننا أغبياء". بحسب وكالة فرانس برس الإخبارية.
الصراع العربي الإسرائيلي
ولا يعتقد الخبير الخليجي عبد الخالق عبد الله أن السياسية الأمريكية بخصوص إسرائيل سوف تتغير باختلاف من سيصل إلى سدة الحكم. وقال الإدارات الأمريكية المتتالية أثبتت دائما أنها صديقة لإسرائيل بالدرجة الأولى، ولا أعتقد أن هذا الأمر سيتغير بإختلاف من سوف يصل لسدة الحكم، ووافقه الخبير المصري محمد المنشاوي إلا انه أضاف بأن ترامب قد يكون أكثر راديكالية مع الفلسطينيين في حال فوزه.
وفي حين صرحت كلنتون أنها تؤمن بحل الدولتين، إلا أنها تعتبر نفسها كذلك صديقة لإسرائيل. صرح مرشح الحزب الجمهوري في 18 فبراير 2016 "إنه ربما يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين" كذلك قدم الملياردير الأمريكي مقترحًا هزليًّا حول السلام في الأراضي الفلسطينية، يقتضي بمنح جزيرة بورتوريكو الأمريكية للاجئين الفلسطينيين كتعويض مقابل التنازل عن الأرض لإسرائيل.
ويقول المنشاوي أن العلاقة بين كلينتون ونتينياهو ليست جيدة، وفي ظل التوجه اليميني داخل الحكومة الإسرائيلية، ومشاركة ليبرمان بها، يصبح من الصعب إحراز تقدم، وقال المنشاوي ربما ستنتظر كلينتون- إن تحقق لها الفوز- أي تغيير في الحكومة الإسرائيلية، يدفعها نحو الوسط كي تتمكن من التدخل.
واختتم عبد الله الحوار بتخوفاته من فوز ترامب، حيث قال أنه سيكون قادرا بصفته الرئيس على خلق جو معاد للعرب والمسلمين، إلا أن المنشاوي يرى بأنه لا يوجد رئيس أمريكي قادر على منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وقال المنشاوي، أمريكا دولة مؤسسات، وقرارات كهذه من غير الممكن تمرريها أو المصادقة عليها.